اعتبر الوزير الأول الصحراوي، بشرايا حمودي بيون، أن الحكم الصادر عن محكمة العدل الأوروبية الذي ألغى الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب يمثل مكسبًا تاريخيًا لا رجعة فيه، داعيًا إلى تثمين إنجازات الشعب الصحراوي. ومن جهته، وصف المحامي الرئيسي لجبهة البوليساريو، جيل ديفيرز، القرار بأنه قوي جدًا وله تأثير كبير على الاجتهاد القضائي للمحكمة. كما ثمنت رابطة الصحفيين والكتاب الصحراويين في أوروبا هذا القرار، داعية الاتحاد الأوروبي إلى الامتثال لبنوده لدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. أما اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي فقد وصفت الحكم بأنه خطوة تاريخية وانتصار للشعب الصحراوي وجبهة البوليساريو في مسيرة النضال من أجل الكرامة والحرية.
وأبرز الوزير الأول الصحراوي، بشرايا حمودي بيون ، في كلمة له في اختتام الندوة الوطنية للإدارة والتأمين، التي أوردتها وكالة الأنباء الصحراوية (وأص)، مكانة الدولة الصحراوية وتقديرها على المستوى الخارجي، خاصة في أمريكا اللاتينية وإفريقيا. وشدد الوزير الأول الصحراوي على أن “المكاسب المحققة يجب أن تُوظَّف في الدفاع عن القضية الوطنية، وأن تكون دافعًا لتحقيق مزيد من المكاسب”.
واختُتمت -يوم الاثنين 7 أكتوبر-أشغال الندوة الوطنية للإدارة والتأمين بحضور الوزير الأول بشرايا حمودي بيون، وأعضاء من الأمانة الوطنية، وإطارات من الجبهة والدولة الصحراوية. وألقى بشرايا بيون كلمة في ختام أشغال الندوة، ركز فيها على أهمية الندوة والموضوعات التي تطرقت إليها في مجال الإدارة والتأمين، ودور المسيرين في تنفيذ المهام والمخططات، مشيرًا إلى “وجوب وضع المصلحة العامة في أولوية الأولويات”.
وقبل ذلك، اعتبر المحامي الرئيسي لجبهة البوليساريو، جيل ديفيرز، أن قرار محكمة العدل الأوروبية بإبطال الاتفاقين التجاريين المبرمين بين المغرب والاتحاد الأوروبي في 2019، في مجالي الصيد البحري والزراعة، يعد “قرارًا قويًا للغاية”، مؤكدًا أن هذا الحكم سيكون له تأثير كبير على الاجتهاد القضائي للمحكمة.
وفي تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أشار المحامي إلى أن إلغاء الاتفاقيات الدولية من قبل القاضي هو أمر استثنائي، موضحًا أن الإطار القانوني قد أصبح محددًا بشكل نهائي. وأكد ديفيرز أن الصحراء الغربية، من منظور القانون الدولي، هي إقليم لا يخضع للمغرب، حيث شدد القضاة الأوروبيون على “الوضع المنفصل والمستقل” للصحراء الغربية، وهو ما يكفله ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ تقرير مصير الشعوب.
وجاء في حكم محكمة العدل الأوروبية الصادر يوم الجمعة الماضي أن “الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لعام 2019، التي تخص مصايد الأسماك والمنتجات الزراعية، أُبرمت دون موافقة شعب الصحراء الغربية، مما يشكل تجاهلًا لمبادئ الحق في تقرير المصير لهذا الشعب”.
وفي هذا السياق، أشاد ديفيرز بخلاصة الحكم، التي تنص على ضرورة اعتبار شعب الصحراء الغربية طرفًا ثالثًا، مما يفند بشكل قاطع مزاعم المغرب حول السيادة المزعومة على الأراضي الصحراوية. كما أثنى على اعتراف المحكمة بجبهة البوليساريو مرة أخرى كـ”طرف في القانون الدولي وممثل للشعب الصحراوي”، وقادر على اتخاذ إجراءات قضائية أمام جميع المحاكم الأوروبية.
وأكدت المحكمة الأوروبية أيضًا أن “جبهة البوليساريو هي طرف معترف به في إطار العملية التي تقودها الأمم المتحدة لتحديد الوضع المستقبلي للصحراء الغربية”، مشيرة إلى أن الجبهة يمكنها الطعن في القرارات أمام قاضي الاتحاد الأوروبي خدمة لمصالح الشعب الصحراوي.
وفي هذا الصدد، اعتبر المحامي ديفيرز أن “الاعتراف القانوني بهذا الحكم، بالإضافة إلى الارتياح النفسي الذي أحدثه لدى الصحراويين، سيترتب عليه آثار قانونية حاسمة”. وأوضح أن مسألة موافقة الشعب الصحراوي الضرورية لتنفيذ الاتفاقات كانت جوهر القضية المطروحة أمام المحكمة.
وتابع قائلاً: “لقد استبدلوا موافقة الشعب الصحراوي بمشاورة السكان، ولكن المطلوب هو موافقة الشعب الصحراوي وليس موافقة السكان الذين كانوا رعايا مغربيين ولا يمثلون بطبيعة الحال الشعب الصحراوي، إذ غالبًا ما يكونون مستوطنين أو جنودًا أو إداريين…”، مشيرًا إلى أن المحكمة أكدت “غياب هذه الموافقة”.
