البروباغندا الصهيونية في مواجهة إعلام المقاومة الفلسطينية.. أبوعبيدة.. الرجل الذي هزم منظومة الدعاية الغربية

حين طلب وزير الاتصال الجزائري “محمد لعقاب” يوم الأربعاء 18 أكتوبر من وسائل الإعلام العربية التّوقف عن منح الكلمة لممثلي الكيان الصهيوني المجرمين، حتى لا يتمكنوا من دخول بيوتنا لتبرير مجازرهم في حق الشعب الفلسطيني، كان لعقاب يدرك بوضوح أن المواجهة التي تجري على الأرض بين جيش الاحتلال الصهيوني، الذي يعتمد على وسائل الإجرام والإبادة والتدمير الممنهج، وفصائل المقاومة، التي تتمتع بذكاء أبطالها وشجاعتهم وإيمانهم بقضيتهم، تمثل جزءًا من مواجهة وجودية ثنائية القطب؛ فهي (المواجهة) تجري بين الفلسطينيين وأنصارهم من جهة، والصهاينة وحلفائهم الغربيين من جهة أخرى.

=== أعدّ الملف: سهام سعدية سوماتي ومنير بن دادي

وهذه المواجهة تتجلّى في عدة مظاهر أهمها السياسية، الاقتصادية، القانونية، الثقافية، وغيرها. لكنّ الوزير لعقاب أبرز ـ بحكم تخصصه ومسؤوليته ـ أحد المظاهر الكبرى في المواجهة؛ إنه “الإعلام”، ليحذّر القنوات التلفزيونية العربية من التّورط في إيواء المجرمين الصهاينة باحتضان أصواتهم ـ التي هي جزء من آلة العدوان الغاشم ضد الفلسطينيين ـ وإدخالهم إلى بيوتنا فنكون بذلك ـ لا سمح الله ـ شركاء على نحو ما في تلقي السردية الصهيونية بالقدر ذاته أو أقلّ من تلقينا السردية الفلسطينية؛ وهذا في حد ذاته نوع من التواطؤ غير المعلن مع العدو على حساب الفلسطينيين الذين قاتلوا بشراسة على الأرض، وقاتلوا أيضا بالشراسة ذاتها ـ وربما أكثر ـ في ميدان الإعلام، رغم قلة الإمكانات، بالمقارنة مع إمكانات العدو الذي تقف وراءه مؤسسات دعائية ضخمة تسوّق لتوجّهاته الكاذبة، على حساب الحقيقة التي يسعى الفلسطينيون إلى إبرازها مستخدمين سلاحا لا يملكه الغرب ويتمثل في: “مصداقية الخطاب”.

عندما بدأت عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر، قامت وسائل الإعلام الغربية بنشر أكاذيب، بما في ذلك ادعائها بأن رجال المقاومة قاموا بقطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين في المستوطنات المحيطة بقطاع غزة. وما يثير السخرية هو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اعتمد هذه الرواية الوهمية في البداية، قبل أن يتراجع عنها بفعل ضغط الرأي العام. وقد أظهرت وسائل إعلام المقاومة الحقيقة بشكل واضح، ولكن ذلك لم يكن من خلال مؤسسات رسمية بل من خلال وسائط التواصل الاجتماعي التي انتشر فيها ناشطون مؤيدون للقضية الفلسطينية. هذا الأمر أوحى إلى وجود نسخة من “طوفان الأقصى” في الساحة الإعلامية.

وبشأن الأكذوبة سالفة الذكر، تم نشر أخبار تدّعي أن مقاتلي المقاومة الفلسطينية قاموا بقطع رؤوس الأطفال الصغار. وانتشرت هذه الأقاويل بسرعة، حين قامت صحف بريطانية بارزة مثل “ديلي ميل”، و”ذا صن”، و”ذا تايمز”، و”ديلي تلغراف” بنشر تفاصيل عن هذه الأحداث الوهمية، زاعمة أنه تم قتل حوالي 40 طفلًا، بينهم رضّع. ولكن، لم يتمكن أي طرف، بما في ذلك الاحتلال الصهيوني، من تقديم أدلة تثبت هذه الادعاءات بأي شكل من الأشكال.

بعض الصحف البريطانية، مثل “ذا صن” و”التايمز”، استخدمت في عناوينها الطابع التهويلي، على غرار: “المتوحشون يقطعون رؤوس الأطفال في مذبحة” وأيضا “قطعت حماس حناجر الأطفال في مذبحة”. ويجدر بالذكر أن هاتين الصحيفتين تمتلكهما شركة روبرت مردوخ للأخبار في المملكة المتحدة، كما قام مقدم الأخبار الشهير في قناة “سي بي أس” الأمريكية، جيف جلور، بالإشارة إلى أنه شاهد صورًا تتعلق بهذه القضية دون تحديد المزيد من التفاصيل. ولم يتم سؤاله عن مصدر هذه الصور أو توقيت أو مكان الأحداث.

تأتي هذه الحملة كجزء من إستراتيجية “الدعاية السوداء” التي تستهدف تشويه سمعة الأفراد أو الجهات ـ في الطرف الآخر ـ دون القيام بالتحقق من الوقائع. ويكمن الخطر في أن مثل هذه الحملات قد تؤدي إلى تشجيع المتلقين على تصديق أفكار مشوهة حول الآخرين، والأسوأ أن هذه الوسائل الإعلامية الغربية لم تفعل شيئا لتصحيح الأكاذيب المتعمدة، بعد أن تم كشف زورها، إلا أن هناك قلة من الصحافيين تداركوا الخطأ، مثل مقدمة برنامج “سي ان أن” سارة سايدنر، التي اعترفت بأنها كانت قد اندفعت في نقل هذه الأخبار وأنها لم تتصرف بحذر كما يجب. ومع ذلك، لا يزال بعض الأشخاص يواصلون نشر تلك الأخبار المغرضة دون التحقق من صحتها.

يُشير مارك أوين جونز، الباحث في مجال الإعلام والشؤون الشرقية، إلى أن روايات حول الأطفال المقتولين كانت “عاطفية”، وتم استخدامها في حملات دعائية تعود إلى الحروب العالمية لتشويه سمعة الخصم وزرع الرفض والكراهية إزاءهم. غير أنه ـ وفي الطرف المقابل ـ نفت وسائل إعلام المقاومة هذه الادعاءات ونشرت مقاطع فيديو تثبت عدم صحة الأكاذيب الغربية، مع إظهار التعامل الإنساني الذي التزم به الفلسطينيون مع النساء والأطفال وكبار السن.

البروباغندا الصهيونية في مواجهة السّردية الفلسطينية..

الكيان الصهيوني فشل فشلا ذريعا في استمالة الرّأي العام الغربي

هذه الهزيمة التي وقع الإعلام الغربية فيها، صنعت شعورا بالنكسة، سرعان ما تحول إلى نوع من التعنت، فقط هبطت من عليائها وسائل إعلام مرموقة مثل شبكة “سي أن أن” و”بي بي سي” وعمدت إلى نشر المزيد من المعلومات المضللة، حين قدمت أدلة زائفة تزعم أن حماس مسؤولة عن الهجمات على مستشفى “المعمداني”، وبلغت هذه الأكاذيب إلى درجة غير معقولة، بعدما قام المتحدث باسم الاحتلال بنشر رواية حول القصف الذي استهدف مستشفى المعمداني في غزة، وقد تم نقل هذه الرواية بسرعة عبر وسائل إعلام عالمية دون إجراء تحقيقات كافية، على الرغم من وجود أدلة تشير إلى أن هذه الرواية غير صحيحة.

وكان من الملاحظ أن شبكة “بي بي سي” البريطانية نشرت تقريرًا قبل الهجوم على المستشفى بيوم واحد، يتساءل فيه المعلق عما إذا كانت “حماس تقوم ببناء الأنفاق تحت المستشفيات والمدارس”. وأشار التقرير إلى أن هناك احتمالية لوجود شبكة أنفاق تحت مناطق مكتظة بالمنازل والمستشفيات والمدارس، ما قد يثير الظنون بشأن استهداف الاحتلال مثل هذه الأهداف. وفي اليوم التالي، نفّذ الاحتلال قصفا مروعا استهدف المستشفى، ما أسفر عن استشهاد مئات المرضى والنساء والأطفال.

وكررت مراسلة شبكة “سي أن أن” الأمريكية مزاعم الاحتلال، مشيرة إلى أن “حماس ربما أخطأت في إطلاق الصواريخ فأصابت المستشفى في غزة، وفقا للجيش الصهيوني”. بينما حاولت شبكة “سكاي نيوز” البريطانية أن تظهر حيادها عبر نشر تقرير على حسابها عبر منصة “أكس”، حين أشارت إلى تصريح وزارة الصحة في غزة بشأن استشهاد المئات نتيجة قصف مستشفى المعمداني في مدينة غزة، وأقرت بعدم قدرتها على التحقق بشكل مستقل من هذا التقرير.

وعلى الرغم من هذا التحيّز الإعلامي الغربي الفاضح ـ بالأخص الأمريكي ـ لصالح العدوان الصهيوني، إلا أن السردية الفلسطينية قاومت رياح الأكاذيب ملتزمة بمبدأ مصداقية الخطاب وثباته، دون الانسياق إلى المبالغة، وهكذا بدأ إعلام المقاومة في الظهور ـ بمستويات عليا من الأداء ـ ما جعل صوت المقاومة مسموعًا، بل قادرا على قلب شروط اللعبة إلى صالحه وهو ما أثار مخاوف لدى الغرب من إمكانية أن يتشكل لديها رأي عام جديد يصعب استدراجه مرة أخرى إلى دائرة التضليل.

