ليس اعتباطا ولا استخفافا بالعقل الأمريكي والدولي، ما تعيشه ساحة “البيت الأبيض“ اليوم، من إنتاج مكثّف ومبتذل لأفلام “هوليود“ الساخرة والمعروضة على الهواء الطلق، وذلك في صراع ثنائية: “المهرج” و“المعتوه“، التي يُراد لها أن تكون واجهة العالم قبل أن تكون واجهة الكرسي الكبير في عرش بلاد “العم سام“، حيث مسرحية “دونالد ترامب” وغريمه “جون بايدن“، خرجت من ساحة النزال على أيهما أكثر قدرة إقناع الناخبين الأمريكيين للتصويت عليه، لترسو على أيّ “العجوزين” أكثر إضحاكا وتمثيلا وتجسيد لدور “الكومبارس” في فيلم عنوانه: من الأحق برئاسة أمريكا: “المهرّج“ أو “المعتوه“، وأيّ الأحمقين ستكون نهاية العالم على يديه؟
قبل أن يصحو العالم على مُسمّى خبر محاولة اغتيال مهرّج أمريكا «ترامب“، برصاصة قنّاص أثبتت التحقيقات والتحريات الأولية أنه مختصّ في جراحة “الأذن“، بدلا من “الحنجرة“، وذلك بدقة متناهية وعالية، قُلنا، قبل ذلك، كانت كاميرات العالم، قد نقلت تصريحات صادمة عن معتوه أمريكا..
“الأبيض“، الذي صرّح في لقاء صحفي بكونه “فخور بكونه أول امرأة سوداء تعمل مع رئيس أسود“، والمعتوه الخَرِف في واقعة “السّواد“، الذي ينتظر أمريكا بشكل خاص والعالم بشكل عام، سواء كان الرئيس الأمريكي القادم هو صاحب الأذن المجروحة أو كان صاحب “العقل” الجريح، ذلك المعتوه لم يكن إلّا الرئيس الحالي “جون بايدن“، ولنا أن نتصور، ماذا يعني أن القوة الأولى في العالم، ارتبط مصيرها كما ارتبط مصير العالم بخيارين أحلاهما أمرّ من سابقه، فإمّا مُهرِّج بلا سقف وإما معتوه بلا عقل، وفي كلتا الحالتين، فإن “هوليود” ومن ورائها المخرج الصهيوني للفيلم البليد، يواصل تسويق الصورة الحقيقية لأمريكا جديدة، لم يعد لها من قيمة إلا أفلام الأكشن من جهة، وأفلام الكوميديا السوداء في الجهة والضفة الأخرى..
من يريد لأمريكا، التي جعلت من العالم مشيئة مخابرها ومراكزها الاستراتيجية على مدار قرنين من البلطجة، أن تنتهي إلى هكذا مستوى من العبثية والسخرية؟ ومن يقف وراء إفراع بلاد “العام سام“ من كونها محور العالم وفلك دورانه؟ ومن يجلس وراء نهاية حضارة “اصطناعية“، وُلِدت من سينما “كوباوي“، أو راعي بقر يفرض العدل باجتثاث الأخرين، لتنتهي بعد قرنين من الرّعي المتوحّش بالعالم، إلى ثنائية إمّا أن يحكم العالم مُهرّج أحمق أو يحكمه معتوه خرِف، في الحالتين، أنّها نهاية الأمركة المعولمة التي آن لها أن تغادر منصة العرض والركح، لتعود أمريكا إلى لحظة النشأة الأولى، لكن ساحة “رعيها” اليوم، هي البقر العالمي وليست أبقار الهنود الحمر…؟
تلكم الأسئلة وغيرها من “معلقات” تعجب و“عجب” يحدث ويتدحرج من علٍ ومن وراء الأكمة والمخططات الجاهزة، لا إجابة لها سوى أن الحاكم “الفعلي“، في “البيت الأبيض“ والعالم معا، قد ضاق ذرعا، بديمقراطية الواجهة وبعناوين الإنسانية والمحافل والمنظمات الدولية والحقوقية، ليقرّر استعادة “الغابة” بكل قوانين “غابها” السارية: السيطرة والأنياب والمفعول.. ويعلنها في العالم أنّ القادم من سيطرة، لا وجود فيه إلا للصهيونية كقوة حكمٍ وعجنٍ وقولبة للعالم على مقاسها..
وطبعا، ذلك المخطط والأمر المبيّت، لن يتأتّى إلا إذا كان على رأس “البيت الأبيض“، مهرّج بأذن جريحة لا تسمع إلا ما يراد لها، أو بمعتوهٍ عاجز لا عقل له، مرة يتخيل نفسه امرأة سوداء وأخرى كائنا فضائيا من مجرة أخرى، وربما في أحيان ولقاءات قادمة، لن يتردد في القول، أنه هو “أبو عبيدة” المُقنّع بشحمه ولخمه، كما أنه كان “أسامة بن لادن“، قبل أن يتمّ رمي جثته في البحر. والنتيجة فيما سبق، أن أمريكا التي فيها ملايين الشباب والطاقات من مختلف “هجين” التأسيس إلى يومنا هذا، فُرض عليها بطريقة وتعليب وتمييع ما، أن تختار بين الطاعون أو الكوليرا، ولا خيار بينهما، إلا الاعتراف، أن العالم على شفا حرب عالمية ثالثة، بطلها التهريج في طبعة “ترامب” أو الخرَف والعَته في صفة “بايدن“، ولنا أن نتصوّر الباقي والقادم من سيناريوهات هوليودية، جسّدتها عملية القنّاص “الأحول“، الذي أصاب بدقة متعالية أذن والد معشوقة الملوك والعروش الأعرابية “إيفانكا ترامب“، ليخلف وراءه، أن لعبة “الكومبارس” المعولمة، قد خرجت من رؤساء وزعماء الدول والممالك الأعرابية، لتحط رحالها و“كومبارساتها” في كرسي البيت الأبيض، فزمن التخفّي وراء الحضارة انتهى ولم يبق أمام عالم اليوم إلا التسليم بأننا وأمريكا في الحظيرة ودور “الكومبارس” وإنتاج السيناريوهات سواء..
