عادت صفقة استيراد المغرب لأطنان من النفايات الأوروبية لتتصدر المشهد من جديد، وتفضح خيارات نظام المخزن، الذي يجد نفسه في قلب عاصفة سياسية وبيئية قد تُحوّل البلاد إلى مكبّ ضخم للنفايات الأوروبية.
وفي ظل الغضب الشعبي المتزايد، تتصاعد الدعوات المطالِبة بوضع حد لسياسات حكومة عزيز أخنوش، التي تهدد البيئة والصحة العامة، وتكرّس تبعية المملكة لمصالح خارجية على حساب أمن وسلامة المواطنين المغاربة.
وتفجر الجدل مجددا بشأن هذه القضية، التي سبق وأن أثارت موجة من الاستياء في المغرب، بعد أن تبين أن حكومة عزيز أخنوش طلبت إدراج المغرب ضمن قائمة الدول المؤهلة لاستيراد “النفايات غير الخطيرة” من الاتحاد الأوروبي، وهو ما أثار تساؤلات بخصوص جدوى هذه الخطوة وتأثيراتها على الصحة العامة.
غياب معطيات دقيقة تُحدد طبيعة النفايات المستوردة
في هذا السياق، وجه النائب محمود عبا من الفريق الاشتراكي المعارض، سؤالا مكتوبا إلى وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، استفسر فيه عن دوافع الحكومة لاستيراد النفايات رغم أن بعضها “قد يكون غير آمن وخطيرا على البيئة والصحة العامة”.
وأشار النائب المغربي إلى أن عملية الاستيراد “تتم في ظل غياب معطيات دقيقة توضح طبيعة النفايات المستوردة ومدى تأثيرها”، مضيفا أن الحكومة “لم تقدم أدلة تثبت أنها لا تشكل أي تهديد بيئي”.
وأكد أن الخطورة في هذه العملية “تكمن في الغموض الذي يحيط بها حيث يجري استيراد النفايات دون تقديم شروح واضحة للرأي العام بشأن طبيعتها ومدى تأثيرها على البيئة وحتى على الصحة العامة”، معتبرا أن استمرار هذه العملية “يعكس مشكلة حقيقية مرتبطة بعدم استغلال النفايات المحلية في ظل ضعف ملحوظ في تطوير صناعة التدوير، إذ يتم طمر معظم النفايات دون إعادة تدويرها ما ينعكس سلبا على المنظومة البيئية بشكل عام”.
“المصالح الضيقة” أولا وقبل كل شيء
في هذا السياق، يرى الكاتب والإعلامي الصحراوي، حمة المهدي، أن المغرب يمر بمرحلة ارتباك واضحة في معالجة أزماته الداخلية، في ظل تصاعد مستويات المديونية واللجوء المتزايد للاقتراض من صندوق النقد الدولي، الأمر الذي دفع سلطات المخزن إلى البحث عن مخرج من أزمتها الاقتصادية، حتى وإن كان ذلك على حساب صحة وسلامة مواطنيها.
وفي تصريح لـ”الأيام نيوز”، شدد حمة المهدي على أن النظام المخزني لم يتوانَ عن فتح أبواب البلاد أمام أطنان من النفايات الأوروبية، من خلال صفقات يكتنفها الغموض، قد تترتب عنها تداعيات خطيرة تهدد الأمن البيئي والصحي.
كما، أكد الإعلامي الصحراوي أن نظام المخزن بات يضع مصالحه الضيقة وصفقاته فوق اعتبارات الأمن الصحي والبيئي للمواطنين المغاربة، متجاهلاً المطالب الشعبية المتزايدة بوقف استيراد ملايين الأطنان من النفايات المنزلية والإطارات المطاطية القادمة من بعض الدول الأوروبية.
هذا، ويثير هذا الموضوع باستمرار جدلا واسعا في أوساط الفاعلين ونشطاء البيئة والطبقة السياسية بالمغرب، وسط مخاوف من التأثيرات البيئية والصحية المحتملة، حيث طالب هؤلاء بوقف استيراد هذه النفايات وتقديم توضيحات من الجهات المعنية.
مُعظم النفايات مصدرها فرنسا
بتاريخ 17 أوت 2024، أعلنت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية ليلى بنعلي، الترخيص باستيراد أطنان من النفايات من دول أوربية غير آبهة مطلقاً بالعواقب البيئية التي ستخلفها قمامة أوربا على الصحة العامة والبيئة بالمملكة المغربية.
وأوضحت الوزارة الوصية حينها، أنّ هذه الخطوة تأتي جزءا من استراتيجية وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية لتطبيق التشريعات البيئية وتنظيم استيراد وتصدير النفايات، وبحسب البيان الذي تناقلته وسائل إعلام مغربية، يتم استيراد معظم هذه النفايات من دول أوروبية.
وحسب معطيات رسمية، قررت الوزيرة، التي يُفترض بها تسريع الانتقال الطاقي بالمغرب عوض تحويل المغرب إلى مكب كبير للنفايات الأوروبية، استيراد 980 ألف طن من النفايات من فرنسا، و31 ألف طن من إسبانيا وأكثر من مليون طن من بريطانيا و60 ألف طن من السويد و100 ألف طن من النرويج، وتشمل هذه النفايات العجلات المطاطية التي سيتم حرقها لأغراض صناعية، ما يزيد من المخاطر البيئية والصحية في المغرب.