من الأغواط إلى ثياروي.. فرنسا تغسل يديها بدماء ضحاياها

تسعى فرنسا بشكل مستمر إلى تبييض صفحات ماضيها الاستعماري الدموي من خلال اعترافات خجولة تفتقر إلى التناول الجاد لجوهر جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها على مدار عقود، وكان آخر هذه الاعترافات ما تعلّق بذكرى مجزرة “ثياروي” في السنغال عام 1944، التي تزامن فتح قصتها المأساوية مع الإعتراف بمذبحة أخرى هزّت ضمير الإنسانية: مجزرة الأغواط في الجزائر عام 1852، حيث تعتزم بلدية باريس تكريم ضحاياها بوضع لوحة تذكارية في “شارع الأغواط” بالعاصمة الفرنسية، في خطوة لا تتجاوز حدود الرمزية، وتأتي ضمن مسلسل استخدام حلقات مفصولة من الذاكرة التاريخية للتغطية على الجرائم الاستعمارية الكبرى، هذا إلى جانب السلوكات الهابطة التي لا تزال تمارسها باريس منذ أن شرعت الجزائر في الدعوة إلى تحرير إفريقيا من كافة أشكال الاستعمار، سواء في الماضي أو الحاضر.

 ورغم أن هذه الاعترافات قد تثير –لدى أصحاب الضمائر الحية في فرنسا- بعض الأمل في مواجهة الماضي والتحرّر من أثقاله بعمل جاد، حقيقي، صادق وقائم على الحوار وفق قاعدة “الند للند”، إلا أنها تكشف عن انتقائية مريعة، حيث تواصل باريس تجاهل محاسبة نفسها أو تقديم تعويضات حقيقية للضحايا، إلى جانب أن هذه الاعترافات تشكل في الواقع محاولات مغلفة بالرمزية لإخفاء الحقيقة المرة حول سياسات الاستعمار التي لا تزال تأثيراتها حية في ذاكرة الشعوب المتضررة، هذا دون إغفال أن الاعتراف بالذنب قد يتحول أحياناً إلى استعراض دعائي، خاصة عندما يكون مقتصراً على جريمة واحدة ضمن سلسلة طويلة من الجرائم التي لا حدود لها.

وفي مثل هذه الحالات، يُبرز الجاني نفسه كطرف يتظاهر بالشجاعة والشفافية لمواجهة تاريخه المظلم، دون أن يُتبع ذلك بخطوات حقيقية نحو إنصاف الضحايا أو معالجة التداعيات، وهكذا يصبح الاعتراف أداة للتباهي الأخلاقي، ويُوظف لتحسين الصورة أمام الرأي العام المحلي والدولي، وكأن الجاني يقول: “لقد تحملنا مسؤوليتنا”، بينما يبقى حجم الفظائع الأكبر طي النسيان، كما أن هذه الانتقائية قد تُستغل أيضاً لصرف الانتباه عن قضايا راهنة تنطلق من النزعة الاستعمارية ذاتها.

 ثمانون عاماً على مجزرة “ثياروي”

مجزرة “ثياروي”، التي راح ضحيتها مئات الجنود الأفارقة الذين قاتلوا لصالح فرنسا في الحرب العالمية الثانية، تمثل إحدى حلقات الفظائع التي ارتكبتها باريس في حق جنود خدموا في جيشها الاستعماري وكانوا جزءًا من الفيلق السنغالي، فقد تعرضوا لجرم وحشي بعد احتجاجهم على الرواتب المنقوصة، ليقعوا ضحايا مجزرة غير مسبوقة. ورغم اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بهذه المجزرة، فإن هذا الاعتراف يبقى هشًا وغير ملزم بأي إجراءات عملية، بل يبدو -في الواقع- محاولة لإنقاذ الوجه الفرنسي أمام العالم، بينما الحقيقة لا تزال غائبة عن طاولة المحاسبة.

في تفاصيل مجزرة “ثياروي”، كشف الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فايي عن اعتراف فرنسا لأول مرة بمسؤوليتها عن مقتل العشرات، وربما المئات، من الجنود الأفارقة الذين كانوا جزءاً من فيلق الرماة السنغاليين فقد تم تجنيدهم للدفاع عن فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية. ولم يكن هؤلاء الجنود وحدهم، بل ضم الفيلق جنوداً من مستعمرات فرنسية أخرى مثل مالي وغينيا وتشاد، الذين أُرسلوا للقتال إلى جانب الجيش الفرنسي، ثم وقعوا في أسر القوات النازية قبل أن يعودوا إلى معسكر “ثياروي” قرب دكار. هناك، اندلعت احتجاجات بسبب الرواتب التي كانت أقل بكثير من تلك التي يتقاضاها الجنود الفرنسيون، مما دفع السلطات الاستعمارية إلى تصنيفهم ضمن قائمة “المتمردين”. وفي الأول من ديسمبر 1944، نفذت فرنسا حملة قمع دموية أسفرت عن إنهاء هذه الاحتجاجات.

