بينما تواصل سلطات الاحتلال المغربي فرض القيود المشددة على الصحراء الغربية، من منع المراقبين الدوليين إلى محاولات عزل القضية دوليا، يواصل الصحراويون نضالهم المتعدد الأبعاد على الجبهات السياسية، الحقوقية، والأكاديمية، من أجل إيصال صوتهم إلى العالم، وتتعزز الجهود الصحراوية لكسر الحصار الإعلامي وكشف الحقيقة المغيبة. وفي ظل تصاعد الضغوط، تبقى إرادة الشعب الصحراوي أقوى من كافة القيود المفروضة عليه، مما يعكس نضالاً مستمراً ومصمماً من أجل الحرية والاستقلال.
نددت مجموعة أكديم إزيك بقيام سلطات الاحتلال المغربي بمنع وفد حقوقي دولي من دخول العيون المحتلة، معتبرة أن هذا الإجراء ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة الانتهاكات التي تهدف إلى إخفاء معاناة الشعب الصحراوي وعزله عن العالم. وفي بيان صادر عن المعتقلين السياسيين الصحراويين من داخل سجون الاحتلال، أوضحوا أن منع الوفد الدولي يأتي في سياق قمعي ممنهج، يهدف إلى حرمان الصحراويين من إيصال صوتهم إلى المجتمع الدولي وكشف حقيقة الأوضاع في الأراضي المحتلة. وأشاروا إلى أن هذا الإجراء يعكس مخاوف السلطات المغربية من افتضاح الانتهاكات الجسيمة التي يعاني منها الشعب الصحراوي، خاصة في ظل الاعتقالات التعسفية، المحاكمات الجائرة، والظروف اللاإنسانية في السجون المغربية.
وأكد البيان أن استمرار إغلاق المناطق المحتلة أمام المراقبين الدوليين والمنظمات الحقوقية للعام الحادي عشر على التوالي، يرسّخ سياسة القمع والعزل التي تنتهجها سلطات الاحتلال. كما أن هذا الحصار الإعلامي والعسكري، المفروض منذ عام 2014، حال دون وصول مقرري الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية، بما فيها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى الإقليم المحتل، مما يكشف زيف ادعاءات المغرب بشأن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
دعوات لإنهاء الحصار ودعم القضية الصحراوية
وفي ظل هذا الوضع المتفاقم، أعلن الأسرى الصحراويون تضامنهم مع الوفد القانوني الدولي ومع كل المنظمات الحقوقية التي تسعى إلى كشف الحقيقة ودعم القضية الصحراوية العادلة. كما طالبوا المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتدخل العاجل لرفع الحصار عن الصحراء الغربية، والسماح للمراقبين الدوليين بالوصول إلى الأراضي المحتلة، والضغط على سلطات الاحتلال لوضع حد لانتهاكاتها المستمرة. واختتم البيان بالتأكيد على أن إرادة الشعب الصحراوي لن تُكسر، وأن النضال من أجل الحرية والكرامة مستمر حتى تحقيق تقرير المصير والاستقلال التام، رغم كل العراقيل والممارسات القمعية التي تنتهجها سلطات الاحتلال.
وفي إطار استمرار الجهود الدبلوماسية والسياسية والأكاديمية التي تبذلها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية لدعم كفاح الشعب الصحراوي، شهدت الأيام الأخيرة عدة أحداث بارزة تؤكد على حضور القضية الصحراوية في المحافل الدولية وتبرز التحديات التي تواجهها.
أكد ممثل جبهة البوليساريوفي إسبانيا، عبد الله العرابي، على مسؤولية إسبانيا التاريخية تجاه القضية الصحراوية، داعياً إياها إلى الامتثال للقانون الدولي. جاء ذلك في تصريح صحفي بمناسبة الذكرى الثالثة للرسالة المثيرة للجدل التي بعث بها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانتشيز، إلى الملك المغربي، والتي اعتبرها العرابي تغييراً أحادياً وأجنبياً في موقف إسبانيا الرسمي تجاه الصحراء الغربية.
وشدد الدبلوماسي الصحراوي على أن إسبانيا، بحكم وضعها كدولة قائمة بالإدارة في الصحراء الغربية، تتحمل مسؤولية قانونية وأخلاقية في هذا الملف، مطالباً إياها بتصحيح موقفها والعودة إلى الامتثال لمبادئ القانون الدولي. كما أشار إلى أن هذه الرسالة شكلت قطيعة مع الإجماع التاريخي للسياسة الخارجية الإسبانية تجاه الصحراء الغربية، مما أدى إلى تزايد عزلة سانتشيز السياسية وانعدام التماسك في السياسة الخارجية الإسبانية.
