هجمات غير مسبوقة في مالي.. الأهداف والأطراف المستفيدة

جماعة ماسينا المتحالفة مع القاعدة تستهدف في هجمات منسقّة وغير مسبوقة قاعدة عسكرية يقيم بها الرئيس المالي الانتقالي وقاعدة جوية وعدة معسكرات وتقول إنها تسعى لمحاصرة باماكو، ويعتقد الجيش الحكومي أن هذه الهجمات الانتقامية جاءت بعد تلقي التنظيمات الإرهابية ضربات قوية خاصة في مورا، كما لا يستبعد تواطؤا من فرنسا للإطاحة بالنظام.

الأناضول

عبر هجمات منسقة ومتسلسلة وغير مسبوقة منذ 2012، استهدف مسلحون لجماعة ماسينا، المتحالفة مع تنظيم القاعدة، عدة معسكرات للجيش المالي، وسط البلاد، وعلى رأسها معسكر كاتي، القريب من العاصمة باماكو، ومقر إقامة الرئيس الانتقالي العقيد عاصيمي غويتا.

هذه الهجمات وإن تسببت في مقتل عدد ليس بالقليل من الجيش المالي، إلا أنها لم تتمكن من إسقاط أي من المعسكرات والمدن التي هاجمتها، بعد تصدي القوات الحكومية لها، على عكس هجمات 2012، التي تحالفت فيها عدة تنظيمات إرهابية مع حركات الطوارق المسلحة، ما أدى إلى سقوط شمال البلاد بالكامل في يدها.

لكن هذه المرة كان الجيش الحكومي أكثر استعدادا وجاهزية، رغم الثغرات الأمنية التي مكّنت جماعة ماسينا من الوصول إلى أكثر نقطة تحصينا وتسليحا في البلاد، ومركز إقامة الرئيس الانتقالي، ومنها انطلقت عدة انقلابات للإطاحة بنظام الحكم في باماكو.

ويتحدث الجيش المالي عن عدة هجمات رئيسية ومنسقة في وسط وغرب البلاد، في الفترة ما بين 22 و27 يوليو/جويلية المنصرم، استهدف عدة بلدات على غرار كالومبا وسوكولو وكاتي، دوينتزا، وكورو، وتي، وبافو، وسيغو، وكولوكاني.

أخطر هذه الهجمات استهدف مقر إقامة الرئيس الانتقالي عاصيمي غويتا، في قاعدة كاتي العسكرية، في 22 يوليو، عبر سيارتين مفخختين وهجوم مباغت، خلّف مقتل جندي، و7 مهاجمين والقبض على 8 آخرين، بحسب مصادر إعلامية.

ولكن بعد خمسة أيام من هجوم كاتي، نفذت جماعة ماسينا هجمات أوسع وبأعداد كبيرة من المسلحين استهدفت نقاط عسكرية على غرار قاعدة في منطقة سيفاري القريبة من مدينة موبتي (وسط)، وفي سوكولو (وسط) وكالومبا (غرب/ على الحدود مع موريتانيا)، أوقعت 18 قتيلا بينهم 15 جنديا و3 مدنيين، بينما أكدت القوات الحكومية أنها قتلها 63 إرهابيا، وحجز عدد من الدراجات النارية التي يستخدمها مسلحو القاعدة بكثافة في تنفيذ هجماتهم، بالإضافة سيارات دفع رباعية.

والملاحظ في بيان للجيش المالي، أنه استخدم طائرات هيلوكوبتر مقاتلة في صد هجمات المسلحين، وهذا ما يفسر لماذا استهدفت جماعة ماسينا قاعدة سيفاري الجوية.

حصار باماكو

تشكل هجمات تنظيم القاعدة على قاعدة كاتي العسكرية التي لا تبعد عن العاصمة باماكو سوى بنحو 16 كلم من الشمال الغربي، خطوة نحو تكرار سيناريو طالبان بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان.

فالقاعدة لا تريد انتظار انسحاب آخر جندي فرنسي وقوات تاكوبا الأوروبية من مالي نهاية هذا الصيف، بل بدأت ضغطها على المدن والبلدات القريبة من باماكو، انطلاقا من معاقلها في وسط البلاد، خاصة حول مدينة موبتي، مركز قبائل الفلاني، التي ينتمي إليها زعيم جماعة ماسينا، أمادو كوفا.

وهذا ما أشار إليه أحد قيادات تنظيم القاعدة في الساحل (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) ويدعى محمود باري، الذي تحدّث في فيديو عن “خطة تم وضعها لمحاصرة باماكو”، بحسب كالة الصحافة الإفريقية.

فالقاعدة تستغل المشاكل التي يواجهها نظام عاصيمي غويتا، مع فرنسا والدول الغربية، وكذلك مع بعض دول الجوار مثل كوت ديفوار ودول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، وحتى مع البعثة الأممية “مينوسما”، لتشديد الضغط على حكومة باماكو.

