40 ألف مقاتل بانتظار ساعة الصفر.. الجولان على صفيح ساخن

بسبب اشتداد حدّة القصف الصاروخي من قبل حزب الله اللبناني، ارتفعت نسبة المستوطنين الصهاينة، بشمال فلسطين المحتلة، الذين يطلبون الدعم النفسي إلى 30%، وسط حالة من الهلع والخوف. وفي المقابل، يتابع جيش الاحتلال بقلق التحرّكات المتسارعة لنحو 40 ألف مقاتل قادمين من سوريا والعراق واليمن، تمركزوا في الجولان بانتظار إشارة من الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، للانخراط في القتال.

نقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن مسؤولين أمنيين صهاينة تأكيدهم أن وجود 40 ألف مقاتل في الجولان يشكل مصدر قلق على الرغم من أن هؤلاء الـ40 ألف مقاتل ليسوا من النخبة. وأشار مصدر أمني صهيوني رفيع إلى أن الوضع خطير للغاية، مؤكداً أن (إسرائيل) لن تتوانى عن التدخل في سوريا لإيصال رسالة واضحة للرئيس بشار الأسد بأن تواجد هؤلاء المقاتلين غير مقبول. كما حذر من أن (إسرائيل) قد تنزلق إلى حرب إقليمية واسعة إذا استمرّ التصعيد.

وفي سياق متصل، أفادت الصحيفة بأن تقديرات المؤسسة الأمنية تشير إلى أن حزب الله لا يزال يمتلك قدرات تهدّد المياه الاقتصادية والساحة البحرية للكيان. ووفقًا للمصدر الأمني، فإن الحزب يمتلك أكثر من 100 ألف صاروخ قادرة على ضرب أهداف لدى (إسرائيل)، مما يفرض على القيادة الصهيونية عدم الاستهانة بقدراته الصاروخية.

كما انتقدت مصادر أمنية صهيونية قرار القيادة العسكرية والسياسية بالفصل بين جبهتي الشمال والجنوب، معتبرة أن هذا النهج غير واقعي. وترى أن الضغط على حزب الله يجب أن يكون مصحوبًا بتحقيق مكاسب في غزة. وأوضحت الصحيفة أن هذا التوجّه يعكس تغييراً في رؤية رئيس وزراء سلطة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال المشاورات الأمنية الأخيرة، حيث بدا أن (إسرائيل) تخلّت –مرغمة- عن محاولات ما تصفه بـ”محو” حركة المقاومة الإسلامية –حماس- واستعادة المحتجزين.

وبالمقابل، أفادت القناة 14 الإسرائيلية بزيادة بنسبة 30% في طلبات المساعدة النفسية من الإسرائيليين في شمال فلسطين، نتيجة حالات الهلع التي تسبّب بها تصاعد القصف الصاروخي من جنوب لبنان من قبل حزب الله. وأوضحت جمعية إسرائيلية يوم الثلاثاء أن هذه الزيادة في طلبات الدعم النفسي من مستوطني الشمال جرت خلال يومين فقط، مع اتساع نطاق التوترات.

وبيّنت القناة أن مئات الآلاف من المستوطنين الصهاينة بشمال فلسطين المحتلّة يعيشون في ظل واقع جديد نتيجة تزايد القصف المتبادل بين الجيش الصهيوني وحزب الله. ونقلت عن أوفير يحزقيلي، نائب رئيس بلدية كريات شمونة، أن المدارس أغلقت بسبب الأوضاع الأمنية ودوي صفارات الإنذار المستمر.

وكان وزير دفاع الاحتلال الصهيوني يوآف غالانت قد التقى جنودا يتدربون على شنّ عملية برية محتملة في جنوب لبنان، فيما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن (إسرائيل) تستعد لعملية برية محتملة في لبنان، وأضافت أن غالانت التقى يوم الثلاثاء جنودا يتدربون على سيناريو اجتياح بري.

