كشفت صحيفة “هولندا تايمز”، يوم الخميس الماضي، بأن وليّة عهد هولندا الأميرة “أماليا”، البالغة من العمر 18 عاما، مُستهدفةٌ بالقتل أو الاختطاف من طرف المغربي “رضوان تاغي” الذي ينتمي إلى عصابة “موكرو مافيا” مُعظم أفرادها من أصول مغربية.
قالت “هولندا تايمز” أنه قبل أربعة أسابيع، أفادت تقارير أمنية عن ظهور أدلّة تفيد بأن الأميرة “أماليا” ورئيس الوزراء “مارك روتي” مُستهدفين من طرف العصابة المغربية “موكرو مافيا”، لقتلهما أو اختطافهما. وذكرت الصحيفة بأن علاقة “رضوان تاغي” بهذه القضية لم تتأكّد، حيث وصف فريقُه القانوني المعلوماتَ المُتداولة بأنها “كاذبة ولا أساس لها من الصحة”.
وذكرت بأن “تاغي” “يحاكم، حاليًا، بتهمة سلسلة الاغتيالات، ومحاولات القتل المرتبطة بالجريمة المُنتظّمة”. وأضافت أن اسم هذا المجرم المغربي ظهر في قضايا عديدة، منها جريمة قتل المُحامي “ديرك ويرسوم” لأنه كان الشاهد الرئيسي الذي أدلى بشهادته، ضد “تاغي”، ومجموعة من المُتهمين الآخرين معه، في جريمة قتل رميًا بالرصاص في عام 2019، ذهب ضحيتها شابين شقيقين من أصول عربية.
لم تُورد الصحيفة أيّ تفاصيل حول التهديد الذي تعرّضت له “الأميرة أماليا” ورئيس الوزراء “مارك روتي”، وما العلاقة التي تربط بين الشخصيتين ليكونا هدفا واحدا لعصابة مُتخصصة في الجريمة المُنظّمة. وكل ما أفادت به “هولندا تايمز” أن “أماليا” التحقت بجامعة أمستردام، في يومها الأول، كطالبة في السنة الأولى، في الخامس سبتمبر / أيلول2022، واختارت دراسة السياسة وعلم النفس والقانون والاقتصاد.
قالت الصحيفة، نقلا عن الملك ويليم ألكسندر والملكة ماكسيما، بأن الأميرة “لم تعد تعيش في أمستردام، ولا يُسمح لها أساسًا بمغادرة منزلها. قبل ما يقرب من أربعة أسابيع”، وأوضحت بأن “ماكسيما” صرّحت للصحافة، خلال زيارة الدولة للزوجين الملكيين إلى السويد، قائلةً: “لا يمكنها مغادرة المنزل.. هذا له عواقب وخيمة على حياتها. وهذا يعني، بطبيعة الحال، أنها لا تعيش في أمستردام، وأنها أيضًا لا تستطيع مكان إقامتها الحالي”. وأضافت الملكة بأنها فخورة، بشكل خاص بابنتها، خلال هذه التجربة الصعبة. “بالنسبة لها (أماليا)، تعيش نمط حياة طُلاّبي مُختلف وقاس، ليس هو النمط نفسه الذي يتبعه الطلاب الآخرون.”
من جانبه، قال الملك “ويليم ألكسندر” بأنه لم يتمكن من التعبير عن تأثير الموقف عليه كأب، وأكد أنه “كان وقتًا صعبًا حقًا”. ووصفت الصحيفة حال الزوجين الملكيين بأن الدموع كانت تنهمر من عينيهما وهما يتحدثان إلى المراسلين الصحفيين.. وقالت الملكة: أنا عاطفية قليلاً حيال ذلك، بطبيعة الحال”.
نشرت “هولندا تايمز”، يوم الجمعة، مقالا بيَنت فيه تفاعل السلطات الهولندية، حيث كتبت: “رئيس الوزراء مارك روتي، وعمدة أمستردام فيمكي هالسيما، ووزير العدل ديلان يشيلجوز زيجيريوس، وسياسيون آخرون، عبّروا بصدمة وقلق حول ما كشفه الملك ويليم ألكساندر عن ولية العهد الأميرة أماليا، وبأنها عالقةٌ في المنزل بسبب التهديدات الموجهة إليها”. وقال رئيس الوزراء: “أنا آسف عليها (أمايا)، وبالطبع أنا قلق للغاية حيال ذلك”، ووصف ما أعلنه الزوجان الملكيان بأنه “أخبارٌ مروعة بشكل غير طبيعي، وأيضًا شديدة القسوة، في المقام الأول، بالنسبة للأميرة الشابة”.
