تزامنًا مع الشهر الفضيل غالبًا ما يتم تسجيل ارتفاع قياسي في معدلات هدر الطعام وزيادةً لافتة في كميات النفايات الغذائية، ودائمًا ما تأتي مادة الخبز في صدارة المواد الأكثر تبذيرًا، خاصةً وأن الجزائريين من بين أكثر شعوب العالم استهلاكا لهذه المادة الحيوية.
ويُكبّدُ تبذير الخبز الخزينة العمومية للدولة أموالاً طائلة، قد تصلُ إلى ملايين الدولارات سنوياً، باعتبار أن القمح اللين المُدعم هو المادة الأولية التي تعتمد عليها صناعة الخبز في الجزائر، ما دفع إلى تكثيف الجهود لمعالجة هذه الظاهرة، إذ عمدت الجهات الوصية وفي مقدمتها وزارة التجارة إلى تكثيف حملات التوعية والتحسيس بضرورة إتباع قواعد الاستهلاك العقلاني وتجنّب أشكال التبذير المنبوذة، وذلك بالتنسيق مع كافة الشركاء من جمعيات، منظمات، وغيرها من ممثلي المجتمع المدني.
وفي هذا الصدد، أكّد رئيس الفيديرالية الوطنية للخبازين، يوسف قلفاط، أن هناك تراجعًا محسوسًا في ظاهرة تبذير الخبز خلال أولى أيام رمضان مقارنةً بالفترة ذاتها من الأعوام الفارطة، نتيجة تغيُّر ملحوظ في سلوك المواطن خلال الشهر الفضيل، وإقباله على اقتناء الخبز التقليدي بدل الخبز العادي، إضافة إلى تزامنه هذا العام مع العطلة المدرسية حيث تغلق أغلب المطاعم الجامعية والمدرسية.
وأوضح قلفاط في تصريح لـ«الأيام نيوز»، أن تراجع إنتاج واستهلاك مادة الخبز خلال أولى أيام رمضان، أدّى إلى تراجع ملحوظ في ظاهرة هدر وتبذير هذه المادة الحيوية، فتراجع الاستهلاك يؤدي بالضرورة إلى تراجع معدلات الإهدار والتبذير.
وتابع: “إن أصحاب المخابز ـ خارج المدن الكبرى ـ غالبًا ما يُفضلون أخذ قسط من الراحة والدخول في عطلة إلى غاية انقضاء الشهر الفضيل، وهذا يرتبط أساسا بالعادات الغذائية للمستهلك الجزائري خلال رمضان، إذ يفقد الخبز العادي مكانته ـ على العكس من الأيام العادية ـ وتتراجع نسبة استهلاكه إلى 20 بالمائة فقط مقارنة بالخبز التقليدي، وبالتالي من الطبيعي جدّا أن نسجل تراجعًا محسوسًا في نسب التبذير”.
وفي ختام حديثه لـ«الأيام نيوز»، أشار رئيس الفيدرالية الوطنية للخبازين، إلى أن المواطن الجزائري اليوم اكتسب ثقافة ترشيد استهلاك الخبز، نتيجة تكثيف حملات التوعية والتحسيس التي تؤكد على أهمية الاستهلاك العقلاني لهذه المادة الحيوية والابتعاد عن كافة أشكال تبذير وإهدار الطعام.
تنامي درجة الوعي لدى المواطنين..
من جهته، يرى الأمين العام للمنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، حمزة بلعباس، أن هناك نوعًا من تنامي درجة الوعي لدى الجزائريين بضرورة الابتعاد عن هدر مادة “الخبز” خاصة خلال الشهر الفضيل، إذ قال بلعباس في تصريح لـ«الأيام نيوز»: “حقيقةً لمسنا أن المستهلك الجزائري اليوم أصبح أكثر وعيا، ولم نعد نرى مناظر الخبز المرمي في مكبات النفايات، وأصبحت العائلات الجزائرية تحرص على جمعه وتحويله إلى تغذية الأنعام بدل رميه، حتى ربات البيوت أصبحن يقمن بإعادة تدوير هذه المادة واستغلالها في الطبخ وصناعة الحلويات وما إلى ذلك، بدل رميها في القمامة”.
في سياق متصل، أشار محدثنا إلى أن نوعية الخبز في حدّ ذاته، تُعتبر من بين أهم عوامل وأسباب تبذير هذه المادة الأساسية والحيوية، فالخبز المصنوع من مادة القمح اللين (الفرينة) بمجرد مرور سويعات قليلة على طهيه يفقد جودته عكس الخبز المصنوع من الدقيق الكامل، الذي يحافظ على جودته لمدة أطول، مشيرا ـ في السياق ـ إلى أهمية الحملات التحسيسية التي قامت بها منظمته بالشراكة مع وزارة التجارة في هذا الإطار، ودورها الفعّال في إعادة التوزان والابتعاد عن التبذير وهدر الطعام خلال شهر رمضان، وفي ختام حديثه، قال حمزة بلعباس: “لقد سجلنا على أرض الواقع تراجعًا محسوسًا في هدر وتبذير مادة الخبز، لكن يبقى ذلك غير كاف، ومن الضروري العمل بجدية أكثر من أجل إيجاد حلول جذرية للقضاء نهائيا على ظاهرة تبذير الخبز”.
وترتفع كمية النفايات في شهر رمضان بـ10 بالمائة خاصة ما تعلق بالخبز الذي يرمى خلال هذا الشهر الفضيل، بكميات تصل إلى 13 مليون خبزة، حسبما أفادت به المديرة العامة للمعهد الوطني للتكوينات البيئية، مليكة بوعلي، وبحسب إحصائيات عالمية، فان هدر المواد الغذائية يعادل 3.2 مليار دولار سنويا وهي كميات تعادل أربع مرات الكميات التي يحتاجها العالم للقضاء على الفقر.
وأطلقت وزارة البيئة والطاقات المتجددة، حملة وطنية تحسيسية خاصة بشهر رمضان ضد التبذير الغذائي، وذلك بالتعاون مع الكشافة الإسلامية الجزائرية والمجلس الأعلى للشباب والمرصد الوطني للمجتمع المدني.