يخنق الاقتصاد الصهيوني بالتقسيط المملّ.. باب المندب.. المضيق الذي اتّسع للمقاومة!

تواجه تجارة الكيان الصهيوني – بمنطقة الشرق الأوسط – تهديدات جسيمة ما ينذر – وفق تقارير إعلامية – بتعرّض اقتصاد الكيان لأضرار كبيرة، خاصة على مستوى العلاقات التجارية مع آسيا التي بلغت قيمتها 41 مليار دولار في العام 2022، وفقاً للبيانات الإحصائية. ومع ذلك، فإن الأمر لا يقتصر على هذا النطاق فحسب، بل يشمل كل قطاع الملاحة الدولية في البحر الأحمر، على اعتبار أن مضيق باب المندب يمثّل بوابته الجنوبية؛ وهكذا، فإن هجمات القوات البحرية اليمنية باتت تشكل تهديدًا جادًا للاقتصاد العالمي المتجه ـ أساسا ـ إلى الركود بسبب تداعيات العدوان الصهيوني على قطاع غزة.

=== أعدّ الملف: سهام سعدية سوماتي ومنير بن دادي ===

انضمت “إم إس سي ميدترينيان” (MSC)- أكبر شركة حاويات في العالم ومقرها سويسرا – إلى مجموع شركات الملاحة البحرية التي أعلنت تعليق أو تحويل مسار سفنها بعيداً عن البحر الأحمر، لتجنب تهديد الهجمات التي تشنها قوات البحرية اليمنية ضد سفن الكيان الصهيوني أو المتوجهة إلى موانئه.

كما أعلنت مجموعة الشحن الفرنسية “سي. أم. إيه- سي.جي.أم” (CMA CGM)، يوم السبت، وقف عبور جميع شحنات الحاويات من البحر الأحمر. وقبل ذلك، كانت شركتا “ميرسك” الدنماركية و”هاباغ-لويد” الألمانية للنقل البحري قد أعلنتا يوم الجمعة تعليق مرور سفنهما في البحر الأحمر.

وتعرضت السفينة “أم.أس.سي بلاتيوم 3″، التي ترفع العلم الليبيري، لهجوم يوم الجمعة بطائرة مسيرة في مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، وكل هذا وأكثر، يأتي في ظل هجمات تنفذها قوات البحرية اليمنية، “نصرة لأهالي غزة” الذين يتعرضون لمحرقة صهيونية لم يشهد لها التاريخ مثيلا.

كابوس مرعب

فبعد هجومها على سفينتين إسرائيليتين في البحر الأحمر، واحتجازها سفينة تعود ملكيتها إلى رجل أعمال إسرائيلي في مضيق باب المندب، خلال الأسابيع القليلة الماضية، أعلنت القوات اليمنية السبت الماضي توسيع نطاق عملياتها ليشمل أي سفينة متجهة إلى الكيان بغض النظر عن جنسيتها “إذا لم يتم إدخال الغذاء والدواء لقطاع غزة”، وفق ما أعلن عنه الناطق العسكري باسم الجيش اليمني العميد يحيى سريع.

وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت قوات البحرية اليمنية هجماتها قرب مضيق باب المندب الذي يُعدّ إستراتيجيا للنقل البحري إذ يفصل شبه الجزيرة العربية عن إفريقيا وتمر عبره 40 % من التجارة الدولية، غير أن مخاوف الكيان الصهيوني وحلفائه بلغت أعلى مستوى في أعقاب الهجوم اليمني ـ بصاروخ كروز ـ على ناقلة الكيماويات النرويجية “ستريندا”، يوم الإثنين الماضي.

بل أدهى وأمر!

هذا الهجوم جاء بمثابة كابوس مرعب أجبر القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” على الاعتراف به في منشور على منصة “أكس”، فقد تم الاستهداف على بعد 60 ميلاً بحرياً شمالي مضيق باب المندب، ما دفع مجلس الأمن القومي الصهيوني، الأربعاء الماضي، إلى إصدار “تعليمات عاجلة إلى موانئ”الكيان تقضي بحذف “البيانات من مواقعها الإلكترونية المتعلّقة بوصول ومغادرة السفن”، بحسب ما ذكره موقع “غلوبز” الإسرائيلي.

ويبلغ طول الناقلة “ستريندا” 144 مترا، بنيت في 2006 وكانت تبحر باتجاه قناة السويس حين أصابها الصاروخ اليمني، وتعود ملكية السفينة لـ”موينكل كيميكال تانكرز إيه إس” وهي شركة مقرها الرئيس في بيرغن في النرويج.

وجاء الهجوم على السفينة مع تزايد التهديدات من الجيش اليمني على السفن التجارية في المنطقة بسبب العدوان الصهيوني على غزة، فقد نفذ اليمنيون سلسلة من الهجمات على السفن في البحر الأحمر، كما أطلقوا طائرات مسيّرة وصواريخ استهدفت عمق الكيان. وفي منتصف نوفمبر الماضي، استولى جنود يمنيون ـ من فرقة خاصة ـ على سفينة شحن إسرائيلية في البحر الأحمر.

غير أن الأدهى والأمر ـ بالنسبة إلى الكيان الصهيوني وحلفائه ـ أن سلاح الجو المسيّر في القوات المسلحة اليمنية، نفذ يوم السبت، عملية عسكرية على أهداف حساسة في منطقة أم الرشراش “إيلات” جنوبي فلسطين المحتلة، بدفعة كبيرة من الطائرات المسيّرة.

وجاء في بيان القوات المسلحة اليمنية أنّ ذلك يأتي انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض في هذه الأثناء للقتل والتدمير والحصار في قطاع غزة، وتنفيذاً لتوجيهات القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وأيضاً استجابةً لنداءات الأحرار من أبناء الشعب اليمني.

وأكّدت القوات المسلحة استمرار عملياتها العسكرية ضد كيان الاحتلال الصهيوني حتى يُوقف عدوانه على قطاع غزة. وقبل أسبوع، أطلقت القوة الصاروخية اليمنية دفعة من الصواريخ البالستية على أهداف عسكرية للاحتلال في منطقة أم الرشراش.

وإضافةً إلى استهداف “إيلات” بالصواريخ والمسيرات، يفرض اليمن حصاراً على ميناء المدينة من خلال منعه جميع السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال من عبور كلٍّ من البحر العربي والأحمر، ما أدّى إلى توقف وصول السفن التجارية إلى الميناء بشكل شبه كامل، وذلك رداً على الحصار الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة.

وفي ظل هذا التصعيد من الجبهة اليمنية، بات قطاع التجارة الخارجية لدى الكيان مهدّدا ببلوغ ـ فعلا ـ حالة الوضع الحرج، فيما ترتفع الأسئلة ـ في كل مكان ـ حول مستوى الضرر الذي سيتكبده الاقتصاد العالمي في حال استمرت هجمات الجيش اليمني في البحر الأحمر، وهو الموضوع الذي تطرحه “الأيام نيوز” في ملف هذا العدد.

تحويل مسار الملاحة إلى “رأس الرجاء الصالح” بديل مكلّف..

تجنّب مضيق باب المندب قد يكلّف مليون دولار إضافية لكل سفينة تصل الكيان

نحو 99 % من البضائع تشحن إلى الكيان عبر الملاحة البحرية!

