البوليساريو هنا والمقاومة هناك.. الاحتلال المغربي يستنجد بالأنموذج الصهيوني الفاشل

في الوقت الذي يسارع فيه العالم بكل “تلاوينه” إلى إدانة واستنكار مذبحة غزة، تزداد لهفة وتتفتح شهية الرباط تجاه تجديد قربان التقارب والتملّق بينه وبين نظام “تل أبيب” بشكل شره ومفضوح.

فالتّصريحات الإعلامية للسّاسة المغاربة، ومن بينهم وزير الخارجية بوريطة، تنبئ بما لا يدع مجالا للشّك الهرولة المغربية التي تجاوزت بنود وشروط وحدود التّطبيع إلى تحصيل صكوك الغفران ولعق الأرجل في كلّ فرصة إعلامية أو لقاء دبلوماسي بينهم وبين زعماء الغرب المتصهين، بحجة أنّ “التّركيب الدّيمغرافي للكيان الصهيوني تشكّل فيها الجالية اليهودية المغربية أعلى النسب”، والتي من ضمنها قيادات أحزاب، وزراء، رجال أعمال وجنرالات في الجيش الإسرائيلي.

وفي كلّ فرصة يسعى النّظام المغربي إلى تجديد دعواته لليهود من أصول مغربية للعودة إلى وطنهم الأم (المغرب)، في ظلّ التّنامي غير المسبوق للهجرة العكسية من “إسرائيل” إلى دول الأصل، والتي وصلت نسبها القياسية في غضون الشهر الأول فقط من العدوان الصّهيوني على المسلمين في قطاع غزة.

وفي هذه الأشهر الأخيرة، أظهرت جلّ صفحات التّواصل الاجتماعي في المغرب مدى الاحتقان الاجتماعي في بعض المدن المغربية، بسبب التّهجير التّعسفي لعدد كبير من العائلات التي أجبرت بقوة القانون الجائر وقوة البوليس الهمجي على مغادرة منازلها وأراضيها، التي ترعرعت عليها كأجيال وكملّاك لسنوات عديدة بوثائق ثبوتية، قبل أن يصدر القضاء المغربي في حقّهم أوامر الإخلاء بحجّة أنّ المالك الأصلي يهودي من أصل مغربي، طالب باسترجاع أراضيه بدليل موثّق ومكتوب.

ومع اشتداد ضراوة الضّربات العسكرية التي تنفذها المقاومة الفلسطينية ضد جنود الكيان الصهيوني، أصبح من الضّروري الملح لليهود أن يبحثوا عن وطن بديل، خاصّة للذين يجهلون أصولهم الحقيقية بما يضمن سلامتهم واستدامة مشاريعهم التنموية واقتصاداتهم المنهارة بفعل العزلة الدّولية التي فرضتها الحرب على قطاع غزة منذ ما يزيد على الشّهر.

ولتذليل الاحتقان الشّعبي المغربي وتخفيف العبء الاستيطاني الجديد عن المناطق الشّمالية المغربية، يجمع الكثير من المحلّلين على أن هناك مشاورات أمنية – استخباراتية كبيرة على أعلى مستوى بين الاحتلال المغربي والكيان الصّهيوني لتحويل الاستيطان الإسرائيلي من أرض فلسطين إلى أرض الصّحراء الغربية المحتلة، مع استدامة الصّراع بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

وحسب بعض المعطيات، فإنّ الصّحراء الغربية المجاورة جغرافيا للدّول الغربية، تعتبر منطقة إستراتيجية عذراء وغنيّة بكل موارد العيش المستدامة، قد تصبح محلّ أنظار قادة الكيان الغاصب في حالة استحالة استمرار قيام الدّولة العبرية على الأراضي الفلسطينية المحتلّة بعد الهزائم التي مني بها الجيش الصّهيوني، خاصّة بعد اقتحامه غزة.

وكانت جبهة البوليساريو، قد وجّهت رشقات صاروخية لمدينة السمارة المحتلة، كتجربة أولية لصواريخ بعيدة المدى وكرسالة استباقيّة لسياسة الاستيطان الصّهيوني الذي لم تدّخر الرّباط أي جهد في تحقيقه ولو كان على حساب العرش ذاته.

أعتقد أن البوليساريو بعد تفطّنها لخيوط المؤامرة، لن تصمت كثيراً عن هذا التطور الخطير في منعرج الصّراع الصّحراوي المغربي، والذي ستخبرنا الأيّام المقبلات بما تضمره من مفاجآت على المستوى التّصعيد العسكري والدّبلوماسي والسّياسي. 

محمد مغاديلو - كاتب صحراوي

محمد مغاديلو - كاتب صحراوي

اقرأ أيضا