تعرف معدلات الطلاق في الجزائر ارتفاعًا لافتًا خلال السنوات الأخيرة، إذ تجاوزت الأرقام 44 ألف حالة طلاق خلال الأشهر الـ6 الأولى من عام 2022، أي بواقع 240 حالة يومياً و10 حالات في الساعة، مُعظمها في الفئة العمرية بين 28 و35 عاما، أي بين المتزوجين حديثاً، في حين أنها بلغت 100 ألف حالة طلاق عامي 2020 و2021، ولامست 68 ألف حالة طلاق في 2019، حسب آخر حصيلة قدمتها وزارة العدل.
وأمام الزيادة المقلقة لحالات الطلاق في الجزائر، وفي إطار سعيها لحماية المرأة المطلقة الحاضنة وضمان حصولها على حقوقها المادية وخصوصاً المتعلقة بحقوق الأطفال وبشكل سلس، قرر الرئيس تبون تقليص الإجراءات والهيئات المشرفة على صندوق نفقة المطلقات، وحصر تسييره على وزارة العدل فقط.
فخلال ترأسه اجتماعا لمجلس الوزراء، أمر رئيس الجمهورية، بمراجعة مشروع القانون المتضمن تدابير الحصول على نفقة المطلقات بهدف “إثرائه أكثر” مع الأخذ بعين الاعتبار أن يبقى صندوق النفقة الخاص بالمطلقات “تحت وصاية وسلطة وزارة العدل”، وأوضح بيان لمجلس الوزراء أن الرئيس تبون أمر أيضا بأن يبقى “تطبيق تدابير وإجراءات إدارة الصندوق على المستوى المحلي أيضا من اختصاص وزارة العدل”.
وفي هذا الصدد، يرى المحامي والأستاذ في القانون منير قتال، أن قرار القيام بمراجعة ثانية للقانون المتضمن تدابير الحصول على نفقة المطلقات، يرتبط بالرغبة في إثرائه أكثر وإعطائه ضبطا وإنتاجية أوسع وأدق، بهدف صون كرامة النساء المطلقات وحقوقهن وضمان الحق في النفقة بالنسبة للأطفال القصر في حالات معينة، مع إبقاء صندوق النفقة المتعلق بالمطلقات تحت وصاية وإدارة السلطة القضائية.
وأوضح قتال في تصريح لـ«الأيام نيوز»، أن الارتفاع المقلق في معدلات الطلاق، دفع الدولة الجزائرية إلى العمل بجدية أكثر من أجل توسيع دائرة حماية المطلقات والأطفال القصر وضمان حقهم في ديمومة النفقة، مع تحديد مجال تدخل الدولة في حالات معينة كحالة تماطل الزوج عن دفع النفقة وما إلى ذلك.
وفي هذا السياق، أشار المختص في القانون، إلى أنه من المنتظر أن يكون هناك تبسيط أكثر لإجراءات وتدابير الحصول على هذه النفقة بعيدًا عن أي تعقيدات، مع خلق صيغ رقابية ناجعة لضمان وصول الحق لمستحقيه، كما أشار محدثنا إلى أهمية السّجل الآلي للحالة المدنية والذي يُمكّن وبضغطة زر واحدة من التحقق من الحالة المدنية للكثير من العائلات، فالاعتماد على التكنولوجيا والرقمنة قد يُساهم وبشكل لا يدع مجالاً للشك في الحدّ من الاحتيال وذهاب أموال النفقة إلى غير مستحقيها.
كما أبرز الدكتور قتال، أن هناك إمكانية لتقديم مقترحات وحلول أخرى بهدف إدماج المرأة المطلقة من جديد سواء اجتماعيا أو عمليا، مُعربًا في السياق ذاته عن أمله في إيجاد آليات جديدة تُساعدها في ذلك، وإعانتها في صون كرامتها المعنوية التي لا يضاهيها أي تعويض مالي، وأيضا صون كرامة المحضون وإيجاد آليات لحمايته إلى غاية نضجه نضجا تاما ووصوله إلى بر الأمان، هذا، وفي حديثه عن تنفيذ الأحكام المتعلقة بقانون النفقة، أشار المختص في القانون إلى أنه سيكون هناك حتما تعديلات وتبسيطات أكثر.
وفي ختام حديثه لـ«الأيام نيوز»، ثمن المحامي منير قتال، إبقاء وصاية وإدارة صندوق نفقة المطلقات تحت صلاحيات وزارة العدل، باعتبار أن القضاء على دراية بأحقية النفقة وبإجراءات الحصول عليها كونها الجهة التي أصدرت الحكم، والمعلوم أن صندوق النفقة الخاص بالمطلقات، والذي أُنشئ في عام 2014، يسمح بحماية المطلقات والأطفال القصر، وإفادتهم بالنفقة، في حالة تأخر الزوج أو تماطله عن دفع النفقة، على أن تتولى الدولة مطالبته بها لاحقاً، وكذا في حال وفاته.، وفي نهاية شهر سبتمبر الماضي، كشف الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن أمام نواب البرلمان، أن أكثر من 13 ألف امرأة وطفل استفادوا من صندوق النفقة الذي تموله الحكومة.