ينتهك حقوق الشّعب الفلسطيني منذ 75 سنة.. الكيان الصهيوني أكبر خطر يهدّد الإنسانية!

قال وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني، رياض المالكي، أمس الأحد، إن الذكرى الـ 75 لتبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تتوافق مع الذكرى الـ 75 للنكبة، في ظل استمرار عدوان غاشم على غزة بات بمثابة امتداد دموي لمعاناة الشعب الفلسطيني منذ 75 عاما، جراء الاستعمار الصهيوني طويل الأمد وسياساته وجرائمه ضدّ الإنسانية، التي يتعمّد من خلالها تهديد وجود الشعب الفلسطيني وأمنه.

يحيى العالم ـ هذه الأيام ـ فعاليات الذكرى الـ75 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948، على وقع انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان في قطاع غزة تقترفها الاحتلال الصهيوني على مرأى ومسمع من العالم.

وفي هذا الصدد أكد المالكي في بيان له أن “حقوق الإنسان الفلسطيني تُنتهك منذ 75 عاما، وعلى رأسها الحق في الحياة، وحق تقرير المصير”، وأن “جرائم واعتداءات الاحتلال الممنهجة وواسعة النطاق تنتهك كافة أحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأهدافه النبيلة التي تتناقض مع الفكر الاستعماري (الصهيوني) وتتنافى في جوهرها مع مشروعه القائم على رفض الآخر، وإنكار حقوقه المشروعة، على اعتبار أن الحقوق أساس الحرية والعدل والسلام في العالم”.

فرصة لفضح الجرائم الصهيونية

وقال إن هذه الذكرى تأتي و”شعبنا في قطاع غزة يواجه، منذ أكثر من 64 يوما، عدوانا مكررا وحرب إبادة انتقامية مليئة بالحقد والقتل والتجويع وقطع المعونات والمياه والكهرباء والدواء، أدت إلى استشهاد أكثر من 17700 فلسطيني، وجرح أكثر من 48780، والتسبب بإعاقات وحروق وتشوهات دائمة بسبب استخدام الأسلحة المحرمة دوليا، والفسفور الأبيض”.

وأشارإلى بلوغ عدد المفقودين جراء هذا العدوان الصهيوني 7780، إلى جانب نزوح أكثر من 1.7 مليون شخص قسرا، إضافة إلى تدمير 43000 وحدة سكنية بشكل كامل و225000 بشكل جزئي وخروج 26 مستشفى و55 مركزا للخدمات الطبية عن الخدمة.

وأضاف المالكي أن اعتداءات الاحتلال وجرائمه غير الإنسانية بغزة منذ السابع أكتوبر الماضي، ترافقت مع جرائمه في الضفة الغربية والقدس والتزايد الملحوظ في عنف واعتداءات ميليشيات المستوطنين الإرهابية، إذ تم تسجيل 308 اعتداءات منذ بدء العدوان، ما أدى إلى وقوع إصابات وأضرار في ممتلكات المواطنين، إلى جانب الاستيلاء على الأراضي والتوسع في بناء المستوطنات غير الشرعية والاعتداء على أراضي وممتلكات المواطنين.

وطالب الوزير بإنهاء الاحتلال حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من التمتع بحقوقه الواردة في الإعلان العالمي أسوة بأبناء الشعوب الأخرى، مشددا على أن الدبلوماسية الفلسطينية لن تتوانى عن استخدام كافة السبل والأدوات الدبلوماسية والقانونية لفضح الجرائم الصهيونية ودحض الرواية والادعاءات الكاذبة التي يروج إليها الاحتلال.

ما المطلوب من شعوب العالم؟

وبذات المناسبة دعا رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، أمس الأحد، أحرار وشعوب العالم إلى الضغط على حكوماتهم لوقف جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي واستهداف المدنيين في قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الصهيوني.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن فتوح بيانه الذي حذر فيه بمناسبة الذكرى الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، من انتشار الأوبئة والمجاعة وفقدان وتلوث مياه الشرب، الأمر الذي سيتسبب “بكارثة إنسانية” في القطاع، ودعا المسؤول الفلسطيني إلى مشاركة واسعة في فعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني للضغط على حكومات الدول لإلزام الكيان الصهيوني على وقف عدوانه على الفلسطينيين.

