“سأشجّع روسيا على تدميركم”.. ترامب يلعب بأعصاب حلف الناتو

سأشجّع روسيا على أن تفعل “ما تريده بحق الجحيم” لأيّ دولة عضو في حلف شمال الأطلسي “ناتو” تمتنع عن دفع ما يكفي لميزانية الحلف.

بهذه اللّغة المباشرة والصارمة والحادة، تحدّث الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال تجمع في مدينة كونواي بولاية ساوث كارولينا الأمريكية، حين قال: “لقد فعلت الشيء ذاته مع حلف شمال الأطلسي، وجعلتهم يدفعون”.

وقال أيضا: “الناتو أصيب بالإفلاس حتى جئت.. لقد قلت إنّ الجميع سيدفعون”. قالوا: “حسنا، إذا لم ندفع، فهل ستستمرون في حمايتنا؟” قلت لا على الإطلاق.. لم يصدقوا الرد”، وأضاف: “وقف أحد رؤساء دولة كبيرة، وقال: حسنا يا سيدي، إذا لم ندفع وتعرّضنا لهجوم من روسيا، فهل ستحمينا؟”.

وأوضح ترامب أنّ رده كان كالآتي: أنت لم تدفع، أنت متأخر عن السداد. قال: “نعم، لنفترض أنّ ذلك حدث”. (فقال ترامب) لا، لن أحميك. في واقع الأمر سأشجّعهم (الروس) على عمل ما يريدون. عليكم أن تدفعوا وتسدّدوا فواتيركم”.. عليك أن تدفع.. (ثم) تدفّقت الأموال”.

يذكر أنّ إنفاق دول الناتو، بدأ يزداد في العامين الأخيرين من إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، بعد انضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا عام 2014، وذكر الناتو على موقعه الإلكتروني أنّ عام 2022 كان “العام الثامن على التوالي الذي يشهد ارتفاع الإنفاق الدفاعي عبر الحلفاء الأوروبيين وكندا”.

ويشكّك ترامب في النظام الأمني لفترة ما بعد الحرب الباردة في أوروبا برمّته، كونه محاولة مكلّفة لدعم أوروبا التي تتراجع أهميتها، فلقد حوّلت أوروبا، روسيا إلى عدو ودفعتها إلى أحضان الصين، وينصّ ميثاق الناتو على أنّ كل دولة من أعضائه تنفق ما لا يقلّ عن 2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي على الشؤون الدفاعية.

تصريحات “مروعة وفاقدة للصواب”

ورفض البيت الأبيض، يوم السبت، تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي تشجّع على غزو روسيا دولا أعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، واصفا تلك التصريحات بأنها “مروعة وفاقدة للصواب”.

وعندما طُلب من المتحدث باسم البيت الأبيض، أندرو بيتس، التعليق على تصريحات ترامب، قال إنّ “تشجيع الأنظمة القاتلة لغزو أقرب حلفائنا، أمر مروع وفاقد للصواب، ويعرّض الأمن القومي الأمريكي والاستقرار العالمي واقتصادنا في الداخل للخطر”.

ترامب يتوعّد المهاجرين

من جهة أخرى، رحّب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب برفض الكونغرس الأمريكي مشروع قانون لإصلاح نظام الهجرة، وتعهّد بعمليات ترحيل واسعة للمهاجرين إذا أعيد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة. ويأتي ترحيب ترامب بعد رفض مجلس الشيوخ الأمريكي يوم السبت مشروع إصلاح نظام الهجرة في الولايات المتحدة، رغم أشهر من المفاوضات الشاقة بشأن إقراره.

وتشير التقارير، إلى أنّ ترامب استخدم نفوذه لدى أعضاء الكونغرس الجمهوريين لعرقلة مشروع القرار، حارما بذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي من المرجح أن يواجهه في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في نوفمبر المقبل، من فرصة تحقيق انتصار في قضية الهجرة.

وقال ترامب خلال تجمع انتخابي أول أمس السبت في ولاية كارولينا الجنوبية، “دعونا لا ننسى أنّنا حقّقنا هذا الأسبوع أيضا، انتصارا كبيرا يجب على جميع المحافظين الاحتفال به. لقد سحقنا المشروع الكارثي لجو بايدن”، وأشاد ترامب بأداء أعضاء الكونغرس الجمهوريين ودورهم في عرقلة إقرار مشروع القانون، وقال إنّ “المجموعة كلّها أدت عملا رائعا في الكونغرس. لقد سحقناه”.