وكان لافتا، في هذه المرحلة، انخراط مشاهير عرب وأجانب في تبني رواية الشعب الفلسطيني، على غرار مقابلة الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف مع الإعلامي بيرس مورغان، والتي حظيت بشعبية غير مسبوقة، وتم تداولها في أرجاء العالم، ومثله كثير من المشاهير. كما انتشرت عشرات الفيديوهات لناشطين ومشاهير غربيين تحدثوا عن جرائم “الكيان الغاشم”، وأبدوا تعاطفهم مع سكان غزة، وهو أمر لم يكن مألوفا قبل عصر التواصل الاجتماعي. وانعكاسا لهذا التحول، وبفضل تأثير السردية الفلسطينية، عمّت مظاهرات واسعة عواصم دول الغرب وأمريكا ودول أخرى.

هذا التّفوق الذي حققته السردية الفلسطينية خلال الأيام الماضية، أثار انزعاج “الكيان”، ليخرج زعيم المعارضة الصهيونية يائيرلابيد، محذراً من أن التغطية الإعلامية الموضوعية تضر “الكيان”، وقد ذهب لابيد إلى أبعد من ذلك، بمطالبة حكومات الغرب الحليفة للاحتلال “بتغطية أحادية الجانب باعتبارها السبيل الوحيد لجعل الناس يَصلون إلى الاستنتاجات التي تصب في صالح الكيان”.

وبالنسبة إلى الأيام الأولى من عملية “طوفان الأقصى”، التي أطلقتها المقاومة، كانت الرواية الإسرائيلية هي المهيمنة في الدوائر الإعلامية والسياسية والدبلوماسية الغربية، لكنها سريعاً ما تزحزحت لصالح السردية الفلسطينية التي بدأت تتفوق بشكل واضح، كما أن هول الجريمة الإسرائيلية كان له دور في تغيير نمط التناول الإعلامي، وربما إلى حد ما السياسي والدبلوماسي على المستوى الغربي، من خلال خروج أصوات ـ عبر منابر رسمية ـ تطالب الكيان الصهيوني بالخضوع للقانون الدولي.

إلى جانب ما تم ذكره، فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي غير التقليدية كأداة لنقل الوقائع والمعلومات بفعالية سمح للفلسطينيين بالوصول إلى منازل الناس في العالم الغربي. وقد أتاح لهم نقل الحقائق بوضوح، من خلال عرضها بالصوت والصورة، كشف السردية الإسرائيلية المليئة بالأكاذيب والتضليل.

وقد تجاوزت هذه السردية الحدود القصوى إلى درجة أصبحت مصدرًا للسخرية، وأدرك الشباب، في الغرب بشكل خاص، مدى الفبركة والتلاعب اللذين اعتمدتهما وسائل الإعلام الموالية للاحتلال. وقد أدركوا أيضًا أن الكيان الصهيوني، بالتعاون مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا، لا يمكن أن يكون ضحية ـ وفق منطق إنسان غربي ـ بذات القدر الذي تحاول هذه السردية إظهاره، ما دفعهم إلى التشكيك أولا، ثم محاولة معرفة الحقيقة من مصادر مختلفة، وصولا إلى التعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية بشكل أكبر.

لقد أدرك المشاهد الغربي، بشكل واضح، خلال هذه العدوان الصهيوني المتواصل، استخدام وسائل الإعلام الغربية اللّغة والتصوير كأدوات للتأثير في الرأي العام. ذلك أن عواصم الغرب اتّبعت وجهة نظر صهيونية في تغطيتها للأحداث. وقد تميزت التقارير الإخبارية بتركيزها على هوية الضحايا وانتمائهم بدلاً من التركيز على قيمة الحياة الإنسانية بحد ذاتها.

وكان من الأمثلة على ذلك توظيف هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” كلمة “ماتوا” (died) للدلالة على الفلسطينيين الذين استشهدوا في غزة، بينما استخدمت “قتلوا” (killed) لوصف الإسرائيليين الذين استهدفهم المقاومون. هذا النهج يمكن اعتباره “فضيحة إعلامية”.

ولم تكن هذه هي الحال فقط، بل تم نشر أخبار مزيفة حول قطع رؤوس واغتصاب نساء، ثم تم التزام الصمت لاحقًا بعد اكتشاف الزيف والزور، ما أثر بشكل سلبي على مصداقية وسائل الإعلام الغربية. وبالمقابل، نجح إعلام المقاومة في فرض صوته عبر عدة آليات بات من الواضح أنها مدروسة بشكل تفصيلي كامل

فيما عمد الكيان إلى “إغراء” ناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي..

حماس تفوّقت بسنوات ضوئية على العدو حين كسبت معركة الإعلام

المعروف أن حماس تمتلك خبرات تراكمت لديها خلال المواجهات العسكرية السابقة، وهو ما مكنها من اعتماد إستراتيجيات وأدوات إعلام حربي متطورة وآليات للرصد والمتابعة ناهيك عن التمكين من إنتاج محتوى إعلامي لتغطية عملياتها ونقل تفاصيل العدوان الصهيوني.

وقد نجحت حماس في هذا المجال، ملتزمة بمواكبتها الإعلامية خلال “طوفان الأقصى” لتحقيق الانتصار الكامل، إذ استمر تنشر فيديوهات وبيانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع التحذير من أن الاحتلال الصهيوني سيسعى إلى التفوق في المواكبة الإعلامية، وهو ما شجع المؤدين على الانخراط في المعركة الإعلامية.

لقد تضاعف عدد المشاهدات للمقاطع التي تدعم فلسطين على منصة تيك توك الصينية مقارنة بتلك التي تدعم كيان الاحتلال الصهيوني، ومثلت هذه القفزة تحولًا ملحوظًا، خاصةً على منصة تيك توك التي تستقطب الشباب للتعبير عن آرائهم بشأن كل ما يجري.

وجدير بالذكر أن العدد الكبير للمشاهدات يتعلق بعدد المنشورات التي تستخدم هاشتاغ “StandwithPalestine#”، الذي تفوق بكثير عدد المشاركات التي تستخدم هاشتاغ “StandwithIsrael#”، سواء في الولايات المتحدة أو في مناطق أخرى في العالم، بالإضافة إلى الانتقال إلى استخدام اللغة الإنكليزية من قبل مؤثرين عرب لنشر رسائلهم وفضح جرائم الاحتلال الصهيوني.

لقد برز الدّور الكبير للأفراد والنشطاء الذين يقومون بنقل الوقائع والأحداث من خلال منصات التواصل الاجتماعي، وبالمقابل قامت سلطة الاحتلال بتجنيد مؤثرين لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ودفعت لهم أموالاً مقابل نشر رسائل تبرر أعمالها الإجرامية في قطاع غزة، دون نسيان أن كل هذه المعطيات، يضاف إليها ضعف سطوة الإعلام التقليدي الصهيوني وحتى الغربي في مواجهة قوة التأثير القادمة من الهامش عبر منصات التواصل الاجتماعي التي نجحت في نقل الرواية والسردية الفلسطينية بقوة مذهلة.

حرية الرّأي والتّعبير.. قناع الغرب التي أسقطه الغرب بيديه

منذ عملية “طوفان الأقصى” وما تلاها من ردّ صهيوني وحشي، نجح الإعلام المقاوم في إيصال خطابه بهدوء تام، وبروح من الاتزان العالية. والأهم من ذلك أنه دفع الإعلام الغربي ـ وفق إستراتيجية بدت مدروسة ـ إلى التعامل من الوقائع بنوع الحنق إزاء ما يجري في فلسطين. وقد تطور هذا الحنق إلى هجوم سافر ضد الحقيقة وضد كل من يتفوه بها، فقد حدث أن أعلن ستيف بيل ـ وهو رسام الكاريكاتير في صحيفة “ذي غارديان” البريطانية ـ أنه أُقيل من وظيفته تحت تهمة معاداة السامية. وقد جاء هذا، بعدما رسم كاريكاتيرًا انتقد فيه ممارسات رئيس سلطة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو في قطاع غزة.

الكاريكاتير يصوّر نتنياهو وهو يرتدي قفازات ملاكمة ويحدد جزءًا من خريطة تمثل قطاع غزة، ما يوحي بأنه عازم على الاقتطاع منه. وقد ضمّن الكاريكاتير عبارة “يا سكان غزة انتقلوا الآن”، وهذا يُشير إلى المخاوف من أن سلطة الكيان قد تطلب من أهل غزة النزوح جنوبًا استعدادًا لعملية عسكرية متوقعة.

وذكر بيل أنه قدّم هذا الرسم لمحرري صحيفة “ذي غارديان”، لكن تم رفضه، وبعد ذلك قررت الصحيفة إنهاء التعاقد معه بعد خدمة استمرت لأكثر من 40 عامًا بسبب هذا الكاريكاتير الذي كشف الحقيقة. ولفت بيل إلى أن الصحيفة كان بإمكانها أن تكتفي برفض نشر الرسم، ولكنها اختارت الخيار الأشدّ صرامة بإنهاء علاقتها معه بالكامل.

