يرى الباحث المصري في الشؤون السياسية والاستراتيجية علي الطواب، أنّه ممّا لا شك فيه أنّ المنطقة العربية، وتحديداً هذا الجزء المهم في منطقة الشرق الأوسط به الكثير من التضارب والتناقضات بما في ذلك التباين الموجود في المفاهيم أو المصطلحات، ومن هنا فمن المهم جدّا أن نعرف جميعاً كيف نفرق بين فكرة المقاومة كفكرة وفكرة التدين أو فكرة اعتناق مذهب ديني بعينه.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ الطواب في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ كل من حزب الله اللبناني، الجهاد الإسلامي وحركة المقاومة الإسلامية حماس، جميعها دون استثناء تدخل في نطاق عمل المقاومة، ونتحدث هنا عن المقاومة بمفهومها الشامل، فالعدوّ هو “إسرائيل” عدوّ واحد ومشترك إلى يوم الدين.
في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّ حزب الله بثقافته الشيعية وحركة حماس بثقافتها السنية الإسلامية والجهاد الإسلامي وغيرها من المفردات السياسية نجد أنفسنا في الأخير أمام مصطلح بعينه وهو مقاومة المحتل ومقاومة المجرم الصهيوني، حيث أنّ العدو واحد ولكن صور المقاومة مختلفة، هذه الصور المختلفة تجعلنا نفكر هل حينما يتحد حزب الله ويؤيد موقف حركة حماس أو حركة حماس تؤيد موقف حزب الله هنا العمل المذهبي يتراجع ليس من باب التقليل ولكن من باب أنه يتراجع أمام الوحدة، وحدة المقاومة ضد محتل، وخير نموذج على ذلك الشهيد عز الدين القسام الذي يحمل الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية اسمه، فهو ليس فلسطيني بل سوري، والأكثر من ذلك هو رمز من رموز المقاومة.
على صعيدٍ متصل، تحدث الباحث في الشؤون الاستراتيجية، عن حزب الله اللبناني الذي يتبنى المذهب الشيعي، حيث نجد أنّ قادة الحزب ورجالاته، حينما يتحدثون عن بعض البلاد العربية ذات الطبيعة السنية يحترمون هذه البلاد ويقدرون جيوش هذه البلاد وتبقى روح الأخوة وروح المحبة موجودة لطالما العدو واحد، فكل العرب يحاربون عدوّاً واحداً، وبالتالي اتحدنا فيما بيننا على أن يكون لنا عدو واحد، قد نتفق ونختلف وتوجد إشكاليات مختلفة وإشكاليات ملحة، ولكننا في نهاية المطاف نجد أنفسنا أمام قضية عادلة وهي القضية الفلسطينية، التي ستبقى على رأس أجندات العمل السياسي العربي.
وأردف محدث “الأيام نيوز”، قائلا: “إنّ الاختلاف المذهبي لا يمنع أبداً أن يكون لنا عدوّ واحد، بل ربما نتفق فيما بيننا على آلية التحرر لأنّ العدوّ سيبقى واحدا وبالتالي مهما اختلفت الطبيعة ومهما اختلفت المذاهب والتوجهات السياسية وحتى المنطق الذي ربما نختلف فيما بيننا حوله إلا أنّ جميعا ننصهر في بوتقة واحدة وهي بوتقة العمل السياسي والعمل المقاومي والعمل المسلح ضد عدو واحد”.
هذا، وأوضح المتحدث أنّه من المفارقات العجيبة أن نجد أنّ حزب الله الشيعي وحركة حماس السنية، ورغم الاختلاف الكبير في المذاهب والأفكار والمعتقدات، يبقى العدو المشترك هو عدو واحد، هذه هي التركيبة النوعية السياسية التي ربما يقف عندها البعض حائرا، كيف يكون لكم هذه الاختلافات في الطبيعة المذهبية وما إلى ذلك وفي الأخير يتفقون على عدو واحد، ربما تكون هذه إحدى رموز القوة، وفي الوقت نفسه علامة الاستفهام السياسية الكبيرة التي ربما يحاول البعض أن يستغلها لمصالحه المشبوهة.
خِتاماً، أشار الخبير في الشؤون الإستراتيجية، إلى أنّه حتى الحوثي الذي دخل على خط المواجهة هو أيضاً له معتقده ومعتنقه السياسي والديني ولكن يبقى أنه يناصر الحق الفلسطيني، ويتخذ لنفسه عدوا هو أيضا “إسرائيل” هذه المرة، رغم بعد المسافة، ورغم تحمله مشقة ضرب ميناء الحديدة بالمقاتلات “الإسرائيلية”، كلها أمور تجعلنا في الفترة القادمة نفكّر مليّاً في تعديل المفهوم المتوارث حول هذه المذاهب في كونها مذاهب مختلفة فيما بينها، ولكن تتفق حول وجود عدو واحد هو “إسرائيل”، ووجب على كل عربي أن يجعل هذا العدوّ أمامه بقدر المستطاع لا يغيب عن عيونه حتى يتيقن ويتأكد أنه على أتم الاستعداد لمواجهته سواء عسكريا أو بفكر المقاومة أو حتى بالدفاع العربي المشترك الذي للأسف الشديد يغيب عن أمتنا العربية على مدى فترات طويلة.