ويرى الخبراء أن كلاً من حزب الله اللبناني والاحتلال الصهيوني لا يزالان في مرحلة تقييم التصعيد العسكري، مشيرين إلى أن ما يجري على الجبهة اللبنانية يشكل اختباراً حقيقياً لنظرية “الأيام الصعبة” التي طالما كانت هاجساً للقادة الصهاينة. ووفقاً للخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، فإن قدرات الطرفين العسكرية اليوم تختلف كثيراً عما كانت عليه في عام 2006. ويؤكد جبارين أن (إسرائيل) تراهن بكامل إمكانياتها في هذه الحرب، إذ تخوض اختباراً فعلياً لمواجهة تلك “الأيام الصعبة” التي طالما حذرت منها.

ويضيف جبارين أن التصعيد الصهيوني يهدف بشكل أساسي إلى تقييم الوضع ومعرفة الخطوة التالية، مشبّهاً هذا التصعيد بما قامت به (إسرائيل) في غزة عندما حاولت استعادة الأسرى بالقوّة وفشلت في ذلك. ومع حزب الله، الذي يتمتّع بقوّة أكبر وتسليح أفضل من حركة حماس، يثار التساؤل لدى الكيان حول ما إذا كان جنرالات الاحتلال سيمضون في محولاتهم لإعادة المستوطنين إلى الشمال بالقوة أو سيتمّ اللجوء في النهاية إلى الدبلوماسية، نظراً لصعوبة تحقيق هذا الهدف عسكرياً.

ويعتقد جبارين أن (إسرائيل)، التي فشلت في القضاء على حماس بعد عام من القتال، لن تكون قادرة على محو حزب الله. كما أنها لم تتوصل بعد إلى صيغة أمنية واضحة للتعامل مع هذه الجبهة. ويختتم جبارين بأن (إسرائيل) تواجه معضلة معقدة، فالفشل في التعامل مع حماس يثير الشكوك حول قدرتها على التعامل مع حزب الله، مما يثير التساؤلات حول نوايا رئيس وزراء سلطة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو، وما إذا كان سيستخدم التصعيد في لبنان لتحقيق أهداف أخرى في الضفة الغربية، في ظل اختلاف المعادلة الأمنية بين الجبهتين.

يرى الكاتب والباحث السياسي هادي القبيسي أن التصعيد الحالي يعتمد بشكل أساسي على الاستخبارات، مشيراً إلى أن غارات الأيام الثلاثة الأخيرة أثبتت فشل (إسرائيل) في هذا الجانب، حيث كانت الأهداف مدنية بنسبة 95%. وأضاف القبيسي أن قصف حزب الله لمقر الموساد في (تل أبيب) بصاروخ “قادر-1” يعكس عدم قدرة (إسرائيل) على استهداف منصات الصواريخ النوعية للحزب أو القضاء على قوته الصاروخية.

في سياق متصل، نعى حزب الله أمس الأربعاء القيادي إبراهيم محمد قبيسي (الحاج أبو موسى)، الذي استشهد في غارة صهيونية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت. ووُلد قبيسي عام 1962 في بلدة زبدين جنوب لبنان، وكان من أوائل المنضمين إلى المقاومة الإسلامية منذ تأسيسها عام 1982. وقد تولى العديد من المسؤوليات القيادية، بما في ذلك قيادة وحدة بدر العسكرية شمالي نهر الليطاني بين عامي 2001 و2018، وأشرف على خطط عمليات عدة ضد الاحتلال الصهيوني، وخاصة في محور الإقليم.

وجاء استهداف قبيسي ضمن سلسلة من الهجمات التي تشنها (إسرائيل) على قادة حزب الله، خصوصاً المنتمين إلى “قوة الرضوان”، التي تُعد من قوات النخبة في المقاومة. وقد أسفرت الغارات عن استشهاد العديد من القادة، من بينهم إبراهيم محمد عقيل وأحمد محمود وهبي، في محاولة لإبعاد هذه القوات عن الحدود الشمالية لفلسطين كجزء من مسار دبلوماسي لوقف إطلاق النار. وتُعتبر “قوة الرضوان” من أبرز وحدات حزب الله، حيث تحمل اسمها تيمناً بالقائد الشهيد عماد مغنية، وتُعد إحدى القوى الضاربة التي يعول عليها الحزب في أي حرب مستقبلية.