هذا الموقف أثار مفارقة كبيرة، إذ غالبًا ما قدّمت وسائل الإعلام الغربية دروسًا للعرب والمسلمين حول حرية التعبير، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالرسومات أو التصريحات التي تُعتبر مسيئة للنبي الكريم أو المقدسات الإسلامية بشكل عام. ومع ذلك، فإن تطبيقاتها العملية تتناقض مع هذه المبادئ، وهو الأمر الذي اكتشفه الرأي العام الغربي الذي بات مصدوما من درجة التعتم الذي كان يتعرض له.

لكن، غياب الحياد والمهنية لدى تغطية كثير من وسائل الإعلام الغربية عملية طوفان الأقصى والحرب غير المسبوقة التي يشنها الاحتلال الصهيوني على غزة، لم تتوقفا عند حد الانحياز للرواية الإجرامية، ومحاولة نشر التضليل الإعلامي بشكل – يرى كثيرون – أنه ممنهج، بل وصل إلى “إسكات” بعض الأصوات التي لا تتماهى مع هذا الخط، وأبرز مثال على ذلك ما فعلته شبكة “إم إس إن بي سي” الأمريكية، حين أوقفت 3 من أبرز مذيعيها المسلمين قبل أيام.

وأكدت مصادر أن مهدي حسن وأيمن محيي الدين وعلي فلشي جرى إسقاطهم من قائمة المذيعين منذ هجوم المقاومة الفلسطينية على الكيان الغاشم. وفي أمريكا أيضا، تم فصل المراسل الرياضي جاكسون فرانك من موقع “فيلي فويس” الإخباري الذي انضم إليه أخيرا بعد أن كتب على موقع أكس “أتضامن مع فلسطين دائما”، فردّ الموقع بإقالته.

ولم تختلف “بي بي سي” البريطانية مثيلاتها، بعد أن قررت التحقيق مع 6 من صحفييها العرب في مكتبي القاهرة وبيروت، بالإضافة إلى وقف التعامل مع صحافية أخرى مستقلة، بدعوى “نشاطهم المتحيز لفلسطين على حساباتهم بمواقع التواصل”.

وتضم قائمة الصحافيين المحالين للتحقيق: محمود شليب، سالي نبيل، سلمى الخطاب، بالإضافة إلى الصحافي في القسم الرياضي بمكتب القاهرة عمرو فكري، والصحافية المستقلة آية حسام في القاهرة التي أوقفت “بي بي سي” التعامل معها، والصحافيتين سناء الخوري وندى عبد الصمد من لبنان، وقد أوقفت إدارة “بي بي سي” صحافيي مكتب القاهرة عن العمل مؤقتا لحين انتهاء التحقيقات.

صِدق أبوعبيدة وثباته جعلا الصهاينة يستشفون الأخبار من بياناته..

“طوفان الأقصى” ينتصر في ميدان سيكولوجية الحروب وفن استقطاب الانتباه

صناعة الأسطورة وتقديم الدعم النفسي للضحايا جزء من سيكولوجية الحروب، وهو ما برع فيه الفلسطينيون الذين يدركون أن وجود “بطل إعلامي” يجذب انتباه الملايين الذين يشعرون بالقلق والتأثر بمجريات الصراع، أمر أكثر من ضروري، فهؤلاء الأشخاص يتابعون بفارغ الصبر ظهوره وكلماته وبياناته وتصريحاته، على أمل أن يروا ما يقوله يتحقق في شكل انتصارات على الأعداء في ساحات المعركة.

هذا السيناريو قد تكرر في العديد من الحروب السابقة، وخلال العدوان الجاري ضد غزة حاليا، إذ تصدى القطاع المحاصر للجرائم الصهيونية المدعومة من الغرب، ليأتي “أبو عبيدة” كنموذج للبطل الإعلامي، فهو الناطق الرسمي باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، يقدم هذا الرجل بيانات قوية ومؤثرة وذات مصداقية كبيرة تزرع الأمل في قلوب الشعوب العربية وتثير الرعب لدى المستوطنين الصهاينة وحلفائهم الأمريكيين.

لكن، ما هو السر وراء هذا التأثير البارز لشخصية “أبو عبيدة” رغم غموض شخصيته وعدم ظهور ملامح وجهه مطلقا؟ لماذا ينتظر الملايين من العرب والمسلمين حول العالم ظهوره ويترقبون بياناته؟ لماذا ينشر الشارع الصهيوني مقاطع فيديو تُترجم إلى العبرية لبيانات “أبو عبيدة” على الرغم من محاولات وسائل الإعلام الصهيونية منعها؟

السر البارز في هذا التأثير يعود إلى إستراتيجية التخفي والتجنب التي يعتمدها “أبو عبيدة” لأسباب أمنية قائمة ومبررة، فهو يُقدم نفسه على أنه ملثم ومجهول بشكل جزئي، ما يجعل من الصعب على الصهاينة معرفة هويته واستهدافه. لكن هذا التخفي لا يقلل من تأثيره بل يزيده جاذبية وغموضًا؛ إذ يستقطب انتباه المشاهدين والمتابعين نحو ما يقوله وما يقدمه من بيانات لا يشوبها غبار أو زيف.

تجنب ظهور الوجه يعزز التركيز على الرسالة والكلمات التي ينقلها “أبو عبيدة”، فبياناته متوازنة ودقيقة، وتشتمل على المعلومات والأحداث الجارية في أرض المعركة، كما أنها تمتاز بالوضوح والتركيز والقوة، ما يجعلها سهلة الفهم والنقل، وهكذا تصل رسائله وبياناته إلى الجماهير بفعالية وتنتشر بسرعة خارقة، لهذا السبب، يترقب الملايين حول العالم ظهور “أبو عبيدة” إذ يعتبرونه مصدرًا للأمل والقوة في وجه آلة القتل الصهيونية.

وبالفعل، فإن بيانات “أبو عبيدة” تتسم بالواقعية والموثوقية، إذ تحتوي على تفاصيل وحقائق موثقة صوتًا وصورة. كما يتميز بأنه لا يقدم وعودًا فارغة، بل يقدم أدلة وأمثلة على الإنجازات التي حققتها المقاومة في مواجهة جيش الصهاينة. ويؤكد “أبو عبيدة” في بياناته الرائجة أنه ليس مجرد صانع كلام فارغ، بل هو رجل يقدم حقائق وأحداث واقعية نفذتها المقاومة على أرض الواقع. وهو يستخدم الفيديوهات والصور التي ينشرها الإعلام العسكري للمقاومة مثل كتائب القسام وسرايا القدس لتوثيق هذه الإنجازات والبطولات، وهيوسائل تساهم في بناء الثقة والإيمان بالقضية والمقاومة.

الرجل الذي هزم منظومة الإعلام الغربي بكاملها

المعلومات التي يقدمها “أبو عبيدة” تتركز على الهجمات الناجحة ضد جيش الصهاينة وتفاصيل دقيقة حول استهداف وقتل وقنص جنود العدو، سواء كانوا يتحصنون داخل مباني أو دبابات مدرعة، فإنه قادر أن يكشف عن التفاصيل بدقة. وهذا يسهم في نشر صورة إيجابية للمقاومة ويعزز روح الصمود والتحدي بين الجماهير.

“المصداقية” التي يتمتع بها الرجل الغامض “أبو عبيدة” بين العرب والمسلمين والمناصرين للقضية الفلسطينية تمتد إلى قلب الكيان الصهيوني المعادي، فتثير الرعب في أوصاله، وهذه المصداقية وصلت إلى مستويات عميقة في الشارع الصهيوني الذي يتداول فيديوهات بياناته المحظورة في وسائل الإعلام هناك. ما جعل تأثيره يتسم بالخطورة على المعنويات في أوساط جيش الاحتلال.

الإسرائيليون يثقون بـ”أبو عبيدة” ويصدّقون بياناته أكثر من ثقتهم في جيشهم وسلطة نظامهم، وذلك في ظل كابوس “طوفان الأقصى” الذي يعيشونه، ويعتقد الشارع الإسرائيلي بصدق “أبو عبيدة” حتى وإن كان يتزعم حربًا نفسية شرسة وقاسية بهدف ضرب معنويات جنودهم وتأليب عائلات الأسرى ضد رئيس سلطة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي نجح أبو عبيدة في إظهاره أمام الرأي العام الصهيوني على أنه لا يهتم بحياة الأسرى.

أثبت أبو عبيدة وجوده كناطق عسكري بارع منذ ظهوره في عام 2006، حين تميز بثباته وبراعته وقدرته على تقديم المعلومات والأفكار بطريقة مختصرة. لكن حضوره أصبح أكبر في الفترة الراهنة نتيجة الإنجازات العسكرية التي تم تحقيقها يوم 7 أكتوبر الماضي وثبات المقاومة الفلسطينية على الساحة من جهة والارتباك الإسرائيلي من جهة أخرى.

تفوق أبو عبيدة في شعبيته متعددة الجوانب، إذ يتمتع بقاعدة جماهيرية تمتد إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي، وأيضًا إلى أمريكا اللاتينية وآسيا وأوروبا، ويُنظر إليه هناك على أنه صوت للمقاومة والقضية الفلسطينية، ولذا يتجه دائمًا للحديث إلى الأحرار في العالم في خطبه وبياناته.