وهدد القيادي في تنظيم القاعدة في نفس الفيديو بمواصلة هذه الهجمات، مما يعني أن هناك موجة تصعيد قادمة.

وتعتبر الجهات المقربة من الحكومة هذه الهجمات انتقامية، بعدما قتل الجيش الحكومي نحو 200 إرهابي في منطقة مورا (وسط)، بينما تطالب هيئات حقوقية دولية بفتح تحقيق في الهجوم الذي تقول إنه سقط خلاله 300 شخص يعتقد أن غالبيتهم مدنيون.

ويبدو أن الولايات المتحدة أخذت هذه التهديدات محمل الجد، وطلبت من العمال الحكوميين غير الضروريين العاملين في سفارتها بباماكو مغادرة مالي، بسبب ما قالت إنه “تهديد أمني تشهده العاصمة”.

هجمات إرهابية أم مؤامرة خارجية؟

ورغم تبني “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، التي تنتمي لها جماعة ماسينا، لهذه الهجمات، إلا أن السلطات المالية تربطها بالانسحاب الفرنسي من البلاد، وبقضية اعتقال 49 جنديا من كوت ديفوار دخلوا البلاد بطريقة مشبوهة.

وأكدت السلطات الانتقالية المالية أنها تتعرض لمخطط فرنسي بالتنسيق مع بعض دول الجوار لإسقاط نظام الحكم في البلاد.

وتم عرض اعترافات مصورة لأحد الأشخاص، قال أنه “شارك في الهجوم على قاعدة كاتي العسكرية، وأنه تدرّب في بوركينا فاسو، وكان بينهم تنسيق مع بعض الغربيين”.

ويسعى نظام غويتا من خلال التأكيد على معطى علاقة هجمات جماعة ماسينا، بدول غربية مثل فرنسا، ودول الجوار على غرار كوت ديفوار وبوركينا فاسو، لتعزيز شعبيته، ونفخ الروح القومية لدى الماليين ضد “التهديد الإرهابي والأجنبي المشترك” الذي لا يهدد نظامه فحسب وإنما “الدولة المالية ككل”.

ويلقى هذا الشعور صدى لدى وسائل الإعلام المحلية وبعض الأوساط الشعبية، وتم اللجوء أيضا إلى الوازع الديني من خلال دعوة “جميع الطوائف والجمعيات الدينية إلى “جلسات صلاة من أجل السلام والاستقرار في مالي”.

وبين الوضع الأمني والاجتماعي المتردي، وضغوطات الدول الغربية والجيران الأفارقة بضرورة العودة بسرعة إلى الوضع الديمقراطي، فإن نظام غويتا، يواجه تهديدات وتحديات من أطراف متعددة تجعل مستقبله مرهونا بمدى تجاوزها.

 

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
سكيكدة.. إصابة 21 جريحًا في حادث مروري تونس.. شايب يجدّد التزام الحكومة بحماية أفراد الجالية قمة كمبالا.. الجزائر تشارك في رسم خارطة طريق زراعية جديدة الاقتصاد العالمي في 2025.. صندوق النقد الدولي يتوقع استقرار النمو وتراجع التضخم عام 2024.. تسجيل 14700 حالة إصابة مؤكدة بجدري القردة في إفريقيا الحرب على غزة.. 5 آلاف شهيد والإبادة الصهيونية مستمرة إرهاب الطرقات.. وفاة 64 شخصا وإصابة 2087 آخرين منذ بداية السنة أحوال الطقس.. ثلوج وأمطار على هذه الولايات بوركينا فاسو.. الجزائر تقدم مساعدات إنسانية مصدرها من المغرب.. توقيف 6 أشخاص وضبط قنطارين من الكيف بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة.. قوجيل يهنئ الجزائريين حملة التضليل والتشويه الفرنسي.. الخارجية الجزائرية ترد بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة.. الرئيس تبون يُهنئ الجزائريين تنصيب اللواء طاهر عياد قائدا للحرس الجمهوري بالنيابة "الفاف".. وليد صادي يعلن نيته الترشّح لعهدة أولمبيـة ثانية "لم يبق منها سوى فروة الرأس”.. انصهار وتبخر جثث الشهداء في غزة وسط الدمار.. الاستعانة بالسجناء لإطفاء الحرائق في لوس أنجلوس ارتفاع أسعار النفط بنحو 3%.. "برنت" يصل إلى 79,76 دولار للبرميل كيف أصبحت الجزائر "مكة الثوار" في إفريقيا والعالم؟ بمناسبة انتخابه رئيسا للبلاد.. رئيس الجمهورية يهنئ نظيره اللبناني جوزيف عون