في خضمّ الوضع الذي هيمن على مضيق باب المندب بالبحر الأحمر، يتجه منحى ملاحة السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني إلى ملامسة خط الصفر، ما يعني وقف عمليات الشحن إلى الكيان الصهيوني عبر هذا الشريان الهام، فماذا يعني هذا، وماهي تداعيات هذا الوقف المفاجئ المفروض كقدر محتوم لا يُصدّ؟

أجاب موقع “كالكاليست” الصهيوني عن هذا السؤال في تقرير له ـ يوم السبت ـ بالقول: إنّ قرارات وقف عمليات الشحن إلى الكيان عبر البحر الأحمر يعني ارتفاع أسعار البضائع التي تصل إلى هناك عبر قناة السويس، بسبب امتداد الرحلة أو انخفاض العرض، وبما أنّ ما يقرب من 14 إلى 12% من التجارة العالمية تمر عبر قناة السويس، “فهذه عاصفة حقيقية قد تؤثر على أسعار السلع الأساسية لدى الكيان”، وفقاً للموقع ذاته.

وثمة أرقام ذكرها الدكتور إلياكيم بن هاكون من كلية علوم البيانات لدى الكيان تفيد بأنّ “حوالي 99% من البضائع (من حيث الحجم) تصل إلى الكيان عن طريق البحر، وحوالي 40% من البضائع التي تصل إلى الكيان تمر عبر قناة السويس”.

وللتوضيح أكثر، قال “بن هاكون” لـ”كالكاليست”، إن “معنى إيقاف مرور السفن في البحر الأحمر هو الدوران حول إفريقيا، ما سيؤدي إلى تمديد حوالي أسبوعين إلى شهر في مواعيد التسليم، حسب الوجهة المقصودة: (نوع الرحلة، سرعة الإبحار وفئة السفينة). وفي تقدير تقريبي، تبلغ هذه التكلفة الإضافية ما بين 400 ألف دولار إلى مليون دولار لكل سفينة”!

هل من بدائل؟

وللتفصيل أكثر في الموضوع، يمكن طرح سؤال عن إمكانية وجود “بدائل”عن استخدام البحر الأحمر، وليكن السؤال كالآتي: كيف تكون التكلفة إذا اختارت الشركات الإبحار حول إفريقيا؟

رئيس غرفة الشحن الإسرائيلية “يورام زيبا” أعطى تقديرا للتكلفة الصافية المضافة، إذ رأى أنها تصل إلى “نحو مليون دولار لكل رحلة”، وإذا تم إلغاء خط معين فإن التكلفة ستكون حوالي النصف، فحينها لا يكون هناك استهلاك للوقود. واستدرك يورام زيبا موضحا “يجب أن تضاف إلى التكاليف جميع الأضرار التي لحقت بالمستوردين والمصدرين ومن خلالها التبعات الاقتصادية على المستهلكين النهائيين” وأخيراً ـ يضيف المتحدث ـ”إن كل من استفاد من الخط في الوقت الطبيعي، مثل قناة السويس، سيعاني”.

وبالعودة إلى الدكتور إلياكيم بن هاكون الذي تحدث إلى الموقع المذكور، فإن القرار الذي اتخذته شركة “ميرسك” الدنماركية ـ ثاني أكبر شركة في الشحن البحري ـ سيكون له صدى في أماكن أخرى، سواء في شركات التأمين أو في الشركات التي لديها مستوى معين من الملكية أو المسؤولية عن الأضرار التي تلحق بهيكل السفينة أو تشغيلها (شركات الشحن، التأجير، وما إلى ذلك)”.

وبحسب بن هاكون، فإن عواقب التأخير في طرق الإمداد قد تمتد إلى قطاعات أخرى في الصناعة، ويرجع ذلك أساسًا إلى التأخير في نقل النفط الخام ونواتج التقطير، “بما أن الوقود مادة خام بالنسبة إلى مجموعة واسعة من القطاعات، فسيكون لذلك آثار اقتصادية إضافية، خاصة في الصناعات التي تستهلك الطاقة بكثافة والتي لا تعتمد على الغاز الطبيعي أو الطاقة الخضراء”.

أزمة بحرية تعطّل 53% من تجارة الحاويات العالمية

من جهتها، كشفت مجلة “ذي إيكونوميست” أنّ الشركات الـ4 التي أوقفت ملاحتها في البحر الأحمر تمثّل 53% من تجارة الحاويات العالمية، متحدثةً عن “أزمة بحرية”، على خلفية عمليات القوات المسلّحة اليمنية، والتي من شأنها أن “تحوّل الحرب في غزّة إلى مسألة عالمية لها آثار على الاقتصاد العالمي”، على حدّ تعبير المجلّة.

وذكر المصدر ذاته أنّ شركتي “ميرسك” الدنماركية و”هاباغ – لويد” الألمانية أوقفتا خدماتهما مؤقتاً في 15 ديسمبر الجاري، وتبعتهما، في اليوم التالي كل من (CMA CGM) و(MSC)، لافتةً إلى أنّ مشغلي الحاويات الصغيرة، وكذلك ناقلات البضائع السائبة الجافة وشركات ناقلات النفط، يمكن أن يحذوا حذوها.

التهديد في البحر الأحمر، وبالتالي إغلاق طريق قناة السويس نحو أوروبا، من شأنه أن يرفع تكاليف التجارة، مع إعادة توجيه الشحن حول إفريقيا، ما يستغرق المزيد من الوقت، ويزيد أقساط التأمين، بحسب ما ذكرت المجلة.

وأوضحت المجلة أنّ إعادة توجيه التجارة على نطاق واسع سيخلق عثرات في سلسلة التوريد على المدى القصير، ورجّحت أن “الأزمة الأمنية” في البحر الأحمر تهدّد الشحن البحري في بحر العرب المجاور، والذي ربما يمر من خلاله ثلث إمدادات النفط العالمية المنقولة بحراً، وبذلك فإن التكاليف الاقتصادية سترتفع بشكل كبير. واستنتجت المجلة أنّ تداعيات أزمة حركة السفن في البحر الأحمر على الاقتصاد العالمي هي السبب في ميل الولايات المتحدة وحلفائها إلى التحرك، مؤكدةً أنّ تهديد القوات المسلّحة اليمينة “شاق ومعقّد”. وأشارت إلى أنّ مستوى تعقيد بعض الأسلحة المستخدمة مرتفع، وفي هذا السياق، اعترف المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية أنّ هذه القوات تملك ترسانة صواريخ عملاقة مضادة للسفن، بما في ذلك الصواريخ التي يصل مداها إلى 800 كيلومتر”.

وذكرت “ذي إيكونوميست” أنّ أسطولاً متعدد الجنسيات بقيادة البحرية الأمريكية يحاول إبقاء الأزمة تحت السيطرة، لكنّ اليمن أثبت أنّه “من المرجّح أن يحقق النجاح إذ إن بعض الطائرات دون طيار والصواريخ تمكنت من الوصول إلى أهدافها”، وفق ما أقرّت به “ذي إيكونوميست”.

وعلى الرغم من أنّ هذه القوات البحرية اعتمدت على فكرة توفير مرافقة مسلحة للشحن التجاري، وهو ما لجأت إليه الولايات المتحدة في الثمانينيات، إلا أنّ هذه العمليات تتطلب موارد كثيفة، وتتطلب عدداً كبيراً جداً من السفن الحربية، وفقاً لمصادر بحرية مشاركة حصلت عليها المجلة.