وفي هذا العصر المليء بوسائل الاتصال المتعددة، يمتلك “أبو عبيدة” مهارات اتصال أساسية تُمكنه من التأثير بفعالية، فقد أصبح ـ في نظر كل العالم ـ ناطقًا رسميًا باسم أقوى تنظيم سياسي وعسكري فلسطيني في غزة، ما يمنحه أولوية في متابعته وكونيته كرمز فلسطيني عالمي.

ويستثمر أبو عبيدة، بشكل مذهل، في غموض شخصيته واختفاء وجهه خلف شماغ أحمر وزيه العسكري الذي يرمز إلى علم فلسطين على الذراع اليسرى، ما يزيد من كاريزمته ويثير التأمل في التفاصيل التي يسردها، كما أنه يمزج في طريقة مخاطبته بين المرونة والثبات، ويستخدم لغة الجسد والأصوات بطريقة مؤثرة، إضافة إلى أنهيقدم التفاصيل بدقة وبشكل مختصر.

لقد بنى أبو عبيدة صورته وتأثيره بشكل كبير، رغم عدم الكشف عن هويته الحقيقية، إذ يتابعه اليوم أكثر من 600 ألف شخص على حسابه في تليغرام الذي أنشأه في عام 2020. وعلى الرغم من عدم وجود حسابات أخرى له على وسائل التواصل الاجتماعي، يتلقى تفاعلًا كبيرًا عندما ينشر معلومات جديدة، إنه الرجل الذي هزم منظومة الإعلام الغربي المتنكر للحقيقة الفلسطينية أمام الخرافة الصهيونية.

الناطق الإعلامي باسم حركة حماس جهاد طه لـ”الأيام نيوز”:

“تزييف الوقائع والحقائق السّمة الأبرز للإعلام الصهيوني”

أكد الناطق الإعلامي باسم حركة حماس، جهاد طه، أنه مما لا شك فيه أن الرواية الصهيونية والإعلام الصهيوني المدعوم من بعض الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية يفتقد إلى المصداقية، ويبني أقاويله ومشاهده الإعلامية على التضليل والكذب والافتراض وتزييف الحقائق، فيما يستند الإعلام الفلسطيني وإعلام المقاومة الفلسطينية إلى البراهين والأدلة الدامغة التي لا تدع مجالا للتأويل أو التشكيك، خاصة فيما يتعلق بالمجازر الدموية والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني من أطفال ونساء وشيوخ في قطاع غزة.

وأوضح طه في تصريح لـ”الأيام نيوز”، أن الرواية الفلسطينية هي الرواية الحقيقية التي تتمتع بالمصداقية العالية عبر وسائل الإعلام العربية والإسلامية كافة وحتى في الدول الغربية، هذه الرواية التي تحمل بين طياتها البراهين والدلائل على حجم الإجرام والمجازر الصهيونية المروعة التي ترتكب بصفة يومية وآنية بحق أبنائنا من الشعب الفلسطيني، لتكون بذلك دليلا آخر لإدانة هذا العدو الصهيوني الذي يتمادى في ارتكاب المجازر التي تتنافى – وبشكل قاطع – مع المواثيق والأعراف الدولية.

وتابع قائلا: “أمام سعي الإعلام الصهيوني لترويج الأخبار الزائفة والمغالطات بشأن عملية ” طوفان الأقصى “، وفي ظل مساعيه الرامية إلى تبرير العدوان الإسرائيلي على غزة، كان لا بد من أن يكون هناك إعلام مقاوم لكشف وفضح الأسلوب الرخيص الذي ينتهجه الكيان الصهيوني في قلب الحقائق، من خلال ضخ ونشر الإعلام الفلسطيني للمواد والمضامين الإعلامية التي تدحض الرواية الإسرائيلية وتكشف اللثام عن حقيقة الاحتلال الصهيوني المستبد الذي يواصل إبادته الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، من خلال ارتكاب جرائم حرب تتقاطع مع كل النظم التابعة للمؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية وحتى المنظمات الحقوقية الإنسانية”.

في السياق ذاته، أبرز الناطق الإعلامي باسم حركة حماس أن الإعلام الفلسطيني وإعلام المقاومة الفلسطينية هو إعلام يتمتع بالمصداقية والصدق والشفافية المطلقة، خاصة وأن المعركة الإعلامية في ظل الوضع الراهن تحمل في أبعادها الكثير من الأمور الهامة والبارزة في إطار دعم القضية وإيصال صوت الحق الفلسطيني، بداية بفضح وكشف الجرائم الصهيونية كافة التي ترتكب بحق المقدسات في المسجد الأقصى والكنائس المسيحية في القدس وبحق الأسرى في سجون الاحتلال، في ظل ما يتعرضون له من تنكيل وتعذيب، وكشف كل الخروق التي تمارس بحق شعبنا وبحق أرضنا، وبالتالي سيبقى الإعلام الفلسطيني المقاوم هو إعلام ذو مصداقية عالية لأنه يتمتع بحرية وبشفافية مطلقة في مواجهة كل الروايات الصهيونية، التي تحاول بث الأكاذيب وتزييف الوقائع والحقائق وبث المضامين الملفقة للمجتمع الدولي الذي بدأ أخيرا يكتشف ادعاءات وانتهاكات الاحتلال الصهيوني المغرضة.

محمد الشّيخ صحافي فلسطيني يبدي وجهة نظره من منبر “الأيام نيوز”:

“شحذ الهمم وإيصال الوقائع كما هي.. أولويات الإعلام المقاوم”

يرى الصحافي الفلسطيني محمد الشيخ أن الإعلام الفلسطيني المقاوم له دور محوري وبارز في دحض الرواية الإسرائيلية وتكذيب المغالطات والأخبار الزائفة، في ظل الوضع القائم في قطاع غزة، فسكان غزة لا يثقون – بأي شكل من الأشكال – في الإعلام الإسرائيلي الذي يعتمد أساسا على تضليل الرأي العام وتزييف الحقائق وإثارة الفزع والهلع بين أهالي غزة؛ من خلال نشر فيديوهات التهجير ومواضيع عن الاقتحامات البرية والتوغل في أعماق غزة، وهو الأمر الذي يتنافى تماما مع الوقائع والأحداث الجارية على أرض الميدان. وبالتالي، نجد دائما أن الشعب الفلسطيني في القطاع ينتظر – في كل مرة – تصريحات المقاومة التي تقدم لهم الحقائق بالدليل والبرهان، وتمنحهم القوة والثبات وتهون عليهم معاناتهم وآلامهم جراء ما يتعرضون له من مجازر تمادى العدو الصهيوني المستبد في ارتكابها على مرأى ومسمع من العالم أجمع.

وأوضح الشيخ، في تصريح لـ”الأيام نيوز”، أن المقاومة الفلسطينية شديدة الحرص على عدم إغفال الجانب الاتصالي في خضم الأحداث الدائرة في قطاع غزة، وذلك من خلال خطابات الأيقونة والرمز “أبو عبيدة ” الناطق باسم كتائب القسّام والتي تشحذ الهمم قبل أن تكون وسيلة لتقديم الأخبار والمعلومات بمصداقية واحترافية تامة، بالإضافة إلى البيانات المتتالية والمتوالية التي تقدمها المقاومة بشكل يومي وتقريبا على مدار الساعة لنقل الأخبار لأهل غزة وإشعارهم بأن الأمور تحت السيطرة، ومنحهم دفعا معنويا قويا وإبقائهم على تواصل دائم مع المقاومة من خلال تصريحات ” أبو عبيدة “، والأخبار والمعلومات أو البيانات التي تنشرها، خاصة وأن المناطق التي تدور فيها الاشتباكات والمواجهات بين المقاومة وقوات الاحتلال لا يعلم عنها أحد إلا من هم على الأرض من المقاومة أو الاحتلال. والاحتلال غالبا ما يقدم روايات كاذبة سواء من ناحية الأعداد أو طبيعة المواجهات الجارية أو حتى من ناحية تواجده وبالتالي تكون بيانات المقاومة والمعلومات التي تقدمها مهمة جدا للجمهور وللحاضنة الشعبية ككل، حتى يبقى هذا التواصل والارتباط بين المقاومة وبين الشعب الفلسطيني في غزة.

في سياق متصل، أشار الصحافي الشيخ، إلى أن الأمر ذاته ينطبق على فصائل المقاومة الأخرى في قطاع غزة، على غرار ” سرايا القدس ” التي تحرص بشكل دوري على نشر بياناتها بالإضافة إلى خطابات المتحدث باسمها ” أبو حمزة ” الذي يظهر بين الفينة والأخرى متحدثا إلى الجمهور ليضعهم في صورة ما يحدث على أرض المعركة ومدى استعدادية وجهوزية المقاومة للتصدي للاحتلال؛ وبالتالي نحن نتكلم عن التواصل والاتصال الدائم بين المقاومة وفصائل المقاومة كلها بشكل عام والجمهور.

