معركة “قطط” الشوارع في مناظرة عجوزي أمريكا.. بايدن وترامب.. وجهان لـ “صهيونية” واحدة

في تجسيد فعلي لمقولة “ونستون تشرشل”: “تصنعون من الحمقى قادة، ثم تسألون من أين أتى كل هذا الخراب؟!”، عاش العالم على مختلف جغرافياته وشعوبه وتوجهاته، مهزلة حقيقية في مناظرة قرن سياسية بين “جو بايدن” و”دونالد ترامب”، عنوانها الثابت، أنّ الهاوية كما الخطر المتربِّص بمستقبل البشرية ككل، ليس إلا أمريكا العجوزة، وأمريكا العجوزين اللذين بلغا من “العته” والسخافة والعبث عِتِيّا، واللذين دخلا في تنافس محموم، ليس حول من يكون الرجل الأول في “البيت الأبيض”، ولكن حول من يكون “رَبّ” العالم، ولنا أن نتصوّر بعدها، أيّ ذنب اقترفت شعوب البسيطة، حتى تجد مصيرها، مرهون بيد عجوزين “معتوهين” قادمين من أغوار الحرب العالمية الأولى، ليكون العنوان لخراب قادم، لسان حاله، أنّ البشرية على صفيح ساخن، ما دام “الزهايمر” الأمريكي، هو من يُؤسِّس لغد الكرة الأرضية ويتحكم في مستقبل شعوبها ويقرّر مصيرهم..

مناظرة “جو بايدن” ضد غريمه “دونالد ترامب”، والتي جرت فصولها المسرحية في أتلانتا بولاية جورجيا، كشفت بالدليل والبرهان، أن اللعبة العالمية برمَّتها، ليست إلا لعبة جوكر مساحتها عالم بائس ومُستلَب الإرادة، “تديره فئة من الأثرياء عن طريق جيش من الحمقى والمهرّجين، الذين يتحكّمون في مصير أمم من القطعان الهائمة”، وهي الصورة التي تجسّد ليس فقط “عبثيّة” الأحداث المتواترة والمصطنعة والمطبوخة دوليا، ولكن هوية الأيادي المتخفية وراء ستار، والتي ترسم المشهد العالمي على مقاس مصالحها، وذلك في تحكم “آلي” في أدقّ التفاصيل العالمية، حيث الهوية الحقيقية للعبة التحكم الدولية، هي ما اعترف به يوما، المصرفيّ الصهيونيّ المدعو “وولف ويلبريغ” عن حقيقة العولمة وعن هدفها الواضح في السيطرة، التي لن تتردد في الوصول لمشروع توزيع “الهواء” في قارورات معلومة تحمل ختم الحوكمة العالمية، وذلك حين حدّد ذلك المدعو “وولف ويلبريخ” الاستراتيجية في قوله: “ستكون لنا حكومة عالميّة إن شئتم ذلك أم أبيتم، والسؤال الوحيد: هل ستتكوّن هذه الحكومة المُدوَّلة عن طريق الاحتلال أم بالاتفاق”..

وطبعا، ذلك المشروع والمخطط الذي ولد عشية الحرب العالمية الأولى ليتجسد في “سايكس بيكو” القرن الفارط، ما كان له أن يتحقق إلا عن طريق تمكين عجزة ومهرجّي الأمم من سلطة القرار العالمي، ليكونوا الأداة التي تُدار بها شؤون الدول والمجتمعات، وهو الحال الذي رآه العالم مرأى العين والعقل في مناظرة تاريخية بائسة، جسّدت فعلا وقولا، معركة “قطط” الشوارع في صراع ساخر بين عجوزين هرمين، تنافسا على أيّهما الأحق بدور الشوكة والسكين في أكل مائدة “التّدجين” المعولمة؟