التّمييع الذي كان مقتصرا قبل الآن على عروش وأنظمة أعرابية تحكم بالوكالة عن المنظومة الصهيونية العالمية، انتهى في آخر المطاف إلى بلاد “العم سام“، والجميل في ذلك التمدّد والتعميم المعولم للرداءة العلنية، أنه ولأول مرة تتقاطع عروش الأعراب وأمريكا “العظيمة“، في سينما التمثيل وفي قناعة ومبدأ: “كلّنا في الهواء كومبارس“، فلا ديمقراطية في أرض “العام سام“ إلا ديمقراطية الاختيار بين الطاعون والكوليرا، ولا معنى للشعب الأمريكي الواعي والمثقف والحر، إلا على بلاتوهات الإعلام، كحال عروش الخمّ الأعرابي، حيث البديل الوحيد لمولاهم الملك.. هو “البديل” الذي تبايعه وتقترحه الأيادي المتحكّمة في اللعبة..
مجمل القول ومنتهاه في استراتيجية الإنتاج الهوليودي والقيصري للأحداث والوقائع ومحاولات القنص، أنّ “سيناريو” محاولة قتل “ترامب“ من “أذنه“، وبعيدا عن كونه سيناريو بليد منه شخصيا لنيل تعاطف شعبي أكثر بلادة وسذاجة من السيناريو ذاته، أو أنه مخطط من “مُنتِج” مُتخفٍ وراء الستار، فإنّ الثابت في تداعياته، أن الرأي العام الدولي ووسائل الإعلام والوكالات العالمية، التي راحت لأيام تحلل وتتحدث وتناقش حكاية “الأذن” ومضاعفاتها على الانتخابات الأمريكية، أثبتت – أي تلك القنوات – بشكل أو أخر أنها الوحيدة المصابة في آذانها بعد عقولها، وذلك بعد أن جعلت من اللّاحدث، حدثا، حيث في الوقت الذي تصيب آلة القتل الصهيوني، بدقة إجرامية متناهية الإبادة ، صدور أطفال “غزة“ وقلوب نسائها وجماجم شيوخها، تدافَع العالم المنافق والمُجتر والمُميّع، للسؤال عن حالة “أذن” ترامب، وإن كان لمصابها أيّ أثر على العلاقات الدولية والمصالح الاقتصادية والولاءات السياسية، وذلك في حالة فوز ترامب بالعرش، ولسان حال الحكام الأعراب من ممالك ودول التطبيع والخذلان: “فداك آذاننا وآذان شعوبنا“..
والمهم فيما يجري في “غزة“ من فصل للرؤوس عن الأجساد، وما حدث لـ “ترامب“ في محاولة قتل “شنيعة” من أذنه، في انتظار إصابة أخرى في أصبعه أو ظفره، أن الابتذال والاستخفاف بالدم والعقل البشريين، بلغ منتهاه الصادم والمقرف، وصدق من قال يوما: “قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر، وقتل شعب بأكمله مسألة فيها نظر“، يقابلها في واقعة قنصٍ أذن ترامب التي أصبحت حدثا عالميا على كافة المستويات، أنه بالتزاوي مع محاولة قتل “أذن” ترامب تلك، فإنه في الضفة الأخرى للقنص المركّز والقاتل، “غزة“ برمتها تباد والمسألة كما نعرف لا زالت مسألة قيد النظر..
خاتمة القول والهول الذي يجري، يا معشر الأعراب، “ترامب“ لن يسمعكم سواء كان بأذنه أو بدونها، وعباراته الخالدة يوم قال: “لا تستغربوا أننا عينة من هذا النظام العالمي الجديد، هذا النظام يعرف طبيعة عملي الخالي من القيم الإنسانية والأخلاقية، فأنا لا يهمني أن يموت المصارع، ما يهمّني هو أن يفوز المصارع الذي راهنت عليه“، والرسالة الواضحة من قناعة وعقيدة “ترامب” الراسخة.. أن اللعبة غابة وقانون غاب ومخالب، وأنه لا صديق لأمريكا إلا أمريكا، كما أن أمريكا في النهاية، سواء كانت “ترامبية” أو “بايدية“، لا يهمها في مباريات المصارعة، إلا المنتصر.
وللأسف.. الأعراب هم الهزيمة كلها في لعبة القمار المعولمة.. انتهى نص الخطاب، ودعواتنا بشفاء أذن الزعيم “ترامب“ الذي أهدى له “أحدهم” ولابنته “إيفانكا” الساحرة، عُمرتين، وذلك ذات طواف سابق، ليصبحا: الحاجة إيفانكا والحاج ترامب، فطَهورا للجميع يا أمة ضحكت من سخافتها الأمم.