في مقال سابق، حدّثنا المؤرّخ الإيطالي الدكتور “سلفاتوري بونو”، المتخصص في تاريخ المغرب العربي، عن “العلاقات بين إيطاليا والجزائر، من القرن السادس عشر إلى أوائل القرن التاسع عشر”، وفي هذا المقال سيحدّثنا عن كتابات الإيطاليين حول الجزائر منذ السنوات الأولى للاستعمار إلى غاية عام الاستقلال. وقد كان أولئك الإيطاليون من الديبلوماسيين والعسكريين والرحّالة والشعراء.. وبعضهم شارك في الحملات الفرنسية لاحتلال الجزائر، مثلما شارك آخرون من النمسا وإسبانيا وإنجلترا ودول أوروبية أخرى، ممّا يؤّكد بأنّ احتلال الجزائر كان مشروعًا أوروبيًّا دعمته السلطة الباباوية في “روما”، كما تُشير إلى ذلك “الومضات” المبثوثة في كتابات الرحّالة الألمان والنمساويين الذي كتبوا عن الجزائر..
في ثنايا هذا المقال، نجد أحد الإيطاليين يعترف بأنّ الجيش الفرنسي لم يكن باستطاعته احتلال الجزائر وحده، وهذا الاعتراف يحتاج إلى كثير من البحث لتجميع المعلومات حول الأوروبيين الذي شاركوا في احتلال الجزائر. ومن الأمور المُلفتة في مقال “سلفاتوري بونو” هو حديثه عن كتابات الصحفيين الإيطاليين حول اندلاع ثورة التحرير الوطني، فقد كانت كتابات غامضة ومنحازة للطرف الاستعماري الفرنسي، بل بعضها دعا إلى “حلّ” بين مجموعة أوروبية وأخرى إفريقية، حتى تبقى الجزائر وإفريقيا تحت السيطرة الأوروبية.
كما يحدّثنا “بونو” عن مجلة تحمل اسم الجزائر، كانت تُدعى “ألجيريا”، حيث قال: “وفي شهر مارس 1961، تشكّلت في روما اللجنة الإيطالية من أجل السلام في الجزائر، وذلك بمبادرة من لفيف من الرجال السياسيين المُنتمين إلى مختلف الأحزاب. وقد نشرت اللجنة بضعة أعداد من مجلةٍ حافلة بالأخبار والوثائق المتعلقة بتطور هذه القضية، وتُدعى: ألجيريا”. وهنا يجب التنبيه إلى أنّه يجب تأسيس إعلامٍ في كل دولة ترتبط مع الجزائر ديبلوماسيًّا، لا سيما دول أوروبا، وأيضًا دعم تأسيس جمعيات ومنظّمات يكون لها تأثير في الأوساط المجتمعية الأوروبية.. فمثل هذه “الوسائل” يُمكن الاستفادة منها في زمن الأزمات، ومع أحوجنا إليها في ظروف الحرب على فلسطين.. وأيضًا، توظيفها من أجل استثمار التاريخ في بناء العلاقات الثنائية مع كل دولة أوروبية تبعا للموروث المشترك: السياسي والثقافي والاقتصادي، وهذا ما سعى إليه الدكتور “سلفاتوري بونو” من خلال مقاله في الحالة الجزائرية الإيطالية.
ولن نطيل على القارئ أكثر، ونتركه مع مقال “سلفاتوري بونو”، الذي هو في الأصل محاضرة ألقاها في الملتقى الثاني عشر للفكر الإسلامي بالجزائر، وقد حصلنا على نسخة منها من المكتبة الوطنية التونسية، مكتوبة بالآلة الراقنة.. لذلك نعتذر للقارئ عن أيّ أخطاء في أسماء الأشخاص والأماكن..
“أنجيلو أبيوتي” يُدين الاستعمار بطريقته
إذا كانت كتابات المؤلفين الإيطاليين كثيرة في سنوات (1830 – 1860)، وقد تحدّثنا عن بعضها، فإن عدد هذه الكتابات في السنوات التي أعقبت تلك الفترة أخذ يقلّ بصورة ملحوظة، ثم أضحى نادرا، وأقلّ أهمية بكثير ممّا كُتب عن الجزائر خلال النصف الأول من القرن العشرين.
