بلغ مستوى العداء بين واشنطن والغرب إلى حد لم يبلغه منذ الحرب الباردة، والمسؤولية تقع على عاتق الولايات المتحدة والغرب، ولكنه من المُمكن استعادة العلاقة الروسية الأمريكية. بحسب المقال الذي نشره وزير الدفاع الأمريكي السابق “ويليام جي بيري”.
قال “بيري”: “في أوائل التسعينيات، لم يكن لدى الدولة الجديدة (الاتحاد الروسي) أيّ اعتراض على التعاون مع الولايات المتحدة”. وأضاف: “شرعت واشنطن وموسكو في إنشاء علاقات تعاون، واليوم يبدو أن حقبة الحوار الإيجابي تلك قد طُويت. ويجدر بنا محاولة فهم: كيف انتهى بنا المطاف، حتى الآن، بعيدًا عن تلك الأيام”.
يعتقد “بيري” بأن أصل الخلاف الأمريكي الروسي كان بسبب توسّع كتلة الحلف الأطلسي، حيث قال: “أولاً، كان سبب تفاقم العلاقات هو توسُّع الكتلة العسكرية للناتو”. وأضح بأنه إلى غاية الزمن الذي كان فيه على رأس وزارة الدّفاع الأمريكية، كانت العلاقة بين موسكو وحلف الأطلسي قوية، فقد وجّه “وليام بيري” نفسه، بصفته وزيرًا للدفاع، دعوة إلى نظيره الروسي “بافيل غراتشيف”، ليحضر بصفته ضيف شرف في العديد من اجتماعات الناتو. ومن جهته وجّه غراتشيف إلى بيري دعوة لزيارة القواعد العسكرية الروسية. ونتيجة لهذه العلاقة التي تميّزت بالثقة والاحترام، استطاع البلدان أن ينطلقا في العمل معًا لتقليل الكثير من الترسانة النووية الهائلة المتبقية من الحرب الباردة.
العلاقات الروسية والأمريكية تعرّضت للاهتزاز، بسبب سعي العديد من الدول في أوروبا الشرقية للحصول على عضوية فعلية في الناتو، وهو ما دفع إدارة كلينتون في فتح مناقشات حول توسيع الحلف. هذا الأمر أزعج روسيا فأعربت عن اعتراضها، ورفضت التغييرات المقترحة على حدودها، لكنه تمّ تجاهل اعتراضها. هكذا قال ويليام بيري، عن بداية “اهتراء” العلاقة الروسية الأمريكية.
أوضح وزير الدفاع الأمريكي السابق بأن: “الخطأ الثاني للولايات المُتّحدة هو رد فعلها على الوضع المالي الصعب لروسيا في أواخر التسعينيات. حيث كانت الدولة قد بدأت للتوّ في انتقالها من الاقتصاد المُخطّط إلى اقتصاد السوق، وهو ما لم يكن سهلاً بالنسبة لها. وما إن تمكّنت موسكو من تحقيق الاستقرار في أوضاعها المالية والاقتصادية، حتى تفجّرت الأزمة المالية العالمية في سنة 1998، ممّا اضطر موسكو إلى طلب المساعدة من شركائها الأمريكيين، ولكنها وجدت نفسها وحيدة في التعامل مع الأزمة”.
قال ويليام بيري: “طوال كل هذه الأزمات، بدا أن الرسالة الرئيسية للغرب هي أن يتحمّل مسؤولية تردّي علاقته مع موسكو. لقد ولّد فشلُنا في تقديم مساعدة كبيرة إلى روسيا، كثيرا من المرارة في نفوس العديد من الروس والتي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا”.
انتهى ويليام بيري في مقاله إلى نتيجة مفادُها أن انهيار العلاقة بين موسكو وواشنطن سببه تجاهل تحذيرات روسيا حول توسّع حلف الناتو، والتّقاعس الغربي عن مساعدتها خلال أزمتها المالية. إضافة إلى عدم احترام الغرب لروسيا واعتقادهم بأنها الخاسر الأوحد في الحرب الباردة، فقد قال وزير الدفاع الأمريكي الأسبق: “في الواقع، رأى الكثيرون في الغرب بأن روسيا فقط هي الجانب الذي خسر في الحرب الباردة، وهي لا تستحق الاحترام”.
يعتقد ويليام بيري بأنه يُمكن العثور على طريقة لاستعادة العلاقات، وأشار قائلا: “الخطوة الأولى في إيجاد حل هي الاعتراف بالمشكلة، ثم الاعتراف بأن أفعالنا (أفعال الولايات المتحدة) ساهمت في هذا العداء”، وأضاف: “علينا، أيضًا، حتى في أوقات التوتر والعداء، الحفاظ على خطوط اتصال بنّاءة مع روسيا.”
يُذكر بأن صحيفة “بوليتيك روسيا” كانت قد قالت في وقت سابق بأن “الولايات المتحدة يمكن أن تدفع تعويضات إلى الاتحاد الروسي من أجل تجنّب الفشل الذريع في أوكرانيا”.