وإذا كان الحل في البحر الأحمر هو “توجيه ضربةٍ لصنعاء وترسانتها الصاروخية ومنصات الإطلاق”، فإنّ واشنطن “غير راغبة في توسيع نطاق تدخلها في الشرق الأوسط”، هذا من جهة حسب المجلة التي تابعت: ومن جهة أخرى فإنّ “سلطة الكيان” لا تريد صراعاً جديداً، في ظل القلق من حزب الله في لبنان، وفي ظل الضغوط الأمريكية لعدم الاستمرار في العدوان على غزّة.

في حال تأثّرها بالهجمات اليمنية في باب المندب..

غلق قناة السويس قد يكلّف التجارة العالمية ما لا يقل عن 10 ملايير دولار يوميا!

تؤمّن عبور نحو 30 % من حاويات الشحن في العالم و10% من تجارة النفط

باب المندب هو مضيق يصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، فاصلا بين جيبوتي في إفريقيا واليمن في آسيا، وتتحكم به كل من اليمن وجيبوتي وإريتريا، وقد ازدادت أهمية هذا المضيق عالميا بعد افتتاح قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط.

ويحظى أمن وسلامة المرور بالمضيق -الذي يعبر من خلاله نحو خُمس الاستهلاك العالمي من النفط- باهتمام دولي، وحرصت دول مثل أمريكا وروسيا والصين وتركيا وفرنسا بالإضافة إلى الكيان الصهيوني على وجود قواعد عسكرية لها في دول جيبوتي والصومال وإريتريا.

على الجانب الآخر، توجد قناة السويس، وهي ممر مائي اصطناعي يربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وتختصر المسار التجاري البحري بين كل من أوروبا وآسيا دون الحاجة إلى اتخاذ طريق أطول حول القارة الإفريقية.

وتمر نحو 10% من تجارة النفط، و8% من تجارة الغاز المسال عبر قناة السويس، بينها نحو ثلثي النفط الخام القادم من منطقة الخليج، وفقا لبيانات وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، كما يمر نحو 30% من حاويات الشحن في العالم يوميا عبر قناة السويس – البالغ طولها 193 كيلومترا- ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع.

وتصل حصة البضائع القادمة من جنوب القناة -العابرة من مضيق باب المندب- نحو 47% من حجم البضائع العابرة بقناة السويس، وفقا لإحصاءات هيئة قناة السويس. وفضلا عن ذلك، تمر نحو 98% من البضائع والسفن القادمة من جنوب قناة السويس في مصر من خلال مضيق باب المندب باليمن.

الخسائر المحتملة.. باهظة!

حذّرت تقارير صحفية وردت في وكالة “بلومبيرغ”، وصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية وغيرهما من أن التطورات الأمنية في مضيق باب المندب ستكون لها تأثيرات على حركة الملاحة العابرة للبحر الأحمر، وبالتالي قناة السويس المصرية، وقد يتسبب ذلك في حدوث ركود اقتصادي عالمي.

لكن السؤال الذي يجب طرحه هو: ما طبيعة الخسائر المحتملة التي قد يتكبدها الاقتصاد العالمي في حال تطورت الأوضاع الأمنية في المضيق الحيوي والأكثر ازدحاما؟ وللإجابة يمكن العودة إلى حادثة سابقة للقياس عليها.

الأمر هنا يتعلق بحادثة جنوح السفينة العملاقة “إيفر غيفن” البالغ طولها 400 متر وعرضها 59 مترا في قناة السويس ـ مارس 2021 ـ فقد تسبب تعطل حركة الملاحة ـ وقتها ـ بقناة السويس من كلا الاتجاهين لمدة 6 أيام في خسائر فادحة؛ إذ إن إغلاق القناة لمدة أسبوع تسبب في خسارة للتجارة العالمية بلغت نحو 10 مليارات دولار يوميا، كما بلغت خسائر هيئة قناة السويس 14 مليون دولار يوميا، وارتفع الرقم إلى 28 مليون دولار يوميا ونحو 200 مليون دولار أسبوعيا، وقد تؤدي أحداث مشابهة إلى مضاعفة أسعار النقل والتأمين وتكاليف الإنتاج والوقود، كما تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز عالميا، وبالتالي زيادة أسعار السلع عالميا.

تعد قناة السويس واحدة من المصادر الرئيسة للنقد الأجنبي، وسط توقعات أن يبلغ 10.3 مليارات دولار بنهاية عام 2023، لكنّ حركة مرور السفن عبر القناة لم تتأثرـ حتى نهاية نوفمبر الماضي ـــ بالتطورات في مضيق باب المندب، غير أن الأمور أخذت منحنى تصاعديا في شهر ديسمبر، وبالتالي فمن المحتمل أن تتأثر قناة السويس بعمليات الجيش اليمني في حال ارتفعت وتيرة التصعيد واضطرار السفن إلى تجنب مضيق باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس واللجوء إلى خيار الرحلات الطويلة والمكلفة حول إفريقيا.

المعادلة اليمنية: كل ردّ سيعقّد وضع الصهاينة والحلفاء..

أمريكا بين فكيّ كماشة.. تحمّل تبعات مهاجمة اليمنيين أو الخضوع لشروطهم!

إذا كان الأمريكيون يدرسون خطة تقضي باستهداف مواقع عسكرية تابعة للجيش اليمني ردا على الهجمات المتزايدة على السفن في البحر الأحمر، فلا شك أنهم سينتبهون ـ في آخر الأمر ـ إلى أن أي فعل من هذا النوع قد يؤدي إلى اتساع نطاق الحرب، وهو بالضبط ما يخشاه الغرب وعرب التطبيع وقبلهم الكيان الصهيوني.

وبالفعل، صرح مسؤولون في الإدارة الأمريكية بأن البنتاغون يدرس إمكانية ضرب أهداف عسكرية في اليمن، الذي يشن جيشه هجمات متزايدة على السفن في البحر الأحمر، وقال موقع (Semafor) نقلا عن هؤلاء المسؤولين قولهم: “يناقش البنتاغون إمكانية شن ضربات مباشرة على أهداف عسكرية في اليمن”، وبحسب الموقع، فإن مسؤولي الإدارة الأمريكية يشعرون بقلق متزايد من أن المقاومة اليمنية ورعاتهم في طهران يحاولون تعطيل التجارة البحرية العالمية”.

في الوقت ذاته، أشارت مصادر الموقع إلى أن جماعة البنتاغون وهم يدرسون إمكانية شن ضربات عسكرية، أخذوا في الاعتبار المخاوف من أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى بدء “حرب أوسع ضد (إيران ووكلائها)” وفق التعبير المتداول غربيا.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، يوم الجمعة، إن إيران يجب أن تتخذ إجراءات لإنهاء التهديد الذي يشكله الحوثيونـ حركة أنصار الله اليمنية ـ على الشحن البحري في البحر الأحمر، لكن إيران سبق أن رفضت تصريحات دول غربية، خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، بشأن تورطها المزعوم في هجمات الجيش اليمني على السفن التجارية في البحر الأحمر.