وفي ختام حديثه لـ”الأيام نيوز”، أبرز الصحافي الفلسطيني محمد الشيخ أنه وبحكم أن الفصيل الأكبر والأقوى في قطاع غزة من حيث العتاد والعدة هو كتائب “الشهيد عز الدين القسّام “، فمن الطبيعي أن ينتظر الجمهور دائما هذا الطرف – بالتحديد – لمعرفة آخر الأخبار وآخر التطورات وآخر المعلومات عن أحوال المقاومة وعن تصديها لمحاولات العدو الصهيوني البائسة واليائسة لاجتياح بري للقطاع، بالإضافة إلى الفيديوهات التي تنشرها المقاومة والتي توثق وبشكل دراماتيكي الاشتباكات والأحداث التي تجري على أرض المعركة، كل هذه المعطيات تساهم وبشكل فعلي في الرفع من معنويات الحاضنة الشعبية للمقاومة في قطاع غزة، لأنه في حال ما انفك الطرفان عن بعضهم البعض ستبقى المقاومة وحيدة وسيبقى الشعب وحيدا وهنا سوف تصبح المعادلة سهلة بالنسبة للاحتلال الصهيوني لتحقيق مآربه والتوغل أكثر في غزة وتهجير أبناء قطاع غزة، وهذا ما لا يريد المواطن الغزاوي حدوثه ولا المقاومة..

محمد العرابيد صحافي من غزّة يشيد ويثني عبر “الأيام نيوز”:

“كتائب القسّام أبانت عن احترافية كبيرة في إدارة المشهد الإعلامي”

أبرز الصحافي من غزة، محمد العرابيد، أنه ومنذ اللحظات الأولى من بدء معركة “طوفان الأقصى”، في السّابع من شهر أكتوبر الماضي، تمكّنت كتائب القسّام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، من إدارة المشهد الإعلامي بشكل احترافي ومنسق؛ ما سجل مكسبا إضافيا ونوعيا ضمن الحرب الإعلامية في نقل رواية المقاومة، حتى أن الاحتلال ركز بشكل كبير على الصور والمشاهد التي نشرتها القسّام طيلة أيام المعركة، فكان لأداء إعلام القسّام دور كبير وبارز في إجبار حكومة نتنياهو على نشر الحقائق والمعلومات كاملة لما فيها من توثيق لاقتحام وأسر وقتل للجنود في بداية المعركة، أو تلك التي نشرتها الكتائب خلال أيام المعركة من توثيق للرشقات الصاروخية التي كانت تدك بها مستوطنات غلاف غزة أو المدن الكبرى، بالإضافة إلى نشر مشاهد قوية على غرار التحام مقاتلي القسّام مع قوات الاحتلال خلال المعركة البرية وخوضهم اشتباكات عنيفة وضارية.

وأوضح الصحافي من غزة، في مساهمته التي خصّ بها “الأيام نيوز”، أن الإعلام العسكري لكتائب القسّام اعتمد خلال معركة “طوفان الأقصى” على ثلاثة مسارات رئيسة، تمثلت في إصدار تصريحات صوتية مسجلة للناطق العسكري للكتائب “أبو عبيدة” لوضع الجمهور الفلسطيني ووسائل الإعلام في صورة آخر التطورات، وإرسال رسائل لكل الأطراف المعنية، كما كان للبيانات والبلاغات العسكرية المتتالية التي أصدرتها كتائب القسّام أثر وقوة في استعراض واقع المعركة، والتّحدث بصورة مباشرة عن مجرى العمليات، إلى جانب بثّ صور وفيديوهات ومشاهد حية لتصفية وأسر ضباط وجنود الاحتلال والسيطرة على المواقع العسكرية والأماكن الحساسة، خلال اقتحام مستوطنات غلاف غزّة في أول أيام المعركة، بالإضافة إلى تلك المشاهد التي وثّقت المعارك الضارية خلال الاجتياح البري الذي نفّذه الاحتلال لعدد من المحاور على حدود وتخوم غزة.

“كتائب القسّام نجحت في إرباك الجبهة الداخلية الإسرائيلية”

في السياق ذاته، أشار المتحدث إلى أن الإعلام العسكري لكتائب القسّام شكل عاملا حاسما منذ بدء المعركة، وعمل على رفع معنويات الجبهة الداخلية الفلسطينية. في المقابل، ساهم بشكل كبير في إرباك الجبهة الداخلية الإسرائيلية وشنّ حرب نفسية ضده الإسرائيليين. وكان هذا نابعا من القدرة الكاملة لهذه الكتائب على الإدارة والتوجيه والسيطرة على المشهد الإعلامي في مواجهة الرواية الإسرائيلية المرتبكة والمشوّهة، كما أظهرت الرسائل الإعلامية للقسّام مشهدين أساسيين أولهما صور قوات النخبة التي اجتاحت الغلاف في بداية المعركة وثانيها مشاهد التحام مقاتليها بقوات الاحتلال وتكبديهم خسائر فادحة خلال المعركة البرية، وأربكت الحسابات بالصور والفيديوهات المنتشرة التي تم تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيلية، بما كان له أثر كبير في المواقف السياسية للاحتلال.

هذا، وتحدث العرابيد عن تركيز المشاهد التي بثتها كتائب القسّام خلال المعركة البرية على تدمير مقاتليها لأفضل ثلاث آليات يمتلكها العدو ويتفاخر بها وهي “الميركافا”، “مدرعة النمر” و”الجرافة” العملاقة ومن مسافة الصفر. كما أثبتت تلك الصور القدرة الهائلة للمقاتلين ومدى تأثير هذه الضربات على ضباط وجنود الاحتلال، وما قام به مقاتلو القسّام هو “أمر خارق للعادة لم نعهده من قبل”، وخير دليل على ذلك صورة المقاتل الذي قام بوضع عبوة ناسفة على دبابة صهيونية خلال اجتياحها شمالَ غربيّ غزة، كما أن الفيديوهات المتتالية الصادرة عن إعلام القسّام تؤكد أن سياسة التدمير والأرض المحروقة لم ولن تؤثر على عزيمة رجال القسام، بل تزيدهم قوة وإصرارا، فلا خيار أمامهم إلا القتال إلى غاية الرمق الأخير، وخير دليل على ذلك تلك المشاهد التي توّثق المعارك الضارية بين مقاتلي القسّام وجنود الاحتلال في بيت لاهيا التي دمرتها الطائرات الحربية، ورغم ذلك يخرج الأبطال من تحت الأرض ومن فوقها كالأشباح يدمرون دباباتهم وآلياتهم ويقتلون جنود الاحتلال ويصورون العمليات بكل راحة، فبطولات القسّام في ميدان المعركة أكبر من أن تحصى أو توثق، ويحدث أضعافها دون تصوير في الشاطئ وتل الهوا والشيخ رضوان وبيت حانون وغيرهم.

وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، جدّد الصحافي من غزة، محمد العرابيد، تأكيده على أن أداء القسّام الرائع منذ بدء المعركة، ودقة ضرباته واختيار توقيتاته وطلاقة متحدثه العسكري والمشاهد النوعية القوية التي بثها، جميعها حققت نصرا إعلاميا بالتوازي مع الإنجاز العسكري الكبير، بما يؤكد بأن المعركة كانت مخططة ومدروسة ومنسقة باحترافية عالية، ويعبر عن رؤية المقاومة لاحتمالية امتداد أمدها، كما أن استمرار الرسالة الإعلامية للمقاومة بكافة أذرعها العسكرية يؤكد فشل الاحتلال الإسرائيلي في قدرته على منع إيصال مشاهد المجازر والإبادة الجماعية التي يرتكبها ضد أبناء شعبنا، ورغم جميع المحاولات من استهداف الطواقم الصحافية والمقرات الإعلامية المحلية والدولية، وقطع الإنترنت والاتصال عن غزة، وكذلك لجوء الاحتلال لاستهداف عائلات الصحافيين، وعلى رأسهم مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح، بهدف ثنيهم وإيقافهم عن إيصال رسالتهم الإعلامية إلى العالم أجمع.

الباحث في علوم الإعلام والاتصال نصر الدّين مهداوي لـ”الأيام نيوز”:

“التّطبيع مع الكيان الصّهيوني أثّر على الخط الافتتاحي للمؤسسات الإعلامية العربية”

الأيام نيوز: من خلال مقارنة بين أداء الإعلام الصهيوني المدعوم من طرف الإعلام الغربي غير الحيادي وبين إعلام المقاومة الفلسطينية، فإن حجم المادة الإعلامية المؤيّدة للقضية الفلسطينية أكثر بعشرات المرات من المحتوى الداعم للكيان الصهيوني، كيف تقرؤون هذا؟ وكيف تقيّمون أداء المؤسسات الإعلامية العربية منها والغربية في تغطية العدوان على غزّة؟

الدكتور نصر الدين مهداوي: لمّا نتحدّث عن قضيّة تغطية الإعلام العربي للعدوان الإسرائيلي على غزّة نجد بعض القنوات العربية حيادية في تغطيّتها ونقلها الوقائع كما هي، سواء ما تعلق بتغطية اقتحام حركة حمس وكتائب عز الدّين القسّام بعض المستوطنات وأخذهم الإسرائيليين جعلهم أسرى لديهم.

ومن زاوية أخرى قامت بتغطية تطورات العدوان بعد أن تم قصف بعض المناطق من الضفّة الجنوبية. وهناك بعض القنوات العربية التي انحازت كليّاً في تغطياتها للقضيّة الفلسطينية مساندة لها، وأخرى تحفّظت في تغطياتها، ليبقى الوتر الذي يلعب هنا هي قضية التّطبيع التي أصبحت هي المؤثر الفاعل في الخط الافتتاحي للمؤسسات الإعلامية، حيث اتّسمت الكثير من التغطيات الأوروبية والغربية بهذا التّقليد المعهود في تناولها الأخبار وتطوّر الوضع في فلسطين، فهي تحجب الصفة الإسرائيلية عن العناوين عندما يتعلّق الأمر بهجمات إرهاب وجرائم حرب واعتداءات وحشية، وتستخدم تعبيرات مُخففة للغاية أحيانا، من قبيل “تأثير قصف”، أو “موت أطفال في غزّة بعد غارة”، بدل مفردة “القتل” أو إفصاح العنوان عن هوية مقترف جريمة حرب إسرائيلية، هذا ما تورّطت فيه جهات إخبارية “رصينة”.

