لا تزال التصريحات “غير المسؤولة” لوزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، تصنع الجدل في الداخل الإسباني، إعلاميا وبرلمانيا، ويتجه الرأي العام في هذا البلد إلى تحميل مسؤولية المعاناة التي يقاسيها الشعب الإسباني بسبب غلاء أسعار الغاز إلى القرارات غير المدروسة لحكومة بيدرو سانشيز ووزير خارجيته، خوسي مانويل ألباريس.
تصريحات ألباريس التي علّق بها على كلام للرئيس عبد المجيد تبون، ومحاولة التخفيف من حدتها تفاديا لتأزيم آخر للعلاقات الثنائية، تأتي في صلب اهتمام الصحافة الإسبانية، وعلى رأسها صحيفة “إل كونفيدونسيال” الإسبانية، التي عادت إلى ما قاله ألباريس واصفة إياها بـ “الزلة”، في مقال خاض في جزئيات لم تكن معروفة.
وفي مقال عنونته “زلة ألباريس تثير التصفيق في المغرب والانتقادات الغاضبة في الجزائر”، قالت الصحيفة إن ألباريس حاول تدارك ما بدر منه على أمل تفادي تعميق الأزمة الدبلوماسية المتفاقمة مع الجزائر منذ قرار الحكومة الإسبانية تغيير موقفها من النقيض إلى النقيض بشأن قضية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.
وكتبت الصحيفة: “في تصريحاته المتعددة، لم يدرك حتى طبيعة المشكلة مع هذا الجار الشمال أفريقي، الذي وصفه بـ “الشريك البنيوي” لإسبانيا والذي قال إنه سيستمر في إمداد بلاده بالغاز، غير أنه أغفل أن اسبانيا باتت مدعوة لدفع أسعار أغلى مقابل الذي تحصل عليه، منذ مدير مجمع سوناطراك الجزائري توفيق حكار في الفاتح من الشهر الجاري”.
وفي معرض حديثها عن خلفيات انزلاق رئيس الدبلوماسية الإسبانية بتصريحه الذي أساء فيه اللياقة وهو يعلق على تصريح الرئيس تبون، كتبت الصحيفة: “الباريس أجرى مقابلة مع الصحفي كارلوس ألسينا، لإذاعة ” Onda Cero “، حول فوز إيمانويل ماكرون بالانتخابات الرئاسية في فرنسا، لكن في ملحق مرتجل تم استجوابه في النهاية حول تصريحات للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مساء السبت”.
وأضافت “إل كونفيدونسيال” أن الصحفي سأل الباريس عما إذا كان لديه ما يقوله للرئيس الجزائري في هذا الموضوع، فأجاب: “لن أخوض في جدالات عقيمة”، وكان يشير إلى كلام الرئيس الجزائري، وأشار وزير الخارجية إلى أن العلاقات مع الجزائر أصبحت الآن “سيئة للغاية”.
واعترف بأنه طلب من جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، مساعدته في حل الأزمة مع الجزائر. وبرر ذلك بقوله: “يبدو لي أنه من غير المعقول أن يكون لدولة ما علاقات جيدة مع الاتحاد الأوروبي ولديها علاقات سيئة للغاية مع أحد أعضائه، وهذا شيء لن أفهمه”.
وتشير الصحيفة هنا إلى أن وكالة “أوروبا براس” الإسبانية كتبت برقية حول هذه التصريحات، وتناقلتها بسرعة الجرائد الرقمية في إسبانيا، تحت عنوان “الباريس يرفض انتقاد الرئيس الجزائري ويعتبره” جدلاً عقيمًا”، الأمر الذي اعتبر سقطة دبلوماسية، لكن سرعان ما تلقفته الصحافة المغربية القريبة من نظام المخزن وهللت له وفق الصحيفة الإسبانية.
وبعد بضع ساعات، تقول “إل كونفيدونسيال” نشرت وكالة “أوروبا براس” برقية جديدة حول نفس المقابلة بعنوان دقيق: “يتعهد الباريس بعدم تأجيج الجدل العقيم مع الجزائر”. الفقرة الأولى من البرقية، تحدثت عن تحفظ ألباريس من تصريحات الرئيس الجزائري.
وبسبب الجدل الذي خلفه هذا التعديل في البرقية الثانية، قالت الصحيفة الإسبانية إن وزارة الخارجية نفت التدخل لإعادة تعديل تصريحات الوزير ألباريس، بشكل يهدئ من حدتها. فيما يستمر سانشيز ووزراؤه في إنكار الوضع السيئ الذي تمر به العلاقات الثنائية مع الجزائر.