“بايدن” الذي ظهر أكثر “خرفا” و”زَهمرة”، نسبة إلى مرض الزهايمر، من غريمه “ترامب” في مناظرة “القطط” المشردة العالمية، دافع عن عقله أو ما تبقّى من ذاكرة الحرب العالمية الأولى، ليثبت للأمريكيين أنه لا زال قادر على شدّ طول.، فيما “ترامب” الذي يقاربه عمرا و”قرنا”، استغلّ قدرته على التهريج، ليجعل من فارق أربع سنوات بين “العجوزين” الهرمين، نقطة قوته، التي تثبت أنه الرئيس المجنون الذي يمكنه أن يخلف الرئيس الخَرِف. فيما الحقيقة أن كلا العجوزين، ليس إلا واجهة عبث لبيت أبيض ولدولة “عظمى” تُسمّى أمريكا، انتهى بها حال “عظمتها” وكذا عقمها، لأن تتحوّل إلى مسخرة “زهايمر” معولمة، أبطالها الظّاهرين عجوزان يتعاركان على كرسي هو “العالم”، فيما محرِّكو شيوخ “الموبيتشو” في الفيلم “الكارتوني” الأمريكي الشهير، ليس إلا صهيونية عالمية، كانت هي القاسم المشترك بين الغريمين في سباق “البيت الأبيض”، حيث رغم كل الاتهامات والصراع والاختلاف بين بايدن وترامب في مناظرة القرن، إلا أنّ القاسم المشترك في “خَرَف” العجوزين، لم يكن إلا التنافس الكبير على من يثبت أنه أكثر ولاء وخدمة وعبودية لـ “إسرائيل” وللصهيونية، وهو الأمر الذي يؤكد كما يثبت مرة أخرى، أنّ “الدُّمى” المتحركة على منصّة “البيت الأبيض”، ليست إلا الواجهة لحكم عنوانه: الصهيونية: ولعرش واجهته: أمريكا، كما أن البيت الأبيض في النهاية، ليس إلا “هيكلا” مُصغَّرا عن خرافة “هيكل” عظيم، لا زال البحث والتنقيب جاريا عنه، في تأسيس لحلم “إسرائيل” الكبرى..

بايدن وترامب، اختلفا في كل شيء، لكن حين تعلق الأمر بـ “إسرائيل”، فقد أكّدا للعالم وللبشرية ولأعراب الخمّ “البعيري”، أنهما وجهان لعملة وصهيونية واحدة، وهي الحقيقة التي تفسّر أنّ الذي حدث ويحدث في غزة ورفح وكذا ما يخطط له في جنوب لبنان من استنفار “قتل” صهيوني، ليس إلا حربا أمريكية، وسواء كان الرئيس هو الخرف “جو بايدن” أو كان المجنون “دونالد ترامب”، فإن السكّين واحد، وأنّ أمريكا ما هي إلا “نتنياهو” سواء كان مقره “تل أبيب” أو كان كرسيّه “بيت أبيض”..

بين شتيمة: “أنت أحمق”، التي وجهها “بايدن” لغريمه، وبين: “أنت فاشل”، التي رد بها “ترامب” على وصفة الحماقة المنعوت بها، فإن الأسى الحقيقي، ليس فقط في صراع القطط المُشرّدة على الرئاسة الأمريكية، ولكن على “أمريكا” هذا حالها، وعلى “بشرية” مُهدَّدٌ مآلها بيد معركة “عجوزين”، حتى وإن اختلفت أدوات تهريجهما وخرفهما، إلا أنها في النهاية عنوان لصهيونية واحدة، اختزلها، ذات يوم من شهر أكتوبر من عام 2001 رئيس الوزراء الأسبق “أرئيل شارون” مخاطبا “شمعون بيريس”، وذلك في اجتماع وزاري أمني مصغر، بعد أن أظهر هذا الأخير مخاوفه من ردة فعل أمريكية حول حرب “إسرائيل” على الضفة الغربية، حيث قال له شارون: “لا تقلق بشأن الضغط الأمريكيّ، نحن الشعب اليهوديّ نُسيطر على أمريكا، والأمريكيون يعرفون ذلك”، والواضح من ذلك الاعتراف الذي سربته حينها صحيفة “هآرتس” العبرية، أنّ “شارون” لم يكن يتكلم من فراغ، ولكنه كان يعلم أن كل ما يُسمّى أمريكا وجبروت أمريكا وقرار أمريكا، ليس إلا لوبي يهودي، هو الأصل وهو القرار وهو.. “إسرائيل”!

