«يوم الوفاء» للأديبة المجاهدة «زهور ونّيسي».. «سعاد الصبّاح» تكرّم الزهرة التي هزمت الأشواك

تُوّجت الأديبة والمجاهدة والوزيرة السابقة زهور ونّيسي، يوم الخميس بالجزائر العاصمة، بجائزة «يوم الوفاء» الكويتية التي تمنحها دار سعاد الصبّاح للثقافة والإبداع، عرفانا بمكانتها الثقافية الرائدة في العالم العربي، وبما قدمته من إبداع ونضال خلال مسيرتها الطويلة الحافلة، والتي تستحق أن نضيئها في عدد اليوم من «الأيام نيوز».

وجّه الرّئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، برقية تهاني إلى الدكتورة زهور ونّيسي بمناسبة تكريمها من قبل المؤسسة الكويتيّة «سعاد الصبّاح» بـ”جائزة الوفاء”، وجاء في نص البرقية: “يسعدني بمناسبة تكريمكِ من قبل المؤسسة الكويتيّة “سعاد الصبّاح” بـ “جائزة الوفاء” وأن تكوني الرّمز المكرّم للثقافة العربية لعام 2023، الذي يمثل تقديرا لمسيرتك الحافلة بالكتابة والإبداع، وعرفانا وإكبارا لدورك العلمي والفكري والمهني والاجتماعي الرائد، الذي ميّز مسيرتك الحافلة والسامية”.

وأضاف الرئيس تبون في رسالته: “أتمنى للأجيال الصاعدة أن تستمد التميّز والنجاح منك، فأنت نبعُ العطاء والتفاني والإخلاص في العمل والتربية والإرشاد بتعامل راق وخلق عال، تقبلي أسمى مشاعر تقديري واحترامي”.

حفل فخم يليق بالزّهور

حفل التّكريم حضره وزير الاتصال، محمد لعقاب، ونائب رئيس مجلس الأمة محمد رضا أوسهلة، ممثلا لرئيس مجلس الأمة صالح قوجيل، وسفير الكويت بالجزائر، محمد مرزوق سليمان مطلق الشبو، وممثلة دار سعاد الصبّاح للثقافة والإبداع، ورؤساء وممثلو عدد من الوزارات والهيئات الرسمية وكذا العديد من المثقفين والكتاب والفنانين.

وعرف حفل التكريم، الذي افتتح بالتّرحم على أرواح شهداء فلسطين، عرض شريط وثائقي حول المسار الحياتي والنضالي والأدبي والسياسي لزهور ونّيسي، ميّزه خصوصا تقديم شهادات لوزراء سابقين ومثقفين حولها على غرار الوزير الأسبق والكاتب محي الدين عميمور الذي وصفها بـ”رائدة الثقافة والفكر العربي في الجزائر”.

وقد سلّط الشريط الضوء على أهم محطات حياة ونّيسي، على غرار دورها الرائد في إبراز صورة المرأة الجزائرية المناضلة والمبدعة، من خلال كونها أوّل امرأة تعيّن وزيرة بعد الاستقلال في الجزائر، ومؤسِّسة أوّل مجلة نسائية في الجزائر، ناهيك عن مساهمتها – من جهة أخرى – في تأسيس عديد الهيئات الوطنية على غرار اتحاد الكتاب الجزائريين، إضافة إلى دورها في تعريب الإعلام الجزائري، وتميزها في الإبداع الأدبي من خلال عدد من أعمالها على غرار رواية “لونجة والغول” (1993).

وقال رئيس مجلس الأمة، في كلمة له قرأها نيابة عنه أوسهلة، إن “الشخصية محل التكريم اليوم، الأستاذة زهور ونّيسي، انتصرت لهويتها الوطنية ولوطنها وانتصرت للعروبة، إبان مقارعة الاستعمار وبعد الاستقلال (..) رسمت بتوقيع نضالها التاريخي ومسارها السياسي وكتاباتها نقشا على الذاكرة..”، مشيدا في سياق كلامه بـ “الروابط الوجدانية والأخوية المتينة” التي تجمع بين الجزائر والكويت “وهي الروابط التي ستتعزز دونما شكّ في ظل الإرادة التي تحذو قائدي البلدين..”.

