في وقت تستمر فيه الجهود الدولية لمحاولة التوصل لاتفاق نووي في فيينا، أصدر أغلبية الأعضاء في البرلمان الإيراني بيانا يتضمن شروطا لعودة إيران للالتزام بالاتفاق النووي الموقع في عام 2015.
واتفق 250 من أعضاء البرلمان على أنه يتعين على الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية في الاتفاق تقديم ضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق بعد إحياء العمل به، وبعدم تفعيل آلية لإعادة فرض العقوبات على طهران.
وقال مراقبون إن هذه المطالب البرلمانية قد تعرقل الوصول لاتفاق نووي بين إيران والمجموعة الدولية لبعض الوقت، لكن لا يمكن لها أن تمنعه بشكل نهائي، في ظل السيناريوهات الغربية والأمريكية الأخرى المتعلقة بالعقوبات الاقتصادية والخيار العسكري أيضا في حال عدم التوصل لاتفاق.
مطالب برلمانية
وجاء في الرسالة التي تم قراءتها في جلسة البرلمان وتحمل توقيع 250 من أصل 290 نائبا في البرلمان الإيراني، أن على الأطراف الأمريكية والأوروبية أن تضمن عدم انسحابها من الاتفاق أو تفعيل آلية لإعادة فرض العقوبات على طهران إذا ما خالفت الالتزام ببنود الاتفاق.
وقال النواب في الرسالة: “علينا أن نعي الدرس من التجارب السابقة وأن نرسم خطا أحمر فيما يتعلق بالمصلحة الوطنية بعدم الالتزام بأي اتفاق دون الحصول على الضمانات الضرورية أولا”.
كما اشترط البرلمان ألا تتم العودة إلى الاتفاق إلا إذا تم رفع جميع العقوبات، بما في ذلك العقوبات المتعلقة بالإرهاب والأنشطة الإقليمية وبرنامج الصواريخ الباليستية وحقوق الإنسان.
وأكد البيان البيان أن النواب يريدون أولا التأكد من أن طهران ستحصل على أموال من صادراتها وذلك قبل عودة الحكومة للالتزام ببنود الاتفاق النووي، معتبرين أنه على الأطراف الغربية التخلي عن “آلية الزناد”، كخيار للعودة لفرض عقوبات الأمم المتحدة إذا خالفت إيران، الأمر الذي يستوجب أن تعلق طهران جميع الأنشطة المتعلقة بالتخصيب والمعالجة النووية بما في ذلك تطوير الأبحاث.
عقبات وعراقيل
اعتبر مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، أن موقف البرلمان الإيراني من الاتفاق النووي ومفاوضات فيينا موقف طبيعي لأن المنظومة الحاكمة الإيرانية معتادة بأن يكون هناك جناح يتفاوض ويعطي الانطباع أنه يقدم تنازلات ومستعد للانخراط في عملية تطبيع مع المجموعة الدولية، وهناك جناح آخر داخل إيران يمثله البرلمانيون الآن، يريد أن يرفع سقف المطالب وأن يعطي الانطباع أنه إذا تمت هناك تنازلات من طرف النظام الإيراني فإنها فعلا تضحيات قدمت وتنازلات ملموسة للمجموعة الدولية.
وتابع في حديثه لـ “سبوتنيك”: “لكن في المقابل نجد نفس السيناريو تقريبا موجود في الولايات المتحدة الأمريكية، فالمفاوض الأمريكي والإدارة الأمريكية لهم خطاب ويريدون أن يترجموه بطريقة واحدة وهي استعداد الديمقراطيون والرئيس بايدن بالعودة للاتفاق”.
واستطرد: “لكن في المقابل، يهدد الجمهوريون داخل الكونغرس الأمريكي بعدم الالتزام بما سيوقع عليه الرئيس جو بايدن، ويهددون بالإقدام على تعقيدات وعراقيل لأي اتفاق يمكن أن يتم مع الإيرانيين إذا لم يلب الحاجات الأمنية والاستراتيجية التي يبحثون عنها حاليا”.
ويعتقد الطوسة أن هذه المواقف يمكن أن تعرقل وتؤخر المفاوضات، لكن لا يمكن لها أن تمنع التوصل إلى اتفاق وتفاهم بين إيران والمجموعة الدولية.
وتابع: “غياب الاتفاق السياسي بين الطرفين يعني عقوبات اقتصادية أكثر، وعزلة دولية أكبر، وربما مواجهة عسكرية مع الغرب، والبرلمان الإيراني ليس مستعدا لمواجهة هذه المعادلة العسكرية والأمنية مع الغرب”.
اختصاص المجلس القومي
بدوره اعتبر الدكتور عماد ابشناس، المحلل السياسي الإيراني، أن مسألة المباحثات النووية من شأن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني فقط.
وتابع في حديثه لـ “سبوتنيك”: “إذا لم يكن هناك أي تعديلات على الاتفاق النووي فإن الوفد الإيراني يستطيع اتخاذ قرار بشأنه، ولكن إذا كان هناك تعديل فيجب على الحكومة أن تعود للمجلس لأخذ الموافقة عليه قبل الشروع في إبرام الاتفاق”.
ويرى ابشناس، أنه على الرغم من ذلك فيمكن للمجلس سن قانون يحد من خيارات المفاوض النووي أو تنفيذ أي اتفاق لا يلبي الشروط التي وضعها المجلس أو استجواب وإسقاط وزير الخارجية أو حتى إسقاط الحكومة، ولكن “لا أتصور أن الموضوع سوف يصل إلى هذا الحد”.
وأفادت تقارير إعلامية عبرية، والجمعة الماضي، بأن إسرائيل تستعد لتوقيع اتفاق نووي بين إيران والقوى الكبرى الأسبوع المقبل.
ونقلت قناة “كان” الإسرائيلية الرسمية عن مسؤول رفيع في إسرائيل قوله: “على الرغم من وجود قضايا لم يتم التطرق إليها بعد، فإن الاتجاه هو نحو حل وسط مع إيران”. وأضافت أن تل أبيب تستعد للإعلان عن التوصل لاتفاق نووي مع إيران، الأسبوع المقبل.
وتأمل إسرائيل أن يكون رفع العقوبات عن إيران تدريجيا، لكنها تعتقد أن الولايات المتحدة ستشجع الشركات التجارية على التعامل مع إيران.
وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي في وقت سابق اليوم، إن الطرفين في المراحل النهائية من المفاوضات في فيينا. وتابع: ليس من الواضح ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة”، مشيرا إلى أن هذا يعتمد على الإرادة السياسية.
وقال: “نقترب من وثيقة نهائية والاتحاد الأوروبي يأمل أن تكون هناك اتفاقية نهائية بشأن التسوية النووية”.
ومنذ العام الماضي، تجري مفاوضات بين إيران من جهة، وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى، بينما تشارك الولايات المتحدة في الحوار دون خوضها أي اتصالات مباشرة مع الطرف الإيراني.
وتهدف المفاوضات إلى إحياء الاتفاق النووي مع إيران الموقع عام 2015، والذي انسحبت منه واشنطن في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أعاد فرض عقوبات مشددة على طهران ما دفعها للتخلي عن التزاماتها النووية التي نص عليها الاتفاق