وشددت إيران على أن “جماعات المقاومة” في الشرق الأوسط، مثل أنصار الله، لا تتلقى أي تعليمات من إيران ولا تلتزم بها، “وهذه الجماعات تتخذ قراراتها وتتصرف بناء على مبادئها وأولوياتها الخاصة، فضلا عن مصلحة بلدها وشعبها”.

حرب استنزاف تلوح في الأفق..

وللتذكير، هذه ليست المرة الأولى التي تنتقل فيها الصراعات الإقليمية إلى مياه البحر الأحمر، فعلى سبيل المثال، هاجمت القوات اليمنية أو احتجزت سفنا في السنوات الماضية تابعة لدول التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد اليمن منذ عام 2015. كما أن الولايات المتحدة اتهمت إيران بأنها عكفت على “مضايقة أو مهاجمة” 15 سفينة تجارية، وهو ما اعتبره مراقبون ردا على العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على طهران عام 2018، وشملت تصدير النفط، ومصادرة البحرية الأمريكية السفن المحملة بالنفط الإيراني بالمنطقة.

ومع استمرار حالة التصعيد، بدأت بعض شركات الشحن تحويل مسار سفنها عن قناة السويس وسلكت طرقا بديلة، ومنها شركة الشحن البحري الإسرائيلية “زيم” التي أعلنت الشهر الماضي أنها اضطرت إلى اتخاذ ذلك الإجراء بسبب الأوضاع في بحر العرب والبحر الأحمر.

وقد ذكرت وكالة رويترز للأنباء، نقلا عن خبراء في الأمن الملاحي والتأمين، أن الهجمات اليمنية الأخيرة أدت بالفعل إلى ارتفاع تكلفة أقساط تأمين السفن التجارية التي تمر بالبحر الأحمر، وأدرجت سوق التأمين في لندن منطقة جنوب البحر الأحمر ضمن المناطق عالية المخاطر، وهو ما يستلزم دفع أقساط إضافية، ويتوقع أن يؤدي بدوره إلى زيادة أسعار السلع التي تحملها تلك السفن.

وتواجه الملاحة البحرية العديد من التحديات التي تجعلها من أكثر وسائل النقل انكشافا على التهديدات الأمنية، كما أن بعض أهم ممرات نقل التجارة العالمية، والتي يطلق عليها “نقاط الاختناق البحري” نظرا لضيقها وازدحام حركة مرور السفن بها، “تمر بمناطق صراعات، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط.

هذه العوامل تجعل تأمين تلك الممرات مرتبطا على نحو وثيق بقدرة الدول المطلة عليها على القيام بذلك، حيث ينعكس الاستقرار الإقليمي على واقع الأمن البحري. وفضلا عن ذلك، فإن الطبيعة الجغرافية لبعض تلك الممرات، على سبيل المثال مضيق باب المندب الذي يبلغ عرضه حوالي 20 كيلومترا فقط، تجعل من السهل استهداف السفن به سواء بشكل مباشر أو من خلال طائرات مسيرة.

ويتخوف الكيان الصهيوني، ومعه الولايات المتحدة، من التهديدات اليمنية، فقد طلبت سلطة الكيان من عدة دول، بينها بريطانيا واليابان، تشكيل قوة عمليات خاصة لتأمين الممرات الملاحية في البحر الأحمر، وذلك بالتزامن مع تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، بأن واشنطن تبحث حاليا إنشاء قوة لحماية الملاحة بالبحر الأحمر، ولم يحدد سوليفان ماهية تلك القوة بالضبط، ولكنه أشار إلى أنه سيتم التعاون مع “دول أخرى لتوفير مستوى أعلى من الأمن عبر البحر الأحمر”.

ويرى الدكتور مايكل نايتس، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والخبير في الشؤون العسكرية والأمنية لدول الخليج، أن اليمنيين لديهم قدرات عسكرية تمكّنهم من إلحاق أضرار بالغة بالسفن التجارية والحربية التي تمر عبر البحر الأحمر.

وأضاف المتخصص في تصريح لموقع “بي بي سي” أن اليمنيين “آثروا أن يظهروا لنا جزءا صغيرا فقط من ترسانتهم، ولكن إذا استخدموا أسرابا من الطائرات المسيرة وصواريخ كروز، فإنهم سينهكون أنظمتنا الدفاعية التي تعترضها، والتي تزيد تكلفتها بكثير عن تكلفة قدراتهم الهجومية البدائية”.

ومن ثمّ ـ يواصل مايكل نايتس ـ “سيستنزفون البحرية الأمريكية، في الوقت الحالي، هم يقومون فقط بإطلاق صواريخ فردية، ولكن حتى تلك الصواريخ أدت إلى ابتعاد بعض سفن الشحن عن قناة السويس، وهو أمر أشبه بإعادة صناعة الشحن إلى ما كانت عليه قبل افتتاح قناة السويس في ستينيات القرن التاسع عشر”، بما يعني – وفق نايتس – أن القادم أسوأ، بالنسبة إلى الأمريكيين والصهاينة.

الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي مراد كواشي لـ “الأيام نيوز”:

“اجتناب مضيق باب المندب عبء إضافي يُربك عجلة الاقتصاد الإسرائيلي”

السفن المتجهة إلى “إسرائيل” ستقطع 13 ألف كيلومتر إضافية على الأقل!

أبرز الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، البروفيسور مراد كواشي، أن اعتراض القوات اليمنية السفنَ المتجهة نحو الكيان الصهيوني عبر البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، خلال الأسابيع القليلة الماضية نُصرةً ودعمًا لسكان قطاع غزة الذي يتعرض لعدوانٍ همجي من قبل الاحتلال الإسرائيلي، منذ ما يزيد عن شهرين، إنما يُمثل – في حقيقة الأمر – تهديدًا إضافيًا للاقتصاد الإسرائيلي المُنهك أساسًا، ويُضيف المزيد من الأعباء الاقتصادية الموجودة أصلا بفعل الحرب المستمرة في القطاع، وتداعياتها على اقتصاد الكيان، الذي يبدو أنه في طريقه إلى الرُكود، بالنظر إلى توسّع حجم الضرر والخسائر بشكلٍ كبير، ليترجم بشللٍ تام على مستوى الحياة الاقتصادية داخل الكيان، نتيجة توقف عددٍ كبير من المؤسسات الاقتصادية، وتوقف قطاع السياحة، وشركات الطيران، والشركات الصناعية، وعدة قطاعات حيوية أخرى.

وفي هذا الصدد، أوضح البروفيسور كواشي، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أن استهداف الحوثيين السفنَ الإسرائيلية أو الأجنبية المتجهة إلى موانئ “إسرائيل” سيؤثر بشكلٍ لافت على حجم التجارة الخارجية الإسرائيلية، وعلى اقتصاد الكيان الصهيوني بشكلٍ عام، حيث ستتسبب هذه التهديدات والهجمات في زيادة الأعباء والتكاليف الاقتصادية؛ فتعليق الملاحة عبر باب المندب واعتماد طرق أخرى سواء عبر خليج العقبة أو عبر قناة السويس، سيكلف اقتصاد الكيان الصهيوني تكاليف إضافية، على اعتبار أن الملاحة عبر باب المندب أسهل وأرخص بالنسبة إلى السفن الإسرائيلية أو تلك الأجنبية المتجهة نحو الكيان الصهيوني.

