حظيت الجزائر عبر انتخابها اليوم، لعضوية غير دائمة بمجلس الأمن الأممي، بتزكية دولية واسعة لمواصلة مساهمتها في بناء الأمن والسلم الدوليين والدفاع عن القضايا الإقليمية والدولية وتعزيز التعاون الدولي والنهوض بالتنمية المستدامة وهي المبادئ والأهداف التي سطّرها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
ووفقا للأجندة المسطّرة من طرف أعلى السلطات، فإن أولويات الجزائر من خلال مقعدها بمجلس الأمن، تتمثل في السعي إلى تفعيل مطلب رفع عدد مقاعد الدول الإفريقية على مستوى الهيئة والمساهمة في توحيد كلمة إفريقيا داخلها بهدف ضمان طرح أفضل ودفاع أنجع عن أولويات القارة السمراء وطموحاتها المشروعة.
وهذا ما أكد عليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في العديد من المناسبات على غرار اجتماع لجنة الـ 10 للاتحاد الإفريقي المكلفة بملف إصلاح مجلس الأمن، شهر فيفري الماضي بأديس أبابا، حيث تعهد بمواصلة الجزائر “العمل دون هوادة من أجل إعلاء صوت القارة ومطالبها المشروعة ولمعالجة الظلم التاريخي الذي تعرضت له”.
وضمن هذا المسعى، دافع الرئيس تبون عن الحق المشروع للقارة في تمكينها من الظفر بمقعدين دائمين في مجلس الأمن ورفع حصة تمثيلها في فئة المقاعد غير الدائمة بهذا المجلس من ثلاثة إلى خمسة، وفقا لما ورد في “توافق إيزولويني” و”إعلان سرت”.
وجعلت الجزائر من مسألة إصلاح مجلس الأمن الدولي ضرورة حتمية لتحقيق نظام دولي أكثر تمثيلا وعدلا وتوازنا، لا سيما في ظل السياق الدولي الحساس الذي تفاوتت فيه الأزمات والتداعيات التي تحمل في طياتها بوادر تغيرات جديدة لموازين القوى على الساحة الدولية، بينما لا تزال القارة الافريقية عرضة للعديد من التهديدات متعددة الأبعاد والأشكال والتي تمس بالسلم والأمن كظاهرة الإرهاب وتفاقم الحروب والتغيرات المناخية وأزمات الغذاء والطاقة والصحة والتي زاد من حدتها تفشي جائحة كورونا والصراع الروسي-الأوكراني.
والأكيد أن جنوح الجزائر إلى السلام وتغليب الحوار والحل السلمي للأزمات وتأكيدها على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول – وما أكثر نماذج دور الدبلوماسية الجزائرية في قضايا المنطقة وأيضا الدولية في هذا المجال – سيجعل من فترة عضويتها بمجلس الأمن، فرصة لمواصلة تجسيد ذلك عبر مساهمتها في الجهود الرامية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين ودعم العمل والتعاون الدولي وتعزيز دور الأمم المتحدة لحملها على الاضطلاع بالمسؤوليات المنوطة بها لا سيما تجاه الشعبين الفلسطيني والصحراوي.
كما سيشكّل أيضا حصول الجزائر على العضوية بمجلس الأمن الدولي، فرصة للعمل على استرجاع مكانة الجامعة العربية على الساحة الدولية والاضطلاع بدورها كمنظمة عربية “قوية ومؤثرة” لتمكينها من مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، خدمة لتطلعات وآمال الشعوب العربية ولاستقرار المنطقة، وهو ما سبق وأن رافع من أجله رئيس الجمهورية خلال القمة العربية بالجزائر.