تخيَّلوا الولايات المتّحدة الأمريكية بكلّ قوّتها العسكرية والسّياسية والاقتصادية والثّقافية والعلمية أمام خيارين لا ثالث لهما، إمّا انتخاب الرّئيس الأمريكي الحالي جو بادين المهزوز والضّعيف الذي يعاني من عدم التّركيز وضعف في الذّاكرة، أو الرّئيس السّابق دونالد ترامب البلطجي والفتوة وزير النّساء والكذّاب!
نحو 350 مليون نسمة لا يوجد بينهم من يجلس في البيت الأبيض سوى هاذين، والأدهى أنّ من يقودون بعض مؤسّسات الدّولة الأمريكية ليسوا بأفضل منهما، فعلى سبيل المثال رئيس مجلس النّواب الأمريكي مايك جونسون ليس سوى لعبة بيد لجنة الشّؤون العامّة الأمريكية – “الإسرائيلية” (أيباك)، وتحول بفضل تمويله له إلى أراجوز ومهرّج صهيوني وصلت به الأمور إلى أن يدعو مجرم الحرب بينيامن نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس الأمريكي، نتنياهو نفسه الذي أهان البيت الأبيض أكثر من مرّة.
ورغم الشّكوك التي تحوم حول استمرار ترشح بايدن في الانتخابات الرّئاسية مطلع نوفمبر القادم بعد ظهوره الضّعيف والمرتبك في المناظرة التي جمعته بمنافسه ترامب، والحديث عن بديل له، إلّا أنّ الحزب الجمهوري بدأ يحتفل بفوز ترامب بالرّئاسة بعد انتهاء المناظرة مباشرة.
ولو استعرضنا أسماء غالبية القيادات في الإدارة الأمريكية وفي الكونغرس سنجد أن جزءا كبيرًا منهم يفتقدون للكاريزما ولشخصية القائد وللكفاءة، أو أيّة موهبة في السّياسة أو الإدارة، وغالبيتهم وصلوا إلى هناك بدعم وترشيح وتزكية من قبل “أيباك” أو اللّوبيات النّافذة في الولايات المتّحدة الأمريكية مثل لوبي الأسلحة والقطاع المصرفي والصّناعات وأسواق التّجزئة وشركات التّقنية والتّكنولوجيا وغيرها.
وغالبًا لا تكون الكفاءة هي المعيار، وإنّما المصالح وتبادل الخدمات والمنافع وسداد دين وقوف هذا الشّخص، وتلك الشّخصية مع الرّئيس في حملته الانتخابية، كما يعطي الرّئيس المنتخب حصّة ونصيبًا من المناصب للمموّلين لحملته الانتخابية وهم في غالبيتهم من الموالين للّوبي الصّهيوني أو لوبيات المال والأعمال والشّركات العملاقة.
على ضوء ذلك تخيّلوا كيف تدار الولايات المتّحدة، وما هو بالضّبط دور الرّئيس وسط هذه الزمرة من المنتفعين والمتنفّذين الذين يوجّهون القرارات الرّئاسية الكبرى لخدمة مصالحهم، وغالبًا على حساب شعوبنا نحن ومصالحنا، أي أنّنا الخاسر الأوّل في هذا العرس، ندفع تكاليف الزّفاف الباهظة ولا يسمح لنا حتّى بالشّكوى أو الدّفاع عن أنفسنا.