يستحيل المساس بالطابع الاجتماعي للدولة.. ماذا بعد تصنيف الاقتصاد الجزائري ثالثا في إفريقيا؟

بعد المكاسب الإيجابية التي حقّقها الاقتصاد الجزائري خلال الأعوام الأخيرة، وضع صندوق النقد الدولي، الجزائر في المرتبة الثالثة، ضمن أهمّ اقتصادات القارة الإفريقية، برسم عام 2024، بعد جنوب إفريقيا ومصر، متجاوزة نيجيريا التي جاءت هذه المرة في المرتبة الرابعة، لكن هذه القفزة الكبيرة، تحقّقت دون التفريط في الطابع الاجتماعي للدولة الذي “لن يتم التخلي عنه أبدا”.

وفي هذا الشأن، أبرز رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أهم المكاسب والنتائج الإيجابية التي حقّقها الاقتصاد الوطني خلال الأعوام الأخيرة وجعلت منه ثالث اقتصاد في إفريقيا، وجدّد تمسّكه بالطابع الاجتماعي للدولة الذي “لن يتم التخلي عنه أبدا”.

وفي خطاب ألقاه يوم الأربعاء الماضي بمقر المركزية النقابية بدار الشعب أمام نقابيي الاتحاد العام للعمال الجزائريين وممثلي النقابات الوطنية المستقلة، تم بثه أول أمس الخميس على قنوات التلفزيون الجزائري، أعرب رئيس الجمهورية عن شعوره بالفخر بعد تجسيد كافة التزاماته أمام الشعب الجزائري، وفي مقدّمتها بناء اقتصاد وطني قوي وعصرنة الجيش الوطني الشعبي، مؤكدا أنهما ركيزتا القوة بالنسبة إلى أي دولة.

وكشف أنّ الجزائر اليوم تعتبر “ثالث اقتصاد في إفريقيا بعد كل من جنوب إفريقيا ومصر”، بفضل نسبة نمو بلغت “4.2 بالمائة” وناتج محلي إجمالي انتقل من “164 مليار دولار سنة 2015 إلى 260 مليار دولار في أواخر 2023، محققا بذلك قفزة نوعية”، متوقعا أن يصل في الفترة 2026-2027 إلى “400 مليار دولار” وهو ما من شأنه أن يفتح – مثلما قال رئيس الجمهورية – “آفاقا أخرى للاقتصاد الوطني وينعكس على تحسّن الدخل الفردي للجزائريين”. وطمأن رئيس الجمهورية، العمال الجزائريين بأنّ “الجزائر في مأمن”، وأنّ المؤسسات الاقتصادية الدولية تعترف بقوة الاقتصاد الوطني.

ومن مؤشرات تطوّر الاقتصاد الوطني، ذكر رئيس الجمهورية، قيمة احتياطي الصرف التي بلغت “قرابة 70 مليار دولار، بعد أن كانت قبل خمس سنوات في حدود 42 مليار دولار”، كما بلغت قيمة الصادرات خارج المحروقات “7 مليار دولار مع التطلّع لبلوغ سقف 11 مليار دولار في نهاية 2024″، في حين أنّ قيمة الصادرات خارج المحروقات لم تتجاوز 1.8 مليار دولار طيلة 40 سنة. وأكد رئيس الجمهورية سعيه إلى “بناء اقتصاد مبني على أرقام حقيقة ودقيقة ويعتمد على الرقمنة والشفافية وليس اقتصاد شعارات يسيّر بالضبابية وبالأرقام الوهمية”.

وشدّد بهذا الصدد، على أنّ الإنتاج الوطني “أثبت قيمته في الداخل والخارج” بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي تمت مباشرتها، كاشفا أنّ الجزائر تحصي حاليا “7 آلاف شركة ناشئة، ستكون لبنة مهمة في بناء اقتصاد جزائري عصري”.

وأبرز أهمية خلق الثروة ومناصب الشغل، مذكّرا بالإجراءات العديدة التي تم اتخاذها للدفع بعجلة التنمية ومن أهمها إصدار قانون جديد للاستثمار واستحداث الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار بصلاحيات موسّعة، معلنا أنه بفضل تحسّن مناخ الاستثمار تم تسجيل “100 طلب للاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى حوالي 7 آلاف مستثمر جزائري منهم مغتربون أعربوا عن استعدادهم للاستثمار في الجزائر وهو ما يمكن من خلق حوالي 200 ألف منصب شغل”.

ونوّه الرئيس تبون، بالتطوّر الذي يعرفه قطاع الفلاحة الذي تجاوز قطاع الصناعة من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، مشيدا بالنتائج المتميزة المحققة في مجال الإنتاج التحويلي في المواد الغذائية والفلاحية، بحيث أصبحت هذه المنتجات “جزائرية بنسبة تفوق 90 بالمائة”، وأضاف رئيس الجمهورية الذي أعلن أنه “في نهاية 2024 سيتم إنتاج مادة السكر محليا وكذلك الأمر بالنسبة إلى مادة الزيت والأجهزة الكهرومنزلية”.

