يكفي أن نعود إلى تخاريف اليهود في تلمودهم المُحرّف والمكتوب على مقاس أحلام وأوهام إمبراطورية من النهر إلى البحر، حتى نعلم أن من نعتوه ذات جماهيرية عظمى بالمجنون، لم يكن يهذي أو يتقمص هلوسة زعامة وعباءة عربية وإفريقية، ولكنه قذافي استبق مؤامرة عصر بسنوات ضوئية، ليكشف مخططاتها بأثر متقدّم، لكن آن لعقل القطيع العربي أن يقرأ ما بين سطور المجنون، وآن له أن يفهم أن عقيد ليبيا مجهول القبر، قد قرأ الغيب قبل أن تلوح معالم وملامح أحداثه في الأفق البعيد.
اليوم، وبعد أن انتهى مفعول “تثوير” الشعوب العربية على “طغاتها” من حكام كانت عصا بأسهم وشدتهم وحتى مُسمى طغيانهم في حق رعيتهم، نوع من أنواع الحماية والحصانة لكرامة الشعوب وحدود الأوطان، عاد القطيع بحثا عن حاكم قاسٍ يحفظ شرف الأرض أمام واقع ذئاب، انتهكت كل عِرْضٍ لتعيث في الحرث والنسل استلابا وسلبا، والنتيجة أن القذافي مثلا والذي سُحِل طاغية بشوارع سيرت من طرف رعاع الناتو وجرذانه، أظهرته غزة بكل مآسيها أنه كان الرجل الحكيم، الذي قَبَرَتْهُ المؤامرة المعولمة حتى لا يفسد جنونه سيناريوهاتها.
بالعودة إلى تصريحات العقيد معمر القذافي القديمة، وبالذات لتحذيره من مخطط المسخ الصهيوني المتمدد باتجاه المغرب العربي، سنكتشف أن ما يجري الآن في غزة من تهجير عن طريق التصفية العلنية لسكان القطاع، ما هو إلى شجرة تخفي استراتيجية الغاب التي يتم تنفيذها على قدم وساق بمملكة محمد السادس، فيما أنظار العالم كلها موجهة إلى الأراضي المحتلة، حيث القذافي يوما قال: إن الفلسطينيين يحاربون بالنيابة عن الأمة وإنهم خط الدفاع الأخير لوقف تمدد الحلم اليهودي باتجاه بقية الدول العربية، لم يكن يهلوس ولكنه كان يعي أن حدود الحلم الصهيوني ليست بالقدس والضفة الغربية وغزة ورام الله، ولكنها بمصر ودول المغرب العربي كهوية جغرافية لإمبراطورية من النهر إلى البحر، والمهم أن ما تنبأ به العقيد المجنون وحذر منه تجلت ملامحه اليوم بمغرب محمد السادس ومملكته، حيث بالتوازي مع تصفية غزة تذبيحا وتهجيرا، وجد المغاربة أنفسهم أمام كابوس تهجير “قضائي” من أراضيهم وسكناتهم التي ورثوها أبا عن جد وجذور، بعد أن تفاجأ الآلاف من سكان المغرب بالمدن والقرى والمداشر، بظهور ما يسمى بالمالكيين الأصليين للرباط ومراكش، والذين لم يكونوا إلا يهود “التطبيع”، وما جنته حكومة المخزن على شعب وشعاب الملك، بعد أن مكّنت الجالية اليهودية من مقاضاة السكان ونزع أملاكهم منهم عن طريق القضاء بحجة امتلاكهم لوثائق قديمة تثبت أحقيتهم بأراض ومساكن ومزارع كانت لأزمنة وقرون واضحة الهوية والملكية والجذور، فإذا بلعنة الانبطاح والتطبيع والخيانة الملكية تجعل من المغرب أرضا على الشياع لمن استطاع إليها اغتصابا، ومشروع استيطان إسرائيلي جديد وبوثائق قانونية، يحق لمن يدّعون أنهم ملاكها استعادتها وطرد وتهجير أهلها عن طريق القضاء العبري بمغرب الملك.
المخزن من صفقة “البسكليت” إلى صفقة التطبيع!
