مشروعا قانونيْ الأحزاب والجمعيات.. رؤية جديدة لمستقبل الحياة السياسية في الجزائر

في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز المشهد السياسي وتنظيم الحياة السياسية في الجزائر، قام رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، بتنصيب فريق عمل مختص بمراجعة مشروعي القانونين العضويين المتعلقين بالأحزاب السياسية والجمعيات. ويأتي هذا التعيين ضمن سياق سياسي يتسم بتطورات مهمة، حيث يهدف مشروع قانون الأحزاب إلى تنظيم الحياة السياسية وتعزيز الديمقراطية داخل الأحزاب، بينما يركز مشروع قانون الجمعيات على تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مع تحديد دقيق للمهام والصلاحيات الموكلة للأحزاب والجمعيات.

هذه المشاريع تأخذ طابعًا مهمًا في السياسة الوطنية، حيث تتزامن مع الجهود التي يقودها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لتطوير وتنظيم المشهد السياسي وتعزيز الجبهة الداخلية، بما يتماشى مع تطلعات الشعب الجزائري نحو بناء دولة الحق والديمقراطية الحقيقية.

وبالفعل، قام رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، يوم الثلاثاء الماضي، بتنصيب أعضاء فريق العمل المكلف بمراجعة وتقديم الملاحظات والمقترحات بشأن مشروعي القانونين العضويين المتعلقين بالأحزاب السياسية والجمعيات. وأوضح بيان المجلس أن مشروع قانون الأحزاب السياسية يهدف إلى تنظيم المشهد السياسي وتعزيز مفهوم الديمقراطية داخل الأحزاب، انطلاقًا من القواعد الأساسية. أما المشروع الثاني، الخاص بالجمعيات، فيسعى إلى تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية مع تحديد واضح للمهام والصلاحيات الموكلة لكل من الأحزاب والجمعيات.

وفي هذا السياق، أشاد قوجيل، وفقًا للبيان، بـ”الاهتمام الكبير الذي يوليه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لهذين المشروعين نظرًا لأهميتهما في تعزيز المشهد السياسي الوطني”. كما أكد رئيس المجلس أهمية مشروع قانون الأحزاب السياسية في “تحقيق تنظيم سياسي فعال وترسيخ الممارسة الديمقراطية الحقيقية داخل الأحزاب”. أما بالنسبة إلى مشروع القانون المتعلق بالجمعيات، فقد شدد قوجيل على دوره في “تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني، مع وضع تمييز دقيق بين المهام الموكلة والصلاحيات المحددة لكل من الأحزاب والجمعيات”.

عقلنة العمل الحزبي والسياسي

وفي هذا السياق، تسلمت الأحزاب والكتل البرلمانية نسخًا من المشروع التمهيدي للقانون العضوي الذي يحدد شروط وكيفيات إنشاء الجمعيات. كما تم توزيع نسخ من مشروع القانون العضوي للأحزاب السياسية. ويتناول مشروع قانون الجمعيات سبعة أبواب تشرح مختلف الأحكام المتعلقة بإنشاء الجمعيات، إجراءات تسميتها، أسباب حلها أو تعليق نشاطها، بالإضافة إلى التسيير المالي وحقوق وواجبات الجمعيات.

أما مشروع القانون المتعلق بالأحزاب، فقد تضمن مجموعة من التعديلات، منها مكافحة ظاهرة التجوال السياسي وتحديد العهدات، وأكدت نصوصه على أن أجهزة الحزب تُنتخب لمدة خمس سنوات، مع إمكانية تجديد العهدة مرة واحدة. وتشير معظم التحليلات إلى أن المشروع الجديد يركز على تنظيم وتسيير عمل الأحزاب، تحديد صلاحياتها، وتنظيم علاقتها بمنظمات المجتمع المدني. كما يتناول مسألة تمويل الأحزاب وآليات الرقابة المالية، مع التأكيد على أن الهدف من المشروع هو عقلنة العمل الحزبي والسياسي، مما قد يؤدي إلى تقليص عدد الأحزاب الحالية.

ومع نهاية عام 2024، أصبح واضحًا من خلال خطاب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الموجه للأمة أمام غرفتي البرلمان، أنه يخطط لتطوير تنظيم المشهد السياسي بناءً على معطيات حقيقية تهدف إلى تعزيز الحوار السياسي وتقوية الجبهة الداخلية. وقد تعهد الرئيس بأن يشمل هذا الحوار السياسي المرتقب “الحقوق الأساسية من خلال القوانين المكرسة في الدستور والقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية والجمعيات”. وقال في خطابه: “سنبدأ في مراجعة قوانين الجماعات المحلية حتى نتمكن من إعادة بناء دولة الحق والديمقراطية الحقة”.

ومؤخرا أشادت عدة منظمات نقابية، بالتزام رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بضمان ممارسة الحق النقابي، معتبرة أن هذا الالتزام من شأنه المساهمة في دعم المسار المهني والوضع الاجتماعي للعمال. وفي هذا الصدد، ثمن الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، اعمر تاقجوت – يوم الثلاثاء- “تكريس الحق النقابي كمبدأ قائم وصلب في سياسة الدولة الجزائرية، وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية في أكثر من مرة من خلال دعوته الى تعزيز دور النقابات العمالية”.

