واشنطن تخطط لـ”ثورة ألوان” في جورجيا.. الغرب يخاطب تبليسي: “اسمحوا لنا أن نخترقكم وإلا سنغضب”

قبل أيام قليلة ـ وبالضبط يوم الجمعة الماضي 5 جويلية- أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، أن الولايات المتحدة أرجأت إلى أجل غير مسمى مناورات عسكرية واسعة النطاق مع جورجيا، وأوضح بيان لـ”البنتاغون”، أن هذا القرار تم اتخاذه بسبب “اتهامات” أطلقتها الحكومة الجورجية، مفادها أن واشنطن منخرطة في ممارسة ضغوط على تبليسي “لفتح جبهة ثانية ضد روسيا بغية تخفيف الضغط عن أوكرانيا”، وأنها “ضالعة في محاولتين انقلابيتين ضد الحزب الحاكم”.

البيان وصفت الاتهامات بـ”الكاذبة” وأوضح أن “حكومة الولايات المتحدة ارتأت أن التوقيت الحالي غير مناسب لإجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق في جورجيا”، في إشارة إلى تدريبات كان من المقرر أن تبدأ في 25 جويلية، وتنتهي في السادس من أوت المقبل.

كل هذا جاء، في خضم فتور يسود العلاقات بين الولايات المتحدة وجورجيا، بعدما مضت تبليسي قدماً في قانون ” النفوذ الأجنبي ” المستوحى من التشريعات الروسية، والرامي إلى التضييق على مجموعات توصف في الإعلام الغربية أنها “معارضة”، لكنها في حقيقة الأمر تعمل لفائدة واشنطن واستخباراتها كما كانت ولا تزال تعمل حكومة أوكرانيا.

وفي ماي الماضي أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنّ بلاده قرّرت “إجراء إعادة نظر شاملة في تعاونها مع جورجيا”، وذلك بعد إقرار تبليسي قانون “النفوذ الأجنبي”، بما يعني أن واشنطن تريد القول لـ”تبليسي”: “اسمحوا لنا أن نخترقكم وإلا سنغضب”، والواقع أن واشنطن غاضبة جدا، ولا شك أنها تخطط لأمر ما: فماذا هناك؟

الإجابة –بالتأكيد- لدى الاستخبارات الخارجية الروسية التي كشفت –في بيان لها- أن واشنطن تخطط لقلب السلطة في جورجيا خلال الانتخابات البرلمانية في 26 أكتوبر القادم، وأن البيت الأبيض وضع خطة لتشويه حزب “الحلم الجورجي” الحاكم، عبر الترويج لمزاعم تتهم روسيا بأنها المسؤولة عن كل المشاكل التي تعانيها البلاد.

وأضاف البيان: إنه من المقرر أن تلعب الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي الدور المركزي في هذه الخطة وتجري مقابلة مع وسيلة إعلام أمريكية تتهم فيها الحكومة بـ”إجهاض مفاوضات انضمام تبليسي إلى الاتحاد الأوروبي وتحذر من عواقب كارثية للتقارب مع موسكو”، وأشار بيان الاستخبارات إلى أن الرعاة الأمريكيين كلفوا القوى المعارضة في جورجيا بتنظيم احتجاجات حاشدة في البلاد.

وللتذكير فقد أقر البرلمان الجورجي مؤخرا قانونا يقضي بأن أية منظمة غير حكومية أو وسيلة إعلام تتلقى أكثر من 20% من تمويلها من الخارج، سيتم تسجيلها باعتبارها “منظمة تسعى إلى تحقيق مصالح قوة أجنبية” وأن سيتم إخضاعها لرقابة إدارية، وقد استخدمت الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي، المؤيّدة لأوروبا، حقّ النقض ضدّ هذا القانون، لكنّ حزب “الحلم الجورجي” يتمتّع بالأغلبية النيابية اللازمة ما سمح له بتجاوز الفيتو الرئاسي.

وبعدما فشلت الرئيسة زورابيشفيلي في إجهاض قانون العملاء الأجانب، لم تجد ما تفعل سوى دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندها “لإخراج القوقاز نهائيا من النفوذ الروسي”، وقالت في خطاب متلفز –ماي الفارط- “اليوم، أستخدم حق النقض ضد القانون الذي هو روسي في جوهره ويتعارض مع دستورنا”، وأشارت الرئيسة إلى أن القانون قد يشكل عقبة في طريق انضمام بلادها للاتحاد الأوروبي.