في السياق ذاته، أشار المتحدث إلى أن ارتفاع مستوى التأمين على هذه السفن بسبب التهديد الأمني سيكبّد الكيان الصهيوني خسائر وتكاليف إضافية تضاف إلى التكاليف السابقة، على اعتبار أن شركات التأمين، وفي ظل ارتفاع مستوى التهديدات الأمنية تلجأ إلى طلب مبالغ إضافية لتأمين هذه السفن سواء السفن التجارية الإسرائيلية، أوتلك التي تحمل بضائع متجهة لموانئ الكيان الصهيوني.

بالإضافة إلى ذلك، أبرز الخبير في الاقتصاد أن هناك تكاليف أخرى، لها علاقة مباشرة بتوقيت وزمن وصول هذه السفن إلى موانئ “إسرائيل”، حيث إن الهجمات اليمنية ضد السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني عبر البحر الأحمر، يمكن أن تؤخر وصول تلك السفن إلى مدة قد تصل إلى عدة أسابيع، كما أن مقترحات تحويل مسار هذه السفن بعيدًا عن مضيق باب المندب يجعل تلك السفن تقطع 13 ألف كيلومتر إضافية حتى تصل وجهتها، ما يعني احتساب تكاليف إضافية على التكلفة الفعلية للشحنات المتجهة إلى “تل أبيب” عبر باب المندب، وبالتالي زيادة الضغط على الاقتصاد الإسرائيلي الذي لا يمر بأفضل حالته كما هو معلوم.

الناطق الإعلامي باسم حركة “حماس” جهاد طه لـ “الأيام نيوز”:

“تضييق الخناق على التجارة الخارجية الإسرائيلية يخدم المقاومة الإسلامية”

“اعتراض السفن  المتّجهة إلى “إسرائيل” سببه منع دخول المساعدات إلى غزة”

يرى الناطق الإعلامي باسم حركة حماس، جهاد طه، أن الهجمات التي تشنها جماعة الحوثيين في اليمن على السفن التجارية المُتجهة نحو “إسرائيل”، أو التي لها صلة بها في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب، يأتي في سياق الردّ على العدوان الصهيوني الجائر والمستمر على قطاع غزة، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي الذي يُطبق حصاره على غزة، ويتمادى ويتمايع في منع قوافل الإغاثة الإنسانية والكوادر والطواقم الطبية من دخول القطاع، في تعدّ وانتهاك صارخ على جميع القوانين والأعراف والمواثيق الدولية التي تحفظ حقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ طه، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أن هذه الخطوة تأتي – كذلك – في سياق التضامن مع الشعب الفلسطيني ومع المقاومة الفلسطينية التي تقدّم لنا مشاهد أسطورية في مواجهة العدوان الصهيوني على أرض الميدان، وتأتي أيضا في سياق تعزيز صمود الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانب مقاومته؛ وبالتالي، فعلى الاحتلال الصهيوني اليوم أن يرفع حصاره عن قطاع غزة وأن يوقف عدوانه المستبد والسماح للقوافل الإغاثية والإنسانية كافة بالقيام بعملها في القطاع، من أجل التخفيف من حدة معاناة سكان غزة.

وفي السياق ذاته، أشار المتحدث إلى أن هذه الهجومات التي يشنها الحوثيون على السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة نحو “إسرائيل” عبر مضيق باب المندب، هي في حقيقة الأمر داعمة للحق الفلسطيني وإسناد للشعب الفلسطيني، بالنظر إلى دورها البارز في إلحاق أضرار وخسائر فادحة زادت من حدة أزمة الاقتصاد الإسرائيلي، وضيّقت الخناق على التجارة الخارجية الإسرائيلية. ومن هنا، على المجتمع الدولي وبشكل خاص الكيان الصهيوني ومن ورائه الإدارة الأمريكية أن تتحمل مسؤولياتها وأن تتحمل تداعيات هذه الخطوة التي جاءت ردّا على عدم السماح بإدخال القوافل الإغاثية والإنسانية إلى قطاع غزة.

وختامًا، أبرز الناطق الإعلامي باسم حركة حماس أن هذه الخطوة – بطبيعة الحال – تؤثر على الاقتصاد الصهيوني الذي يعيش حالة من التراجع نتيجة الضغط المستمر من المقاومة الفلسطينية وعدم تمكن الاحتلال الإسرائيلي من تحقيق أي أهداف للحكومة الفاشية العنصرية المتطرفة ؛ وعليه، فإن منع السفن من الوصول إلى موانئ “إسرائيل” عبر مضيق باب المندب سيزيد وسيفاقم من حدّة الأزمة التي يمر بها الاقتصاد الإسرائيلي، ومن هنا نحن نعبر اليوم عن تقديرنا العالي كشعب فلسطيني وكمقاومة فلسطينية عن حالة التضامن اليمنية، التي تعبر أيضا عن موقف جريء وشجاع نحن بحاجة ماسة إليه في ظل استمرار هذا العدوان الصهيوني الوحشي على الأبرياء والآمنين في بيوتهم في قطاع غزة.

ممثل الجبهة الدّيمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر محمد الحمامي:

“هجومات اليمنيين في البحر الأحمر زلزلت اقتصاد “إسرائيل” الآيل للسقوط”

الوضع في مضيق باب المندب يشكّل ضغطا على حلفاء الكيان

أكّد ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر، محمد الحمامي، أنه ممّا لا شك فيه أن تاريخ السابع من أكتوبر الماضي شكّل زلزالاً أمنيًا واقتصاديًا بالنسبة إلى الكيان الصهيوني، وأدّى إلى تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر بالجملة، حيث إن ما يزيد عن 80 بالمائة من الاقتصاد الإسرائيلي أصبح متوقفًا بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية وتفريغ منطقة شمال فلسطين المحتلة وجنوبها من المستوطنين، إضافةً إلى هجرة أزيد من 300 ألف مواطن إسرائيلي ممن غادروا الكيان دون رجعة، ناهيك عن توقف العمالة الفلسطينية التي تشكل عمودا قارا للاقتصاد الإسرائيلي، فكلّ العمال في مدن الضفة الفلسطينية الآن متوقفون عن العمل.

وفي هذا الشأن، أوضح حمامي في تصريح لـ “الأيام نيوز” أنه وبالإضافة إلى كل هذه المعطيات التي أنهكت كاهل الاقتصاد الإسرائيلي جاء الدور – هذه المرة – على التهديدات اليمنية للسفن الإسرائيلية وتلك المتجهة إلى “إسرائيل” لتَفْتِك باقتصاد الكيان، بعد منع الحوثيين هذه السفن من الوصول إلى الموانئ الإسرائيلية دعمًا لسكان قطاع غزة الذين يتعرضون لهجوم هستيري من قبل جيش الاحتلال، الأمر الذي شكل عبئًا إضافيًا على اقتصاد الكيان الصهيوني.

