بعد نجاحها البارز في القمة 38 للاتحاد الإفريقي، تواصل الجزائر تعزيز مكانتها كقوة اقتصادية محورية في القارة، حيث تستعد لاحتضان النسخة الحادية عشرة من مؤتمر إفريقيا للاستثمار والتجارة يومي 10 و11 ماي المقبل، بمشاركة 43 دولة. ويمثل هذا الحدث امتدادًا لجهود الجزائر في ترسيخ مبدأ التكامل الإفريقي، عبر بناء شراكات استراتيجية تدعم التنمية المستدامة والاستقلال الاقتصادي بعيدًا عن التبعية الخارجية.
سيُعقد المؤتمر تحت شعار “تعزيز التكامل الإفريقي والازدهار المشترك”، بحضور وزراء أفارقة وأكثر من 1000 شخصية اقتصادية، مع توقيع أكثر من 120 اتفاقية بين المشاركين. كما يُعدّ المؤتمر محطةً محوريةً للتحضير للمعرض الرابع للتجارة البينية الإفريقية، المرتقب تنظيمه في الجزائر بين 4 و10 سبتمبر المقبل، بمشاركة 144 دولة، وتوقعات بتسجيل معاملات تجارية تتجاوز 44 مليار دولار.
محمد أمين بوطالبي، رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير ومحافظ المؤتمر، الذي يشغل أيضًا منصب سفير المعرض، أكد أن هذه الفعاليات تعزز الدور الاقتصادي للجزائر، مشددًا على أهمية إشراك المؤسسات المالية القارية والدولية ووكالات الاستثمار الإفريقية في دفع عجلة التنمية المشتركة.
الجزائر.. شريك استراتيجي في القطاعات الحيوية
يتيح المؤتمر فضاءً لتبادل الخبرات وعقد الشراكات في مجالات الطاقة، الزراعة، البنية التحتية، والصناعات التحويلية، وهي قطاعات تضعها الجزائر ضمن أولوياتها لتحقيق نهضة صناعية إفريقية مستقلة. وتسعى الجزائر، من خلال هذه الديناميكية، إلى دعم التعاون الاقتصادي البيني بعيدًا عن التدخلات الأجنبية التي لطالما أثرت على السيادة الاقتصادية للقارة.
الإفطار الرمضاني.. لقاء لتعزيز التعاون الإفريقي
في سياق التحضيرات للمؤتمر، نظّم المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير، بالتعاون مع تجمع الصناعات الكهربائية الجزائري والاتحاد الوطني للمقاولين العموميين، إفطارًا رمضانيًا تحت رعاية وزير الدولة، وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة محمد عرقاب، وبحضور كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة المكلفة بالمناجم كريمة طافر، ومستشار رئيس الجمهورية المكلف بالتجارة والتموين والمراقبة والاستيراد والتصدير كمال رزيق.
كما شهد اللقاء حضور مدير ترقية ودعم المبادلات الاقتصادية بوزارة الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية رابح فصيح، والمدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار عمر ركاش، إلى جانب عدد من السفراء ورجال الأعمال والمتعاملين الاقتصاديين.
معرض التجارة البينية الإفريقية.. خطوة نحو سيادة اقتصادية
أبرز رابح فصيح، خلال مداخلته، أهمية معرض التجارة البينية الإفريقية الذي ستحتضنه الجزائر في سبتمبر المقبل، معتبرًا إياه منصةً لتعزيز التعاون الاقتصادي الإفريقي البيني بعيدًا عن الوسطاء الدوليين. كما أشار إلى أن هذا الحدث سيمكن الجزائر من استعراض إصلاحاتها الاقتصادية، من خلال تبسيط الإجراءات، تقديم مزايا ضريبية، وتحسين البنية التحتية، ما يجعلها وجهة جاذبة للاستثمارات الإفريقية.
من جانبه، أكد مراد عجال، الرئيس المدير العام لمجمع سونلغاز والرئيس الشرفي لتجمع الصناعات الكهربائية الجزائري، استعداد المجمع لوضع خبراته في خدمة الدول الإفريقية، من خلال مشاريع تكامل طاقوي تعزز الأمن الطاقوي للقارة.
الجزائر.. محرك أساسي لنهضة إفريقيا الطاقوية
أشار رئيس الاتحاد الوطني للمقاولين العموميين، شرف الدين عمارة، إلى أن إفريقيا تمتلك موارد هائلة لكنها تحتاج إلى آليات استثمار فاعلة، وهو ما تسعى الجزائر إلى توفيره من خلال مبادراتها الاقتصادية. كما أكد ممثل البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد “أفريكسم بنك” أن القارة بحاجة إلى استثمارات نوعية في قطاع الطاقة، مشيرًا إلى أن 600 مليون إفريقي لا تصلهم خدمة الكهرباء.
وقد شدد المشاركون على أن الجزائر، باعتبارها نموذجًا في الربط الطاقوي، تقود مشاريع لربط شبكات الكهرباء بين عدة دول، في خطوة تهدف إلى تحقيق السيادة الطاقوية الإفريقية، وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية.
الجزائر.. بوابة إفريقيا الاقتصادية نحو المستقبل
باحتضانها لهذه الفعاليات الاقتصادية الكبرى، تؤكد الجزائر مرة أخرى ريادتها في إفريقيا، ليس فقط كجسر للتبادل التجاري، وإنما أيضًا كدولة محورية في رسم مستقبل القارة. فبعد نجاحها الدبلوماسي في القمة 38 للاتحاد الإفريقي، تواصل الجزائر تجسيد رؤيتها الاستراتيجية في تحقيق التكامل الإفريقي، وتعزيز مكانتها كقاطرة اقتصادية وشريك موثوق في نهضة القارة السمراء.
ويعكس هذا التوجه رؤية الجزائر القائمة على التضامن الإفريقي وعدم الارتهان للمؤسسات المالية الدولية، حيث تواصل تقديم الدعم للدول الإفريقية من أجل تحقيق استقلال اقتصادي حقيقي، يضمن استغلال موارد القارة لصالح شعوبها.