خطوة رمزية

في رسالة موجهة إلى الرئيس السنغالي، أقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن “المواجهة بين الجنود والرماة… أدت إلى سلسلة من الأحداث انتهت بالمجزرة”. ومع ذلك، يظل هذا الاعتراف يثير تساؤلات حول جدية فرنسا في مواجهة إرثها الاستعماري، إذ لا يزال مجرد خطوة رمزية دون اتخاذ إجراءات فعلية لمعالجة هذه الجرائم التاريخية. ويبدو أن هذا الاعتراف يحمل طابعاً استباقياً، ربما كان الهدف منه دفع السلطات السنغالية إلى تأجيل الحديث عن ملف الوجود الفرنسي في البلاد.

أمس الأحد، أحيَت السنغال الذكرى الثمانين لهذه الأحداث، مما أضفى أهمية خاصة على الاعتراف الرسمي الأخير على لسان ماكرون، وفي عام 2014، وصف الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولاند أحداث “ثياروي” بأنها “عمليات قمع دامية”، وهو ما اعتُبر آنذاك اعترافاً ضمنياً بوحشية تلك المجزرة.

في صباح الأول من ديسمبر 1944، في معسكر ثياروي بالقرب من العاصمة السنغالية داكار، أطلقت القوات الاستعمارية والدرك الفرنسي النار على الرماة العائدين إلى وطنهم بعد مطالبتهم بمستحقاتهم المالية، بناءً على أوامر من ضباط الجيش الفرنسي. ووفقاً للتقييمات التي أعدتها سلطات الاحتلال الفرنسية آنذاك، فقد قُتل ما لا يقل عن 35 جندياً في الموقع أو نتيجة لإصاباتهم، وهو رقم ما يزال مثار جدل. إذ أن بعض المؤرخين يقدرون العدد بأنه كان أعلى بكثير، ربما يصل إلى 400 قتيل. كما أن مكان دفن هؤلاء الجنود، سواء في مقابر فردية أو جماعية في ثياروي أو في أي مكان آخر، لا يزال موضوعاً محل نقاش. وما تزال صدمة هذه المذبحة وذكراها حية في الذاكرة السنغالية وفي كافة أنحاء القارة الإفريقية.

في رسالة ماكرون إلى فايي، أقر بمسؤولية فرنسا عن تلك المجازر، مشيراً إلى أن اعترافه يُعد خطوة نحو الكشف عن “الحقيقة الكاملة” لتلك الحقبة المؤلمة. ورداً على هذه المبادرة، عبّر فايي عن تطلعاته لالتزام فرنسي “كامل وصريح ومتعاون”، مؤكداً أن السنغال ظلت تسعى طويلاً إلى طي هذه الصفحة المظلمة من هذا التاريخ الدموي، كما لم يستبعد إمكانية مطالبة فرنسا بتقديم اعتذار رسمي، ما يفتح الباب أمام نقاش جديد حول مسؤوليات باريس تجاه ضحايا الحقبة الاستعمارية.

هذه التصريحات تعكس تحولاً جوهرياً في السياسة السنغالية تجاه النفوذ الفرنسي، حيث دعا فايي باريس إلى إعادة صياغة العلاقة بين البلدين بما يضمن التخلص من الوجود العسكري الفرنسي، ولكن دون اللجوء إلى “قطيعة” شاملة. غير أن هذا التوجه، رغم لغته الدبلوماسية، يضع العلاقات بين باريس ودكار على مفترق طرق في ظل تصاعد المطالب الإقليمية بإنهاء إرث الاستعمار بشكل كامل.

في هذا السياق، تواجه فرنسا تحديات متزايدة في الحفاظ على نفوذها بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا، حيث تتوالى الدعوات لطرد قواتها العسكرية من دول المنطقة، فالسنغال، التي تُعد واحدة من آخر معاقل النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا، تبدو عازمة على التخلص التدريجي من القواعد العسكرية الفرنسية، مع تأكيد فايي على ضرورة بناء شراكات جديدة تتلاءم مع معايير السيادة الوطنية.