وأوضح ديفيرز أن المحكمة الأوروبية العليا سعت إلى تصحيح الأمور، مؤكدة أن “المفوضية الأوروبية وهيئة العمل الخارجي لم تستشيرا شعب الصحراء الغربية، صاحب الحق الوحيد في تقرير المصير، بل استشارتا “سكان” الإقليم الحاليين، الذين لا ينتمون إلى هذا الشعب”.
وأشار إلى أن التوضيحات التي قدمتها محكمة العدل الأوروبية في حكمها الأخير ستكون لها تأثير حاسم، كونها تشكل المرجع القانوني الذي يجب على الاتحاد الأوروبي الالتزام به في علاقاته مع المغرب. وأكد محامي جبهة البوليساريو أن “قرار محكمة العدل الأوروبية يجب أن يُنفَّذ”.
وأضاف قائلاً: “يجب أن تتغير السياسات، وسيتعين على المؤسسات الامتثال لذلك، وسنتولى نحن باقي الأمور”، داعيًا المفوضية والمؤسسات الأوروبية إلى التفاوض مباشرة مع ممثل الشعب الصحراوي. وحذر قائلاً: “ما نريده هو التحدث والتوصل إلى اتفاقات والنجاح في تنمية الإقليم. إذا التزمت أوروبا بذلك فهذا أمر جيد، أما إذا لم تلتزم، سنتعامل معها بأساليب قانونية صارمة، لنجعل هؤلاء الأشخاص يدفعون ثمن الأخطاء التي ارتكبوها بحق الشعب الصحراوي”.
وفي ختام حديثه، حذر المحامي من أن جبهة البوليساريو التي انتظرت عشر سنوات للحصول على هذا الحكم “لن تتساهل في تنفيذ هذا الحكم”، وستشرع، إذا اقتضى الأمر، في اتخاذ “إجراءات موجهة” لتأكيد عزيمتها.
المطلوب الامتثال للأحكام
من جانبها ثمنت رابطة الصحفيين والكتاب الصحراويين في أوروبا، يوم الاثنين، قرار محكمة العدل الأوروبية “التاريخي” والقاضي بعدم شرعية الاتفاقيات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، داعية الأخير إلى الامتثال لبنوده بما يساهم في تقرير مصير الشعب الصحراوي وبسط سيادته على أراضيه.
ورحبت الرابطة، في بيان نقلته وكالة الأنباء الصحراوية (وأص)، بالقرار “التاريخي” للمحكمة، وطالبت الاتحاد الأوروبي بـ”الامتثال للأحكام العادلة لمحكمة العدل الأوروبية، والتقيد التام بالمواثيق والعهود الدولية الداعية إلى احترام حق الشعب الصحراوي وسيادته على أرضه، والمساهمة بشكل جاد وسريع في إنهاء الاحتلال وتصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في القارة”.
وأضاف البيان أن حكم محكمة العدل الأوروبية “يأتي كنتيجة حتمية لمعركة قانونية خاضتها الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) للتعبير عن رفض الشعب الصحراوي لانتهاك حقوقه والدوس على كرامته، والالتفاف على حقه في الحرية والاستقلال”.
وأشارت رابطة الصحفيين والكتاب الصحراويين في أوروبا إلى أن الحكم يأتي أيضًا “تتويجًا لأحكام المحكمة في سنتي 2016 و2018، التي أكدت أن الصحراء الغربية تتمتع بوضع منفصل ومستقل عن الأراضي المغربية، وأن الشعب الصحراوي هو المالك الحصري لثرواته”.
أما اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي فقد أكدت أن قرار محكمة العدل الأوروبية الذي يبطل اتفاقيات التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب المتعلقة بالثروات المستغلة في الأراضي الصحراوية المحتلة يُعد “خطوة تاريخية” وانتصارًا للشعب الصحراوي ولجبهة البوليساريو في كفاحهما من أجل الكرامة والحرية والاستقلال.
وأعربت اللجنة، في بيان لها يوم الأحد، عن “ارتياحها العميق” إزاء قرار محكمة العدل الأوروبية، وأكدت أنه يمثل أيضًا “تذكيرًا بقوة القانون الدولي الذي يجب احترامه وتطبيقه بحرفية، بعيدًا عن الاعتبارات غير الموضوعية والخطيرة على الأمن الدولي”. ودعا البيان الاتحاد الأوروبي والدول التي يتكون منها إلى “احترام العدالة وتطبيق حكم الغرفة العليا لمحكمة العدل الأوروبية بشكل فعال”.
وكانت محكمة العدل الأوروبية قد رفضت، الجمعة الماضية، الطعون التي قدمها مجلس ومفوضية الاتحاد الأوروبي ضد قرار المحكمة الأوروبية العامة، والذي يقضي بإلغاء اتفاقيتين بين المغرب والاتحاد الأوروبي لأنهما تشملان الصحراء الغربية المحتلة بطريقة غير قانونية، وقررت إلغاء هاتين الاتفاقيتين.
وجاء في حكم محكمة العدل الأوروبية الصادر الجمعة الماضية أن “الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لعام 2019 بشأن مصايد الأسماك والمنتجات الزراعية، والتي لم يوافق عليها شعب الصحراء الغربية، أبرمت في تجاهل لمبادئ الحق في تقرير المصير لهذا الشعب”.
كما أكدت محكمة العدل الأوروبية أن “جبهة البوليساريو متحدث متميز في إطار العملية التي تقودها الأمم المتحدة بهدف تحديد الوضع المستقبلي للصحراء الغربية”، مشيرة إلى أن “جبهة البوليساريو يمكنها الطعن في القرارات أمام قاضي الاتحاد خدمة لمصالح الشعب الصحراوي”.