تخطط روما التي تلقّت إمدادات غاز من الجزائر بنحو 21 مليار متر مكعب 2021، مقارنة بنحو 29 مليار متر مكعب من روسيا، لكن هناك عراقيل تعترض طموحاتها في هذا المجال، في خضم العقوبات الغربية على روسيا وحظر صادراتها من النفط والغاز.
ويقول الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، أنتوني دوركين إن الجزائر تحاول الاستفادة من السياق الحالي للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وتابع “أنها تريد أيضا أن تُظهر كأنها شريك موثوق به لأوروبا على صعيد الطاقة، كما تريد زيادة مداخليها من الغاز”.
والجزائر باعتبارها الحليف التاريخي لموسكو، أكدت مرارا أن قدراتها لتصدير كميات إضافية من الغاز إلى أوروبا محدودة للغاية، ولا يمكنها تعويض الغاز الروسي.
وحسب دوركين، فإن الجزائر “ستلتزم على الأرجح سياسة متوازنة للحفاظ على علاقاتها مع روسيا وأوروبا في الوقت نفسه”.
وأشار إلى أن الجزائر زبون تاريخي للسلاح الروسي لكنها تستورد أيضا من دول أوروبية مثل إيطاليا وألمانيا، كما امتنعت عن التصويت أو صوتت ضد قرارات اتخذتها الأمم المتحدة لفرض عقوبات على روسيا بعد اندلاع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
لكنه اعتبر أن “الحفاظ على العلاقات مع روسيا لا يعني أن الجزائر ستضيع فرصا تجارية لجني أرباح من تصدير غازها”.
ويؤكد الأمين العام للحزب الديمقراطي الإيطالي، إنريكو ليتّا، أن التخلي عن الغاز والنفط الروسي يمثل أولوية مطلقة بالنسبة إلى إيطاليا.
ويضيف ليتّا لصحيفة “إل فوليو” الإيطالية، أن “تسريع ذلك يعني تسريع إنهاء الحرب وتعجيل عمليات السلام”.
من جانبه، يقول الخبير الجزائري في شؤون الطاقة مهماه بوزيان إن عقود الغاز هي عقود تجارية بين شركات الطاقة، وليست اتفاقات سياسية بين حكومات أو دول.
ويضيف: “زيادة إنتاج أي دولة من الغاز مرتبط بإمكانية توفر قدرات إنتاج إضافية، لكن واقع صناعة الغاز اليوم عالميا يقع تحت تأثير عجز الاستثمارات ما يحد من إمكانية رفع الإنتاج”.
ويردف أن “إيطاليا شريك استراتيجي وتاريخي للجزائر، غير أن تموين السوق الأوروبية يتم عبر شبكة الأنابيب التي تتوفر على طاقة دفع تقدر بـ42 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي والغاز المميع بفضل طاقة إنتاج تتجاوز 50 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المميع وأسطول مكون من 6 ناقلات”.
وتبلغ الاحتياطيات الجزائرية من الغاز ما يقرب من 2400 مليار متر مكعب، وتسهم بتوفير نحو 11 بالمئة من الغاز المستخدم في أوروبا، في مقابل 47 بالمئة للغاز الروسي.
وتوجهت الكثير من الدول التي تسعى لتقليل تبعيتها لروسيا إلى الجزائر، حليف موسكو التاريخي، لكن قدرات الجزائر للتصدير تبقى محدودة.
في مطلع أبريل الجاري، صرح مدير مجمع “سوناطراك” البترولي الجزائري، توفيق حكار، بأن الجزائر غير قادرة حاليا على أن تكون البديل عن الغاز الروسي بالنسبة للشركاء الأوروبيين.
وقال الخبير بوريس مارتسينكيفيتش، رئيس تحرير موقع “جيو إنيرغيتيكا” المتخصص في شؤون الطاقة، فيما يتعلق بإمدادات الغاز الطبيعي من الجزائر إلى إيطاليا، أشار مارتسينكيفيتش إلى أن بنية الغاز بحاجة للتحديث كما أن حقول الغاز الجزائرية بحاجة لاستثمارات لزيادة إنتاجها.
وقال الخبير إن “خط الأنابيب عبر المتوسط (خط أنابيب غاز من الجزائر عبر تونس إلى صقلية ثم إلى الأراضي الايطالية) تبلغ طاقته السنوية 30 مليار متر مكعب، لكن لم يتم تشغيله بطاقته التصميمية القصوى لفترة طويلة من الوقت، كما أن إنتاج حقل حاسي الرمل العملاق (أكبر حقل غاز في الجزائر) لم يتجاوز مستوى 20 مليار متر مكعب في السنوات الأخيرة، ولا يمكن زيادته إلا من خلال استثمارات جديدة، إذ أن المعدات تحتاج للتحديث”.
وشكك الخبير في “إمكانية أن تستطيع الجزائر الحفاظ على إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا عند المستوى التقليدي البالغ 40 مليار متر مكعب، خاصة وأن الجزائر رفضت توقيع اتفاقية عبور جديدة مع المغرب بشأن إمدادات الغاز عبر MEG (خط أنابيب المغرب – أوروبا)”.
وتستخدم إيطاليا الغاز لتوليد نحو 40 بالمئة من الكهرباء، وتستورد أكثر من 90 بالمئة من احتياجات الغاز من روسيا.
ووقعت إيطاليا اتفاقيتي غاز الأسبوع الجاري الأولى مع الجزائر والثانية مع مصر، وذلك لزيادة إمدادات الغاز وذلك في إطار مسعى لتقليص الاعتماد على الغاز الطبيعي القادم من روسيا.
وللجزائر أنبوبان للغاز، أحدهما المسمى “ترانسماد”، ويربط الجزائر بأوروبا، بطول 2485 كيلومترا، ويضمن تزويد تونس وإيطاليا وسلوفينيا بالغاز الطبيعي، وينقل حاليا نحو 60 مليون متر مكعب يوميا من الغاز الجزائري نحو إيطاليا.
أما الأحدث فهو “غالكسي” بطول 860 كيلومترا، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله خلال النصف الثاني من العام الجاري، وهو باتجاه إيطاليا، ويضمن سعة تقدر بـ238 مليار قدم مكعب سنويا.