وقالت زورابيشفيلي -وهي دبلوماسية فرنسية سابقة- خلال لقاء مع صحيفة “لا تريبون ديمانش” إن عدم وجود فرنسا انحراف “أقول هذا بعبارات واضحة جدا. لقد كتبت إلى الرئيس ماكرون، وتابعت “ليست جورجيا وحدها على المحك، بل إنها مسألة إخراج القوقاز نهائيا من النير السوفياتي والنفوذ الروسي”.

من جانبه، قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى جورجيا، أمس الثلاثاء، إن الكتلة جمّدت مساعدات عسكرية بقيمة 30 مليون يورو (32 مليون دولار)، وسط ما وصفه بـ”النقطة متدنية” في العلاقات بين الجانبين، مبدياً شكوكه في أن يعيد التكتل فتح محادثات العضوية في وقت ما خلال العام الحالي.

وأضاف السفير باول هيرتشينسكي، في حديثه خلال فعالية في تبليسي: الكتلة “ستقلص تدريجياً المساعدات المقدمة للحكومة الجورجية، وستتحول بدلاً من ذلك نحو دعم المجتمع المدني ووسائل الإعلام في البلاد”،

وكانت جورجيا، إلى جانب أوكرانيا ومولدوفا، قدّمت طلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد أيام على بدء العملية الروسية في أوكرانيا في فيفري 2022، إذ حصلت في ديسمبر الماضي على وضع المرشح، لكن الاتحاد قال مراراً إن “سياسات تبليسي الحالية تعني أن محاولتها للانضمام قد تم تجميدها فعلياً”.

كل هذه المعطيات تشير إلى أن الغرب بزعامة واشنطن، يريد جر جورجيا إلى حمام دم لاستخدامها ضد روسيا مثلما تم استخدام أوكرانيا، ضمن صراع الشرق والغرب، الذي أشار إليه الرئيس الفنلندي، ألكسندر ستوب مقال له في مجلّة “ذي إيكونوميست” البريطانية، موضحا من خلاله أن “الغرب والشرق يتصارعان على العقول والقلوب في الجنوب”، مؤكدا أن الجنوب هو الذي سيقرر اتجاه النظام العالمي الجديد.

ورأى ستوب أن الغرب يخطئ إذا تصور أن الجنوب سوف ينجذب إليه فقط، بسبب ما سمّاه “القيم أو قوة الحرية والديمقراطية”، وأن الشرق أيضاً يخطئ إذا تصور أن مشاريع البنية الأساسية الضخمة والتمويل المباشر من شأنهما أن يمنحاه النفوذ الكامل في الجنوب، وخلص الرئيس الفنلندي، في مقاله، إلى أن “الأمر، في نهاية المطاف، يتعلق بالقيم والمصالح معاً”، وأن “الجنوب سوف يختار ما يشاء، لأنه قادر على ذلك”.

وحيد سيف الدين - الجزائر

وحيد سيف الدين - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية إلى غاية 17 سا بلغت 26.45 % تمديد توقيت غلق مكاتـب الإقتراع إلى الثامنة مساءً نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية إلى غاية الواحدة زوالا بلغت 13.11 % بوغالي: اليوم تصل الجزائر إلى محطة من محطاتها الخالدة وتعطى الكلمة للشعب الملاكمة إيمان خليف: الواجب الانتخابي ضروري من أجل حماية الوطن حساني شريف: نحن اليوم أمام استحقاق حاسم ومهم وسنقبل أي اختيار يقوم به الشعب الفريق أول السعيد شنقريحة يؤدي واجبه الانتخابي تبون: الفائز في هذه الانتخابات سيواصل المشوار المصيري للدولة الجزائرية قوجيل: الجزائر تعيش يوما تاريخيا نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية بلغت 4.56% حتى الساعة العاشرة صباحا رئاسيات 2024.. العرباوي: الشعب الجزائري سيختار المرشح الأكثر استحقاقا المترشح أوشيش يدعو الجزائريين إلى التجند والتعبير عن صوتهم شرفي: قرابة 63 ألف مكتب تصويت و500 ألف مؤطر لتنظيم رئاسيات 2024 رئاسيات الـ 7 سبتمبر.. إمكانية التصويت بتقديم وثيقة رسمية تثبت هوية الناخب الجزائر تنتخب رئيسها