وريثة الحقد مارين لوبان.. فاقت في النُباح أباها!

أبٌ كرّس حياته لكراهية الآخرين، وجعل من حقده على الجزائريين عقيدة يدين بها ويدندن في كل مكان، ومات وهو على ذلك العهد الذي قطعه على نفسه مع الشيطان.. وبنت على نهج الوالد اللعين، تتغذى من فكره المتطرف وتقتات من تاريخه المقرف، وكلها فخر واعتزاز بالإرث العائلي المفعم بالخزي والعار، والموشح بالجريمة والدماء، من دون أدنى شعور بالندامة والملامة ولا الأسف، وقد صدق المتنبي يوم قال؛

مات في البرية كلب…. فاسترحنا من عواه

خلّف الملعون جروا…. فاق في النبح أباه

لم يكتف الأب “جون ماري” الملعون المسخ بالتطوع في صفوف الجيش الاستعماري الفرنسي، العامل ظلما في الجزائر وقتها، وهو العائد حيّا من حرب الهند-الصينية بعدما أنقذه جندي جزائري من هلاك وشيك.. بل راح يوغر في التلذّذ والاستمتاع بتمزيق أجساد الجزائريين وتقطيع أحشائهم، خلال عمليات التعذيب التي كان يشرف عليها شخصيا في “فيلا سوسيني” بالعاصمة الجزائر، في ظرف كان شرفاء فرنسا، على أقليتهم، يتظاهرون في باريس ضد الحرب، حفاظا على ما تبقى لديهم من أخلاق، وإبقاءً على ما أمكن من أرواح أبنائهم الذين كانوا يرون أنهم يُساقون إلى الموت عبثا في جحيم الجزائر.

مهلا آل-لوبان فلعنات الأرض والسماء سوف تلاحقكم.. لعنات الحاضر والماضي.. لعنات الأحياء والأموات.. لعنات الغيب عند القبض ويوم العرض.. وحتى التراب الذي سيضم فرائصكم يومها سيلعنكم على ما جلبتم له من لعنات.. فأنتم اللعنة الحيّة التي تلاحق فرنسا، والآفة التي تلوث صورتها بين الأمم، وأنتم الرذيلة التي تطاول الناس بفحشائها، منذ أن اعترف كبيركم وتفاخر بمسؤوليته عن التعذيب خلال حرب الجزائر؛ “.. ليس لدي ما أخفيه، فقد عذبت لأنني اضطررت إلى ذلك…؟”.. بكل صلف وتبجح واستهتار بالضمير والاخلاق والانسان.

فعِوض أن تسارع سيئة الذكر وريثة العار، إلى الاعتذار وطلب الصفح من ضحايا والدها المسخ، راحت تُمعن في الإثم وتظهر الحقد وتبدي من مساوئها المقرفة ما يُزكم الأنوف.. فها هي مرة أخرى تستغل الفترة الحرجة التي تمرّ بها العلاقات الجزائرية الفرنسية، والتي تسببت فيها عصابة باريس المتصهينة، لتصب الزيت على النار أكثر وتدعو إلى مقاطعة الجزائر، وطرد الجزائريين من فرنسا والتضييق على من لا يمكن طردهم، وإعادة النظر في كل المعاهدات الموقعة بين البلدين، وإلغاء اتفاقيات عام 1968م.

زعيمة اليمين المتطرف، كما يحلو لأنصارها توصيفها، ولعقدة النقص التي تعانيها كبقية العنصريين، استعارت موقف الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” حيال كولومبيا، وراحت تتبجح باستنساخه حرفيا لمواجهة الجزائر وقطع جميع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها، وتفعيل كل الإجراءات الانتقامية، فلا تحويلات مالية ولا تأشيرات ولا واردات.. مدّعية بأن فرنسا تظهر ضعفا تجاه الجزائر التي تبصق في وجهها صباحًا وظهرًا وليلًا.. على حد تعبيرها.

كل هذا، على الرغم من إنصاف العدالة الفرنسية السلطات الجزائرية في قرارها القاضي برفض استقبال المؤثر الجزائري المقيم بفرنسا، والذي تم ترحيله تعسفا وعنوة إلى الجزائر، وهو الإنصاف الذي أغاض الوزير الفرنسي “برونو روتايو” المتطرف في صورة “مارين لوبان” على رأس الداخلية الفرنسية.

العدالة الفرنسية حكمت بأن إجراءات طرد المؤثر المعني، كان بشكل خاطئ وبصورة متسرعة لم تُحترم فيها القواعد القانونية. وبالتالي، فإن هذا الحكم بشكل ما، هو حكم بالفشل على منظومة الحكم الحالية في باريس، والتي تُسهم بجهلها في إهانة المشهد السياسي الفرنسي، وتزيد من إفلاسه أكثر فأثر.

