يرى الأستاذ حابي عبد اللطيف، أستاذ الاقتصاد بجامعة تلمسان، في حوار مع “الأيام نيوز”، أن البنوك الإسلامية في الجزائر تواجه تحديات قانونية وتنظيمية تعيق تطورها، رغم صدور القانون النقدي والمصرفي الجديد. وأوضح أن غياب هيئة شرعية وطنية مستقلة، وازدواجية الضرائب على العقود الإسلامية، وعدم توفر أدوات مالية مثل الصكوك ونوافذ إعادة التمويل الإسلامي، كلها عوامل تحدّ من قدرة هذه البنوك على المنافسة مع البنوك التقليدية. كما أشار إلى أن ضعف الثقافة المصرفية الإسلامية ونقص الكفاءات المتخصصة يؤثران على جودة الخدمات المقدمة، مما يستدعي تطوير برامج تدريبية وتعزيز الوعي بالصيرفة الإسلامية. وعلى صعيد الرقمنة، شدد على أن البنوك الإسلامية بحاجة إلى استثمارات كبيرة في التكنولوجيا المالية لمواكبة التحول الرقمي دون الإخلال بأحكام الشريعة. وأكد أن تجاوز هذه العقبات يتطلب إصلاحات تشريعية، واستحداث منتجات مالية مبتكرة، وتحفيز الاستثمار في القطاع، لضمان استدامة ونمو الصيرفة الإسلامية في الجزائر.
الأيام نيوز: ما أبرز التحديات القانونية والتنظيمية التي تعيق تطور البنوك الإسلامية في الجزائر؟
حابي عبد اللطيف: رغم أن إصدار القانون رقم 23-09 المتعلق بالقانون النقدي والمصرفي في 21 يونيو 2023، والذي يهدف إلى تكييف النظام المصرفي مع التحولات الاقتصادية والمالية، وتوفير إطار قانوني وتنظيمي ملائم للبنوك الإسلامية، يمثل خطوة إيجابية نحو تنظيم ودعم الصيرفة الإسلامية، إلا أنه لا يزال بحاجة إلى تفاصيل تطبيقية واضحة لضمان فعالية التنفيذ. كما أن تطوير بيئة مالية متكاملة تشمل البنوك الإسلامية، وإصدار الصكوك، وتفعيل الأسواق المالية الإسلامية، وإيجاد آليات لإعادة التمويل، يعدّ ضروريًا لضمان نجاح هذا القطاع وتوسّعه في الجزائر.
ومع ذلك، لا تزال البنوك الإسلامية تواجه تحديات قانونية وتنظيمية تعيق تطورها، رغم صدور القانون الجديد. من أبرز هذه التحديات غياب هيئة شرعية وطنية مستقلة تُشرف على تنظيم القطاع وتوحيد المعايير الشرعية، مما قد يؤدي إلى تباين الفتاوى بين البنوك، إضافةً إلى عدم وضوح اللوائح التفصيلية التي تحدد آليات الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية.
كما تعاني البنوك الإسلامية من صعوبة الوصول إلى السيولة بسبب عدم توفر نوافذ إعادة تمويل متوافقة مع الشريعة، إلى جانب غياب سوق مالية إسلامية متكاملة تشمل أدوات مثل الصكوك وصناديق الاستثمار الإسلامية، مما يقلل من خيارات التمويل والاستثمار. إضافةً إلى ذلك، فإن ازدواجية الضرائب المفروضة على العقود الإسلامية تجعلها أقل تنافسية مقارنة بالقروض التقليدية، مما يحدّ من جاذبيتها لدى العملاء.
ومن بين التحديات الأخرى ضعف الثقافة المصرفية الإسلامية لدى الجمهور، ونقص الكفاءات البشرية المتخصصة في هذا المجال، مما يؤثر على جودة الخدمات المصرفية الإسلامية.
الأيام نيوز: حسب رأيك، كيف يمكن للجزائر تجاوز هذه العقبات؟
حابي عبد اللطيف: لتجاوز هذه العقبات، يجب إصدار لوائح تنظيمية تفصيلية، وتطوير أدوات مالية إسلامية جديدة، وتوفير تحفيزات جبائية تجعل المنتجات الإسلامية أكثر تنافسية، إلى جانب تعزيز الوعي بالصيرفة الإسلامية، وتطوير برامج تدريبية متخصصة، لضمان نجاح واستدامة هذا القطاع في الجزائر.
الأيام نيوز: هل تمتلك البنوك الإسلامية في الجزائر الأدوات المالية الكافية لتقديم منتجات تنافسية أمام البنوك التقليدية؟
حابي عبد اللطيف: حاليًا، لا تمتلك البنوك الإسلامية في الجزائر الأدوات المالية الكافية لتقديم منتجات تنافسية أمام البنوك التقليدية. من أبرز التحديات التي تواجهها غياب سوق مالية إسلامية متكاملة، حيث لا تتوفر أدوات استثمارية مثل الصكوك وصناديق الاستثمار الإسلامية، مما يحدّ من قدرتها على التمويل وإدارة السيولة. كما تعاني من غياب نوافذ إعادة التمويل الإسلامية في البنك المركزي، ما يجعلها أقل قدرة على مواجهة الأزمات المالية مقارنة بالبنوك التقليدية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ازدواجية الضرائب على العقود الإسلامية تجعل التمويلات الإسلامية أكثر كلفة وأقل جاذبية. كما أن محدودية المنتجات المصرفية الإسلامية، التي تقتصر غالبًا على المرابحة والإجارة، مع غياب التمويلات المبتكرة مثل السلم والاستصناع والتورق، تشكل عائقًا آخر أمام قدرتها على المنافسة. يضاف إلى ذلك ضعف الثقافة المصرفية الإسلامية ونقص الكفاءات المتخصصة، مما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة.