وجدد قوجيل، في ختام كلامه، “انتصار الجزائر شعبا وقيادة للقضية الفلسطينية، متوجها بـ “تحية إكبار للشعب الفلسطيني المشرئب أبدا إلى حياة أمثل في العيش حرا مستقلا سيدا كريما، شعب صامد صابر في وجه قوى الاحتلال الغاصب الغاشم وداعميه من القوى الغربية المتحاملين على القضية الفلسطينية..”.

وعبّر وزير الاتصال، من جهته، عن سعادته الكبيرة بحضور هذه الاحتفالية التكريمية، مؤكدا أن “المجاهدة والمناضلة والأديبة والمفكرة والشّاعرة والسّياسية والدّبلوماسية زهور ونّيسي تستحق كلّ التقدير والتكريم”، معتبرا هذا التكريم بمثابة “واحد من جسور الصداقة والمحبة والأخوة” بين الجزائر والكويت.

بطلة الشّرف العربي.. والإنساني أيضا!

واعتبرت ونّيسي، في كلمة لها، أن تكريمها هو “تكريم لشخصها عملا وللجزائر تاريخا، لتاريخها الفكري ولتاريخها الأدبي (..) ولمبادئها في الدفاع عن الحرية والكرامة والشرف العربي والإنساني..”، مثمنة – في الوقت ذاته – الجهود الكبيرة التي تبذلها الدكتورة سعاد محمد الصبّاح “الأديبة والشاعرة والمناضلة” في “خدمة الثقافة العربية” و”بناء الإنسان العربي”، ومشيدة في سياق كلامها بـ”الدعم المعنوي والمادي” لدولة الكويت للجزائر إبان ثورة التحرير.

وبدورها، أشادت الدكتورة سعاد محمد الصباح، في كلمة قرئت بالنيابة عنها، بالمسار الأدبي والنضالي لزهور ونّيسي التي اعتبرتها “عضوة استثنائية في الإبداع”، معبرة في الوقت ذاته عن حبها وعشقها الكبير للجزائر، التي وصفتها بالبلاد التي “علمتنا العزة والكرامة”.

وعرف حفل التكريم أيضا تقديم كتاب تكريمي عن ونّيسي وحياتها ونضالها وإنجازاتها تحت عنوان “زهور ونّيسي، الزهرة التي هزمت الأشواك”، حمل خصوصا شهادات الأصدقاء والمقربين، إضافة إلى دراسات نقدية تقارب عالمها الإبداعي من خلال مؤلفاتها العديدة في مجالي الرواية والقصة القصيرة، وهو مؤلف صدر مؤخرا عن دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع بالكويت.

وتعتبر جائزة “يوم الوفاء”، التي أطلقتها الدكتورة سعاد الصبّاح في منتصف تسعينيّات القرن الماضي، مبادرة تكريمية شملت العديد من كبار المثقفين والمبدعين من مختلف الأقطار العربية؛ إذ ترتكز هذه المبادرة على تكريمِ الروّاد من المبدعين في العالم العربي في حياتهم والذين أفنوا أعمارهم في العطاء والعلم والإبداع، كلمسة وفاء تخفّف عنهم تعب سنين في السهر على إبداع كل ما يرتقي بالأمة ويمهّد لأجيالها مستقبلا مشرقا.

قيل في أدبها..

عملت “زهور ونّيسي”في الصحافة وترأست تحرير أول مجلة نسائية تُعنى بشؤون المرأة الجزائرية، وصنفت روايتها “لونجة والغول” ضمن أفضل 100 رواية عربية، كما أنها أول امرأة تُعيّن وزيرة في الجزائر بعد الاستقلال.

تعتبر “ونّيسي” من رائدات الأدب الجزائري، كتبت أول رواية لكاتبة جزائرية باللغة العربية، وقد نالت مجموعتها القصصية الأولى “الرصيف الناعم” في 1967 إعجاب الناقدة والكاتبة المصرية الشهيرة “سهير القلماوي”، وقد وصفتها بـ”الثائرة التي ألهمتها الثورة سرّ الحياة”.

ورأت سهير القلماوي أن قوة الإبداع لدى “زهور ونّيسي” تكمن في إنها تنفذ إلى أعماق نفسية المرأة والشعب، وأن إيمانها بالثورة والشعب سيمنحها القوة في إنجاز أعمال فنية خالدة وذلك في المقدمة التي كتبتها “سهير القلماوي” لمجموعتها القصصية “الرصيف النائم”.

