أبرز المحلّل السياسي الفلسطيني، مأمون أبو عامر، أنّ الحديث عن موضوع الاصطفاف اتجاه القضية الفلسطينية واعتبار أنّ كل من يدعم القضية الفلسطينية هو أخٌ لي، ومن لا يدعم قضيتي فهو عدوّ لي، من الناحية النظرية لا يمكن القبول بهذا المبدأ على أساس كونه المعيار الوحيد للقياس في هذا الشأن، قد يكون أحد معايير القياس الرئيسية، ولكنه ليس المعيار الوحيد للاصطفاف والتمييز وتحديد من هو معي ومن هو ضدي.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ أبو عامر، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ هذا الأمر يمكن اعتباره كمبدأ أساسي فيما يتعلق بمساندة القضية الفلسطينية، وتقريب الناس من بعضهم البعض وجعلهم يذهبون إلى ما يسمى بتفكيك العقد وتجاوز المسائل المعقدة، بدلا من ربط المسائل كلها ببعضها البعض، وهذا المنطلق يجب أن ينسحب على الجميع في هذا الإطار، فعلى سبيل المثال لا الحصر إذا كان هناك اتفاق حول مبدأ القضية الفلسطينية وخلاف أحيانا في المذهب، هذا يجب أن لا يمنعننا من التعاون والتراس والتحالف من أجل مواجهة عدوّ مشترك يريد إبادة الجميع، فهذا مبدأ أساسي الكل فيه رابح، وضرورة تجاوز الخلافات الموجودة والتي لا يمكن نكرانها حتى لا تكون هي المقياس الذي نقيس عليه، ونرى أنّ من لا ينتمون إلى الإيديولوجية نفسها فهم بالتالي من الأعداء، هذا الأمر مرفوض رفضاً قاطعاً.
في السياق ذاته، أشار محدثنا، إلى أنّ معيار الإنسانية يجب أن يسبق كل شيء، قبل الدين، الإيديولوجية والعرق والقومية، فالإنسانية تأتي بالمقام الأول، وهي المقياس الأساسي بغض النظر لو كان هذا الفرد مسلما سنيا أو مسلما شيعيا، فهذا المسلم الشيعي أو السني الذي يتحالف مع الأعداء ضد الشيعة وضد مصالحهم، أو ضد العرب السنة ومصالحهم، فهذا إنسان خرج من إنسانيته بمجرد تحالفه مع الأعداء، وتحالفه مع الظلام، ومن هنا نجد أنّ هذا المعيار هو الذي يجب أن يحكم الناس في تعاملهم اتجاه القضايا العامة.
إلى جانب ذلك، أفاد الخبير في السياسة، أنّ أولئك المقصرين الذين لا يوفون بالتزامهم الأخلاقي والتزامهم الديني اتجاه القضية الفلسطينية لا يمكن أن نضعهم في موضع أعداء، يمكن أن يصطفوا وفق معايير أخرى، واعتبارات وحسابات خاصة بهم، فلسنا في موضع البراء والولاء، فإذا كنا نريد أن يكون البراء والولاء للقضية الفلسطينية فأعتقد أنّ مجمل الأمة العربية حتى أولئك الذين لا يؤيدون حركة المقاومة قد يكونوا مع القضية الفلسطينية لكن لهم رؤية أخرى في هذا الصدد، لذلك لا نستطيع أن نتهم الناس إذا كان الخلاف على قاعدة فكرية أو قاعدة فهم أو تصور للواقع وهذا مختلف، فالصحابة رضوان عليهم اختلفوا حول مسألة الولاية يوم علي ومعاوية ولم يُكفر فيهم أحد وهي مسألة جوهرية، لذلك لا يمكن أن نضع الناس في موضع واحد بمجرد أنهم لا يؤيدون خط المقاومة، ربما لهم رؤية أخرى في هذا الشأن.
وأضاف قائلا: “المشكلة الأخرى تكمن فيمن هم مختلفون مع المقاومة في نهجها لكن لا يصطفون مع الأعداء، فحسب معلومات وردت في محكمة الجنايات الدولية، هناك دولتين عربيتين مسلمتين سنيتين رفعتا قضية ضمن ستين دولة تشارك في الاعتراض على اختصاص محكمة الجنايات الدولية في طلب محاكمة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت أمام محكمة الجنايات بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وهذا ما يمكن أن نسميه ولاءً للظلم، هنا يمكن أن نقول إنّ هؤلاء معادون لنا حتى لو أظهروا بعض المودة اتجاهنا، إلاّ أنه وفي المسألة الجوهرية هم معادون لنا ويناصرون الكفار، وهذا ما يُجمع عليه أهل الأمة الإسلامية”.
هذا، وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أبرز المحلّل السياسي الفلسطيني، مأمون أبو عامر، أنّه لا يمكننا أن ننظر إلى أولئك المتخاذلين، نظرة غير نظرة الضعف وأنهم مقصرين، ولكن في الوقت ذاته لا يمكن أن نضعهم في صفوف المعادي، التي ينتمي أليها كل من يمارس الفعل أو القول في دعم الاحتلال الصهيوني في مواقفه وهذا هو المعيار الذي يمكن أن نحاسب عليه الناس.