وأوضح فايي في تصريحاته أن بلاده تربطها شراكات متينة مع دول مثل الصين وتركيا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أن أياً من هذه الدول لا تملك قواعد عسكرية على الأراضي السنغالية. وقال: إن “الصين، التي تُعد شريكنا التجاري الأكبر، لا تملك وجوداً عسكرياً في السنغال. هل يمكننا الحديث عن قطيعة مع الصين؟ بالطبع لا”.

وفي حين تتحدث السنغال عن تفكيك الوجود العسكري الفرنسي بأسلوب ودي، أعلنت تشاد، في تطور مفاجئ، إنهاء اتفاق التعاون الدفاعي مع فرنسا، مما يعني أن القوات الفرنسية ستضطر إلى مغادرة البلاد. ويُعد هذا القرار خطوة مهمة لتشديد السيادة التشادية بعد 66 عاماً من الاستقلال، كما يفتح المجال أمام نجامينا لإعادة تقييم شراكاتها الاستراتيجية.

تأتي هذه التطورات، في السنغال وتشاد، لتضيف مزيداً من التحديات لفرنسا، حيث يبدو نفوذها في إفريقيا معرضاً لتقليص جذري، إن لم يكن “تصفيره” بالكامل. وتعتبر السنغال آخر موطئ قدم مباشر لفرنسا في غرب إفريقيا، مع وجود عسكري محدود لا يتجاوز 500 فرد، بينهم مستشارون ومدربون. ومع إعلان باريس خططاً لتقليص هذا العدد إلى 260 بحلول جوان المقبل، يبدو أن نفوذها يتلاشى تدريجياً.

الضغوط على فرنسا ليست جديدة، إذ سبق لكل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر أن طالبتها بسحب قواتها، وصولاً إلى قطع العلاقات الدبلوماسية في بعض الحالات، كما حدث بين النيجر وباريس. ومع فوز فايي برئاسة السنغال، وقرار تشاد بإنهاء التعاون الدفاعي، تتلقى فرنسا ضربة أخرى في معركتها للحفاظ على نفوذها المتراجع في القارة الإفريقية.

الجزائر تدعم السنغال بقوة

وفي سياق طموحات إفريقيا في التحرر من آثار الاستعمار، لا يمكن إغفال دور الجزائر التي طالما دعت إلى ضرورة إنهاء الوجود الأجنبي في القارة. فقد أظهرت الجزائر دعماً كاملاً للسنغال في مواجهة الظلم التاريخي الذي لحق بالقارة، وذلك بعد نحو شهر من تهنئة الرئيس عبد المجيد تبون للرئيس السنغالي المنتخب، باسيرو ديومايي فايي، والتي أكد فيها استعداد الجزائر لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.

ففي ماي الماضي، زار وزير الخارجية وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف داكار، مؤكدا هناك للرئيس السنغالي دعم الجزائر المستمر للسنغال في السعي المشترك لتحرير القارة وضمان أمنها واستقرارها. كما شدد على ضرورة التشاور السياسي المنتظم بين البلدين في مختلف القضايا المشتركة، مؤكداً أن الجزائر تقف إلى جانب السنغال في هذه المرحلة التاريخية الجديدة، مشيراً إلى أن البلدين يشتركان في تطلعات وطموحات كبيرة من أجل مستقبل أفضل.

تأتي هذه الرسالة الجزائرية إلى السنغال في سياق فهم عميق للعقلية الفرنسية التي لا تزال متشبثة بمظاهر نزعتها الاستعمارية، حتى خلال اعترافاتها الرسمية بجرائمها. وكمثال على ذلك، الضجة الكوميدية التي أثارتها –وفق تعبير وكالة الأنباء الجزائرية- بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية حول حالة المدعو بوعلام صنصال، والتي جاءت لتكون دليلا على وجود تيار “حاقد” ضد الجزائر. وهو لوبي لا يفوت أي فرصة للتشكيك في السيادة الجزائرية.

وهكذا فإن مسلسل الاعتراف الفرنسي بالجرائم المرتكبة في السنغال أو الجزائر لا يعدو كونه محاولة للتغطية على العدائية المستمرة التي تهيمن على قادة باريس، رغم محاولاتهم الظهور بمظهر النبل إزاء تاريخهم الدموي. فكما اعترف ماكرون بجريمة ثياروي في السنغال، هناك اعتراف آخر بجريمة أكثر بشاعة، فما هي تفاصيل هذه القصة؟

أول هولوكست في التاريخ الاستعماري

بعد غد الأربعاء 4 ديسمبر، ستقوم بلدية باريس بتثبيت لوحة تذكارية في “شارع الأغواط” الواقع في الدائرة 18 من العاصمة الفرنسية، وذلك تخليدًا لذكرى ضحايا محرقة الأغواط التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي عام 1852.

