بينما يدور سجال بين مصر وإثيوبيا حول مشروع سد النهضة الكبير، الذي تخشى القاهرة أن يؤثر على إمداداتها من المياه ما لم يكن هناك ضمانات واضحة حول تشغيله، ظهرت وثائق تكشف تشجيع أديس أبابا على استمرار احتلال بريطانيا للدولة الشمالية.
ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” اليوم الأربعاء، أنها حصلت على وثائق قديمة، تكشف عن تشجيع إمبراطور إثيوبيا الراحل هيلا سيلاسي لمنع التقارب بين مصر والسودان، من خلال استمرار الاحتلال البريطاني للبلدين.
ونصح سيلاسي البريطانيين بالتراجع عن خطة الجلاء عن مصر عام 1954، قائلا إن هذا الانسحاب “سوف يترك فراغا له عواقب”. في ذلك الوقت، نظرت بريطانيا إلى الموقف الإثيوبي باعتباره يعكس صعوبة تسوية الخلافات الحادة بين الدول الثلاث حول مياه نهر النيل.
حدث ذلك خلال زيارة الإمبراطور إلى المملكة المتحدة في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1954، قبل أيام من توقيع اتفاق الجلاء بين القاهرة ولندن. كانت العلاقة بين بريطانيا وإثيوبيا عميقة بعد مساعدة الأولى في طرد الاحتلال الإيطالي من البلد الأفريقي.
وبرر الزعيم الإثيوبي موقفه بالقول إن الحكومة المصرية في ذلك الوقت “غير مستقرة”، وإن الانسحاب سيترك “فراغا كبيرا”، لكن الجانب البريطاني توصل إلى أن مخاوف سيلاسي الحقيقية هي احتمال “سيطرة المصريين على السودان”، حيث اتهم القاهرة بمحاولة تقديم رشوى للسياسيين السودانيين.
لم يقتنع الجانب البريطاني بكلام الإمبراطور ورد بأنه “من المفترض أن تخدم حالة عدم الاستقرار المزعومة في مصر مصلحة إثيوبيا”. وتوقعت لندن بعد ذلك صعوبة كبيرة في حدوث توافق بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا لحل الخلافات المستعصية بشأن مياه النيل.
كانت بريطانيا آنذاك ترعى مباحثات غير رسمية بين الدول الأفريقية الثلاث في محاولة للتوصل إلى تسوية مرضية لكل الأطراف.