أضافت الصحيفة بأن رئيس الوزراء “لم يستطع قول أيّ شيء عن التهديدات أو الإجراءات الأمنية المُتخذة”، حيث أوضح بأن كشف التفاصيل “يغضب الناس الذين يريدون أن يتمّ إعلامهم”. وأكّد بأن السلطات المعنية “تبذل قصارى جهدها لضمان سلامة الأميرة”.
من جانبه، قال عمدة المدينة “فيمكي هالسيما”: “قلبي يبكي لأن مثل هذه الشابة، المُقيّدة بالفعل في حرياتها بسبب وضعها الوراثي، أصبحت غير حرة.. في حين ينبغي أن تكون قادرة على الاستمتاع بدراساتها”.
أما وزير العدل والأمن “ديلان يشيلجوز زيجيريوس”، فقال بأنه “أمرٌ رهيب أن وليّة العهد تحتاج إلى الأمن”. ولم يعلق الوزير على التهديدات والتدابير الأمنية، واكتفى بالقول: “لكنني أضمن أن تعمل أجهزة الأمن لدينا بجد ليلاً ونهارًا لضمان سلامتها (أماليا)”.
البرلمانيون الهولنديون عبّروا أيضا عن استيائهم، حيث قال زعيم حزب “دي 66” يان باتيرنوت: “إن ولية العهد – التي تنتظر منها بلادنا الكثير في المستقبل – لا يمكنها أن تعيش كشابة، مثل أي شخص هولندي آخر، في سلام وأمان”. وأضاف: “هذا يتعارض بشكل مباشر مع ما نريده جميعًا في هذا البلد.. إن الشيء الجميل في هولندا هو أن رئيس الوزراء يذهب إلى العمل بالدراجة، وأفراد العائلة المالكة هم محور المجتمع.. لدينا الكثير من العمل لفعله.”
من جهتها، قالت زعيمة حزب “في في دي”، صوفي هيرمانا: “إنها أخبار صعبة. آمل للأميرة أماليا أن تنتهي من هذا قريبًا، حتى تتمكن من الاستمتاع بوقتها الخاص كطالبة، كما ينبغي أن يكون”. وأضافت: “يحق لأميرتنا أيضًا أن تعيش حياة طلابية خالية من الهموم، حيث يمكنها أن تجد طريقها الخاص في الحياة”.
“هذه الحقيقة المحزنة والمدمرة ، أن الحياة الطلابية الخالية من الهموم تبدو مستحيلة للأميرة ، تظهر أننا قد قطعنا شوطًا طويلاً” ، قالت عضو البرلمان عن الحزب الديمقراطي المسيحي، آن كويك. وأضافت: “يجب على الحكومة والمجتمع توحيد قواهما في مكافحة الجريمة المنظمة”.
إن المغربي “رضوان تاغي” وعصابة “موكرو مافيا”، لا يسيئون إلى أنفسهم فحسب، بل هم يسيئون إلى الإنسان العربي خصوصا، والمُسلم عموما، المقيم في الغرب. ويقدّمون المُسوّغات التي تستثمرها حركات التمييز والعنصرية ضد العرب والمُسلمين.
عندما يبلغ تهديد عصابة “موكرو مافيا” إلى استهداف وليّ عهد في بلاده، فهذا لا يُمكن تصنيفه في سياق الجريمة “العادية”، ولكنه أمرٌ يُمكن أن يُزعزع استقرار دولة، ويضرب منظومتها المُجتمعية التي تسمح لرئيس وزرائها بأن يذهب إلى عمله فوق درّاجة، ويسمح لأميرة ووليّة عهد أن تدرس في الجامعة دون تمييز عن بقية الطلبة.
ماذا لو حدث الأمر في البلد الأصلي الذي ينتمي إليه المغربي “رضوان تاغي”؟ لا يحتاج الأمر إلى جواب.. فلن يتم اتهام “موكرو مافيا”، على كل حال، ولن يتمّ اتهام “الكيان الصهيوني” بكل تأكيد.