ولتجاوز هذه العقبات، يجب إصدار صكوك إسلامية، وإنشاء نوافذ لإعادة التمويل، مع تعديل النظام الضريبي، وتطوير منتجات مالية جديدة، وتعزيز التوعية بالصيرفة الإسلامية لضمان قدرتها على المنافسة في السوق المصرفية الجزائرية.
الأيام نيوز: إلى أي مدى يؤثر غياب الوعي المالي حول الصيرفة الإسلامية على توسع هذا القطاع في الجزائر؟
حابي عبد اللطيف: يؤثر غياب الوعي المالي حول الصيرفة الإسلامية بشكل كبير على توسع هذا القطاع في الجزائر، حيث يؤدي إلى ضعف الإقبال على المنتجات الإسلامية بسبب عدم فهم العملاء لطبيعتها ومزاياها مقارنة بالقروض التقليدية. كما أن نقص الثقافة المصرفية الإسلامية يولد شكوكًا حول مدى التزام البنوك بأحكام الشريعة، مما يحدّ من ثقة المستثمرين والأفراد.
بالإضافة إلى ذلك، يعيق هذا الضعف تطوير المنتجات والخدمات المالية الإسلامية، ويجعل البنوك الإسلامية أقل قدرة على المنافسة مع المصارف التقليدية. كما أن غياب حملات التوعية الفعالة يؤثر على انتشار الصيرفة الإسلامية في السوق الجزائري.
ولتجاوز هذه العقبة، يجب تعزيز الثقافة المالية الإسلامية من خلال الإعلام، والمناهج الدراسية، وبرامج تدريبية متخصصة، لضمان توسيع هذا القطاع وزيادة إقبال العملاء عليه.
الأيام نيوز: ما التحديات التي تواجه البنوك الإسلامية في الجزائر في مجال الرقمنة والتكنولوجيا المالية؟
حابي عبد اللطيف: تواجه البنوك الإسلامية في الجزائر تحديات كبيرة في مجال الرقمنة والتكنولوجيا المالية، مما يحدّ من قدرتها على تقديم خدمات رقمية تنافسية. من أبرز هذه التحديات ضعف البنية التحتية الرقمية، حيث لا تزال تفتقر إلى أنظمة إلكترونية متكاملة تتيح المعاملات عبر الإنترنت. كما تعاني من غياب حلول دفع إلكترونية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مما يجعلها أقل قدرة على تقديم خدمات مثل المحافظ الرقمية والتحويلات السريعة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص في الكفاءات المتخصصة في التكنولوجيا المالية الإسلامية، ما يؤدي إلى بطء التحول الرقمي. كما يمثل الامتثال الشرعي للخدمات الرقمية تحديًا، حيث يجب تطوير حلول تكنولوجية دون مخالفة أحكام الشريعة. كذلك، فإن ضعف التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية (Fintech) يعيق الابتكار في هذا المجال.
ولتجاوز هذه العقبات، يجب تعزيز الاستثمار في التحول الرقمي، وتطوير حلول مالية إسلامية رقمية، مع تحسين التدريب المتخصص، وتحديث الإطار القانوني لدعم الابتكار في الصيرفة الإسلامية الرقمية.
الأيام نيوز: كسؤال أخير، كيف يمكن للبنوك الإسلامية في الجزائر تجاوز تحديات التمويل وجذب الاستثمارات لضمان استدامتها ونموها؟
حابي عبد اللطيف: لتجاوز تحديات التمويل وجذب الاستثمارات، تحتاج البنوك الإسلامية في الجزائر إلى تبني استراتيجيات فعالة لضمان استدامتها ونموها.
أولًا، ينبغي تطوير سوق الصكوك الإسلامية كبديل عن السندات التقليدية، مما يتيح جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية. كما أن إنشاء نوافذ لإعادة التمويل الإسلامي عبر البنك المركزي سيمكّن البنوك الإسلامية من الحصول على السيولة دون اللجوء إلى الأدوات الربوية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تحسين البيئة الاستثمارية من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتقديم حوافز ضريبية سيعزز من جاذبية التمويل الإسلامي. ويمكن أيضًا استغلال التكنولوجيا المالية الإسلامية عبر تطوير منصات التمويل الجماعي الإسلامي والخدمات المصرفية الرقمية، ما يسهم في توسيع قاعدة المستثمرين.
علاوة على ذلك، فإن تعزيز الثقافة المالية الإسلامية من خلال حملات توعية واسعة النطاق سيزيد من ثقة العملاء والمستثمرين في هذا النموذج المصرفي. وأخيرًا، فإن تعزيز الشراكات مع الشركات الاستثمارية وصناديق التمويل الإسلامية سيفتح آفاقًا جديدة للتمويل ويوفر مصادر إضافية لرأس المال، مما يضمن استدامة ونمو البنوك الإسلامية في السوق الجزائري.