في إطار مساعيها المستمرة لتعزيز قدراتها الإنتاجية وضمان استدامة مواردها الطاقوية، أطلقت شركة سوناطراك مرحلة جديدة من مشروع استراتيجي يهدف إلى تعزيز المكمن الغازي بحاسي الرمل. وتأتي هذه الخطوة لتعكس التزام المجمع العمومي بمواكبة التحديات المتزايدة في سوق الطاقة الدولية، والحفاظ على مكانة الجزائر كشريك موثوق ومزود رئيسي للغاز الطبيعي. ويشكل هذا المشروع إضافة نوعية للجهود الرامية إلى استثمار الموارد الوطنية بأعلى كفاءة وتلبية الاحتياجات الوطنية والدولية بأفضل المعايير.
أطلق مجمع سوناطراك، أمس الأحد، شطراً جديداً من مشروع تعزيز المكمن الغازي لحاسي الرمل بولاية الأغواط، عبر إنشاء منشآت جديدة تهدف إلى الحفاظ على مستويات الإنتاج وضمان الوفاء بالالتزامات التجارية على الصعيد الدولي.
وأشرف على إعطاء إشارة انطلاق المشروع الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، رشيد حشيشي، خلال مراسم حضرها والي الأغواط فضيل ضويفي، إلى جانب الرؤساء التنفيذيين لشركتي “بيكر هيوز” و”تيكنيمونت إس بي أي”، بالإضافة إلى عدد من إطارات سوناطراك والمديرين العامين للشركات الفرعية التابعة للمجمع العمومي.
ويتعلق الأمر بالخطوة الثانية من المرحلة الثالثة من مشروع إنجاز منشآت لتعزيز مكمن حاسي الرمل (110 كلم جنوبي ولاية الأغواط)، أو ما يطلق عليه “بوستينغ 3″، والتي أسندت لاتحاد شركات “بيكر هيوز” Becker Hughes، و”تيكنيمونت إس بي أي” Tecnimont و”نوفو بينيون إنترناشيونال إس أر إل” Nuovo pignone International SRL، بموجب العقد الموقع مع سوناطراك في 23 مايو الماضي وهذا وفق صيغة الهندسة والامداد والبناء EPC.
وخلال مراسم الإطلاق، استمع الحضور إلى عرض مفصل حول الخطوة الثانية من مشروع “بوستينغ 3″، تلاه خطاب للرئيس المدير العام، رشيد حشيشي، أكد فيه أن “إطلاق هذا المشروع الطاقوي الهام في المكمن التاريخي، الذي ظل دائماً أحد المصادر الرئيسية لإنتاج الغاز في الجزائر، يعكس التزامنا المستمر بتطوير موارد الطاقة الوطنية والحفاظ على استدامة الإنتاج وفق وتائر مناسبة لتلبية الطلب المتزايد في السوقين الوطنية والدولية.”
وأوضح حشيشي أن الهدف الأساسي من المشروع يتمثل في “مواكبة النضوب الطبيعي لهذا المكمن الغازي وتعزيز قدراته، بما يضمن استمرارية الإنتاج”، مشيراً إلى أن “الإنتاج الحيوي لهذا المكمن يُعد دعامة أساسية لتلبية احتياجات السوق الوطنية، كما يعزز قدرتنا على الوفاء بالتزاماتنا الدولية تجاه الشركاء، مما يرسخ مكانة سوناطراك كشريك موثوق ومزود رئيسي في السوق العالمية للطاقة”.
وأشاد المسؤول بأهمية المشروع، الذي يشكل جزءاً من الرؤية الاستراتيجية التي تبناها المجمع، وعنصراً محورياً في مخطط التطوير الرامي إلى تحقيق الاستدامة الطاقوية، وضمان أعلى معايير الجودة والسلامة في جميع المشاريع. وأضاف أن المشروع يُمكن سوناطراك من الحفاظ على دورها كـ”محرك للاقتصاد الوطني وداعم قوي للتنمية المستدامة، فضلاً عن كونها مؤسسة رائدة في طليعة شركات الطاقة عالمياً”.
وفي ختام كلمته، شدد حشيشي على ضرورة التزام شركات الإنجاز بالآجال التعاقدية وبالنوعية في الإنجاز، وهو الأمر الذي أكد المديرين التنفيذيين لكل من شركتي “بيكر هيوز” و”تيكنيمونت إس بي أي” في كلمتيهما على الالتزام به. وتتضمن أشغال الخطوة الثانية من المشروع إنشاء ثلاث طوابق ضغط موزعة على المحطات المركزية والشمالية والجنوبية، بإجمالي 20 شاحناً توربينياً، إضافة إلى إعادة تكييف شبكة تجميع الغاز الحالية.
