يجدُ المسافرون اليمنيون ـ في ظل الحرب المندلعة ببلادهم ـ مشقُة بالغة في الخروج من مدينة “تعز” ـ الواقعة تحت رحمة فصائل الاقتتال ـ أو الوصول إليها عبر «هيجة العبد» وهو الطريق الذي يربط بين هذه المدينة ومحافظتي لحج وعدن.
يقول نبيل سعيد، أحد سائقي باصات النقل لـ«الأيام نيوز»: إننا “نعلقُ لساعات عدة وربما ليوم كامل أو أكثر في طريق هيجة العبد، ما يسبب عناءً للمسافرين ـ خاصة من الأطفال والنساء ـ حيث لا توجد خدمات أساسية ولا أماكن مخصّصة لمكوث العائلات.
وأضاف المتحدث: “منذ سنوات وأنا أعمل على امتداد هذا الطريق، وهنا رأيت الكثير من الحوادث المرورية الخطيرة.. شاحنات ومركبات أخرى تنقلب، الأمر الذي يجعل خروجنا من منازلنا بمثابة مغامرة قد لا نعود منها”، من جهته، يقول ريان القدسي ـ الطالب بكلية المجتمع بصنعاء ـ لقد: “تسبب انقطاع الطرقات الرئيسية بمخاوف كثيرة لنا، فضلا عن ارتفاع تكاليف السفر التي يضاعفها طول الطرق الفرعية ووعورة الأرض”.
وأضاف لـ«الأيام نيوز»: “القادمون من عدن ولحج والخارجون من تعز نحو هذين المحافظتين لا شك أنهم أصحاب المعاناة الأولى، فهم يمرون بمخاطر عديدة لا سيما في موسم الأمطار الذي لا يكاد يخلو يوما خلال دون سماع أخبار حادث مروري، أو انقلاب مركبة ما بسبب الانزلاقات التي تسببها المياه الجارية أو تساقط بعض الصخور”.
إحصاءات ومناشدات
في إحصائية حديثة نشرتها «منظمة سام للحقوق والحريات» فإن: “أكثر من 180 شخصا توفوا وأصيبوا في حوادث سير بطريق هيجة العبد – التي تعد المنفذ الوحيد للمحافظة – نتيجة تعرضها للخراب المستمر، وغياب أعمال الصيانة عنها منذ سنوات طويلة”، وأكدت المنظمة: “أن عدد الضحايا في طريق هيجة العبد بلغ 32 وفاة، و152 إصابة في 21 حادث سير، خلال الفترة من 2017 إلى 2021”.
وأوضحت الإحصائية أن «هيجة العبد» في مديرية «المقاطرة»: “تعد أهم طريق يربط مدينة تعز وأريافها بالعالم، وهي طريق جبلية وعرة تتعرض للخراب والإغلاق باستمرار بسبب الأمطار، ووقعت فيها مئات الحوادث الخطيرة”، هذا وذكرت المنظمة في بيان لها: أن “الحصار تسبب في ارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية بنسبة 50% تقريباً، وارتفاع أسعار الوقود بنسبة 30%، ما فاقم معاناة المواطنين بشكل كبير”.
من جهتهم، ناشد سائقو شاحنات النقل الثقيل السلطات المحلية ـ بمحافظتي تعز ولحج ـ التدخّل لإنهاء معاناتهم التي يتعرضون لها وهم في طريقهم إلى المدينة محملين بالمواد الغذائية أو المشتقات النفطية عبر طريق وعرة وخطرة للغاية، لكن مناشداتهم لم تلق أي استجابة أو تفاعل ملموس على أرض الواقع كما يقول الناشطون.
مختصو شق الطرقات أكدوا مرارا أن: “طريق هيجة العبد أصبحت في الوقت الراهن مهددة أكثر لحياة الناس، وقد تصبح غير صالحة لعبور المركبات والشاحنات بعد مرور الأيام ما لم يتم صيانتها وترميمها، وبهذا قد تحاصر المدينة وتغلق كل منافذ العبور”.
وعود وآمال كاذبة
والمعروف أن دخول الهدنة حيز التنفيذ جعلت اليمنيين ـ خاصة أبناء محافظة تعز ـ يشعرون بالتفاؤل، حيث كان من أبرز بنود الهدنة، إعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء الدولي، وفتح الطرق في مدينة تعز التي أصبحت شوارعها الرئيسية خطوط تماس بين قوات صنعاء والقوات المدعومة من السعودية وذلك مُنذ سبع سنوات.
وفي أوقات سابقة علق بعض أبناء المحافظة آمالهم عما رُوّج له في العاصمة السعودية الرياض من توقيع على عقد مشروع إعادة تأهيل طريق عقبة «هيجة العبد» بين البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، والشركة المنفذة لإصلاح الأضرار والانهيارات الجزئية في الطريق البالغ طوله 8,7 كم، لكنها طبخة سياسية بنكهة استغلال حاجة البسطاء هكذا يرى الصحفيون.
طريق مفتوحة للموت
طريق «هيجة العبد» ورغم أهميته القصوى إلا أن وضعه وصف بالكارثي، فالتشققات والحفريات والانهيارات الصخرية بسبب الأمطار ـ في ظل عدم قيام السلطات هناك بأعمال الصيانة والترميم بشكل مستمر ـ ضاعف من معاناة المسافرين الذين طالما كرروا مناشداتهم للجهات المعنية، وللعالم المتفرّج على اعتداءات تحالف الحرب على اليمن.
يشير نبيل سعيد في حديثه لـ«الأيام نيوز» إلى تحوّل طريق هيجة العبد من طريق للإنقاذ ودخول المواد الغذائية والمشتقات النفطية إلى طريق للموت المفتوح أمام القادمين إلى المحافظة والمسافرين منها، وهذا ما تؤكده الإحصاءات الرسمية للحوادث وتقارير المنظمات، والتي من بينها إحصائية رسمية ـ صادرة عن الإدارة العامة لشرطة المرور في مديرية المقاطرة بمحافظة لحج ـ تشير إلى أن الخسائر المادية التي تسببت بها طريق هيجة العبد تُقدر بـ165 مليون ريال يمني.