إننا نودّ أن نذكر اثنتين من هذه الكتابات، أولاهما تتعلق بالتحقيق الصحفي الذي عنوانه “ستة ملايين من الجياع” لصاحبه “أنجيلو أبيوتي”. وهذا الكتاب يُدين الاستعمار الفرنسي ولكن ليس كما قد نتمنّاه، باسم حق جميع الشعوب في الاستقلال، بل باسم فشل الفرنسيين، فهو يعارض أساليب فرنسا الاستعمارية.. ولكن مجرى التاريخ والدفاع الوطني الذي خاضته الشعوب المستعمَرة قد انتصرَا على كل ضرب من ضروب الاستعمار. يضاف إلى نزعة الكتاب المناهضة لفرنسا (وقد نُشر في سنة 1940 حين كانت إيطاليا في حرب ضد فرنسا).. شعور معادٍ بصراحة لليهود، فسبب متاعب الجزائر مردّه إلى الامتيازات والمعاملات الخاصة التي منحها حكومات باريس لليهود (بموجب مرسوم كريميو..). فهناك إذًا فضحٌ لوضعية الجزائريين الأليمة، فهم يتحدّثون عن مؤسسات زراعية يكون فيها لكل مالك بين عشرين ألف هكتار من الأراضي وثلاثين أو أربعين ألف عربي يعملون فيها اثنتي عشرة ساعة في اليوم، ولا يستطيعون أن يكسبوا من عملهم هذا ما يسّدون به رمقهم. وهم يريدون أن يبرهنوا على أن “ثلاثين ألف يهودي استطاعوا أن يستعبدوا شعبا من ستة ملايين نسمة” (إن الجزائريين من بين أكثر الناس تعلّقا بالحرية، وأشدّهم صدقا واستقامة، وبأسا وشجاعة..).
“ماریو برسليني” وكتابه الصّغير..
بيد أنهم يريدون إيهام الناس بأن استعمارًا مخالفا وإيجابيا ربما كان ممكنّا. وهناك أفكار مماثلة إلى حدٍّ ما لِمَا ورد في الكتاب المذكور من أفكار، في الكتاب الصغير الذي كتبه “ماریو برسليني” وهو بعنوان “الجزائر جبنة خائبة”، وهي خائبة طبعا بالنسبة إلى الاستعماريين.
ولا يقتصر الأمر، في هذا الكتاب الصغير، على نقد تعليمات الاستعمار الفرنسي وأساليبه فحسب بمقابلته ضمنيًّا مع الاستعمار الإيطالي أي الفاشي، بل يسجّل فيه عن طريق ملاحظات فيها لبس وغموض طابع “التكامل التام” مع الاقتصاد الإيطالي.. لعمالة قسنطينة، ولا سيما ما يتعلق منه بالثروات المنجمية من حديد ورصاص. إنها ملاحظات مثيرة للسخرية تتدلّى منها إمبريالية متذبذبة كان مصيرها في بلدي (إيطاليا)، لحسن الحظ، هو الموت بعد بضع سنوات من ذلك العهد.
ثورة التحرير الوطني تُعرّي حقيقة الكُتّاب الإيطاليين
ومنذ شهر نوفمبر 1954، أخذت العمليات الأولى لحرب التحرير الوطني تُلفت أنظار الرأي العام العالمي إلى الجزائر بشكل يتزايد عاما بعد عام. وقد اضطر الوطنيون الجزائريون إلى القتال بالفعل، وعرفوا كيف يكسبون معركة شاقة من وجوه مختلفة: إذ كان عليهم أن يشنّوا عمليات عسكرية وإخراج الجيش الفرنسي من ناحية، وكان عليهم من ناحية أخرى أن يعملوا على كسب الشعب الجزائر إليهم والحصول على مساعدة الجماهير الحضرية والريفية، وذلك بإقناعها بصحة استراتيجية جبهة التحرير الوطني السياسية، ولا بد، بالإضافة إلى ذلك، من الحصول على سمعة لدى القوى السياسية والرأي العام العالمي، وبالتالي حكومات كافة بلدان العالم لطرح المشكلة الجزائرية على الصعيد الدولي، والتصدّي من هذه الزاوية لنشاط فرنسا المعاكس، وما من شك في أن هذا الجانب الأخير من النضال السياسي الذي خاضته جبهة التحرير الوطني هو أكثر الجوانب التي يجهلها الناس. أمّا ما يتعلق بموقف الرأي العام والقوى السياسية والحكومات الإيطالية، فإن الدراسات بهذا الشأن تعوزنا حتى الآن على الأقل، لذلك فإن أيّ دراسة معمّقة تجري في هذا الصدد قد تكون مفيدة جدا.