تشمل الأشغال أيضًا إنشاء ثلاث وحدات لإزالة الزئبق من المكثفات، وتوحيد خطوط المعالجة بين وحدات إنتاج المكمن من جهة، وعمليات ربط المرافق الحيوية من جهة أخرى، مثل شبكة المياه المخصصة لمكافحة الحرائق، ونظام هواء الأدوات وهواء الخدمة، ونظام الشعلة، ونظام الديزل، ونظام النيتروجين، بما يضمن التكامل بين العمليات واستمرارية الأداء.
تُقدَّر الآجال المتوقعة للانتهاء من هذه الأشغال بـ33، 36، و39 شهرًا بالنسبة لطوابق الضغط بالمحطات المركزية، الشمالية، والجنوبية على التوالي. ويُنتظر الشروع في تشغيل طوابق التعزيز المذكورة تباعًا في أكتوبر 2026، جانفي 2027، وأفريل 2027.
وفي عرض قدمه بالمناسبة، أشار المدير الجهوي لسوناطراك بحاسي الرمل، يوسف لوصيف، إلى أن المرحلة الثانية من مشروع “بوستينغ 3″، والتي ستُنجز بغلاف مالي يتجاوز 2.3 مليار دولار، ستُمكِّن من الحفاظ على الإنتاج عند 188 مليون متر مكعب يوميًا، مع استعادة احتياطيات إضافية على المدى الطويل تُقدَّر بـ121 مليار متر مكعب من الغاز الجاف، و7 ملايين طن من المكثفات، و3 ملايين طن من غاز البترول المميع. يُعد مشروع “بوستينغ 3” استكمالًا لمشروعي “بوستينغ 1″ المنجز في عام 2004، و”بوستينغ 2” المنجز في عام 2009.
من جهة أخرى، أشرف حشيشي خلال زيارته لمكمن حاسي الرمل على تدشين 200 شقة سكنية وملعب كرة قدم بقاعدة الحياة “20 أوت 1955” التابعة للمديرية الجهوية بحاسي الرمل – قسم الإنتاج – نشاط الاستكشاف والإنتاج. كما دشَّن مقر الإدارة الجديد للمديرية الجهوية لسوناطراك – نشاط النقل عبر الأنابيب – حاسي الرمل.
قبل ذلك، قام رشيد حشيشي، يوم السبت، بزيارة ميدانية إلى مركب معالجة الغاز “ألرار” الواقع بمنطقة الإنتاج السطحي بولاية إيليزي، لمتابعة الإجراءات الميدانية المتخذة للتعامل مع الحادث الذي وقع يوم الأربعاء الماضي على مستوى خط الإنتاج رقم 1 بالمركب، والذي لم يسفر عن أي خسائر بشرية، وفقًا لما أفاد به بيان المجمع.
ووفقًا للبيان، استهل حشيشي زيارته بتفقد الموقع المتضرر على مستوى خط الإنتاج رقم 1، حيث استمع إلى عرض تقني مفصل تناول الخطوات التي تم اتخاذها للتقليل من آثار الحادث. كما شمل العرض التدابير التي نُفذت لعزل هذا الخط بشكل كامل عن الخطوط الثلاثة الأخرى التابعة لمركب معالجة الغاز “ألرار” وضمان استقرار العمليات في المركب.
وخلال الزيارة، عاين حشيشي الوضع ميدانيًا واطلع على الجهود المبذولة لإعادة العمليات إلى طبيعتها. كما دعا فريق الخبراء المكلفين بالتحقيق إلى إجراء تحقيق دقيق لتحديد الأسباب التي أدت إلى نشوب الحريق.
بعد ذلك، عقد حشيشي اجتماعًا مع المسؤولين عن المركب والفرق التقنية العاملة في الموقع، ركز فيه على تقييم فعالية الإجراءات المتخذة وخطة العمل المعتمدة لإعادة تشغيل الخطوط الثلاثة الأخرى للمركب، وفقًا للبيان.
وخلال الاجتماع، شدد حشيشي على أهمية الالتزام الصارم بمعايير السلامة وتطبيقها في جميع مراحل العمل. كما أشاد بسرعة استجابة فرق العمل الميدانية وكفاءتها في التعامل مع الحادث، مؤكدًا أن سلامة العمال والمنشآت تظل في صدارة أولويات الشركة. وأكد الرئيس المدير العام على ضرورة تعزيز برامج التدريب المخصصة لإدارة الأزمات وتوفير الموارد الضرورية لضمان سلامة العمليات التشغيلية.
إضافة إلى ذلك، اجتمع حشيشي مع عمال ناحية الإنتاج السطحي، حيث شجعهم وحثهم على مواجهة التحديات بإتمام مراقبة المنشآت المشتركة بين سلاسل الإنتاج الأربعة، لضمان إعادة تشغيل السلاسل الثلاث السليمة بنجاح في الأيام المقبلة، حسب بيان المجمع العمومي.