ولدى تطرقه إلى المكاسب المحقّقة في قطاع السكن، أكد رئيس الجمهورية تمسكه بـ”استكمال إنجاز البرامج السكنية باستعمال المواد الأولية المنتجة محليا”، كاشفا أنّ الجزائر تنتج حاليا “40 مليون طن سنويا من الإسمنت وتقوم بتصديره وتصدير مادة الحديد أيضا نحو مختلف القارات”.

وذكر رئيس الجمهورية بالفترة الصعبة التي عاشتها البلاد في ظل حكم العصابة التي قال إنّها “حاربت الإنتاج الوطني وعملت على تقسيم خيرات البلاد وفصلت نصوص قانونية على مقاسها وأنشأت شركات وهمية للاستيراد واستنزفت احتياطي الصرف”، كاشفا أنّ تحريات أجريت سنة 2022 أسفرت عن تسجيل “900 مؤسسة اقتصادية تم غلقها لأنها تعطّل مصالح العصابة في الاستيراد”، وأنه “في ظرف 3 أشهر قمنا بالترخيص لفتح كل هذه المؤسسات”.

“لن نتخلى أبدا عن الطابع الاجتماعي للدولة”

وفي الشق الاجتماعي، جدّد رئيس الجمهورية، التزامه بمبادئ بيان أول نوفمبر وفي مقدّمتها بناء دولة ديمقراطية واجتماعية، مشدّدا على أنه “لن يتم التخلي أبدا عن الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية”.

وأكد حرصه على تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الجزائريين وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع خيرات البلاد بالعدل ورفع الغبن عن المواطن، مع إرجاع الدور الريادي للطبقة الوسطى التي وصفها بأنها “عماد استقرار الوطن”. كما جدّد تمسّكه بزيادة الحد الأدنى للأجور وبإلغاء الضريبة على أصحاب الدخل الضعيف، وبإدراج زيادات جديدة على الأجور ورفع قيمة العملة الوطنية. وتطرق إلى أهم النتائج الإيجابية المحقّقة في مجال أخلقة الحياة العامة، بفضل النصوص القانونية الجديدة واسترجاع الثقة في مؤسسات الدولة.

وفي رده على انشغالات ممثلي النقابات في مختلف القطاعات، أعرب رئيس الجمهورية عن احترامه البالغ للجيش الأبيض الذي واجه الأزمة الصحية التي خلّفها وباء كورونا، وقال إنه يحرص على إعداد قانون أساسي للقطاع يأخذ بعين الاعتبار “نبل السلك” وكذلك الأمر بالنسبة إلى قطاع التربية الوطنية، حيث قال إنه يحرص شخصيا على أن يكون القانون الأساسي في مستوى الأسرة التربوية.

ودعا رئيس الجمهورية، ممثلي النقابات إلى طرح انشغالاتهم ومقترحاتهم على القطاعات الوصية لدراستها في أقرب الآجال، مؤكدا أنّ “كل الطلبات المعقولة التي تتطلب قرارا فوريا سيتم الفصل في شأنها فورا، وما يتطلب دراسة معمّقة سيتم دراسته وفق ما تقتضيه الوضعية الاقتصادية للبلاد”.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
"غزة كشفت نفاقكم".. حفيظ دراجي ينتقد ازدواجية المعايير لدى البرلمان الأوروبي سفيان شايب يجتمع برؤساء المراكز القنصلية لتقييم الخدمات المقدمة للجالية الوطنية بتهمة التجسس.. توقيف صانع محتوى جزائري رفقة زوجته في لبنان الصين تثمن دور الجزائر في تعزيز السلام بالمنطقة والعالم نابولي يفشل في تأخير وصول مواني ليوفنتوس بن جامع يناشد المجتمع الدولي: "يجب التحرك فورا لمساعدة أطفال غزة" أسعار الذهب تقفز إلى أعلى مستوى منذ 3 أشهر زهاء 50 مشاركا في الرالي السياحي الوطني بالمنيعة الصحافة الدولية تسلط الضوء على تحرير الجزائر للرعية الإسباني قضية صنصال.. وزير الداخلية الفرنسي يهاجم "ريما حسن" التحضير لتنظيم ملتقى برلماني بخصوص التفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر "الأرندي" يستنكر بشدة لائحة البرلمان الأوروبي "الأونروا": نحو 660 ألف طفل بغزة لا يزالون خارج المدارس الجزائر تحتضن الطبعة الإفريقية الأولى من Slush's D طقس مشمس وارتفاع في درجات الحرارة بهذه المناطق أسعار النفط تتجه نحو أول خسارة أسبوعية في 2025 استثمار كُتب السِّيَر في التربية والتعليم.. من يُوقظ أمّةً غَيّبت عظماءها في غبار التاريخ؟ مناقصة وطنية لتمويل برامج احتضان مبتكرة للمؤسسات الناشئة مبدأ "التضامن بين الأجيال".. نهج مبتكر لبناء مستقبل اجتماعي مستدام فرنسا والمخزن.. حسابات الذلّ والمهانة