والمهم فيما سبق من إقرار “شارون”، وما هو ثابت في مناظرة عجوزين، كل منهما “تهوَّدا” أكثر من هرتزل وشارون ونتنياهو أنفسهم، أن مشكلة الرئاسيات الأمريكية اليوم، ليست في أيّ العجوزين أكثر كفاءة وقدرة، ولكن في أيّهما أكثر ولاء وكرما وعطاء للكيان الصهيوني، حيث الحملة الانتخابية، ليست فيمن يوفّر الرخاء للشعب الأمريكي، ولكن فيمن يوفِّر الوجود لـ “إسرائيل” ويضمن لها تفوّقها ودوامها..

مجمل القول في مناظرة “قطط” الشوارع ، كمصطلح قذف به “ترامب” منافسه “بايدن”، في طعن لأخلاقه، أنّ مجنون أمريكا “دونالد ترامب” لم ينجح فقط في ترسيخ أنه الرئيس القادم لجنون قادم تكون فيه العصا للكيان الصهيوني، ولكنه نجح في تعرية أمريكا قبل “بايدن”، ليرسِّخ في المجتمع الدولي، أن امريكا، بكل ما تدّعيه من إنسانية وحرية ودَمَقرَطة، ليست إلا مقاطعة من مقاطعات “تل أبيب”، وأن أصوات الشعب الأمريكي، لا معنى ولا قيمة لها أمام صوت اللوبي اليهودي، الذي راوده عجوز أمريكا على “صوته” الذي يُعتبر هو تأشيرة المرور الحقيقة إلى عرش “البيت الأبيض”..

فالمناظرة التاريخية، في نهاية أمرها، لم تكن موجهة للشعب الأمريكي ولكن إلى حاكم فعلي هو الصهيونية المعولمة، التي تابعت ملحمة “عروض” الولاء، وبعيدا عن البورصة السياسية والشعبية التي رفعت من حظوظ دونالد “ترامب”، إلا أن الساخر فعلا والمسخرة حقا، هو اتهام ترامب لبايدن، “أنه فلسطيني أكثر من الفلسطينيين أنفسهم”، ولسان حال ترامب في اتهامه ذلك، أن فاتورة الخمسين ألفًا من أطفال وشيوخ ونساء غزّة، ليست كافية كقربان للهيكل اليهودي، وأنه وعكس بايدن “الفلسطيني” لن يتردد في حالة فوزه بكرسي البيت الأبيض في إزالة غزّة وفلسطين معا من الوجود، وهي الرؤية نفسها التي كان السيناتور الجمهوري المدعو “ليندسي غراهام”، قد ذهب إليها، قبل أسابيع، حين لم يتردّد في رفع سقف صهيونيّته بقوله: “عندما واجهنا الدمار كأمة.. قررنا إنهاء الحـرب بقصف هيروشيما وناغازاكي بالأسلحة النـووية. كان ذلك هو القرار الصحيح. أعطوا الدولة اليهـودية القنــابل التي تحتاجها لإنهاء الحـرب!”..

والمهم فيما رسا عليه مزاد معركة قطط الشوارع المشردة، أن الرئاسيات الأمريكية عنوانها اليوم، شعب أمريكي مع غزّة، وعجوزان يتنافسان على من يقنع اللوبي الصهيوني في الادارة الأمريكية، أنه سينهي غزّة، ولنا أن نتصوّر من يحكم أمريكا فعلا؟ أهو الشعب الأمريكي أم.. شعب نتنياهو المختار؟

نهاية الكلام، المضحك والبائس معا، في رئاسيات أمريكية على مقاس لعبة “الهيكل” اليهودي، أنّ “النعامة” الأعرابية الخليجية، لا زالت تمارسها لعبتها الفطرية في دسّ رأسها في الرمل، فرغم أن التنافس الأمريكي اليوم، على أيّ المُرشَّحين، سيذبح النعامة ليلة الدُّخلة، إلّا أن عادة ذات النعامة أن تدس رأسها في السرير، لترقص طربا بنتف ريشها قبل ذبحها..

وفعلا، صدق من كتب يوما على لسان الخُم الأعرابي، يُحكى أنّ نعامة أرادت كالعادة دفن رأسها تحت الأرض، فارتطمت برؤوس بعض الحكام “العرب”. وفعلا، إنكم ريش النعام، الذي سيُنتف يوما، سواء كان الخَرَف بايدن أو ترامب، فهل من مُعتبِر؟!

أسامة وحيد - الجزائر

أسامة وحيد - الجزائر

اقرأ أيضا