ملكة المعاجم العربية في حوار مع “الأيام نيوز”.. “غريد الشّيخ محمد” تستعدّ لإصدار “معجم أعلام النساء الجزائريات”

“غريد الشّيخ محمد” كاتبةٌ وباحثةٌ غزيرة الإنتاج والتأليف، وجّهتْ جهودها إلى خدمة الأدب واللغة العربية من خلال “دار النخبة للتأليف والترجمة والنشر” التي تمتلكها في بيروت. وهي أوّل امرأة تضع معجمًا لغويًا يستجيب لروح العصر وضروراته وتطوّراته التقنية والاصطلاحية والمفهومية، إلى جانب مجموعة من المعاجم “التوثيقية” والمتخصصة، مثل سلسلة معاجمها حول النساء، حيث خصّت كل دولة عربية بمعجم “نسائي”.. بالإضافة إلى سلاسلها الأدبية لتبسيط الأدب العربي وتقريبه من القارئ، مثل سلسلة “أيام معهم” وأعمال أخرى كثيرة تجاوزت الأربعين عملاً.

وفي حوارها مع “الأيام نيوز”، تضيءُ الأستاذة “غريد” بعض الزوايا حول واقع اللغة والصناعة المعجمية، لا سيما وأن الأمة العربية سبقتْ الأمم الغربية بحوالي تسعة قرون في وضع المعاجم، غير أن الواقع يقول بأن “اللغة العربية غنيّة بالمعاجم، وفقيرةٌ إليها” كما قال المؤرّخ والأديب التونسي “عثمان الكعّاك”.

سؤال: تنتمين إلى عائلة لها تاريخُها العريق مع اللغة والأدب العربي وتحقيق المخطوطات، ولا تُوقّعين كُتبك بالاسم العائلي. فهل من إضاءة حول العائلة وتوقيعك؟

جواب: أنا أوقّع باسم عائلتي، (غريد الشّيخ محمّد)، والعائلة أصلًا (الشّيخ محمد البقاعي) نسبةً إلى البقاع في لبنان، ولكن الجَدّ الثامن هاجر من البقاع إلى جنوب سوريا (حوالي عام 1890) وسكنَ قرية تشبهُ بطبيعتِها منطقتَه الأصلية، وكان شيخًا مُعمَّمًا فكانوا ينادونه الشيخ محمد البقاعي. وعندما كبُرتْ العائلة انقسمتْ إلى الشّيخ محمد والبقاعي، ونحن في سجلّاتنا (الشيخ محمّد)، وقد تخرّج فيها عددٌ كبيرٌ من الأساتذة والأطباء والمهندسين، وظهر أدباء ومُحقّقون للمخطوطات العربية… طبعًا أفتخر باسم عائلتي.

سؤال: ما هي علاقتك باللّغة العربيّة؟ وكيف تريْنَ واقعَها في شبكات التَّواصل الاجتماعي خاصّة، من حيث احترام قواعدها النَّحْويّة والإملائيّة وتوظيف مفرداتها بمعانيها الصّحيحة، ومدى تذوّقها والإحساس بجمالياتها؟

جواب: أنا أعشق اللّغة العربيّة، وأستمتع بجمالياتها وأعتزّ بها، أما وسائل التواصل الاجتماعي فلا تحترم قواعد اللّغة إلاّ أولئك الذين هم من ذوي الاختصاص، وللأسف نرى الكثير من الأخطاء الإملائية التي تُشوّه المعنى الذي يقصده الكاتب.

سؤال: أصدرتِ عملًا ضخمًا “المعجم في اللّغة والنَّحو والصّرف والإعراب والمصطلحات العلميّة والفلسفيّة والقانونية والحديثة” في ستة مجلّدات، فما هي مميّزاته عن باقي المعاجم العربيّة؟ وما هي آفاقه “الرَّقمية” بحكم أنَّنا في عصر الكتاب الضّوئي والتّطبيقات الرَّقميّة؟

جواب: صدر المعجم عام 2010، وهو يتميز بسهولة الوصول إلى المعلومة التي يريدها القارئ أو الباحث أو الطالب من دون الرّجوع إلى جِذْر الكلمة، مع محافظتي على الجذر كي لا يضيع مع الأيام، إضافة إلى ذِكْرِ الفعل المضارع للفعل الثّلاثيّ مضبوطًا بالشّكل لأنه لا قاعدة له، وذِكْر مصادر الأفعال، إضافة إلى معجم إعراب للكلمات الثّابتةِ الإعراب، وأضفنا إلى المعجم المصطلحاتَ الفلسفية والقانونية والفقهية والعلميّة.