على صعيد آخر، شاركت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في الاجتماع الأول بين لجنة الممثلين الدائمين لدى الاتحاد الأفريقي والقيادة الجديدة لمفوضية الاتحاد، الذي عقد في مقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، إثيوبيا. وترأس الاجتماع كل من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي المنتخب حديثاً، السيد محمود علي يوسف، والسفير الأنغولي البروفيسور ميغيل سيزار دومينغوس بيمبي، بصفته الرئيس الدوري للجنة الممثلين الدائمين، إلى جانب حضور نائبة رئيس المفوضية، السفيرة الجزائرية سلمى حدادي، والمفوضين المنتخبين حديثاً.
ركز الاجتماع على تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء وتحسين كفاءة الاتحاد الأفريقي، ووضع إطار استراتيجي لتنفيذ الأولويات التي حددها رؤساء الدول والحكومات الأفريقية. وأكدت عدة دول على التزامها بالتعاون مع القيادة الجديدة لضمان تنفيذ هذه الأولويات، كما شكل الاجتماع فرصة لممثلي الدول الأعضاء لطرح انشغالاتهم واقتراح استراتيجيات عمل متماشية مع أجندة المفوضية.
وشدد ممثل الجمهورية الصحراوية على ضرورة تعزيز آليات الاتحاد الأفريقي لمعالجة التحديات المستمرة، والعمل على تحقيق التكامل القاري وتعزيز السلم والأمن. كما أكد على أهمية الإصلاحات الإدارية والمالية داخل الاتحاد لضمان تحقيق الأهداف المدرجة في أجندة 2063.
مثل الجمهورية الصحراوية في الاجتماع السفير ماءالعينين لكحل، نائب الممثل الدائم لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، والذي أكد في مداخلته على ضرورة التمسك بالمبادئ التأسيسية للاتحاد وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لدفع عجلة التنمية والاستقرار في القارة.
تعاون أكاديمي بين جامعة تفاريتي وجامعة كوايمبرا
في سياق متصل، شهدت مدينة كوايمبرا البرتغالية لقاءً أكاديمياً مهماً جمع وفداً من جامعة التفاريتي، برئاسة مدير التعليم العالي ومدير الجامعة، مولاي امحمد إبراهيم، مع مدير معهد الدراسات الاجتماعية والإنسانية بجامعة كوايمبرا، البروفيسور تياقو سانتوس بيريرا، وإدارة المعهد.
تناول اللقاء سبل تعزيز التعاون الأكاديمي بين الجامعتين، حيث قدم وفد جامعة التفاريتي شروحات حول كفاح الشعب الصحراوي، مسلطاً الضوء على التجربة الصحراوية في مجال التعليم بمختلف مستوياته، والدور الذي تلعبه جامعة التفاريتي في التكوين والتأهيل العلمي، فضلاً عن الدفاع عن حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير مصيره داخل الأوساط الأكاديمية الدولية.
وتوج اللقاء بتوقيع بروتوكول تعاون بين المؤسستين الأكاديميتين، يشمل تبادل الخبرات في مجال البحث العلمي، وتنظيم مؤتمرات وملتقيات علمية حول القضية الصحراوية. وتعد هذه الشراكة خطوة مهمة نحو تعزيز الحضور الأكاديمي للقضية الصحراوية في المحافل الدولية. وتجدر الإشارة إلى أن جامعة كوايمبرا تعد واحدة من أعرق الجامعات الأوروبية، حيث تحتفل هذا العام بمرور 735 سنة على تأسيسها، وتحتل مراتب متقدمة في التصنيفات العالمية للجامعات.
رافق مدير جامعة التفاريتي في هذه الزيارة الدكتور عبد الرحمن عبد القادر، رئيس مركز البحث العلمي التابع للجامعة، والذي أكد على أهمية التعاون الأكاديمي في رفع مستوى البحث العلمي وتعزيز التبادل الثقافي والعلمي بين المؤسسات التعليمية الصحراوية ونظيراتها الدولية.
تعكس هذه الأحداث الحراك الدبلوماسي والأكاديمي المستمر للجمهورية الصحراوية، سواء في الساحة السياسية عبر الضغط على إسبانيا لاحترام التزاماتها التاريخية، أوفي المحافل الأفريقية لتعزيز دور الاتحاد الأفريقي في تحقيق الاستقرار، أو من خلال التعاون الأكاديمي لتعزيز وعي الأوساط العلمية الدولية بالقضية الصحراوية. وتبقى هذه التحركات جزءاً من المسار الطويل الذي يسعى فيه الشعب الصحراوي لنيل حقوقه المشروعة وتحقيق استقلاله التام.