من يقرأ تاريخ المغرب، قديمه قبل حديثه المبتلى بسقف العمالة والانبطاح والخذلان في زمن السادس هذا، لن تصدمه جينات الخنوع الملكية ولا حجم الخيانة التي بدأت في قرون سابقة بصفقة بين سلطان منهم يُدّعى مولاي عبد العزيز والإسبان، تم بموجبها مقايضة مدينتي سبتة ومليلية مقابل “بسكليت” أو دراجة هوائية، لتنتهي جينات العمالة في وجهها الأعمق والأغرق، مع الحفيد محمد السادس، الذي زايد على جدّه في واقعة “البسكليت” العجيبة، ورفع سقف التنازلات لمقايضة المملكة أرضا وشعبا بصفقة تطبيع دنيئة مقابل المحافظة على عرشه. والنتيجة التي صحا عليها المغاربة أنّهم وجدوا أنفسهم أمام أحكام قضائية تنزع منهم أراضيهم وتُشردهم بين البقاع لتسلمها ليهود التطبيع القادمين من شتات الأرض. ومجمل القول فيما انتهت إليه اللعبة الملكية القذرة، أن المخزن لم يكتف بزرع السرطان في جسد دول شمال إفريقيا بعد أن احتضن الأفعى اليهودية بين تراب تطبيعه، ولكنه حوّل المملكة إلى مستوطنة يهودية بوثائق رسمية، على حساب شعب مغلوب على أمره، لم يكفه عهودا من سياسة القهر وتقبيل الأيادي للحفاظ على أراضيه، فإذا به ينتهي إلى شعب بلا أرض ولا سكن ولا غد!
اليهود ممثَّلين في منظومة كيان صهيوني، لا يحاربون في غزة وفلسطين فقط، ولكنهم يحاربون على الجبهات كافة، وإذا كانت مقاصفهم بغزة واضحة الدمار والتحليق والتهجير القسري، فإنهم على حدود المغرب والعروش العربية يستعملون مقاصف من نوع خاص، مقاصف ممثلة في سلاطين وحكام وملوك وعباءات عربية مُسَلطة على رقاب شعوبها، وحين نرى اعتراف بنيامين نتنياهو العلني في مؤتمر صحفي “بأن أصدقاء الكيان في الدول العربية يعرفون أنه إذا لم تنتصر إسرائيل في حربها على غزة، فإن الدور سيأتي عليهم”، نعي أن المقاصف الحقيقية ليست عتادا وعدة عسكرية فقط، ولكنها دروعا بشرية برتبة حكام عرب، أصبحوا هم المعاول الصهيونية، وكنموذج فاضح لصورة المؤامرة والمخطط القذر، فأن مشروع الاستيطان الصهيوني الذي استلزم حملات عسكرية ومذابح وصواريخ وطائرات نفاثة لإزالة غزة من الوجود وتهجير شعبها، لم يحتج في المغرب إلا لأحكام قضائية باسم الملك وما أدراك ما فساد الملوك، الذين إذا دخلوا القرى وسلبوها قبل أراضيها كرامة عيشها!
بين ملك المغرب وأردوغان..”تركائيل” تبلغكم “الشالوم”!
بالتزامن مع الأصوات المغربية التي تعالت في شوارع المملكة رفضا لمشروع وعدالة الاستيطان العبري على حساب أراضيهم لصالح ملك لم يبق من تاج له إلا العزة بالعمالة، كعرش تأسس من على ظهر صفقة “بسكليت” إسبانية، كشف نائب ببرلمان “سلطان” الحريم بتركيا، عن فضيحة النظام الأردوغاني، حيث ما يعتبر تهجيرا في المملكة، وما هو مذابح بالجملة في غزة، ظهر أنه خيانة بختم “انكشاري” بتركيا أردوغان، وذلك بعد أن تعرت الحقيقة المطلقة وأضحى اللعب على المكشوف في مؤامرة عرقية التصفية والتهجير والتصهين الذي لا اسم له سوى “تركائيل” كصفة لما يقترفه واقترفه النظام التركي في حق الأمة العربية شعوبا وأوطانا.
النائب التركي “نجم الدين تشالشكان”، ومن داخل قبة البرلمان، كشف أن حكومته، حكومة النفاق والتباكي على أطفال غزة، هي من تزود طائرات الكيان الصهيوني بالوقود من “اسكندرون”، كما أن اقتصاد “تل أبيب” مأكلا ومشربا، مصدره “مانافغات” و”ألانيا” التركيتين. ليضيف النائب نفسه قائلا: “إن إرسال المواد الغذائية لسكان غزة لا يعني سوى أننا نقول لهم لن تموتوا وأنتم جياع!” والحكاية البائسة فيما فضحه وعرّاه طوفان غزة ونائب البرلمان التركي، أنه إذا كان مشروع تحويل المغرب إلى مستوطنة صهيونية قد بدأ الآن، فإن مشروع تركيا كمستوطنة يهودية كبيرة قد تجسد قبل أزمنة طويلة، وطبعا من جعل من محمد السادس رئيسا للجنة القدس، هو نفسه من سوّق أردوغان خليفة وسلطانا للمسلمين ولكل واهم وواسع النظر.
خاتمة القول فيما آل إليه مزاد الصمت العربي من جهة، ومزاد وبورصة الخيانة والعمالة من جهة أخرى، الآن يمكننا أن تفهم أيها القارئ لماذا يجب أن ينطق الشجر والحجر، ليأخذ بيد الصامدين في أرض الجبابرة ببساطة، لأن الكل إما خائن أو صامت، فلك الله يا قدس، فإن المقاصف قبل أن تكون صواريخ، فإنها.. الحكام وما أدراك ما عروش الورق والرق تلك!