وقد حوّلنا المعجم فور صدوره إلى تطبيق إلكتروني على الأجهزة الذكية تقديرًا منّا إلى أنه في زمن التكنولوجيا يحتاج الباحثُ أن يصل إلى المعلومة بأسرع وسيلة. غير أن التطبيق، بعد سنوات من نشره، يحتاج إلى بعض التحديث، ونحن نشتغل على ذلك الآن.

سؤال: إصدارُ عمل معجمي يتحقّق فيه التكامل اللغوي والمعرفي والعلمي والمفهومي، هو مغامرةٌ كُبرى تتطلّب إمكانيات جبّارة. فهل كنت تمتلكين ضمانات نجاحه؟ وكيف استقبله العالم العربي بعد صُدوره؟

جواب: إنجاز معجم بمميّزات معجمنا “المعجم في اللّغة والنَّحو والصّرف والإعراب والمصطلحات العلميّة والفلسفيّة والقانونية والحديثة” هو مشروع دُوَل وليس أفراد ونُخَب، وطيلة أكثر من عشْر سنوات، كانت الهواجسُ ترافقني يوميًا حول قدرتي على الاستمرار في العمل، وقد حمّلتُ نفسي مسؤولية مادية كبيرة تجاوزتْ قدراتي أحيانًا، وقد تلقّيتُ بعض المساندة والدّعم من الغيورين على اللغة العربية.

كما تحمّل فريق العمل الذي رافقني في إنجاز المشروع تحديّات وصعوبات لا سيما في الجوانب العلمية المتعلّقة بالترجمة من اللغات الأجنبية وتأمين المعلومات الموثوقة وغيرها من الأمور.. وقد وفّقنا الله إلى إتمام المشروع وإخراجه إلى الأمة العربية في شكل مُعاصر يخدمُ الباحثين والطلبة وكل قرّاء العربية.. وما كان حُلمًا تُحاصرهُ المخاوفُ والهواجسُ صار حقيقةً أفتخرُ بها.

وكان اعتقادي بأن المؤسسات الثقافية العربية ستحتفي بهذا المولود المعجمي المتكامل، من منطلق أنها معنية بتثمين كل جهْد يسعى إلى تجديد روح اللغة العربية التي هي جوهر أمّتنا والقوامُ الأساسي لهويّتها، غير أن استقبال تلك المؤسسات لمعجمنا كان دون المُتوَقّع. بل إن أكبر طلبات اقتناء معجمنا جاءت من أمريكا والدول الأوروبية، وأما من البلدان العربية فهي لا تكاد تُذكر..

سؤال: ما هي المعاجم الأخرى والأعمال التي أصدرتها “دار النخبة” لخدمة اللّغة العربية وقارئها؟

جواب: قدّمتُ مجموعة معاجم لتبسيط اللغة العربية وقواعدها وصرفها وإملائها، كما جمعتُ أشعار العشق العربي الواردة في 15 كتابًا من كتب العشق في التّراث العربي وأسميته (معجم أشعار العشق في كتب التّراث العربي)، ومنذ عدّة سنوات بدأتُ سلسلة معاجم عن النساء العربيات.

سؤال: ماذا عن السلسة الأدبية “أيّام معهم” التي تُصدرها “دار النخبة”؟

“أيّام معهم” هي سلسلة أدبية في شكل قصص تمثيلية بطلتها الرئيسية (رَغَد) وهي عاشقة للشعر والأدب وتعمل في شرح دواوين الشعراء، تذهب مع الشاعر الذي تقرأ عنه إلى أماكنه وتناقشه وتغوص في أعماق شعره. وقد صَدَر منها: أيام مع جرير، أيام مع نزار قباني، أيّام مع محمد الفيتوري، أيّام مع محمد الفيتوري، أيام مع عبد العزيز خوجة، أيام مع هدى ميقاتي.

الغاية من السلسلة هي تقديم شخصيات أدبية عربية ممّن عرفتُهم معرفةً شخصية، وآخرين من أزمنة عربية مُختلفة، بأسلوب مشوّق ولغة بسيطة، من أجل توثيق علاقة القارىء العربي بلغته، وتحفيزه على القراءة الأدبية التي ترتقي بتذوّقه للغة العربية وملامسة جمالياتها..

سؤال: ما تقومين به هو مشروع نهضوي كبير، وتبدين فيه حارسةً للغة العربية ومُجدّدة لوسائلها، ما رأيك؟

الجواب: شعور جميل أن تحرس تراثك وحضارتك ولغتك، وبالتالي فأنت تحافظ على هُويّتك، فأمّةٌ لغتُها ضعيفةٌ هي أمّة ضعيفة حتْمًا، ونحن نعمل من أجل الحفاظ على الإرث الذي وهبنا إياه أجدادنا.