وقد أبرزت إحدى القنوات الغربية الحدث تحت عنوانها العريض “هجوم على إسرائيل” و”حرب” مشيرة في عناوين فرعيّة إلى أنّ “حماس” أطلقت مئات الصواريخ ودفعت بالمسلّحين نحو مواقع عسكرية ومدنية إسرائيلية، ووقوع ضحايا بالمئات، ومشاهد رعب في الشوارع، واحتجاز رهائن.. إلخ، حيث ظهر في صدارة الصحيفة رسم ساذج صوّر نجمة سداسية تدلّت منها حمامة سلام تقطر دماً، في اختزال بصري متحيِّز، وكأنّ حكومة الاستيطان الفاشية حملت للفلسطينيين سلاماً أجهز عليه شباب غزة ذات صباح.

وتجد تحيّزا إعلاميا صريحا وإيحائيا فرصاً أعلى للتمادي في بيئات انغلقت على رواية داعمة للاحتلال، ففي بعض بلدان وسط أوروبا وشرقها مثلا تتطابق مضامين التغطيات تقليدياً مع ما تسرده الدّعاية الإسرائيلية، ولهذا ما يناظره في الانحياز الرسمي أيضا.

كما أنّ هناك تحفظات وانحيازا في تغطية المظاهرات المندّدة بالعدوان الإسرائيلي، وهناك بعض القنوات الأجنبية التي عالجت القضية من جانب إنساني بناء على ما تدعو إليه المنظمة العالمية لحقوق الإنسان.

على العموم، فإن الجهات الداعمة للكيان الصهيوني انحازت تغطيتها كليا، والعكس صحيح بالنسبة إلى الدول العربية المناهضة للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية مقدسة لا نقاش فيها، وهناك بعض الجهات الإعلامية التي التزمت التحفظ في تغطياتها.

الأيام نيوز: بدت تغطية معظم وسائل الإعلام الغربية التقليدية مطابقة للموقف الرسمي لبلدانها، الذي يعتبر القصف الإسرائيلي يندرج تحت مبدأ الدفاع عن النفس، حيث كرّر الإعلام الغربي السردية الإسرائيلية التي وصمت المقاومة الفلسطينية بالإرهاب. في نظرك، كيف يمكن التصدي لزيف وتضليل الإعلام الغربي الذي ينظر للمستوطن الإسرائيلي على أنه ضحية، بينما يتجاهل ضحايا العدوان الصّهيوني على قطاع غزة المحاصر براً وبحراً وجواً، ومنذ أكثر من 14 عاماً، ويتجاهل موت آلاف الأطفال والأمهات والشيوخ؟

الدكتور نصر الدين مهداوي: هذا النّوع من الممارسة الإعلامية يستدعي حملة إعلامية رداً على الدّعاية الغربية التي تروّج لصورة نمطية مفادها بأنّ المقاومة الفلسطينية إرهابية وأنّ هذا القصف هو منطلق من مبدأ الدّفاع عن الوطن والنّفس وحماية الأرض من أي عدوان، كما تصفه بعض وسائل الإعلام الغربية لذا يجب التصدّي لهذا التّضليل من خلال تكثيف التّغطيات الإعلامية بشتّى أنواعها؛ وذلك عبر إعداد تقارير ريبورتاجات تكوين شبكة مراسلين في مختلف دول العالم من شأنها تعبئة الرّأي العام الدّولي تجاه القضيّة الفلسطينية،  باعتبارها قضيّة إنسانية، إلى جانب إجراء سبر آراء مع المواطنين من مختلف بقاع العالم لمعرفة موقفهم من القصف والآثار المترتّبة عنه، والعمل على ترويج موقف الرّأي العام الدّولي من هذه الإبادات الجماعية التي راح ضحيتها أبرياء.

ولابد كذلك من تكثيف جهود المراسلين لتغطية المسيرات في كل بقاع العالم المطالبة بوقف القصف على الأطفال الأبرياء، بعد تأثّرهم بالمشاهد الشنيعة واتخاذهم موقفا إنسانيا، وتعبيرهم صراحة عن أنّ “ما يقوم به الكيان صهيوني هو جريمة وليست قضية دفاع عن النفس”، لذا نؤكّد على ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية لردّ الاعتبار ودعم مسار المقاومة حماس التي تدافع عن أراضيها وشعبها من هذا العدوان، إلى جانب العمل على تجنيد شبكة من المدونين ورواد السوشل ميديا لإجراء تغطيات إعلامية بدعم وتوجيه من وسائل الإعلام العربية، لتشكيل رأي عام دولي وتأطير الجماهير نحو الرفض والتنديد بهذه السياسات الاستعمارية لتكون أداة ضغط على الكيان الصهيوني لوقف هذا العدوان.

الأيام نيوز: يواجه الصحافيون ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين نشروا تدوينات تفضح سياسات الاحتلال العدوانية الأخيرة على غزّة، هجمة شرسة تشنّها إدارة هذه المواقع، تمثّلت في تقييد حسابات وإغلاق صفحات إخبارية هامة، بهدف حجب الحقيقة عن العالم. كيف تفسّر هذا التّمييز الذي تتبعه إدارات مواقع التواصل، التي تفتح أبوابها أمام المستوطنين الإسرائيليين وكبار ساسة “تل أبيب”، لكتابة ما يشاؤون على صفحاتها، رغم احتواء تدويناتهم على “عبارات عنصرية”؟ كيف لمسلمي العالم والشعوب المتضامنة مع القضايا العادلة أن يفرضوا وجودهم ويبرزوا آراءهم عبر هذه الشبكات؟

الدكتور نصر الدين مهداوي: أعتقد أنّه من الضروري العمل على استحداث قاعدة تكنولوجية متينة رداً على الهجمات الإلكترونية، التي من شأنها أن تحدث تشويشاً على منصاتها وموقعها حتى يتسنى لها توسيع نطاق نشر الحقيقة وكشف المستور وتنوير الرأي العام الدولي بحقيقة ما يجري ومحاربة كل أشكال التضليل والتكذيب، التي يمارسها إعلام الكيان وداعموه، بالإضافة إلى العمل على إطلاق حملات إعلامية على مختلف منابر الإعلام الدّولية، لاسيما استغلال منصات الميديا الرّقمية لتنوير الرأي العام الدولي بالمشهد الحقيقي الراهن في قطاع غزة تصديا للإستراتيجيات الدعائية المضللة للرّأي العام.

أستاذة العلاقات الدولية الدكتورة نبيلة بن يحيى لـ”الأيام نيوز”:

“الآلة الإعلامية الغربية والدعاية الصهيونية فُضحتا أمام الرأي العام الدولي”

أكّدت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتورة نبيلة بن يحيى، من جانبها، أنّ “الإعلام الغربي يعيش صدمة في توجيه الرأي العالمي، كون المحتويات الإعلامية التي تصنعها وتُعدّها وتنشرها هذه الأجهزة ذات الأبعاد السياسية والأمنية والثقافية كانت بغرض التعبئة والتوجيه والتشويش على الحقائق”.

وأوضحت الدكتورة نبيلة بن يحيى، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ “ما يحدث من إبادة وإجرام في أرض فلسطين بالصّورة الدّرامية قد هدمت صرح أكبر القنوات والصحف بسبب تأييدها اللامشروط والكامل للكيان الصهيوني في جرائمه، واتضح جليّا عمق الهوة التي يعيشها المجتمع الغربي بين أنظمته السّياسية والآلة الإعلامية التي باتت مفضوحة ومكشوفة للرأي العام الدولي، من خلال الهبّة الشعبية الغربية غير المتوقعة لمناصرة القضية الفلسطينية بهذا الحجم الذي لم تألفه الدّول الغربية سابقا”.

وأرجعت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية ذلك إلى “أسباب اجتماعية ديمغرافية وثقافية، المتعلّقة بدور الجالية العربية والإسلامية في إيصال المعلومة الصّحيحة والحقيقة إلى الشّعوب الأوروبية المُغيّبة منذ انتهاء الحرب العالمية الثّانية إلى أحداث سبتمبر، التي تم فيها برمجة العقل الأوروبي والأمريكي على كون الشّعوب العربية والإسلامية إرهابية وظلامية”.

وفي السّياق ذاته، أبرزت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتورة نبيلة بن يحيى، أنّ “الدّعاية الصهيونية تقف لأوّل مرة في مأزق مع حجم التّأييد الكبير والدّاعم للفلسطينيين في قطاع غزة”.

وحسبها فإن “الصّورة النّمطية التي رُوِّج لها إعلامياً سرعان ما فُضحت واتّضحت أمام الرأي العام الدّولي، حيث كانت وسائط التّواصل الاجتماعي الوسيلة التي فرضت التحدّي في كشف الحقائق خاصة ما تعلّق بعدم تكافؤ القوة بين كيان تساعده دولاً حليفة وقوية ضدّ إقليم صغير، تم محاصرته بالمستوطنات وقطع المؤونة والمساعدات الإنسانية عليه”.

