غيّب الموت، يوم أمس، الشيخ المصري أبو إسحاق الحويني، أحد أبرز المحدثين المعاصرين، عن عمر يناهز 68 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض.
وقد أثار خبر وفاته موجة واسعة من الحزن في الأوساط الدينية والشعبية، نظرًا لما كان يمثله من قيمة علمية كبيرة في مجال الحديث النبوي.
نشأته ومسيرته العلمية
وُلد الشيخ الحويني، واسمه الحقيقي حجازي محمد يوسف شريف، في 10 يونيو 1956 بقرية حوين بمحافظة كفر الشيخ في مصر.
والتحق بكلية الألسن بجامعة عين شمس، حيث درس اللغة الإسبانية، لكنه لم يجد شغفه في هذا المجال، فاتجه إلى طلب العلم الشرعي، حيث تأثر بالشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الذي يعد من كبار علماء الحديث في العصر الحديث.
وكرّس الحويني حياته للبحث في علوم الحديث، فبرز كواحد من أهم المحدثين السلفيين في العالم العربي، حيث اهتم بتصحيح وتضعيف الأحاديث وفق المنهج الحديثي الدقيق. ومن أبرز مؤلفاته:
“إتحاف الناقم بوهم الذهبي في المهذب”
“تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النظر في كتب الأماجد”
“الثمر الداني في الذب عن الألباني”
وكان للشيخ الحويني حضور قوي في الإعلام، حيث قدم العديد من البرامج الدينية عبر قنوات فضائية مثل الناس، الرحمة، الندى، وغيرها، والتي تناول فيها قضايا تتعلق بالسنة النبوية، والفقه، والسيرة.
كما كان خطيبًا مفوّهًا، حاضر الذهن، مما جعله من أكثر الدعاة متابعةً وتأثيرًا.
وإضافةً إلى نشاطه في الإعلام، كان الحويني من أبرز الدعاة إلى إحياء علم الحديث، ودافع بقوة عن مكانة السنة النبوية في مواجهة تيارات فكرية تدعو إلى تجاوز النصوص الحديثية، وكان كثيرًا ما يُستشهَد بآرائه في قضايا فقهية معاصرة.
رحيله وردود الفعل
بعد فترة طويلة من المرض، أعلن نجله، حاتم الحويني، وفاة والده عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلًا:
“إنا لله وإنا إليه راجعون، انتقل إلى رحمة الله والدي ومعلمي، الشيخ أبو إسحاق الحويني. أسأل الله أن يتقبله في الصالحين ويجعل ما قدمه في ميزان حسناته.”
وقد تفاعل العديد من العلماء والدعاة مع خبر وفاته، حيث نعاه الشيخ محمد حسين يعقوب، قائلًا: “فقدنا اليوم علمًا من أعلام الحديث، كان ناصرًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يغفر له ويرحمه.”
كما كتب الدكتور محمد حسان: “وداعًا أيها الشيخ الفاضل، كنتَ مدرسةً في علم الحديث، ومدافعًا عن السنة. رحمة الله عليك.”
وفي السياق نفسه، قدّمت دار الإفتاء المصرية تعازيها، مؤكدةً أن الشيخ الحويني كان له إسهامات بارزة في خدمة علوم الحديث، وأن فقدانه يمثل خسارة كبيرة للأمة الإسلامية.
الجنازة ومراسم العزاء
أعلنت أسرة الشيخ أن مراسم تشييع الجنازة ستُقام في مسقط رأسه بقرية حوين بمحافظة كفر الشيخ، بعد صلاة العصر اليوم الثلاثاء.
كما سيتم إقامة العزاء يوم الأربعاء، 19 مارس، في نفس المكان، وسط توقعات بحضور عدد كبير من العلماء وطلاب العلم ومحبيه.