سؤال: تُصدرين سلسلة معاجم أعلام النساء العربيات، فماذا ظهر من هذه السّلسلة، وما هي دوافع إصدارها؟

جواب: من خلال مشاركاتي في المؤتمرات في الوطن العربي لاحظتُ النّشاطات التي تقوم بها النساء في مختلف المجالات، فقرّرتُ أن أجمع سِيَر السّيّدات في كلّ بلد على حِدة.

صدر من هذه السّلسلة: معجم أعلام النّساء في المملكة العربية السّعودية، ومعجم أعلام النّساء الفلسطينيّات، وقيد الإنجاز: معجم أعلام النّساء الموريتانيات، ومعجم أعلام النّساء الجزائريّات.. وطبعًا السّلسلة مُستمرة لتشمل النّساء في الوطن العربي كلّه.

سؤال: تعملين على إصدار “معجم أعلام النّساء الجزائريّات”، فهل من إضاءة حول هذا العمل؟

جواب: طبعًا الكتاب يندرج تحت كتب التّراجم، وهو يضمّ نساء من مجالات مختلفة، قد تكون الجزائر أصعبَ لأن فيها عددًا كبيرًا من المبدعات والمجاهدات والعالمات، وهناك الفن والتراث القديم.. ولكنني أجدُ، والحمد لله، تجاوبًا كبيرًا من الجميع نساءً ورجالًا في تقديم المساعدة والمعلومات وفتْح الطريق أمامي.

سؤال: أنت كاتبة وقاصّة ولغويّة، فكيف تكتبين سيرتك الأدبية في سطور، باعتبارك رائدة عربية تسعى إلى “توحيد” الوطن العربي من خلال إصدارات “دار النّخبة”؟

الجواب: بكلّ فخر أقول إنني خَطَطْتُ طريقًا لم تسلكه النساء من قبلي، وهو طريق تأليف المعاجم لا سيّما المعجم اللّغويّ، الذي ضمّ متن اللغة العربية كلّها وسَهَّل الطّريق أمام القارئ والباحث والطّالب.. أما الكتابة الأدبية فهي نوع من الفنتازيا بالنسبة إليّ، والقصص القصيرة تأتي إليّ كما تأتي القصيدة إلى الشّاعر، فأيّ موقف قد يخلق قصّةً متكاملةً.

سؤال: كلمة إلى الشعب الجزائري والمرأة الجزائرية؟

جواب: الشّعب الجزائريّ موجود في أعماق كلّ عربيّ من المحيط إلى الخليج، فهو بلد الشّهداء الذين أعطوا، بثورتهم ومقاومتهم للاستعمار الفرنسي، أكبر مَثل في التّضحية والفداء لأجل كرامة الإنسان والوطن..

أما المرأة الجزائرية فهي كأخواتها العربيات تعمل بصمت وتُضحّي من أجل عائلتها ووطنها.. سأكون سعيدة حين أحطُّ برحالي في الجزائر مع كتابي (معجم أعلام النساء الجزائريات).

محمد ياسين رحمة - الجزائر

محمد ياسين رحمة - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
من مزبلة التاريخ إلى مكبّ لنفايات أوروبا.. المخزن.. مملكة برتبة "سلّة قمامة" عام على زلزال الحوز بالمغرب.. المتغطي بدثار "المخزن" عريان غدا الثلاثاء.. صوت الصحراء الغربية وفلسطين يعلو في جنيف «تبّون» رئيسا لعهدة ثانية.. خيار الاستمرارية يفوز الإعلان عن نتائج الرئاسيات.. مديريات الحملة الانتخابية للمترشحين الثلاثة تصدر بيانا مشتركا عملية "معبر الكرامة": من قال إن القضية الفلسطينية شأن الفلسطينيين وحدهم! بعد انتخابه لعهدة ثانية.. زعماء دول العالم يهنّؤون الرئيس تبون بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية.. قوجيل يهنئ الرئيس تبون بنسبة بلغت 94.65 بالمائة.. عبد المجيد تبون رئيسا لعهدة ثانية إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الفاف.. بن ناصر يغادر تربص “الخُضر” لهذا السبب! ظاهرة فلكية نادرة في سماء الجزائر هذا الإثنين جراء سيول الأمطار المتساقطة في الولايات.. الحماية المدنية تحذر عمليات حفظ السلام.. اجتماع جديد لمجلس الأمن هذا الإثنين المحكمة الدستورية تتسلم محاضر فرز التصويت لـ 6 ولايات اليمن.. فأر يتسبب بانفجار منزل وقتل طفلين طرق مقطوعة بسبب ارتفاع منسوب المياه شمال قطاع غزة.. استشهاد 5 فلسطينيين جراء قصف الاحتلال لمخيم جباليا أمطار رعدية غزيرة مرفوقة ببرد على أغلب ولايات الوطن اليوم نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية بلغت 48.03 بالمائة