“مارين لوبان” لم تتوقف عند حدود الانتقاد الوقح للسلطة في الجزائر، وإنما تعدّت ذلك إلى الخوض في المسائل التاريخية، واعتبارها أن الاستعمار الفرنسي للجزائر لم يكن مأساةً، وأنّ فرنسا قدّمت للجزائر اقتصادياً، من حيث البنية التحتية، رأس المال الضروري لتمكينها من التطور والتحول إلى نرويج المغرب العربي.. في تجنٍّ واضح على الحقائق التاريخية والشواهد الواقعية التي لا تزال آثارها المدمرة قائمة إلى يوم الناس هذا.

فعلا، فقد قامت فرنسا الاستعمار بإنشاء المدن وشق الطرق ومدّ سكك الحديد وبناء المستشفيات والموانئ والمطارات.. كما تدّعي “لوبان” وغيرها من غلاة الاستعمار، لكنهم لا يذكرون الحقيقة كاملة، وذلك أن كل تلك الإنجازات كانت لصالح المعمرين الفرنسيين والأوروبيين، على حساب خيرات البلد وثرواته، والتي لم ينتفع منها الشعب الجزائري إلاّ ما كان من سقط الزند وفُتاة الموائد، فقد تمّ طرده إلى شِعب الجبال وتهميشه وإخراجه كلية من مشهد الحياة اليومية؛ فلا علم ولا عمل ولا استطباب ولا رفاه.. إلا ما كان من نزر يسير طال بعض أبناء الأهالي من المحظوظين جدّا، أو الخونة والعملاء المتعاونين مع الاستعمار.

فعلا، فقد بنى الفرنسيون الجزائر، لكن المقابل كان باهظا، ملايين الشهداء وأنهار من الدماء والدموع.. ومنافي وإعدامات وفقر وتجهيل.. وظلم وعدوان وسلب ونهب.. بغيٌ لم يسلم من شرِّه حتى الأموات، فقد ورد في بعض المراسلات العسكرية الاستعمارية، أن شركة فرنسية احترفت نبش المقابر الجزائرية، وانتشال رفاة الموتى وتصديرها إلى مصانع “الميتروبول” لاستعمالها في إنتاج مادة الصابون.. وأحقر من هذا لم تر البشرية أبشع ولا أشنع.

“لوبان” سيد الشرّ والكراهية مهلا، فكلّ المؤشرات والإحصاءات تدك أوهام ادعاءاتك الباطلة.. فغداة استقلال البلد، والعالم يعجّ بالحركية الصناعية والتجارية والعلمية، لم تترك فرنسا من مصانع سوى ما كان على عدّ الأصابع.. وكذلك الأمر بالنسبة للجامعات والمدارس والكليات، والمستشفيات والمركبات الرياضية.. وتِسعون بالمائة من عموم الشعب تحت سقف الأمية والجهل، ومئات الآلاف من اليتامى والثكالى والأرامل والجراحات العميقة.. فعن أي بنية تحتية تتكلم هذه المعتوهة المجنونة…؟

مصطفى بن مرابط - الجزائر

مصطفى بن مرابط - الجزائر

كاتب في الأيام نيوز

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
جامعة الدول العربية: تجويع الفلسطينيين جريمة حرب وإبادة جماعية وثائق سرية تفضح تورط جنرالات فرنسا في تعذيب الجزائريين خلال الثورة التحريرية مشروع استراتيجي لتعزيز تصدير الكهرباء الجزائرية نحو تونس وليبيا عرقاب في بشار لإطلاق مشاريع طاقوية استراتيجية هيئة اللجان الأولمبية الإفريقية تُكرّم الرئيس تبون بالوسام الذهبي استحداث "بكالوريا مهنية" لتعزيز التكوين المتخصص وتلبية احتياجات سوق العمل الجزائر تُطلق أوّل مصحف رقمي موجّه للمكفوفين احتكار الذكاء الاصطناعي.. كيف تعيد القوى الكبرى رسم خرائط السيطرة؟ وكالة الأنباء الجزائرية: "كفى نفاقًا.. فرنسا هي المستفيد الأكبر من علاقاتها مع الجزائر" إنجاز مركز بيانات مرفق بمركز حوسبة للذكاء الاصطناعي بوهران "برج إيفل" يرتدي الحجاب.. ما القصة؟ في سابقة وطنية.. "صيدال" توفر أقلام أنسولين جزائرية للسوق المحلي التحويلات المالية بين الأفراد عبر الهاتف النقال ترتفع بأكثر من الضعف في 2024 الشيخ موسى عزوني يكسر الصمت: "هذا ما قصدته بحديثي عن السكن والزواج" بلعريبي يأمر بتسريع إنجاز مستشفى 500 سرير بتيزي وزو بلاغ هام لفائدة الحجاج قيود صهيونية جديدة على نشاط منظمات الإغاثة.. الاحتلال يقطع شريان الحياة الأخير عن غزّة حجز 34 حاوية من مادة الموز بميناء عنابة باحثتان جزائريتان تقودان ثورة علمية في مجالي الطب والبيئة.. ما القصة؟ وزارة الصحة تشدد على ضرورة إجراء التحاليل الطبية قبل الختان