عرضَ الناشط في الشأن المقدسي «جمال أحمد عديلة» ـ بالمركز الثقافي التركي بالقدس ـ 160 صورة قديمة لمدينة القدس كلها من أرشيفه الخاص الذي يصل إلى أكثر من ثمانية آلاف وخمسمائة صورة تاريخية قديمة ـ عن المدينة ـ بجودة عالية، بعضها يعود إلى مائتي عام.
وانطلق المعرض رسميا يوم الخميس الماضي في مركز «يونس إمره» الثقافي التركي بمدينة القدس، بحضور شخصيات تركية وفلسطينية ـ بينهم من مؤرخون وإعلاميون ورياضيون وشخصيات مجتمعية ـ ويحمل المعرض المقام في المركز التركي اسم «ذات مرة في القدس»، ويقدّمه جامع الأعمال الفنية «جمال عديلة».
حضر حفل الافتتاح، كلّ من: معاونة القنصل العام التركي في القدس السيدة سمراء دميرار، وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري ومدير المركز الثقافي التركي ريها أرمومجو وشخصيات مقدسية من كافة شرائح المجتمع المقدسي.
وتناولت الصور المعروضة تاريخ المدينة المقدّسة والتغيرات التي حصلت في المباني والشوارع والأحياء المقدسيّة، وقد جدّد المركز الثقافي التركي بالقدس ـ وهو المنظّم للمعرض ـ الدعوة للمهتمين وطلاب المدارس والجامعات لحضور هذه الفعالية التي من المحتمل أن تصل إلى أكثر من مدينة فلسطينية وبعد ذلك إلى خارج الوطن.
ويقول «عديلة» لـ«الأيام نيوز»: “إنّ المعرض يجسّد الهويّة الفلسطينية عبر التاريخ منذ بداية فن التصوير”، مؤكدا أنّ لديه: “أقدم صورة منذ العام 1825 و1830″، و”أكثر من ثمانية آلاف صورة” بدأ بجمعها منذ عام 2010.
وأوضح «عديلة» أن هذه الصور: “ترسّخ مفهوم الوجود الفلسطيني وقصّة رسالة هذا الشعب الطموح المحبّ للحياة، حتى وإن خضع للاحتلال في محاولة لتهميش تاريخه، إلا أنّ الصورة هي أقوى من أيّ نصوص تاريخية كونها تبثّ الحقيقة وتبرز قوّة الهويّة لدى الفلسطيني الذي أسّس حضارته”.
أما فيما يخصّ الغرض الأساسي من إقامة المعرض، فقد صرّح «عديلة» أنّ: “هذه الفعالية تأتي لتؤكد أنّ الشعب الفلسطيني جذوره ممتدّة في عمق التاريخ، ويتطلع ـ في الوقت الراهن ـ إلى بناء مجتمع بمؤسسات حديثة”، لافتا إلى “دور المرأة الفلسطينية التي تظهر في العديد من الصور، وهي تشارك في صنع مستقبل مجتمعها، فقد عملت في المزارع وفي مجال التمريض والتربية والتعليم ووصلت إلى الجامعة العربية وتحدثت باسم الشعب الفلسطيني”.
وأضاف يقول: “قبل الاحتلال، كان هناك هوية فلسطينية راسخة وحضارة تستحق الحياة عمرت في الأرض وابتدعت أساليب حديثة في التجارة، وشيّدت المباني والجوامع والكنائس، وكان هناك طموح لبلوغ أقصى درجات التطور والحياة الكريمة”.
رسالة إلى شعوب العالم
وبخصوص القيمة الفنية لهذه الصور، يقول «عديلة»: “كلها بحوزتي، لكنها ليست لي، بل للفلسطينيين وأي مؤسسة ثقافية أو مجتمعية أو أكاديمية تودّ اقتناء أيّ صورة فأنا على استعداد لتوفيرها مجانا”، مؤكدا على “أهمية أن تُحظى الأجيال القادمة بمشاهدة هذه الصور ودراستها”.
ودعا «عديلة» المؤسسات الشابية والمدارس المقدسية إلى زيارة المعرض الذي يستمر أسبوعا، إذ سيعمل ـ من خلاله ـ على خلق روح المواطنة، مشيرا إلى أن “القدس تعني التمسّك بأهم مشروعين: الأول البقاء على الأرض وهو أكبر مشروع نضالي والثاني بناء الهوية الوطنية”.
من جانبه اعتبر الشيخ عكرمة صبري ـ في تصريح لـ«الأيام نيوز» ـ أن: “الصور المعروضة تعبّر عن جذورنا وتراثنا وتاريخينا في مدينة القدس رمز الأمة الإسلامية جمعاء”، مشيرا إلى أن: “المعرض يوجه رسالة إلى شعوب العالم، مفادها أن الفلسطينيين متجذرون في مدينتهم ولهم تاريخ مشرّف، فهم ليسوا مجرّد غزاة أو غرباء مثل المحتلّين الذين ليس لهم تاريخ وغير قادرين أن يعثروا على حجر واحد يدل على تاريخهم”.
وأكد الشيخ «صبري» أن مدينة القدس ـ بما فيها البلدة القديمة ـ عبارة عن متحف بحيث إن كل حجر فيها له حكاية ويجب المحافظة عليه، رغم محاولات الاحتلال تدمير ما يستطيع تدميره أثناء الحفريات أسفل المسجد الأقصى ومحيطه، لاستهداف كل أثر إسلامي سواء من العهد المملوكي أو التركي أو العباسي، وشدّد الشيخ على أهمية توثيق التاريخ، بالقول: “لقد مرت فترات تاريخية لم يتم توثيقها.. نشكر كل من يحاول القيام بذلك”.