وأوضح في نفس السياق أن “تعزيز الحوار الاجتماعي يستدعي من النقابات اليوم تغيير منهجها وطريقة عملها، تماشيا مع التحديات الراهنة”، معتبرا أن ذلك “سينعكس بشكل إيجابي على المسار المهني وعلى الوضع الاجتماعي للعمال”. ودعا تاقجوت إلى “تعزيز الروح النضالية لدى النقابات في مختلف القطاعات، بما فيها الاتحاد الذي ينتهج خطا وطنيا يعمل على خلق فضاءات للتشاور وتبادل الأفكار لتوفير الظروف المناسبة بهدف التأسيس لجبهة عمالية قوية وجعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار”.

وبالمناسبة، أشار الأمين العام للاتحاد الى أن “إلحاح رئيس الجمهورية على مبدأ الحوار الاجتماعي يعني بالضرورة خلق نقابات قوية واكتساب ثقافة واضحة المعالم لحل مختلف المشاكل”، مضيفا أن هذا الأمر يعد “مسالة جوهرية في تعزيز الجبهة الداخلية”.

بدوره، اعتبر رئيس النقابة الوطنية للأساتذة والباحثين الجامعيين، البروفيسور رشيد بلحاج، أن إعادة التنظيم والتكييف النقابي وفق القانون الجديد “كفيل بضبط التمثيل النقابي بما يخدم مصلحة المنتسبين الى مختلف القطاعات العمالية”. وأبرز أن “تحديد كيفية التمثيل ونسبته والتأكيد على ضمان الحرية النقابية وفقا لما تقتضيه قوانين الجمهورية، إضافة الى ضمان الحق في الممارسة النقابية الذي أكد عليه مرة أخرى رئيس الجمهورية، سيمكن من حل العديد من المشاكل التي كانت تعترض العمل النقابي”.

من جهته، ذكر رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، الدكتور إلياس مرابط، أن ملف التمثيل النقابي وحرية الممارسة النقابية “يؤكد ما تضمنه الدستور الجزائري حول ضمان حق الممارسة النقابية من خلال تأسيس جمعيات أو منظمات نقابية”.

وفي ذات المنحى، اعتبر الأمين العام للاتحادية الوطنية لعمال التربية، فرحات شابخ، أن تأكيد رئيس الجمهورية على حرية الممارسة النقابية “يتماشى مع ما هو معروف وراسخ باحترام الجزائر للقوانين الدولية التي تضمن الحق النقابي”، معتبرا أن “تعزيز التمثيل النقابي وضبط العلاقة بين المستخدمين وممثلي العمال سيسهم لا محالة في دعم المسار المهني والوضع الاجتماعي للعمال وتقوية الجبهة الداخلية، ضمانا لأمن واستقرار الجزائر”.

من جانبه، ثمن الأمين العام للمنظمة الوطنية للطلبة الاحرار، رياض بوخبلة، تأكيد رئيس الجمهورية على ضمان الدولة للحرية النقابية، معتبرا ذلك بمثابة “تعزيز وتأمين لحقوق العمال والطلبة على حد سواء”. وللإشارة، كان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد أكد، خلال ترؤسه يوم الاثنين الماضي اجتماعا لمجلس الوزراء، أن ممارسة الحق النقابي مضمونة في الجزائر والدولة تلتزم باحترامها. وشدد رئيس الجمهورية على ضرورة أن “يكون إعادة التنظيم والتكييف النقابي وفق القانون الجديد تعزيزا للحوار الاجتماعي في مختلف القطاعات”.

“حمس” تشدد على أهمية تمتين الجبهة الداخلية

شدد رئيس حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، يوم الثلاثاء، على أهمية تمتين الجبهة الداخلية لمواجهة محاولات استهداف الجزائر من قبل أطراف خارجية. في تصريح له عقب استقباله من طرف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أوضح رئيس الحركة أن هذا اللقاء شكل “فرصة للتشاور والنقاش وتبادل وجهات النظر حول مختلف الملفات الوطنية والدولية”، مشيرا الى أن الظروف الراهنة تستدعي “التواصل من أجل تمتين الجبهة الداخلية الوطنية”.

وأبرز في هذا الصدد “ضرورة التوصل إلى أرضية مشتركة بين جميع الأطراف”، خاصة -كما قال- في ظل “الاستهداف الخارجي الذي تشهده الجزائر”، وأكد في ذات السياق أن اللقاء الذي جمع وفد حركة مجتمع السلم برئيس الجمهورية كان “‘مثمرا”، لافتا إلى أن مثل هذه اللقاءات “ستمكن الطبقة السياسية من الالتحام أكثر والدفاع المشترك عن القضايا الوطنية”. وأضاف أنه تم خلال هذا اللقاء “تناول مستجدات القضيتين الفلسطينية والصحراوية مع التأكيد على أن الجزائر ستظل دوما إلى جانب القضايا العادلة”.

وحيد سيف الدين - الجزائر

وحيد سيف الدين - الجزائر

اقرأ أيضا