وتعد هذه الجريمة واحدة من أبشع فصول الاستعمار الفرنسي في الجزائر، حيث توصف بأنها أول هولوكست في التاريخ الاستعماري الحديث، ومن المتوقع أن تدشن هذه اللوحة عمدة باريس الاشتراكية آن هيدالغو ونائبتها المكلفة بالذاكرة، لورنس باتريس، ورئيس بلدية الدائرة 18 إريك لوجواندر، في مناسبة الذكرى الـ172 لهذه المجزرة.

تعد مجزرة الأغواط، التي وقعت في 4 ديسمبر 1852، واحدة من أبشع صور سياسة “الأرض المحروقة” التي انتهجها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، إذ جاءت ردًا على مقاومة شعبية عنيدة قادها مقاومون بارزون مثل الشريف بن عبد الله وناصر بن شهرة، ويومها قامت القوات الفرنسية باستخدام غازات سامة مثل غاز الخردل والكلوروفورم بين نهاية نوفمبر وأوائل ديسمبر 1852، مما أسفر عن مذبحة مروعة غير مسبوقة تاريخيا.

الغازات الكيميائية تسببت في إتلاف الأنسجة الرئوية واختناق مفجع أدى إلى وفاة العديد من السكان في مشهد بشع، وقد تم سحق المدينة بأكملها، حيث قُتل نحو ثلثي سكانها، أي ما يقارب من 2,500 إلى 3,000 شخص من أصل 4,500 نسمة. ولم تكن هذه المجزرة مجرد قمع للتمرد، بل كانت بمثابة رسالة ترهيب لبقية السكان في الجنوب الجزائري، من أجل فرض الاستسلام التام.

وقد أطلق البعض على هذه المجزرة اسم “عام الخلية” و”عام الشكاير”، في إشارة إلى الطريقة المروعة التي تم بها إلقاء الجثث في حفر الخنادق. وتؤكد شهادات الضباط الفرنسيين حجم الوحشية التي مارسها جنود الاحتلال، حيث وصف أحدهم المدينة بأنها أصبحت “مدينة ميتة” تعج بالجثث.

وفي سياق الاعترافات الفرنسية الأخيرة، كان الرئيس ماكرون قد اعترف – في 1 نوفمبر 2024 – أن “حكيم الثورة الجزائرية” العربي بن مهيدي قد اغتيل على يد عسكريين فرنسيين. وجاء هذا الاعتراف عبر بيان صادر عن قصر الإليزيه، حيث أكد ماكرون أن “العربي بن مهيدي، بطل الجزائر الوطني وأحد قادة جبهة التحرير الذين أشعلوا ثورة نوفمبر 1954، قُتل على يد الجنود الفرنسيين تحت قيادة الجنرال بول أوساريس”.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
"غزة كشفت نفاقكم".. حفيظ دراجي ينتقد ازدواجية المعايير لدى البرلمان الأوروبي سفيان شايب يجتمع برؤساء المراكز القنصلية لتقييم الخدمات المقدمة للجالية الوطنية بتهمة التجسس.. توقيف صانع محتوى جزائري رفقة زوجته في لبنان الصين تثمن دور الجزائر في تعزيز السلام بالمنطقة والعالم نابولي يفشل في تأخير وصول مواني ليوفنتوس بن جامع يناشد المجتمع الدولي: "يجب التحرك فورا لمساعدة أطفال غزة" أسعار الذهب تقفز إلى أعلى مستوى منذ 3 أشهر زهاء 50 مشاركا في الرالي السياحي الوطني بالمنيعة الصحافة الدولية تسلط الضوء على تحرير الجزائر للرعية الإسباني قضية صنصال.. وزير الداخلية الفرنسي يهاجم "ريما حسن" التحضير لتنظيم ملتقى برلماني بخصوص التفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر "الأرندي" يستنكر بشدة لائحة البرلمان الأوروبي "الأونروا": نحو 660 ألف طفل بغزة لا يزالون خارج المدارس الجزائر تحتضن الطبعة الإفريقية الأولى من Slush's D طقس مشمس وارتفاع في درجات الحرارة بهذه المناطق أسعار النفط تتجه نحو أول خسارة أسبوعية في 2025 استثمار كُتب السِّيَر في التربية والتعليم.. من يُوقظ أمّةً غَيّبت عظماءها في غبار التاريخ؟ مناقصة وطنية لتمويل برامج احتضان مبتكرة للمؤسسات الناشئة مبدأ "التضامن بين الأجيال".. نهج مبتكر لبناء مستقبل اجتماعي مستدام فرنسا والمخزن.. حسابات الذلّ والمهانة