وأشارت المتحدثة إلى أنّه “بات من الواضح أنّ إدارة المواقع التواصلية مرتبطة تقنياً وأيديولوجياً باللّوبيات الصّهيونية، التي تريد توجيه المعلومات والحقائق حسب أهدافها الإجرامية، مما نتج عنه حجب الكثير من الحسابات التي دوّنت محتويات لصالح القضية الفلسطينية وكشفت ما يحدث من عمليات إبادة وإجرام في حق الغزاويين تحديدا”.

وأفادت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية بأنّ “هذا التّطويق الإعلامي والحجب التقني والردع العنصري الذي تمارسه هذه الإدارة، لم يمنع من أن يواصل المتضامنون في نشر مواقفهم ورسائلهم من خلال إظهارهم الحقيقة التي يعيشها الفلسطينيون في ظل هذا الاحتلال الاستيطاني الاستدماري منذ 1948”.

وفي هذا الصّدد، تعتقد المتحدّثة أنّه “أصبح لزاماً على كلّ أحرار العالم من جميع الجنسيات والقوميات والمسلمين والشعوب العربية خاصة ألاّ يتوقفوا عن مناصرة القضيّة الفلسطينية مع كشف الحقائق الرهيبة التي يمر بها الغزاويون دون أن تحرّك منظّمات حقوق الإنسان وغيرها من المنظّمات الإنسانية ساكنا، لتستنكر ما يحدث من إجرام وحشي في الأراضي المحتلة، حيث يستعمل الكيان كل أنواع الأسلحة المحظورة دولياً، مستهدفاً المناطق المدنية الآهلة بالسكان وخاصة المستشفيات”.

ودعت الدكتورة نبيلة بن يحيى، في ختام حديثها لـ “الأيام نيوز”، إلى أن “تتجنّد كل الهيئات والمختصين في القانون الدولي، لتوجيه إدانة كاملة للكيان الصهيوني بارتكابه جرائم حرب، أمام المحكمة الجنائية الدولية”.

وشدّدت المتحدثة على أهمية “عملية التّضامن الفعلي، وعبر كل الوسائل ولو كانت رسائل من خلال التّدوينات المتكرّرة لنشر التّوعية، وكذا المواصلة في نهج التحرّر لتحقيق الشّعب الفلسطيني حقّه في تقرير المصير، رغم كلّ أنواع القوّة التي يدعي الكيان الغاصب امتلاكها”.

الباحث المهتم بالشأن الدولي عبد الرحمان بوثلجة لـ”الأيام نيوز”:

“ينبغي أن يرافق العمل الإعلامي جهود سياسية تقودها الدول الداعمة لفلسطين”

الأيام نيوز: لقد كشفت الحرب العنيفة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة، والتي تدخل شهرها الثاني، انحياز كثير من طرف وسائل الإعلام الغربية التي كانت تتحدث دوماً عن الحياد والمهنية وحريّة التّعبير. كيف تقيّمون أداء المؤسسات الإعلامية العربية منها والغربية في تغطية العدوان على غزّة؟

عبد الرحمان بوثلجة: تغطيّة المؤسّسات الإعلامية العربية لعمليّة طوفان الأقصى وبعده العدوان على غزّة كانت في المستوى إلى حدّ بعيد، رغم أنّ العملية البطولية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في السّابع من أكتوبر كانت مفاجئة للجميع، حيث اجتاز الفلسطينيون الجدار الذكي، الذي كلّف الكيان أكثر من نصف مليار دولار، وتمكّنوا من القضاء على أكثر من 1400 جندي ومستوطن، وعادوا بأكثر من 200 أسير إلى غزّة من أجل مبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وهو الحدث الذي لم يعرف له تاريخ الكيان مثيلا، والصدمة التي خلقتها المقاومة لدى الإسرائيليين لن تمحى من مخيلتهم لزمن طويل.

لكن بعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، واكبت المؤسسات الّإعلامية العمومية والمستقلّة الحدث، من خلال التّغطية المستمرّة لمجازر الاحتلال وللأزمة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، حيث إنّ قنوات عربية كبرى بدأت ببث مباشر منذ اليوم الأول ولا زال متواصلاً لحدّ الآن. لكنّ التّغطية الصّحفية تختلف من قناة إلى أخرى حسب توجهات مالكي كلّ قناة ونظرتهم إلى المقاومة في غزّة وإلى القضيّة الفلسطينية، وأيضاً نظرتهم إلى العلاقة التي يجب أن تكون مع الاحتلال وقضية التّطبيع معه.

ففي الوقت الذي نجد فيه قنوات منحازة كليّاً إلى الفلسطينيين والمقاومة مثل قناة الجزيرة مثلا، نجد قنوات عربية كبرى أخرى تظهر وكأنها في موقف الحياد من خلال استضافتها نشطاء من الكيان والسماح لهم بتمرير رواياتهم للأحداث كما تستضيف فلسطينيين أيضاً، ويعود ذلك إلى العلاقة بين الدولة المالكة للقناة مع المقاومة من جهة، وعلاقاتها مع المحتل من جهة أخرى. لكنّنا، لم نلاحظ أي شرخ كبير في الإعلام العربي أو انحيازا كليا للكيان الصهيوني، ويعود الفضل في ذلك إلى التّقارب الذي حدث بين الدّول العربية منذ قمة جمع الشمل في الجزائر، والمصالحة الفلسطينية التي تمت خلالها، وكذلك إلى المصالحة التي حدثت بين المملكة العربية السعودية وبين إيران بوساطة صينية، حيث ظهر الإعلام العربي موحداً إلى حدّ كبير، لاسيما بعد اشتداد القصف والتّدمير على قطاع غزة وارتفاع عدد الشهداء إلى أكثر من 10 آلاف شهيد.

الأيام نيوز: تصاعدت الانتقادات والشكاوى داخل وسائل الإعلام الصهيونية بسبب تراجع الرواية الإسرائيلية أمام الرواية الفلسطينية، التي بدأت تسيطر على وسائل التواصل الاجتماعي والرأي العام الدولي، مع اشتداد المجازر والانتهاكات التي باتت مفضوحة أمام العالم، كيف تقرؤون ذلك؟ وهل خسر الكيان الغاصب معركته أمام الرّأي العام العالمي؟

عبد الرحمان بوثلجة: القضية الفلسطينية تعتبر من أقدم قضايا تصفية الاستعمار في العالم، وهي تحظى بدعم أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية والكثير من الدّول في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، ودليل ذلك حصول القرار الذي طرحته المجموعة العربية على الجمعية العامة للأمم المتحدة على 120 صوتا، مقابل 15 دولة معارضة فقط، وهذا يؤكد التأييد الذي تلقاه القضية الفلسطينية في العالم، رغم الضغوط التي تمارسها أمريكا واللوبي الصهيوني على الدول الغربية.

إذن، فمن الطّبيعي أن تكون المادة الإعلامية الدّاعمة للفلسطينيين أكثر غزارة بكثير من تلك الدّاعمة للكيان الصهيوني وعدوانه على الشّعب الفلسطيني في غزة، وهذا سواء من خلال وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية أو من خلال المواقع الإلكترونية وشبكات التّواصل الاجتماعي، حيث يدعم الملايير من الأشخاص في العالم غزة ويطالبون بوقف العدوان عليها فوراً.

الأيام نيوز: من قصّة “قطع رؤوس أطفال إسرائيليين”، مرورا بتسمية العدوان نفسه بـ”حرب إسرائيل وحماس”، واتهام حركة الجهاد الإسلامي بالمسؤولية عن مجزرة مستشفى المعمداني في غزة، سقطت وسائل الإعلام الغربية في فخ الرواية الإسرائيلية القائمة على الدعاية وليس الحقائق على الأرض. كيف يمكن التصدّي لزيف وتضليل الإعلام الغربي الذي ينظر للمستوطن الإسرائيلي على أنّه ضحية، بينما يتجاهل ضحايا العدوان الصّهيوني على قطاع غزة المحاصر براً وبحراً وجواً، ومنذ أكثر من 14 عاماً، ويتجاهل موت آلاف الأطفال والأمهات والشيوخ؟

عبد الرحمان بوثلجة: عكس ما كان يسوَّق للعالم بأنّ الإعلام الغربي حرّ ومستقل، تبيّن في هذه الحرب أنّه إعلام منحاز إلى العدوان وموجّه إلى حدّ بعيد، بل يفتقر إلى الموضوعية والاحترافية، وانخرط في سياسة الدّعاية الصهيونية، حيث أصبح يمارس التّضليل، خاصة في الأيام الأولى، حيث كان يركّز على هجوم المقاومة على المستوطنين المسلّحين في السّابع من أكتوبر، معتبراً إياه هجوماً إرهابياً على المدنيين، وهي الرواية الإسرائيلية – الأمريكية، بل وصل به الأمر إلى ترويج الأكاذيب والصّور المزيفة، حين زعم هذا الإعلام الغربي أن المقاومة قتلت الأطفال، وفي الوقت نفسه تغاض هذا الإعلام على الجرائم في غزة واعتبرها محاربة للإرهاب ودفاعاً عن النّفس.

