تنطلق، اليوم، بالولايات المتحدة الأمريكية، أول مسابقة تمهيدية رئاسية كبرى للحزب الجمهوري في الدورة الانتخابية لرئاسيات عام 2024، وبينما يتوجه الناخبون الجمهوريون اليوم في ولاية أيوا إلى مكاتب الاقتراع لاختيار المرشح الذين يرغبون برؤيته منافسا للرئيس الحالي الديمقراطي، جو بايدن، تنظر شريحة واسعة من الأمريكيين إلى السياسة في بلادهم نظرة مليئة بالسلبية، وترغب برؤية تغيرات كبيرة انطلاقا من ظهور أحزاب سياسية غير الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وإعادة النظر في المجمع الانتخابي، وصولا إلى الحد من تأثير المال في السياسة.
في بيئة سياسية منقسمة تهيمن عليها – في كثير من الأحيان – أعلى الأصوات على اليسار الديمقراطي واليمين الجمهوري، تقول شريحة واسعة من الأمريكيين إنها سئمت سماع الخطابات المليئة بالنقد اللاذع، ومتابعة الأخبار السياسية المليئة بالسلبية، وذاقت ذرعا بالسياسيين الذي يكتفون بالكلام، ولا يحركون ساكنا لمعالجة المشاكل التي تنغص حياتهم اليومية.
ومع بداية موعد الإدلاء بالأصوات الأولى في الانتخابات التمهيدية لاختيار المترشح الرئاسي للحزب الجمهوري، الإثنين بولاية أيوا، قال مركز بيو للأبحاث (Pew Research Center)، إن أصوات هؤلاء الأشخاص يتم تجاهلهم إلى حد كبير، ونشر المركز مؤخرا نتائج مقابلات أجراها مع ست مجموعات مكونة من البالغين الأمريكيين الذين يشعرون بتوتر وقلق بشأن الحياة السياسية الأمريكية والأخبار السياسية.
يشعر الكثير من الأمريكيين الذين شملهم استطلاع مركز بيو للأبحاث بأن السياسة موجودة تحاصرهم في كل مكان وبطريقة سيئة غالبا، ويجدون أنفسهم غارقين في كمية المعلومات التي يواجهونها في حياتهم اليومية، حول نشاطات السياسيين، وخطاباتهم ومعارك حملاتهم الانتخابية، التي لا تخلو من السلبية.
العديد من هؤلاء المستجوبين – ولكن ليس كلهم – يصوتون، ويعترفون بأنهم يمكن أن يكونوا أكثر انخراطا في متابعة السياسة، إلا أن الكثير منهم يقولون إنه ليس لديهم الرغبة في ذلك، أو يقولون إنه من المهم تجنب الموضوع لحماية صحتهم العقلية.
عند تقسيم المستجوبين وفق الانتماء السياسي والأيديولوجي، توصل مركز بيو للأبحاث، وهو مركز أبحاث مستقل مقره العاصمة الأمريكية واشنطن، إلى نتيجة مفادها أن معظم المستجوبين سواء كانوا ينتمون إلى اليمين الجمهوري أو إلى اليسار الديمقراطي محبطون، وفي كثير من الأحيان لا يشعرون بأنهم ممثلون من قبل أي من الطرفين، أو يشعرون أن الطرفين متطرفان للغاية. وبينما يفضل البعض عدم وجود أحزاب سياسية على الإطلاق، يرغب البعض الآخر بوجود أكثر من الحزبين السياسيين الديمقراطي والجمهوري، المتداولين على الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار العديد من المشاركين في الاستطلاع إلى النقد اللاذع والسلبية التي تطبع الحياة السياسية في الولايات المتحدة حاليا، وقالوا إن هناك الكثير من الاقتتال الذي يقابله عدم إحراز تقدم كاف في معالجة القضايا التي تهم المواطنين العاديين، وترتبط بحياتهم اليومية.
ما هي التغيّرات التي يريدون رؤيتها؟
بينما طرح البعض ضرورة إحداث تغييرات في المجمع الانتخابي – مجموعة الناخبين الرئاسيين الذين يشترط الدستور تشكيلهم كل أربع سنوات لغرض وحيد هو انتخاب الرئيس ونائب الرئيس– الذي يقولون إنه يتعارض مع ممارسة الناخبين حقَّهم في اختيار من يحكمهم بطريقة مباشرة ودون وسائط، قال البعض الآخر إنهم يأملون في الحد من دور المال في السياسة الأمريكية، وقال آخرون إنهم ببساطة يرغبون في الاستفادة من المزيد من الخيارات – السماح بظهور أحزاب سياسية أخرى غير الحزبين الديمقراطي والجمهوري- وتقليل السلبية، ويتمنون إحراز المزيد من التقدم في القضايا المهمة.
وفي العام الماضي، تحدث مركز بيو للأبحاث إلى مجموعة من الأشخاص الذين قالوا إنهم يصوتون في المواعيد الانتخابية المختلفة، لكنهم ليسوا مرتبطين بقوة بأي من الحزبين السياسيين الحاكمين في البلاد، فقالوا إنهم لا يتابعون عن كثب الأخبار المتعلقة بالسياسة أو نشاطات الحكومة، وعلى الرغم من أن البعض منهم قالوا إنهم يشعرون بالذنب عندما لا يفعلون ذلك، فقد أكدوا أنهم ينظرون إلى سياسة الولايات المتحدة كموضوع من الأفضل تجنبه.
تبدأ، اليوم، الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لاختيار المرشح النهائي الذي سيمثله في الانتخابات الرئاسية، ومنافسة الرئيس الأمريكي الديمقراطي، جو بايدن، وتنطلق العملية الانتخابية في مجالس شعبية بولاية أيوا التي ستكون بمثابة أول اختبار لمعرفة ما إذا كان دونالد ترامب بالفعل هو المرشح الأوفر حظا لانتزاع بطاقة الترشح ضد بايدن.