في السياق ذاته، أشار محدّثنا إلى أن خسائر الكيان الصهيوني فاقت الـ 70 مليار دولار، خاصةً بعد استقدامه لمرتزقة للمشاركة في العدوان الجائر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ناهيك عن الخزينة الأمريكية التي فتحت أبوابها لتزويد الاحتلال الصهيوني بكل ما يحتاجه، ورصدت في بداية العدوان على القطاع ما قيمته 14 مليار دولار لدعم الكيان، الأمر الذي فتح تساؤلات أمام الكونغرس الأمريكي بشأن هذه المساعدات السخية، خاصةً وأن الاحتلال فشل عسكريا ولم يتمكن من تحقيق الأهداف التي رسمها في بداية عدوانه على غزة، بدايةً بالقضاء على المقاومة وإضعاف قدراتها أو حتى تمكنه من تحرير الأسرى الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين لدى المقاومة الفلسطينية إلى غاية كتابة هذا التقرير.

وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ حمامي أن منع القوات المسلحة اليمنية مرورَ كل سفينة تبحر نحو “إسرائيل” عبر مضيق باب المندب شكّل ضغطا واضحا على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى العالم الغربي من أجل التراجع عن مواقفهم الداعمة للعدوان الصهيوني على غزة، لافتًا – في السياق ذاته – إلى أن المنظومة العربية لو اتخذت هي الأخرى قرارات جريئة في هذا الإطار، بما فيها القيام بطرد السفراء الإسرائيليين لديها، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات تهدد المصالح الأمريكية والغربية، سيساهم ذلك وبشكل كبير في الرفع من حجم الأعباء التي يتكبدها الاحتلال خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي.

وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أكّد ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر، محمد الحمامي، أن ما يقوم به الحوثيون يُشكل بكل تأكيد أداة ضغط هامة من أجل وقف آلة الدمار التي تحصد أرواح الأبرياء والمدنيين العزل في قطاع غزة، خاصةً وأن دولة الاحتلال قائمة بالأساس على عنصرين رئيسين هما “الأمن” و”الاقتصاد”، فإن غاب هذان العنصران فإن المواطن الإسرائيلي وبكل تأكيد سوف يغادر “إسرائيل”، لأن وجوده في هذه المنطقة مرتبط بنجاح حكومته في توفير الأمن وتحقيق اقتصاد متوازن، وهذا الأمر في الوقت الحالي غير متوفر في ظل اقتصاد إسرائيلي متهالك، وشلل تام في المدن الصهيونية مع حالة من الذعر يعيشها المواطن الإسرائيلي بفعل ثبات وصمود المقاومة في مواجهة الاحتلال الصهيوني على أرض الميدان.

رفعت تكاليف التّأمينات البحرية بنحو 300 %..

هجمات اليمنيين ترفع تكلفة العدوان وتفاقم التضخّم في “إسرائيل”!

بقلم: الدكتور محمـد حيمران – أكاديمي وخبير اقتصادي

توقّع أصحاب القرار في سلطة الكيان قبل الحرب أن تبلغ تكلفة الاعتداء على غزّة 50 مليار دولار أمريكي فقط. إلا أنّهم في حقيقة الأمر أخطئوا عندما لم يدرجوا نفقات المواجهة مع حزب الله والخسائر المباشرة وغير المباشرة لاعتداءات الحوثيين.

فعلى سبيل المثال؛ فالحوثيون يهدّدون حريّة الملاحة في البحر الأحمر عبر ممر حيوي لشحنات النّفط والبضائع الضّخمة، حيث يبلغ عرض مضيق باب المندب 29 كيلومترا عند أضيق نقطة له، ممّا يحدّ من حركة المرور في قناتين للشّحنات الواردة والمغادرة. ويمرّ عبر المضيق ما يقرب من 10 بالمائة من إجمالي النّفط المتداول في البحر و17 ألف باخرة سنويا، وتمرّ ما يقدّر بنحو تريليون دولار من البضائع عبر المضيق سنويا.

الولايات المتّحدة تلوّح بالتّدخل عسكريا

تسعى الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالف بحري واسع لحماية السّفن في البحر الأحمر وإرسال إشارة قويّة إلى الحوثيين في اليمن، بأنّه لن يتم التّسامح مع المزيد من الهجمات. ففي الواقع، لا يكاد يمرّ يوم دون ورود أنباء عن هجوم على سفينة غربية في البحر الأحمر من قبل الحوثيين الذين يسيطرون على جزء كبير من اليمن. ومنذ السّابع من أكتوبر، يعمل الحوثيون على تكثيف ضغوطهم في منطقة ذات أهمية إستراتيجية بالنّسبة للتّجارة العالمية، حيث أدّت الأحداث إلى تعطيل حركة المرور البحرية بشكل كبير وتمّ إجبار العديد من مالكي السّفن والقوّات البحرية الغربية إلى التّفكير في عدّة بدائل.

وفي هذا السّياق، تتعرّض الولايات المتّحدة إلى ضغوط من العدو “الإسرائيلي” لإظهار ردّة فعل حيال هذه الهجمات، لكنّ واشنطن متردّدة في استهداف مواقع الصّواريخ الحوثية خوفا من توسيع رقعة الصّراع بين الكيان “الإسرائيلي” وحماس وإثارة التدخّل الإيراني.

وفي هذا الصّدد، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، بعد جولة له في الشّرق الأوسط، إنّ الحوثيين يشكّلون “تهديدا ماديا” للشّحن والتّجارة في المنطقة، وأضاف بأنّ “إيران تتحمّل المسؤولية النّهائية عن الهجمات”، مشيرا إلى أنّه “حتى وإن كان الحوثيون من يضغطون على الزّناد، فإنّ إيران هي من تسلّمهم السّلاح، وتقع على عاتق إيران مسؤولية اتخاذ الخطوات اللّازمة لوقف هذه الهجمات، لأنّها تشكّل تهديدا أساسيا للقانون الدّولي والسّلم والأمن الدّوليين”.

مقاومة الحوثيين.. مباركة

هاجم الحوثيون عدّة سفن تجارية في هذا الشّهر، مما دفع مدمرة أمريكية إلى التّدخل السّريع. وفي نوفمبر الماضي، استطاعوا الاستيلاء على سفينة لنقل المركبات مرتبطة بـ”إسرائيل” في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، ولا يزال الحوثيون يحتجزونها بالقرب من مدينة الحديدة السّاحلية. وفي 12 ديسمبر الجاري، أدّى صاروخ أطلق من منطقة يسيطر عليها الحوثيون في اليمن إلى تدمير ناقلة نرويجية يقول مالكها إنّها لم تكن متّجهة إلى “إسرائيل”، كما تمّ استهداف عدد من السّفن الحربية الفرنسية، وتحاول أمريكا حشد الدّعم لتشكيل قوّة عمل بحرية للتّعامل مع المشكلة، خاصة مع وجود الأصول البحرية الأمريكية المتمركزة في جميع أنحاء المنطقة.

ويمرّ حوالي 40 بالمائة من التّجارة الدّولية عبر هذه المنطقة التي تؤدّي إلى البحر الأحمر ومرافق الموانئ الجنوبية لـ “إسرائيل” وقناة السّويس، وتشير التّقارير إلى أنّ تكاليف التّأمين على السّفن التي تعبر المنطقة قفزت في الأيّام الأخيرة لتصل إلى زيادات بعشرات الآلاف من الدّولارات للسّفن الأكبر مثل ناقلات النّفط.