وفي نطاق هذا البحث، أعتقد أن شهادات الصحافيين الإيطاليين قد تكون مفيدة لكم أنتم الجزائريون، كما يمكن أن تفيدكم أيضًا شهادات الصحافيين في البلدان الأخرى الذين زاروا الجزائر خلال سنوات حرب التحرير ولا سيما الذين كانت لهم اتصالات مباشرة بممثلي جبهة التحرير الوطني، وزاروا المناطق التي كانت الجبهة ذاتها تسيطر عليها. وسنحاول أن نقدّم في هذا الاتجاه معلومات عامة وبعض الأمثلة.
ولنقُل من الآن إنّ جبهة التحرير الوطني اصطدمت بكثير من العقبات في طريق إسماع صوتها وجعل هذا الصوت يحظى بالقبول، فلقد كان هناك “عائق تقني” إن صحت تسميّته بهذا الاسم، إذ كانت لفرنسا وكالة أنباء قوية وفعّالة جدا، وكانت لها مصالح إعلام مُحكمة التنظيم والتركيز في إيطاليا، وكان ذلك كله بطبيعة الأمر، ممّا يفتقر إليه الجزائريون.
ومن جهة أخرى، كانت الصحافة ووسائل الإعلام الكبرى في إيطاليا ملكا للحكومة في جزء كبير منها، أو خاضعة لتوجيهات موالية للحكومة، وكانت الحكومة تتحرّز من إغضاب فرنسا حليفتها القوية ضمن الحلف الأطلسي. ولم تكن القضية الجزائرية تحظى بأيّ صدى في البداية إلّا لدى صحف الحركات السياسية والثقافية التقدميّة، ولدى قوى اليسار المعارضة.
وشيئا فشيئا، أخذت الانتصارات السياسية والعسكرية لجبهة التحرير الوطني، والتقدّم الذي سجّلته عملية تصفية الاستعمار في العالم أجمع، تستميل إلى القضية الجزائرية جميع قطاعات الرأي العام الديمقراطي (وظلت أحزاب اليمين وحدها على مواقفها المواليـة للاستعمار).
وحتى الذين كانوا يكتبون عن الجزائر ويُظهرون تعاطفا وتفهّمًا إزاء الوطنيين، كانوا، طيلة السنوات الأولى من الكفاح التحريري، يبرزون الجانب الاجتماعي والاقتصادي من المشكل الجزائري: تخلّف البلد، وضرورة وضع برامج تنمية واستثمار تسمح بمواجهة انفجار ديموغرافي لا يزال قويا.. وكان ميلاد الوطنية والكفاح المسلح يُربَطان بالضائقة الاجتماعية والاقتصادية. وكان عدد كبير منهم يرى نهاية الأزمة ضمن صيغة يجب تحديدها، صيغة كانت تضمن استمرار ارتباط فرنسا والجزائر ولو في ظل علاقات جديدة. (وكانت هذه الفرضية حتى شهر أفريل 1956 مُطبّقة على كافة بلدان المغرب؛ إذ كانت تُستساغ الحلول الوسطى التي كان البعض قد اقترحها بالفعل).