وتصاعدت العمليات العسكرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الصهيوني بشكل حاد، وذلك منذ شنّ الاحتلال غاراته على الضاحية الجنوبية وارتكابه مجزرتين استهدفتا أجهزة الاتصالات. واعتُبر الهجوم الأخير، الذي وقع يوم الاثنين، الأكثر دموية منذ بدء الحرب، حيث طال مناطق البقاع وبعلبك والهرمل والجنوب والضاحية، وأدى إلى استشهاد أكثر من 600 شخص، بينهم مدنيون وأطفال ومسعفون، بما يفوق إجمالي عدد الشهداء خلال العام الماضي. كما تسبب النزاع بنزوح الآلاف إلى المناطق الآمنة في بيروت وجبل لبنان والشمال.

وفي ردٍ على العدوان الصهيوني المستمر، أعلن حزب الله، أمس الأربعاء، إطلاق صاروخ باليستي من نوع “قادر 1” استهدف مقر قيادة الموساد قرب (تل أبيب)، وهو المقر الذي يتهمه الحزب بالتورط في اغتيال قادة المقاومة وتفجير البيجرز وأجهزة اللاسلكي. ويُعد هذا التطور تصعيداً خطيراً، حيث وصل مدى صواريخ حزب الله من طراز “فادي”، التي دخلت حديثاً إلى ميدان المعركة، إلى شمالي حيفا، ما دفع الاحتلال إلى تفعيل منظومة الدفاع الجوي “مقلاع داود” لاعتراض الصواريخ الموجهة إلى تل أبيب ومحيطها.

ومنذ بدء المواجهات مع حزب الله قبل نحو عام، يواصل جيش الاحتلال هجماته الأعنف على لبنان، والتي أسفرت حتى الآن عن مقتل 558 شخصًا، بينهم 50 طفلاً و94 امرأة، بالإضافة إلى إصابة 1835 شخصًا بجروح، بحسب وزارة الصحة اللبنانية. هذه المواجهات المتصاعدة تأتي في ظل مطالبة حزب الله وفصائل المقاومة بوقف الحرب التي تشنها (إسرائيل) على قطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل وجَرح أكثر من 137 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وسط دمار ومجاعة تتهدد القطاع.

آدم الصغير

آدم الصغير

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
انطلاق أشغال اجتماع وزراء الداخلية لمجموعة الـ7 بمشاركة الجزائر دراسات طبية تحذر.. لماذا لا ينصح بتكرار غلي الماء؟ حج 2025.. انطلاق التسجيلات عبر الموقع الالكتروني والبلديات رسميا.. عون يطلق الصيغة الجديدة لـ “فيات دوبلو” بمصنع وهران إنهاء مهام رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الجائزة الكبرى شانطال بييا 2024.. الجزائري إسلام منصوري يفوز بالمرحلة الثالثة المبعوث الأممي دي ميستورا يصل إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين غلق مؤقت للطريق السريع شرق اتجاه الجزائر الدار البيضاء منح تراخيص لـ 67 ألف مستثمرة فلاحية منذ 2020 إدراج 3 أسماء لأوّل مرة.. بيتكوفيتش يكشف عن قائمة اللاعبين المعنيين بمواجهتي الطوغو لبنان.. الطيران الصهيوني يشن 17 غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت النفط يواصل حصد المكاسب للجلسة الثالثة على التوالي أمطار رعدية غزيرة على 21 ولاية في اليوم الـ363 من العدوان.. شهداء وجرحى في قصف الاحتلال على عدة مناطق في قطاع غزة للتستّر على خسائرها.. "إسرائيل" تمارس خدعة "إخفاء الجثث بالجثث" نائب الرئيس في مواجهة البرلمان.. الأزمة السياسية في كينيا تقترب من الانفجار عمار بن جامع يسأل: لماذا يخشى المغرب الاستفتاء على تقرير مصير الشعب الصحراوي؟ أحد أبرز المرشّحين لقيادة حزب الله.. من هو نعيم قاسم الذي بشّر اللبنانيين بالنصر؟ رسميا.. تنصيب اللجنة الوطنية لمراجعة قانوني البلدية والولاية وسط مخاوف من اتساع رقعة الصراع.. إيران تعلن انتهاء هجماتها الصاروخية ضد الصهاينة