ويرجع سبب الانحياز الكلي للإعلام الغربي للرواية الإسرائيلية إلى تغلغل اللّوبي الصّهيوني في مراكز القرار في العالم وتحكّمه في مراكز المال والإعلام، لكن مع المحرقة التي أصبح الاحتلال يمارسها في غزة، ومع زيادة ضغط الرأي العام المناهض للحرب بتلك الدّول لم يعد من الممكن إخفاء الحقيقة. وأصبحت هناك أصوات تصدح بالحق لديهم، بل وصل الأمر إلى استقالة بعض الصحافيين من مؤسساتهم بسبب الانحياز وغياب الموضوعية، وأعتقد أنّ التّغطية غير النّزيهة لديهم للأحداث سوف تتغيّر شيئاً فشيئاً خاصة مع تطور وانتشار الإعلام البديل، حيث أصبح العالم قرية صغيرة لا يمكن إخفاء فيها أي شيء.

الأيام نيوز: غياب الحياد والمهنية عن تغطية الكثير من وسائل الإعلام الغربية لعملية طوفان الأقصى والحرب غير المسبوقة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة، التي لم تتوقف عند حدّ الانحياز للرواية الإسرائيلية، ومحاولة نشر التضليل الإعلامي بشكل ممنهج، بل وصلت إلى “إسكات” بعض الأصوات التي لا تتماهى مع هذا الخط، حيث واجه الصحافيون ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، هجمة شرسة تشنّها إدارة هذه المواقع، تمثّلت في تقييد حسابات وإغلاق صفحات إخبارية هامة، بهدف حجب الحقيقة عن العالم، كيف تفسّر هذا التمييز الذي تتبعه إدارات مواقع التواصل؟ وكيف لمسلمي العالم والشعوب المتضامنة مع القضايا العادلة أن يفرضوا وجودهم ويبرزوا آراءهم عبر هذه الشبكات؟

عبد الرحمان بوثلجة: إدارات المؤسسات المالكة لمنصّات التّواصل الاجتماعي تقع في أمريكا والدّول الغربية وهي تخضع لقوانينهم، لاسيما قوانين ما يسمّى بمكافحة الإرهاب، وتصرفاتهم تجاه ما ينشر في مختلف الشّبكات مبنية على هذه القوانين، وكيفية تطبيقها يختلف من منصة إلى أخرى، فبينما نجد تضييقاً كلياً في منصة الفايسبوك واليوتيوب، نجد أنّ منصة “أكس” أكثر حرية في نشر وتداول المنشورات والمادة الإعلامية الدّاعمة للفلسطينيين، فيما لا يوجد أي تضييق في منصة تلغرام غير الخاضعة للسّياسات الغربية.

ورغم كلّ هذا لم يستطيعوا إخفاء الحقيقية والاستمرار في ترويج الأكاذيب، حيث اشتكى مؤخراً وزير في حكومة الاحتلال من وجود مادة إعلامية مساندة للفلسطينيين في تطبيق تيك توك أكثر بما يعادل 15 مرة من تلك الدّاعمة للكيان الصهيوني، ووعد بتغير ذلك من خلال الضّغط واستعمال التكنولوجيا الحديثة وصرف الأموال. وفي الحقيقة، فإنه برغم التضييق فإن المساندين للحق في العالم يعدّون بالملايين ولا يمكن لشبكات التّواصل أن تستمر في سياساتها لتخسر هذا العدد من المستخدمين، لكن كل هذا ينبهنا إلى ضرورة التّعلم والتطور لإنشاء منصات تواصل خاصة بنا في المستقبل، ورغم أن هذا شيء صعب في الوقت الحالي لكنّه ليس مستحيلاً.

ومن جهة، يجب أن يرافق العمل الإعلامي عمل سياسي من الدّول الداعمة للفلسطينيين، خاصة الدّول العربية والإسلامية، من خلال رفضها تصنيف المقاومة حركة إرهابية، ويجب قول ذلك صراحة للغرب، وهو الشّيء الذي فعلته لحد الآن الجزائر من الدّول العربية وتركيا من الدّول الإسلامية.

رئيس الاتحاد الوطني للصحافيين والإعلاميين الجزائريين قديري مصباح يؤكد:

“المقاومة نجحت في تقديم خطاب إعلامي متناغم سياسيا وعسكريا”

أبرز رئيس الاتحاد الوطني للصحفيين والإعلاميين الجزائريين، مصباح قديري، أن الإعلام الفلسطيني بكل مكوناته ووسائله أولى الصراع الدائر والمواجهة المفتوحة مع العدو الصهيوني اهتماما بالغا، من خلال التركيز على نشر الرواية الفلسطينية ودحض الرواية “الإسرائيلية”، في ظل موجة تحريض واسعة على المنابر الإعلامية الإسرائيلية منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، التي شنتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسّام (الجناح العسكري لحركة حماس)، والتي استهدفت من خلالها مواقع للجيش الإسرائيلي في غلاف قطاع غزة، وذلك بتاريخ السّابع من أكتوبر الماضي.

وأوضح الأستاذ قديري، في تصريح لـ”الأيام نيوز”، أن القلم والكلمة والكاميرا لطالما كانت رفيقة للسلاح في النضال ومقاومة الاحتلال الصهيوني المستبد، وتجلى ذلك وبصورة واضحة من خلال انتفاضة “طوفان الأقصى”، ونجاح المقاومة الفلسطينية في تقديم خطاب إعلامي متناغم سياسيا وعسكريا، حيث تفوقت في أدائها الإعلامي على الإعلام الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا، وتمكنت وبكل ليونة من قطع الطريق أمام الرواية والدعاية الصهيونية المضللة وعملت وفق رؤية إعلامية واضحة وضوح بوصلتها التي ترنو نحو تحرير فلسطين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف.

وأردف المتحدث قائلا: “إن المقاومة الفلسطينية نجحت في إدارة المعركة الإعلامية بكل حكمة واقتدار ومسؤولية عالية، حيث “باتت موازين المعركة مختلفة”، وتمكنت من تقديم رواية وخطاب إعلامي اتّسم بالمصداقية والاحترافية في معركة كان وجهها الإعلامي وعنوانها الأبرز “أبو عبيدة” الناطق العسكري باسم كتائب القسام، هذا الرجل الملثم الذي بات أقرب إلى الأيقونة أو الرمز، الذي يختزل صوت المعركة والقضية برمتها ويقدم رسائل لا تقبل المساومة”.

في السياق ذاته، أكد المتحدث أن صوت المقاومة خلال العدوان الصهيوني على غزة ظلّ حاضرا بقوة عبر الإطلالات الإعلامية للناطق العسكري باسم كتائب القسّام، أبو عبيدة، معلنا في كل مرة عن نجاحات وانتصارات المقاومة ومفاجآتها وعملياتها العسكرية المصورة في الميدان، هذه الإطلالات الإعلامية التي تشحذ الهمم وتبث الأمل في نفوس أحرار الأمة العربية والإسلامية، فالاحتلال الصهيوني لا يملّ ولا يكلّ من محاولاته الدنيئة والبائسة لتكذيب رواية القسّام، وتصدير رواية تظهر سيطرته على سير الحرب؛ لكن كتائب القسّام تظهر عكس ذلك باستعراض محطات من سير العملية وبسالة المقاومين وشجاعتهم منقطعة النظير، وكل ذلك بالصّوت والصورة.

في سياق ذي صلة، أشار الأستاذ قديري إلى أن هذه العملية لم تكن الوحيدة التي يحاول الاحتلال فيها التغطية على فشله وهزيمته برواياته الكاذبة، التي سرعان ما دحضها إعلام المقاومة في معركة مثّلت نقلة نوعية في مسار تطور المقاومة الفلسطينية عسكريا وإعلاميا وعلى مختلف الأصعدة، فالحرب النفسية والإعلامية مثّلت خلال الحرب الحالية صفحة ناصعة من صفحات المجد والانتصار، حيث شكل إبداع المقاومة فيها إعلاميا وعسكريا صدمة كبيرة للعدو الصهيوني، أربكت حساباته واستنزفت جيشه وأظهرت هشاشة المجتمع الصهيوني ككل، إذ نجحت المقاومة الفلسطينية، خلال هذه المعركة، في فرض حرب نفسية وإعلامية كان لها أثر كبير في ضرب الجبهة الداخلية للعدو؛ فوجهت ضربات معنوية عبر الصورة وفضحته أمام جمهوره والعالم عبر عملياتها العسكرية المصورة، وقهرت الجيش الذي طالما روّج لنفسه أنه جيش لا يقهر ولا يهزم.

هذا، وفي ختام حديثه لـ”الأيام نيوز”، أكد رئيس الاتحاد الوطني للصحفيين والإعلاميين الجزائريين، مصباح قديري، أن المقاومة نجحت في تنويع حربها الإعلامية الموجهة للعدو الصهيوني ما بين اختراق الهواتف ومواقع الإنترنت وبث القنوات التلفزيونية، إلى غيرها من العناوين التي تختصر حكاية المقاومة مع الإعلام في هذه الحرب بكلمة واحدة هي الاحترافية، لافتا – في السياق ذاته – إلى أن المعركة مع الاحتلال الصهيوني ستبقى مفتوحة على الأصعدة كافة، وستظل كلمة المقاومة هي العليا وبندقيتها هي الأصوب والأصدق، تخطّ لنا الطريق إلى القدس وفلسطين.

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا