أكثر من عشرين عاما مرّت على هجمات 11 سبتمبر في مدينة نيويورك الأمريكية، ولكنها مازالت في دائرة “اللُّغز”، وتثير التساؤلات أكثر ما تُقدّم الإجابات. وقد تتبّع هذه الأحداث “محمد سليمان”، المُتخصّصٌ في مجال “المعلومات المُضلّلة” من جامعة “نورث إيسترن” في بوسطن الأمريكية. ووضع تقريرا جديرا بالقراءة.
رُبّما غيّرت هجمات 11 سبتمبر العالم إلى الأبد، لكن الكثيرين الآن لا يُشكّكون، فقط، في الرواية الرسمية للحكومة الأمريكية، بل أوجدوا عالماً موازياً كاملاً من نظريات المؤامرة حول هذه الهجمات، ولكن الأسباب مختلفة تمامًا عن الأسباب “الرسمية” الأمريكية.
ينتمي المؤمنون بنظريات مؤامرة الحادي عشر من سبتمبر إلى خلفيات مختلفة، فهناك أناس عاديون ومشاهير وحتى مثقفون. يوجد الآن “مُجتمَع” يُنظّم المسيرات والتجمّعات والمؤتمرات، من أجل معرفة الحقيقة. وتُجري منظماتٌ، مثل منظمة “الحقيقة 11 سبتمبر/ أيلول” للمعماريين والمهندسين التي لم تتوقّف عن إجراء تحقيقات جديدة، في كل مناسبة للحدث.
يقول الباحث العربي بأن هناك عَشرُ “نظريات مؤامرة” حاولت أن تفسّر الحدث، حيث أن كل نظرية تُقدّم رؤيتها من زاوية أصحابها وتخصصاتهم العلمية أو انتماءاتهم الإيديولوجية أو حتى الدينية والعرقية.
نظرية الهدمُ المُتَحَكّم به
تشير هذه النظرية إلى أن انهيار المباني كان نتيجة انفجار. يقول مُؤيّدو هذه النظرية بأن تحطُّم الطائرتين ليس كافياً لانهيار الأبراج. في عام 2012، حقق المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) وخلص إلى أن هذه النظرية غير المُرجّحة.
نظرية استهداف الإدارة الأمريكية للبنتاغون بصاروخ
يُؤكد المُؤمنون بهذه النظرية أن الرحلة الأمريكية 77 لم تضرب مبنى البنتاغون، وأن صاروخًا تسبّب في ذلك من الأرض، تمّ إطلاقه بتخطيط من الإدارة الامريكية. ويقول البعض بأن الثقب في المبنى كان أصغر من أن تُحدثه طائرة. وقد تم انتقاد هذه النظرية من قبل الكثيرين، حيث يُمكن دحض هذه النظرية بسهولة استنادا إلى العديد من الأدلة، مثل حطام الطائرة بالقرب من المبنى، والصندوق الأسود، وفحص الحمض النّووي لبقايا أشلاء الرُّكاب.
نظرية المعرفة المُسبَقة
هذه النظريةُ تدَّعي أن الحكومة كانت لديها معرفة مسبقة بالهجوم، واختارت السماح بحدوثه. يَذكر تقرير لجنة الحادي عشر من سبتمبر، أن الهجوم كان بمثابة صدمة، ولكن ما كان له أن يُحدث تلك الصّدمة، نظرًا إلى الإشارات العديدة من قبل المتطرفين “الإسلاميين” لقتل الأمريكيين، والعديد من المسؤولين الحكوميين مثل الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش، ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس. وقد نفى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي “روبرت مولر” وجود أيّ معلومات مُسبقة حول الهجوم. وأظهر استطلاع للرأي أُجري في عام 2004 أن ما يقرب من نصف سكان نيويورك يعتقدون بأن الحكومة كانت لديها معلومات مُسبقة، وفشلت في التّصرف بوعي وحكمة.
نظرية لا وجود لطائرات
صاغ هذه النظرية “مورجان رينولدز”، كبير الاقتصاديين السابق في وزارة العمل تحت إدارة بوش. تُؤكد هذه النظرية أنه لم تكن هناك طائرات في الهجمات، وأنه كان من المستحيل أن تخترق الطائرات الهياكل الفولاذية للمباني. وأوضح بأن التركيب الرقمي، وهو أسلوب معروف يستخدم لتجميع صور متعددة لتشكيل الطبعة النهائية، قد تمّ استخدامه لتصوير تحطُّم الطائرة.
نظرية إسقاط الرحلة 93
تتعلق هذه النظرية برحلة الخطوط الجوية الولايات المتحدة رقم 93، التي تم العثور عليها في حقل مفتوح بالقرب من “شانكسفيل” في ولاية بنسلفانيا. وتدّعي النظرية أن حكومة الولايات المتحدة أسقطت الطائرة، مما تسبّب في تحطُّمها. وقد أيّد الصحفي الأمريكي المثير للجدل، أليكس جونز، هذه النّظرية، وقال بأنه تم العثور على الحطام بعيدًا عن موقع التّحطُّم. وهناك “نسخة” أخرى لهذه النظرية تدَّعي بأن الحكومة قرّرت إسقاط الطائرة، لأن الرُّكاب اكتشفوا المؤامرة بأكملها وحاولوا إيقافها.
نظرية المبنَى سبعة
انهار المبنى 7 بسبب الحطام الثقيل لمركز التجارة العالمي القريب. وتقول هذه النظرية، التي تم تشكيلها حول هذا المبنى، على أن المبنى قد انهار، أيضًا، بطريقة مُسيطرٌ عليها. وقد خلُص تحقيق “المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا” الأمريكي إلى أن نظام رشّاشات الحريق فشل في إطفاء النيران، ممّا أدى إلى انهيار الفولاذ الهيكلي.
نظرية التّداولات الداخلية
تدّعي هذه النظرية أن البعض كان لديه معلومات حول الهجوم في توقيته، وقرّروا الاستثمار في الحدث عن طريق بيع أسهم شركتي “يونايتد إيرلاينز” و”أمريكان إيرلاينز”. وهذه النظرية مدعومة بالعديد من الملاحظات والتحليلات لتحرُّكات أسواق البورصة في الأيام التي سبقت الهجوم. ويُشار بأن تقرير لجنة 11 سبتمبر قد خلُص إلى أن كل هذه الأحداث كانت مصادفة.
نظرية إيقاف الدّفاع الجوي
يدّعي بعض أصحاب هذه النّظرية أن قيادة الدفاع الجوي في أمريكا الشمالية “نوراد”، كان من المُمكن أن تمنع الهجوم، لكنها أصدرت أمرًا احتياطيًا بالسماح للخاطف أن يصل إلى وجهته دون تدخُّل. ومع ذلك، تم دحض هذه النظرية من خلال العديد من التسجيلات الصادرة.
نظرية الحرب ضد الإرهاب
تكهّن بعض هذه أصحاب النّظرية بأن الحكومة الأمريكية خطّطت للهجوم بأكمله، بهدف إيجاد مُبرّر لشن حرب على العراق وأفغانستان. وقد أيّد هذه النظرية، “أندرياس فون بولو”، وزير الأبحاث السابق في الحكومة الألمانية، ورئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد.
نظرية المؤامرة الصُّهيونية
تؤكد نظرية المؤامرة هذه، أن الحكومة “الإسرائيلية” دبرت الهجوم بأكمله لتدفع الولايات المتحدة إلى مهاجمة أعداء “الكيان الصهيوني”، أو لتغطية انتهاكاته ضد الفلسطينيين. وعادة ما يستشهد المدافعون عن هذه النظرية، بأنّه تم تحذير حوالي 4000 يهودي من الهجوم مُسبقا، ومن ثم فقد تمّ منحهم فرصة لعدم الذّهاب إلى العمل في مركز التجارة العالمي. بينما تبدو هذه النظرية مُقنعة، إلا أن الأرقام المنشورة رسميًا، تُقدّر بأن ما لا يقل عن 400 يهودي كانوا من بين القتلى في داخل المباني التي انهارت.
نظريات المُؤامرة لن تتوقّف
كل ما قدّمته الإدارات الأمريكية المُتعاقبة لم يسدّ فجوة المعلومات حول هجمات 11 سبتمبر/أيلول، والتقارير المُستقلّة لم تقدّم الأجوبة الشافية، خاصة لأهالي القتلى. لذلك ستستمر “نظريات المؤامرة” في التّوالد بحثا عن الحقيقة، لأن الهجمات لم تُؤثّر في أمريكا وحدها، بل غيّرت كثيرا في ملامح العالم، لا سيما الأوطان التي تمّ تدميرها تحت ذريعة محاربة الإرهاب، وما نتج عن ذلك من ملايين القتلى والمُشرّدين واللاجئين وضحايا الحروب الأمريكية.