وندد فتوح بـ”الفيتو” الأمريكي الذي أفشل صدور قرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة “شريك بحرب الإبادة والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني في غزة وفي توفير الحصانة” للكيان الصهيوني.

تأثير العدوان الصهيوني على الصحة كارثيّ

من جانبه، حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس، أمس الأحد، من أثر “كارثي” على الصحة للعدوان الصهيوني المتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي في قطاع غزة، وقال المتحدث، في افتتاح جلسة استثنائية للمجلس التنفيذي للمنظمة، مخصصة للبحث في تبعات العدوان الصهيوني على غزة، إن “تأثير النزاع على الصحة كارثي”، مؤكدا أن أفراد الطواقم الصحية يؤدون “مهمات مستحيلة في ظروف صعبة”.

وأكد غيبريسوس عرض أكثر من 449 مركز رعاية صحية في غزة والضفة الغربية لهجمات صهيونية، مشيرا إلى أن النظام الصحي في غزة على وشك الانهيار، حيث أن 14 مستشفى من أصل 36 فقط تعمل جزئيا، وشدد غيبريسوس على أن وقف إطلاق النار يمثل الحل الوحيد لحماية صحة سكان غزة.

ومن جانبه دعا مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى نشاط رفيع المستوى في المبنى الأممي في جنيف على مدار 3 أيام، وسيطرح برنامج النشاط 4 مواضيع رئيسية للنقاش حول مستقبل حقوق الإنسان وعلاقتها بقضايا الأمن والسلام، التكنولوجيا الرقمية، التنمية والاقتصاد، البيئة والمناخ. ومن المقرر أن يشارك ـ إضافة إلى المكاتب الأممية ذات الصلة بحقوق الإنسان ـ وفود رسمية عن الدول الأعضاء وممثلون عن منظمات المجتمع المدني.

ويأتي هذا في وقتٍ يمارس فيه جيش الاحتلال الصهيوني واحدة من أفظع عمليات الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في ظل غطاء دولي غربي وانتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني.

وللإشارة فقد صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كأول وثيقة حقوقية دولية تمثل فهماً مشتركاً للبشرية حول شكل العالم المأمول بعد الحرب العالمية الثانية، إذ يقول الإعلان المؤلف من 30 مادة، في مادته الأولى “يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وُهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء”.

وفي مواده الباقية التي تُرجمت لأكثر من 500 لغة، يمثل الإعلان الوثيقة العالمية الأكثر اتفاقاً في تاريخ البشرية. فقد صدر في أعقاب أعظم حرب في التاريخ، راح ضحيتها عشرات الملايين، ونبّهت العالم لضرورة إنتاج مبادئ مشتركة على مستوى عالمي دون تمييز.

مبادئ عرفية

ويُعتبر هذا الإعلان محفزاً للعديد من الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها دول ذات سيادة فيما بعد، وشكلت ما يُعرف بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وفي الوقت الذي لا يُعتبر فيه الإعلان بحد ذاته قانوناً، إلا أنه يشكل المبادئ العرفية التي يُستشهد بها عند معالجة قضايا القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وقد أشارت العديد من المنظمات الحقوقية والخبراء القانونيين الدوليين مؤخراً إلى فشل المنظومة الدولية في تطبيق مبادئ واحدة ومتساوية في كل مكان، وكانت هذه النظرة قد تعمقت في ضوء الازدواجية التي اتسم بها الموقف الأوروبي والأمريكي من الغزو الروسي لأوكرانيا، مقابل فشل هذه الدول في اتخاذ موقف مشابه من الاحتلال للأراضي الفلسطينية.

ويُعتبر هذا الإعلان العالمي نصاً تأسيسياً في تاريخ حقوق الإنسان والقانون الدولي بهذا الشأن، كما أنه يمتاز بمكانته العرفية إذ يتكرر الاستشهاد به كأكثر الوثائق المشتركة بين الدول، وهو ما دفع كثيرا من خبراء القانون الدولي إلى اعتبار بنوده تحمل إلزاماً قانونياً عرفياً، وقد وقعت جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على معاهدة على الأقل من الاتفاقيات الدولية الملزمة التي انبثقت عن الإعلان، بينما وقعت الغالبية العظمى على 4 اتفاقيات أو أكثر.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا