بعد يوم من زيارة وزير الخارجية الروسي.. رسائل قائد الجيش الجزائري “المشفرة” إلى الحلف الأطلسي

حراك دبلوماسي لافت تشهده الجزائر هذه الأيام، يؤكد الأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها لدى القوى العظمى والمنظمات المرتبطة بها، على غرار حلف شمال الأطلسي، في وقت يعيشه فيه العالم ظرفا تطبعه الكثير من الخصوصية.

وبعد الزيارة التي قادت وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف الثلاثاء إلى الجزائر، والتي استقبل خلالها من قبل الرئيس عبد المجيد تبون ووزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، نزل بالجزائر الأربعاء، الفريق هانس وارنر وييرمان، المدير العام للأركان العسكرية الدولية لحلف الناتو، في زيارة رسمية تدوم يومين على رأس وفد عسكري.

وبعد إشادة وزير الخارجية الروسية بالعلاقات بين الجزائر وموسكو وحديثه عن “دعم أصدقائنا الجزائريين التي تهدف إلى صياغة وثيقة استراتيجية جديدة بين الدولتين، التي ستعكس جودة الشراكة الثنائية”، حرصت الجزائر، كما جاء في بيان لوزارة الدفاع، على لسان الفريق سعيد شنقريحة قائد أركان الجيش  على أن ” تتبنى سياسة الحياد وتحرص على النأي بنفسها عن التجاذبات الحاصلة بين مختلف الأطراف”.

موعد الزيارة التي قادت المسؤول بالحلف الأطلسي إلى الجزائر والتي أعقبت زيارة رئيس الدبلوماسية الروسية بيوم واحد، أعطت الانطباع وكأنها رسالة إلى السلطات الجزائرية، وهي الإشارة التي تم التقاطها بالشكل الذي يتجاوب مع تلك الإشارة، ومفادها أن مبادئ ومنطلقات العقيدة الدبلوماسية للجزائر، لم ولن تتغير.

وتقوم السياسة الخارجية للجزائر على الوفاء لشركائها التقليديين، مثل روسيا التي تعتبر بمثابة الحليف التقليدي للجزائر منذ البدايات الأولى للاستقلال، غير أن هذا التوجه لا يمنعها من إقامة شراكات مع الدول التي توجد في المعسكر الآخر، ولا سيما في مجالات أخرى مثل تلك المتعلقة بالأمور الأمنية والمصالح الاقتصادية.

وقد عبر عن هذا ما جاء على لسان رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي في لقائه بالمسؤول الأطلسي، عندما قال إن  الزيارة “ستسمح للطرفين بحصر أفضل للتحديات الأمنية المعترضة، وصياغة رؤية مشتركة، من شأنها أن تحمي المنطقة أكثر من مخاطر حالة عدم الاستقرار”.

غير أن عبارات المجاملة التي عادة ما تحضر في مثل هذه الزيارات، لم تحل دون توجيه قائد الأركان “وخزة” للضيف القادم من الغرب، عندما أكد له تنديد الجزائر بما وصفها “سياسة الكيل بمكيالين، التي تميز حاليا تعامل المجتمع الدولي مع قضايا الشعوب المقهورة”.

وإن لم يشر الرجل الثاني في المؤسسة العسكرية إلى الشعوب المقهورة التي قصدها في عبارته، إلا أن المدير العام للأركان العسكرية الدولية لحلف الناتو، يكون قد فهم الرسالة جيدا، لا سيما وأن هذا التصريح تزامن ومقتل الصحفية الفلسطينية العاملة بقناة “الجزيرة”، شيرين أو عاقلة، على يد قناص من الجيش الصهيوني، الذي تربطه علاقات وطيده بالحلف الأطلسي، ويحظى بمعاملة خاصة من قبل الدول الأعضاء فيه.

و يكون المسؤول الأطلسي قد اقتنع بأن الشعب الصحراوي من بين الشعوب المقهورة في المنطقة المغاربية، وأن تواطؤ الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا، مع نظام المخزن المغربي الذي كرّس واقعا مرفوضا، يتعين تصحيحه في أقرب الآجال. 

وتبقى إشادة وييرمان “بدور الجزائر المحوري في الحفاظ على استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة الإقليمية، من خلال تقديم المساعدة في مختلف المجالات لبلدان الجوار ومرافقتها في تسوية أوضاعها الأمنية”، منقوصة ما دام أن الحلف الأطلسي لم يقدم ما يلزم للجم نظام المخزن وإنهاء بؤرة النزاع في الصحراء الغربية.

غسان ابراهيم

غسان ابراهيم

محرر في موقع الأيام نيوز

اقرأ أيضا