ويمكن أن نورد على سبيل المثال بعض ما كُتب في الموضوع، فقد تمنّى الاشتراكي “باولو تیطوريلي”، في شهر أكتوبر 1955، أن تتوصّل فرنسا إلى اتفاق مع بلدان شمال إفريقيا جميعها.. “وذلك “تحسّبًا لاندماج متبادل وتدريجي”، وإلا فهو يتوقّع – وهذا التوقّع أرجح حكمة من تمنّيه – ما لا مفرّ منه وهو الانسحاب الفرنسي من المغرب العربي. وفكّر آخرون في حلٍّ يتمّ على صعيد أوروبي إفريقي، أي ضمن إطار علاقة ما بين المجموعة الأوربية والأراضي التي ما تزال تابعة بأيّ صفة من الصفات.
وبعد سنتين، في سنة 1957، كان “باولو تیطوريلي” ما يزال يتساءل عمّا إذا كان النزاع يمكن تسويته ضمن نطاق السيادة الفرنسية؟، وكان يرى إمكانية قيام مشروع جماعة تشمل فرنسا وبلدان شمال إفريقيا.
وهناك كاتب آخر أدان استعمال القوات العسكرية الفرنسية لألوان التعذيب الوحشي، وأكد ضرورة الإسراع “بوضع حد للحرب عن طريق حلّ وسط”. لم تكن جذور الوطنية الجزائرية العميقة، ومطالبها التي لا تراجع عنها بالاستقلال والسيادة الوطنية مفهومة إلى ذلك الحين حتى من طرف الملاحظين التقدّميين.
وفي شهر يونيو/ جوان من سنة 1956، نشر صحافي ذو نزعة معتدلة ومتفهّم جدّ التفهّم للموقف الفرنسي.. كتابا بعنوان “ما شاهدته في الجزائر”، وقد حاول أن يشرح لقرّائه مواقف الوطنيين، وأن يلزم هو جانب الحياد. وقد وصف ببراعة شعور الفرنسيين المتّسم بالخوف وعدم الاطمئنان، قال: “غروب الشمس هو الوقت عينه الذي يحصل فيه تغيّر آلي في ممارسة السيادة على جميع أنحاء البلاد، ففي النهار نجد أن فرنسا هي التي تحكم، وفي الليل يعود الحكم إلى المتمرّدين”، وهو يسمّيهم “متمردين”، وإنه يجب عليه أن يعترف بأنهم وضعوا فرنسا في حالة حرب.
“وفي مدينة باتنة، حيث تنقطع الإنارة منذ أسبوع، لأن المتمرّدين قد دمّروا المولِّد الكهربائي، لا يستطيع أحدٌ أن يسير في الشوارع بعد الساعة السادسة مساء”. وقد وصف – من بين ما وصفه – اللّفيف الأجنبي في مدينة “سيدي بلعباس”، والموقف المتردّد والملتبس لبعض فرنسيّي الجزائر، والتشبّث الحانق من المعمّرين بأراضيهم. والحقيقة أن مشاعر الصحافيين ظلّت غامضة منقسمة بين نوع من التعاطف مع الفرنسيين المتشدّدين “والاقتناع بأنّ اللعبة لم يعد فيها أمل للفرنسيين”.
إلاّ أنهم كانوا بصدد التوصّل شيئا فشيئا إلى تفهّمٍ أكثر تقدُّمًا وسلامة لموقف الوطنيين الجزائريين، فانتصار حرب الاستقلال كان يجبر العالم أجمع على فتح عينيه.
وفي سنة 1956 نُشرت الترجمة الإيطالية لكتاب “كولین” و”فرنسیس جانسون”، الذي عنوانه: (الجزائر الخارجة من القانون)، وفي شهر أوت أذاعت صحيفة أسبوعية التقرير الذي بعث به الوطنيون إلى الأمم المتحدة. وفي سنة 1957 تُرجم إلى الإيطالية التحقيق الصحفي الذي أعدّه الصحافي الإسباني “رماندو مورتيلا”، غير أنّ هذا النص الهام جدا تولّى نشره ناشر غير ذي شأن، فلم يتحقق له كبير ذيوع وانتشار.
