أفاق العالم، الأسبوع الجاري، على قفزات تاريخية في أسعار الغاز، التي لامست مستوى 4000 دولار لكل ألف متر مكعب يوم الاثنين، فيما أشارت توقعات الخبراء إلى احتمال وصول سعر البترول إلى 300 دولار للبرميل إذا ما تم فرض حظر على صادرات النفط الروسي.
وسجلت أسعار الغاز في أوروبا، الاثنين، ارتفاعا بنسبة 79% للمرة الأولى، حيث بلغ 3900 دولار لكل ألف متر مكعب، وبقيت الأسعار فوق مستوى 3200 دولار يوم الثلاثاء، مع ارتفاعات في العقود الآجلة.
ويقترب النفط من 140 دولارا للبرميل في أعلى مستوى له منذ عام 2008، مدفوعا بحديث أمريكي عن فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي، ما تسبب في إرباك أسواق الطاقة حول العالم وارتفاع مباشر وفوري لأسعار عدد من السلع، وسط توقعات بموجات تضخم غير مسبوقة حول العالم.
وفي الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الروسية الصينية تحالفات جديدة في مجال صادرات الطاقة، أقرت أوروبا بأن اقتصاداتها لن تتحمل فرض عقوبات على صادرات الطاقة الروسية، والتي تعتمد عليها بعض البلدان الأوروبية بنسب تصل إلى 100 في المئة و 80 في المئة من إجمالي وارداتها من النفط والغاز.
وفي حديث لـ “سبوتنيك” قال خبير النفط العالمي ممدوح سلامة إن “روسيا تصدر 8 ملايين برميل منها خمسة نفط خام وثلاثة ملايين من المشتقات فضلا عن 200 مليار متر مكعب للاتحاد الأوروبي ونصف هذه الكمية للصين بالتالي لا يمكن بأي حال التخلي عن النفط الروسي لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع خطير في الأسعار لن يتحمله سوق النفط ولا المستهلكين”.
وأشار إلى أن “العالم بدأ في عام 2021 مرحلة متسارعة من النمو تعرف بالدورة الفائقة أو (Super cycle)، وهي مرحلة قد تستمر إلى عشر سنوات وقد تأخذ خام برنت إلى 120 دولار خلال السنوات المقبلة”.
وأشار عضو الجمعية الاقتصادية والإحصاء تركي فدعق، إلى أن “العالم لم يمر خلال العقدين الماضيين بموقف أثر على معدل الطلب في العالم مثل كورونا، لذلك اتخذت أوبك بلس قرارها بالعودة إلى مستويات الإنتاج إلى ما قبل الجائحة وهو قرار استراتيجي وقد التزمت به الدول، أما التأثيرات الناتجة عن المواقف السياسية الناجمة عن الأزمة الأوكرانية فهو مرتبط بحدث مؤقت في منطقة جغرافية محددة، وستعود آليات العرض والطلب بمجرد انتهاء الأزمة”.
وأوضح الخبير في الشؤون الجيوسياسية والاقتصادية، بيير عازار، أنه “عندما تحاول الدول إيجاد سبل لتنويع مصادر إيراداتها من المشتقات النفطية خارج الواقع الروسي ستصطدم بكلفة عملية نقل هذه المشتقات، حيث أن ما يميز الواقع بين روسيا والدول الأوروبية التي تستورد الغاز إنه يكون أرخص بكثير حيث يتم التصدير عبر الأنابيب بكلفة أقل كثيرا من البدائل من الغاز المسال من قطر الذي لا يمكن أيضا أن يلبي هذه الكميات الهائلة، بالتالي سيضر الدول التي تسعى إلى التنويع تحت ذريعة الأزمة الأوكرانية” .
وأكد أن “تذبذبات أسعار الطاقة ستتوقف فور توقف الأزمة مشيرا إلى أن تحديد منسوب الأسعار الآن لا يتم بآلية العرض والطلب”، مؤكدا أنه “لا يمكن فصل هذه التذبذبات في قطاع الطاقة عما يفعله الجيش الروسي، الذي يحاول ضبط الإيقاع على المسرح الدولي، وما يفعله الرئيس بوتين يعيد الاعتبار إلى الحزامين الأمنيين اللذان يحيطان بروسيا من أجل البقاء كقوة عظمى لإعادة التوازن الاستراتيجي للنظام العالمي”.