ومن جهة أخرى، ومع مرور الوقت، يستهدف الحوثيون السّفن في مضيق باب المندب بشكل متقطّع، لكن الهجمات تزايدت منذ بداية الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين وتصاعدت بعد الانفجار الذي وقع في 17 أكتوبر في مستشفى غزّة وأدّى إلى مقتل وإصابة الكثيرين.فحسب المتحدث العسكري للحوثيين، فإنّ “القوات المسلحة اليمنية تؤكّد أنّها ستستمر في منع كلّ السّفن المتّجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من الإبحار في البحر الأحمر حتّى إدخال الغذاء والدّواء الذي يحتاجه إخواننا الصّامدون في قطاع غزّة”.

وحسب ما جاء من أحداث، يمكن القول إنّ لهجمات الحوثيين المستمرّة ضدّ مصالح الشّحن التّجاري آثار سياسية واقتصادية كبيرة ، بالإضافة إلى تهديدها الأمني، وتشير تعليقات شركات الشّحن وممثلي التّأمين إلى أنّ التّهديد قد يؤدّي إلى فترات عبور أطول للمساعدة في ضمان سلامة السّفن، بالإضافة إلى ارتفاع أقساط التّأمين المفروضة على الشّحن في المنطقة.

ويتّهم الغرب الحوثيين بأنّهم ما زالوا يتلقّون التّمويل والدّعم من إيران، وأنّ “هجماتهم غير مبرّرة ضدّ البنية التّحتية المدنية والشّحن التّجارية، وهم يعطّلون الأمن البحري ويهدّدون التّجارة الدّولية”. ويتزامن ذلك مع تصريح مدير ميناء إيلات المحتلة بأنّ “تهديدات الحوثيين منعت وصول سفن تحمل 14 ألف مركبة منذ 15 نوفمبر الماضي، وفق ما نقلت عنه إذاعة (الجيش) الإسرائيلي، مؤكّدة أنّ 85 بالمائة من مداخيل الميناء تأتي من واردات المركبات. وعلى خلفيّة تهديدات جماعة الحوثي بمهاجمة السّفن المارة عبر مضيق باب المندب باتجاه “إسرائيل”، أفاد أيضا ميناء إيلات “الإسرائيلي” بانخفاض حاد في نطاق النّشاط، وتراجعت الإيرادات بأكثر من 80 بالمائة. وفي الوقت نفسه ، تظهر خسائر “إسرائيل” من الهجوم اليمني على تجارتها البحرية في النّمو السّريع لتكاليف النّقل وتجنّب السّفن موانئ “إسرائيل” بسبب مخاطر الحرب والتّكاليف الباهظة للتّأمين، كما يلاحظ وجود تحوّل في تجارة “إسرائيل” إلى دول شرق وجنوب شرق آسيا في السّنوات الأخيرة، حيث باتت تجارتها تعتمد أكثر على الخطوط البحرية التي تمرّ عبر مضيق باب المندب وقناة السّويس.

كما أشارت التّقديرات إلى أنّ تلك الهجمات تهدّد التّجارة “الإسرائيلية” مع دول قارة آسيا، في حين زادت شركات التّأمين الأسعار في الفترة الأخيرة بنسبة تصل إلى 300 بالمائة في بعض الحالات، ومن المتوقّع أن توثّر تهديدات وهجمات الحوثي الأخيرة على حجم التّجارة الخارجية الإسرائيلية، خاصة مع آسيا والتي تجاوزت قيمتها 41 مليار دولار العام الماضي 2022 ، وفق ما جاء في موقع “العربي الجديد”. وحسب بيانات إحصائية، فإنّ واردات “إسرائيل” من آسيا بلغت أكثر من 24.6 مليار دولار في 2021. وعلى الرّغم من أنّ هذا الحجم من الواردات الخارجية للكيان الإسرائيلي لم يتوقف حتى الآن، ولكن كلفة الاستيراد والتّصدير ترتفع يوما بعد يوم، وتضيف لأعباء الحرب وكذلك للتضخّم في “إسرائيل”، كما تعمّق من خسائر المتعاملين الذين سيحتاجون إلى إعانات مالية من البنك المركزي “الإسرائيلي”.

وفي هذا الإطار، يتوقّع محلّلون إسرائيليون أنّ كلّ السّلع التي يستوردها كيانهم عبر البحر الأحمر ستتأثّر بهجمات الحوثيين، ومن أجل هذا عمدت السّفن الإسرائيلية إلى تجنّب المرور عبر البحر الأحمر وباب المندب تماما ولجأت لخطوط بحرية أطول حول أفريقيا، أو حتّى اللّجوء إلى النّقل الجوي الأعلى تكلفة. ووفقا لموقع “غلوباس” الإسرائيلي، فقد تسبّبت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في ارتفاع أسعار النّقل من الصّين إلى “إسرائيل” بنسبة تتراوح بين 9 بالمائة و14 بالمائة في الأسبوعين الأخيرين من شهر أكتوبر.

رغم المناورات السّياسية التي تجريها إدارة بايدن للتّخفيف من أعباء الحرب..

“محور المقاومة” يُمعن في استنزاف اقتصاد “إسرائيل” وأمريكا!

بقلم: حازم عياد – باحث سياسي أردني

استبق عضو الكنيست عن حزب الليكود، عميت هليفي، وصول جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي بايدن، بالقول: “أقترح على جيك سوليفان أن يساعدنا مع الدّول التي تدعمها الولايات المتحدة”، وأن يطلب من هذه الدول استقبال 5000 أسرة، في حين أنّ وزير الاتصالات الإسرائيلي وعضو حزب اللّيكود الذي يتزعمه نتنياهو قال: “لن تكون هناك دولة فلسطينية هنا، ولن نسمح أبدا بإقامة دولة أخرى بين الأردن والبحر”.

التّصريحات التي تزامنت مع زيارة سوليفان، هدّدت بإفشال مهمته بتصدر نتنياهو المشهد وإضافته شرطا جديدا؛ رفض فيه أي دور لسلطة رام الله في الضّفة الغربية قبل قطاع غزة؛ فضلا عن رفضه وقف الحرب، في إشارة إلى مقاومته الضّغوط الأمريكية المفروضة على حكومته لتحديد موعد زمني لإنهاء الحرب، أو لتقديم تنازلات في الضّفة الغربية تغضب شركائه وحلفائه الأكثر موثوقية في الائتلاف (وزير المالية سموتريتش ووزير الأمن القومي بن غفير)، لينتهي بتصريح أخير تبع لقاءه مع سوليفان أعلن فيه أنّ الحرب لن تتوقّف حتى يتمّ القضاء على حماس وتحقيق النّصر، وهو ما أوحى بأنّ نتنياهو يدير حملة انتخابية مبكّرة.

وشملت التّصريحات مستويات عدّة وأجنحة مختلفة في الحكومة؛ كان أبرزها من بيني غانتس، الوزير في حكومة الطوارئ والعضو الأبرز في المعارضة “الإسرائيلية”، بطلبه من الإدارة الأمريكية الضّغط على لبنان وحزب الله لوقف العمليات العسكرية، قبل أن يطلق جيش الاحتلال عملية واسعة في لبنان.