ومنذ سنة 1958، أخذ كفاح الوطنيين الجزائريين يحظى بالتفهّم من حيث طبيعته الشعبية، ومن حيث هدفه المتمثل في التحرير الوطني من الاستعمار. ولنذكر، على سبيل المثال، الصحافي “ماريو جيوفانا” الذي وصف، في مجلة “موندو أوبيرايو” الاشتراكية، إقامته القصيرة رفقة المقاتلين الجزائريين في الجبال وذلك في شهر أكتوبر 1957 بنواحي “عنّابة”، قال: “لم يعد لكل الحماقات التي قيلت من عصابات من الناهبين المتعطشين إلى الدم أيّ فعالية، ولا ريب أن لقوات جيش التحرير الوطني أصلا شعبيا، وأنها جيش يتألّف من وحدات منظمّة منضبطة تقوم بعملياتها وفق تعليمات حربية دقيقة… إن الكفاح واقع ثوري للتحرير الوطني وافتكاك السيادة من الاستعمار”. والنتيجة هي أنه يجب على “باريس أن تتفاوض طال الزمن أم قصر”، وإن مفاوضها المقبول الوحيد هو جبهة التحرير الوطني”. بيد أنه لم تتضح تماما في تأييدات الصحافي الإيطالي شروط وحدود هذه المفاوضة. وهناك مقال كتبه “أوجينيو..” في شهر جوان 1958 أشدّ وضوحًا بهذا الصّدد، قال فيهك “إنّ الشعب الجزائري مُصمّم العزم على افتداء استقلاله…”.
وابتداء من سنة 1960، أخذت الصحف الإيطالية تطّلع بصورة أكثر على واقع الوضع الجزائري، وتنقل في الغالب مزيدا من تفاصيل المعلومات المتّصلة بهذا الموضوع. وإن الصحافيين الإيطاليين يجتمعون في القاهرة أو في تونس بأبرز ممثلي حركة التحرير يدلون لهم بأخبارهم وبأحاديثهم. وفى شهر مارس من سنة 1960 مثلا نشرَت صحيفة يومية إيطالية حديثا صحفيًّا لوزير الشؤون الخارجية الجزائرية، وفي شهر أفريل نشرت حوارا مع الرئيس “فرحات عباس”..
وبعد بضعة أشهر، بدأت المفاوضات التي ستكون طويلة وشاقّة، وقد أصبح استقلال الجزائر هدفا مؤكّدا، ولم يبق إلا تمهيد الطريق، كما أنّ تأثير القوى السياسية والرأي العام في كثير من البلدان بما فيها إيطاليا أخذ يساهم في هذه الغاية.
وفي شهر مارس 1961، تشكّلت في “روما” اللجنة الإيطالية من أجل السلام في الجزائر، وذلك بمبادرة من لفيف من الرجال السياسيين المُنتمين إلى مختلف الأحزاب. وقد نشرت اللجنة بضعة أعداد من مجلةٍ حافلة بالأخبار والوثائق المتعلقة بتطور هذه القضية، وتُدعى “ألجيريا”.
وفي شهر فيفري من سنة 1962، عُقد في “روما” مؤتمرٌ دعت إليه الجمعية الدولية للحقوقيين الديمقراطيين حول “الجزائر والقانون”، تلك الجمعية التي تدافع عن الوحدة الوطنية للبلاد، أي تبعية الصحراء للجزائر. وبعد بضعة أشهر، حقّق كفاح الشعب الجزائري غايته المتمثلة في إعلان الاستقلال. ومنذ ذلك الحين، ازدادت العلاقات بين الجزائر وإيطاليا نموا في جميع الميادين، وربما ازدادت في الحقل الاقتصادي والتجاري والتقني أكثر من الميدان الثقافي.
وفي قطاع الدراسات التاريخية، أتيحت للباحثين من الجانبين فرصة الالتقاء وتعرّف بعضهم على البعض الآخر، وتبادل مشاعر المودة والتقدير، إلا أنه لا بدّ من أن تُستغّل بصورة أكثر إمكانيات التعاون العديدة.. وما ترمي إليه مساهمتنا المتواضعة في سبيل الاستقلال.