كما وصفت الناقدةُ والكاتبةُ الدكتورة عائشة عبد الرحمن الكاتبة زهور ونّيسي، في تقييمها لمجموعتها القصصية “على الشاطئ الآخر” بأنها: “لا تملك قلمها العربي فحسب، وإنما تملك كذلك فنها القصصي بأصالة واقتدار، إنها بارعة في عملية الأداء والتعبير، وتحدد لكل كلمة دورها في التعبير ومكانها في البناء القصصي؛ وذلك ما لا يستطيع فعله إلا أديب مقتدر، إنني لم أكد أمضي في قراءة قصصها حتى أخذني منها ما يشبه المفاجأة، فعلى رغم ما أعتز به من حرصي على الاتصال الفكري والأدبي بكتّاب الوطن العربي، لم يدر في خلدي أن الكاتبة الجزائرية تملك قلمها العربي إلى هذا المدى”.

شغلت “زهور ونّيسي” منصب وزيرة للشئون الاجتماعية ووزيرة للتربية الوطنية لمدة سبع سنوات، وانتُخبت نائبة في البرلمان الجزائري في الفترة الممتدة بين  1977 و1982، كما ساهمت في تأسيس العديد من المؤسسات والهيئات والاتحادات، كان في طليعتها الاتحاد النسائي الجزائري واتحاد الكتاب واتحاد الصحفيين الجزائريين، هذا دون نسيان أنها لعبت دورا كبيرا في تعريب الإعلام الجزائري.

وتكريما لها عالميا، سُجّل اسمها ككاتبة مغاربية في القاموس الأدبي النرويجي والفرنسي، وفي الموسوعة الأدبية بجامعة نيويورك، تُعرف في الوسط الجزائري بالمرأة المثقفة والمجاهدة التي عايشت أهم الأحداث البارزة في الجزائر وكانت شاهدة عليها.

النّتاج الروائي:

  • “من يوميات مدرسة حرة”، 1978
  • “لونجة والغول”، 1993
  • “جسر للبوح وآخر للحنين” 2007

في السّرد القصصي:

  • “الرصيف النائم” (مجموعة قصصية)، 1967
  • “على الشاطئ الآخر” (مجموعة قصصية)، 1974
  • “الظلال الممتدة” (مجموعة قصصية)، 1985
  • “عجائز القمر” (مجموعة قصصية)، 1996
  • “روسيكادا” (مجموعة قصصية)، 1999

..وأعمال أخرى:

  • “نقاط مضيئة” مجموعة مقالات 1999
  • “دعاء الحمام” (2008) النص اقتبس مسرحيا وعُرض بالجلفة.
الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
وزير الاتصال..الجزائر توسّع بثها الإعلامي دوليًا عبر الأقمار الصناعية سونلغاز تفتح أبوابها لنقل خبرتها إلى بوركينا فاسو قائد الجيش السوداني:"الخرطوم حرة" استنفار وطني لمواجهة أسراب الجراد ومنع انتشارها إلى ولايات جديدة رقمنة الخدمات التجارية.. "مرافق كوم" الحل الذكي لمتابعة مداومة التجار دوفيلبان يتصدر الشخصيات السياسية المفضلة في فرنسا بعد مواقفه من غزة والجزائر هذه أبرز الملفات التي ناقشها اجتماع الحكومة الجزائر في صدارة الدول المصدرة للغاز المسال بإفريقيا ليلة القدر في الجزائر.. نفحات إيمانية وعادات متجذرة الكاردينال فيسكو: "تصريحات روتايو مستفزة والجزائر لن تخضع للخطاب التهديدي"  غزة تشتعل.. تصعيد عسكري ونفير عام ورسائل تهز "إسرائيل" بوغالي يطالب إسبانيا بمراجعة موقفها من قضية الصحراء الغربية القضاء الفرنسي يرفض طلب تعليق قرار طرد المؤثر الجزائري "دوالمن" بشراكة صينية.. نحو إعادة إطلاق مصنع الإسمنت بالجلفة سقوط القصر الرئاسي بيد الجيش.. معركة الخرطوم تدخل مرحلة الحسم ليلة الشك.. الجزائر تتحرى رؤية هلال شهر شوال يوم السبت هذه حصيلة نشاط الرقابة وقمع الغش والمضاربة خلال 24 يوما من رمضان وزارة التربية تنشر جدول التوقيت الخاص بامتحاني "البيام" و"الباك" خيرات الصحراء الغربية.. موارد منهوبة تموّل آلة الإجرام المغربية! مواد مسرطنة في الحلويات الحديثة.. حماية المستهلك تحذّر