تواصل الدول الأوروبية مساعيها لتوفير مصادر جديدة من الغاز والنفط، بعد إقرارها خطة للتقليل من الإمدادات الطاقوية الروسية بنسبة 90 بالمائة مع نهاية سنة 2022 الجارية.
وعلى الرغم من أن الجزائر أقرب مصدر طاقوي إلى فرنسا وإسبانيا ما يعني أقله تكلفة، إلا أن باريس ومدريد لم تتوانى في التواصل مع قطر والإمارات بشأن إمدادات إضافية من الغاز والبترول.
وفي قراءته لهاته المفاوضات، قال الخبير في العلاقات السياسية الدولية عبد الرزاق صاغور، بأن: “فرنسا وإسبانيا مجبرة على التوجه إلى مصادر طاقوية عديدة إذا أرادت تعويض الإمدادات الروسية لها”.
وأضاف في تصريح لموقع “الأيام نيوز” بأن: “الجزائر لا تستطيع تلبية كل حاجيات أوروبا الطاقوية سواء فرنسا وإسبانيا، وهي الآن تصدّر بقدرتها القصوى من الغاز والنفط”.
وتابع: “ربما مستقبلا في حال حدوث اكتشافات جديدة بما فيها الاستثمار في الغاز الصخري، يمكننا تغذية ما يصل إلى 30 بالمائة من السوق الأوروبية”.
وعلى الرغم من أن الجزائر لا تزال الوجهة الطاقوية المثالية لأوروبا نظرا للقرب الجغرافي منها والخبرة في القطاع، ما ينعكس إيجابا على الأسعار وضمان الأمن الطاقوي لها.
لكن هذه التوجهات الفرنسية والاسبانية نحو الطاقة الخليجية على تحدّياتها الكبيرة، لا يُمكن حصرها في دواع اقتصادية بحتة، دون ربطها بالتوترات الدبلوماسية للجزائر مع باريس ومدريد.
فحتى روسيا التي دخلت في حرب متعددة المجالات مع معسكر الغرب، وبقيت وفيّة لمعاهداتها الاقتصادية في تصدير الطاقة إليه، إلا أنّها قطعت فعلا إمدادات عن عدد من دوله، على غرار هولندا وبولندا وبلغاريا وفنلندا والدنمارك.
ولو أن حجة موسكو كانت جاهزة في هذا المنع، وهي عدم امتثال هذه الدول للدفع بالروبل الروسي، إلا أن هذا الشرط الاقتصادي لا يُلغي دواعي سياسية روسية في صراعها مع الغرب.
الجزائر حتى ولو لم تقلها بصفة علنية، إلا أن نبرة تواصلها مع إسبانيا في ملف الطاقة فقدت رحابتها منذ انقلاب رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيز على الشرعية الدولية في ملف الصحراء الغربية.
كما أنها لم تكترث لإرسال تطمينات دورية إلى فرنسا حول إمدادات إضافية من الطاقة، على الرغم من التداعيات الجليّة والمتسارعة للعقوبات الاقتصادية المتبادلة بين روسيا والاتحاد الأوروبي.
ومقابل ذلك، ترفع الجزائر صوتها عاليا وبنبرة ودّية من أجل طمأنة إيطاليا حول أمنها الطاقوي وزيادة إمداداتها من الغاز والنفط وحتى تصدير الكهرباء إليها.
ما يعكس ثبات الدبلوماسية الجزائرية على نهجها الهادئ في الردّ على خصومها، ويجدد موقفها السيد بخصوص ملفات توتر العلاقات مع باريس ومدريد.