تمظهر الوعي ضمن حركة التاريخ يكون عبر النخب الطلابية التي تقود السياق العام للأحداث وتؤثّر فيها بشكل تراكمي ولهذا عندما يتحرّك الطّالب الغربي عمومًا والأمريكي خصوصًا تكون حركته ضمن نسق يتجدّد وفق محطّات ومقتضيات ترتبط بتحوّل القيم وتغيّر المسلّمات ولا غرو أن يكون الرّمز حاضرًا في صورة الطّالب الجزائري الذي حرّر الفكرة وقاد الثّورة في نمذجة قوية لمعنى الحرية والعدالة والحياة وهي نفس المعاني العابرة للمكان والزّمان والإنسان فتجد 19 ماي يخرج إلى العالم في إطار مختلف لكن بنفس الرّسالة الإنسانية السّامية.
هذه الرّسالة مفادها أنّ المشكاة التي تنير درب البشر واحدة، تنيرهم بالإيمان والحق جميعًا دون استثناء ولا يمكن لقوّة واحدة أن تستعمر عقول النّاس بسرديات لا تقبل النّقد وممارسات فوق القانون ونظريات ترفضها وتقاومها المدرجات من خلال إعادة الحركة الطلّابية العالمية إنتاج التّاريخ باستقلالية عن المركزية الغربية وبسيادة معرفية للحقيقة وهي في ذلك تستحضر نضال الجيل الثّوري للطّلبة الجزائريين في قراءتهم الواعية لمسار التّاريخ باستبصار اللّحظة الكرونولوجية والبناء على القيمة الفكرية للتحرّر من الهيمنة والتّبعية والعنصرية عبر نهضة رمادية أسّست لنظام معياري وأخلاقي جديد عمّ أرجاء العالم وهو ما يتماهى مع ما يحدث في جامعات أمريكا وأوروبا وأمصار أخرى في إدراك موضوعي أنّ هناك أخطر من أكذوبة معاداة السّامية التي تستعمل ضدّهم وهو معاداة الإنسانية من طرف كيان من زمن كولونيالي آخر تمّ قبره في الجزائر ولا حياة ثانية له في القرن الواحد والعشرين في فلسطين الحرّة.
فعندما يلتقي التّاسع عشر ماي مع السّابع أكتوبر لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة الطلّابية الواحدة من الجزائر إلى غزّة.