وقد سبقه قائد الجبهة الدّاخلية الجنرال، رافي ميلو، في حديث مع أعضاء كيبوتس ياد مردخاي في شمال فلسطين بالقول: “هناك موعد للحرب في الشّمال”، ناقلا الضّغوط إلى ساحة الولايات المتحدة، التي أعلنت إرسال وزير الدّفاع لويد أوستن إلى المنطقة للتّعامل مع الملفات الأمنية الإقليمية، التي كان أبرزها دعوته لإنشاء تحالف بحري في البحر الأحمر، لحماية المصالح الإسرائيلية المتضرّرة من حصار الحوثيين وحكومة صنعاء التّجارةَ الإسرائيلية ، عبر استهداف السّفن التّجارية المتوجّهة إلى موانئ الكيان، والنّاقلة لبضائع موجّهة إلى أسواقه.

يتلخّص كل ذلك الجدل وعمليات الاسترضاء والمناورات والنّقاشات الدّاخلية بين إدارة بايدن وقادة الكيان الإسرائيلي في ثلاث كلمات: “جدول زمني واقعي”، يمكن لكلٍ من “إسرائيل” والولايات المتحدة التوافق عليه للانتهاء من مرحلة القتال العنيف، بحسب ما نقلت القناة 12 “الإسرائيلية” عن تقدير موقف داخلي، وهو جدول زمني يمتدّ إلى نهاية شهر جانفي المقبل، كبديل لموعد عيد الميلاد بنهاية ديسمبر الجاري، الذي اقترحته واشنطن لتخفيف كثافة العمليات العسكرية، وذلك بحجة استكمال انسحاب القوات من قلب غزة، وإعادة نشرها في الخطوط الدّفاعية، بعضها داخل القطاع وبعضها خارجه؛ لتواصل بعدها تنفيذ عمليات محدودة لتدمير قدرات المقاومة العسكرية عبر عمليات وغارات لجيش الاحتلال، تمتدّ على طول العام 2024 بحسب القناة 12.

وتشير التكهّنات إلى مدى زمني يمتد بين 3 إلى 9 أشهر يمكن أن تتقلّص إلى أسبوع، طبعا في حال انهيار حكومة نتنياهو، أو بدء تحقيقات جدية حول عملية “طوفان الأقصى” ومسار الحرب ونتائجها.

ما نقلته القناة تم تداوله على مدار أسبوع كامل، إلاّ أنّه بعد ساعات قليلة من لقاءات سوليفان بنتنياهو وغانتس، أدلى النّاطق باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، بتصريحات لقناة الجزيرة، قال فيها: “لا نعدُّ وقفا لإطلاق النّار بل مزيدا من الهدن الإنسانية، والانتقال من المعارك الأكثر كثافة إلى العمليات الأقل كثافة، معلنا بذلك وبشكل غير مباشر، ما تمّ التوافق عليه مرحليا بين مستشار الأمن القومي الذي لم يعقد مؤتمرا صحفيا مع قادة الكيان الإسرائيلي، الذين لم يعلّقوا على المقترح، بل أكدوا على ضرورة منحهم أسبوعين إضافيين، وهي صيغة توافقية تجنب بايدن ونتنياهو الصّدام المباشر، وتوفّر هامشا من المناورة لكليهما داخليا في أمريكا وفي السّاحة الإسرائيلية.

قادة الكيان وإدارة بايدن أقرب إلى تحديد “جدول زمني توافقي” للنّزول من الشّجرة ، ويمتدّ إلى شهرين في حدّه الأدنى، يبدأ بتخفيف الهجمات على قطاع غزّة وينتهي بوقفها. وهي عملية تتخلّلها هدن إنسانية تخفّف من حدّة الضّغوط السّياسية الدّاخلية والخارجية على إدارة بايدن. وفي الآن ذاته، تفتح الباب لهبوط آمن لقادة الكيان والمجتمع الصّهيوني من على شجرة الحرب، وبما يقود إلى تجنّب الإدارة الأمريكية وقادة الكيان وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو الدّخول في مواجهة مؤذية للطّرفين، تحرمهما من صورة نجاح سياسي أو عسكري، يدعون فيه تحييد عناصر الخطر والحدّ من تأثيره على الكيان الإسرائيلي، وهي صيغة لا يمكن أن تتحقّق دون حركة حماس، ففي لمسة سحرية خفية أشار كيربي إلى عقد “هدن إنسانية متعدّدة”، يتم التّفاهم عليها مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية عبر الوسطاء، وعلى رأسهم قطر – على الأرجح.

ختاما..رغم المناورات السّياسية التي تجريها إدارة بايدن للتّخفيف من أعباء الحرب ومخاطرها، والتي تتعاظم بفعل الاستنزاف الاقتصادي والعسكري والسياسي والدبلوماسي لطاقة كل من “إسرائيل” وأمريكا وتؤدي إلى عزلهما دوليا، فإنّ الهبوط سيكون مؤلما مهما حاول الطّرفان التّخفيف من وطأته؛ فالمقاومة ستبقى الرّقم الصعب القادر على إرباك الجدول الزّمني الأمريكي – الإسرائيلي؛ الأمر الذي تأمل أمريكا في معالجته عبر إطلاق مسار الهدن الإنسانية والأسرى، لإشراك حركة حماس في عملية الانسحاب والتقهقر “الإسرائيلي” المتدرج، فحركة حماس أمر واقع لا بدّ من التّواصل معها عبر الهدن، ليصبح الجدول الزّمني أكثر واقعية. 

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
التجارة الإلكترونية في الجزائر.. تجربة التسوّق بنقرة واحدة صواريخه أفقدت "إسرائيل" صوابها.. حزب الله يجرّ العدو إلى الجحيم الجبلي نداء من المكتبة الوطنيّة الفلسطينية.. من يحمي الذاكرة من الإبادة الثّقافية في غزّة؟ وفق هندسة معمارية تضمن الاستدامة.. معايير جديدة للإسكان في الجزائر أعطوه ناقوس الخطر ليدقّ عليه.. رواية "الملف المطوي" تصدم الملك المغربي السفير الصحراوي: قرار المحكمة الأوروبية كشف حقيقة الاحتلال المغربي بوغالي يدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم ضد الانتهاكات الصهيونية استرجاع ما يقارب 90 مليار سنتيم.. شرطة المغير تطيح بشبكة إجرامية عابرة للحدود يسبب نوبة صرع أو غيبوبة أو حتى الوفاة.. طبيب يحذر من الإفراط في شرب المياه مجلس الأمن قلق بشأن استهداف بعثة “يونيفيل” في لبنان ندوة دولية في نيويورك.. البرلمان الجزائري يدعو العالم إلى نصرة الشعب الصحراوي وزارة العدل تفتح باب التوظيف بتكليف من قوجيل.. الجزائر تستضيف ندوة حول قضية الصحراء الغربية بسبب خسارة مالية كبيرة.. "بوينغ" تُخطط لتسريح 17 ألف موظف شبيهة بالبشر وتحتفل مع الضيوف.. تسلا تكشف عن روبوتات “أوبتيموس” هذا برنامج سير رحلات القطار على خط الجزائر – زرالدة هل تنضم دول أخرى إلى المقاطعة؟.. نيكاراغوا تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع “إسرائيل” العدوان الصهيوني على غزة.. ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 42 ألف و175 شهيد مايعادل 1.2 مليار دولار سنويا.. صندوق النقد الدولي يخفض تكاليف اقتراض أعضائه تساقط أمطار رعدية على بعض الولايات الجنوبية