وأكّد ترامب أنّ ترحيل المهاجرين، سيكون في سلم أولوياته في حال انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، وأضاف “منذ اليوم الأول، سأنهي كل سياسات الحدود المفتوحة لإدارة بايدن، وسنطلق أكبر عملية ترحيل وطنية في تاريخ الولايات المتحدة. ليس لدينا خيار آخر”.

وبنى الرئيس السابق شعبيته في حملته الرئاسية الأولى في عام 2016 التي أوصلته إلى البيت الأبيض، من خلال وعوده بمحاربة الهجرة وبناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك للحدّ من تدفق المهاجرين إلى أمريكا.

ويخوض الرئيس السابق، معركة انتخابية للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، وتشير التوقعات إلى أنه المرشح الأكثر حظا في الفوز بترشيح الحزب، رغم محاكمته في 4 قضايا جنائية تتراوح بين الحصول على وثائق سرية للغاية ومحاولة قلب نتائج الانتخابات السابقة التي خسر خلالها أمام الديمقراطي جو بايدن.

الناتو يردّ على تصريحات ترامب

من جانبه، حذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أمس الأحد، مما اعتبرها تصريحات “تقوّض أمننا”، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أنه قد “يشجّع” روسيا على مهاجمة دول الحلف التي لا تفي بالتزاماتها المالية، في حال عودته إلى البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر 2024.

وقال ستولتنبرغ، في بيان، إنّ “أيّ اقتراح يمتنع بموجبه الحلفاء عن الدفاع عن بعضهم البعض، يقوّض أمننا جميعا، بما في ذلك الولايات المتحدة، ويعرّض الجنود الأمريكيين والأوروبيين لخطر متزايد”.

وأكد ستولتنبرغ في بيانه أنّ “الحلف الأطلسي سيبقى مستعدا وقادرا على الدفاع عن كل الحلفاء”، مضيفا أنّ “أيّ هجوم على الحلف الأطلسي سيثير ردا موحدا وقويا”، وتابع “إنني على اقتناع بأنّ الولايات المتحدة ستبقى حليفا قويا وملتزما داخل الحلف الأطلسي أيا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية”.

إستراتيجية تسلّح دفاعية جديدة لردع روسيا

ويبدو أنّ ترامب يدرك مدى عقدة الأوروبيين من روسيا واعتقادهم الدائم بأنها تحضّر هجوما قاسيا ضدهم، وفي هذا الشأن، طالب قادة عسكريون في حلف شمال الأطلسي بضرورة الاستعداد لمواجهة أيّ تصاعد محتمل في التوتر مع روسيا في ظلّ استمرار حربها في أوكرانيا، مؤكدين أنّ أمام الناتو خمس سنوات لتحديث أسلحته، وإلا فإنّ ردع روسيا لن يكون ممكنا.

وفي نهاية الشهر المنصرم، خرج الأدميرال روب باور، الرئيس الهولندي للجنة العسكرية لحلف الناتو، في مؤتمر صحفي عقب اجتماع استمر يومين قائلا: “علينا أن ندرك أنّه ليس من المسلّم به أننا نعيش في سلام، ولهذا السبب لدينا الخطط”.

ونقلت صحيفة “داغبلادت” النرويجية عن رئيس الأركان النرويجي إريك كريستوفرسن قوله: “هناك في الوقت الراهن فسحة من الوقت ربما عامين أو ثلاثة أعوام، لذا يجب علينا أن نستثمر فيها بشكل أكبر في المجال الدفاعي”، وتزامن هذا مع حثّ القائد الأعلى للقوات المسلّحة السويدية، الجنرال مايكل بايدن، السياسيين والسويديين إلى الانتقال من “التفاهم إلى العمل”.

نداء عسكري إلى السياسيين

ويرى الخبراء، أنّ التصريحات التي صدرت عن قادة الناتو العسكريين تحمل في طياتها دعوة صريحة إلى السياسيين الأوروبيين من أجل تغيير الإستراتيجية الأوروبية بشأن الصراع مع روسيا.

وكان الاتحاد الأوروبي، قد تعهّد العام الماضي بتسليم مليون قذيفة مدفعية للجانب الأوكراني بحلول مارس المقبل، لكن يبدو أنّ التكتل لن يفي بوعده، فيما أرجع لانغ ذلك بشكل رئيسي إلى تأخر الحكومة الألمانية في إصدار ضمانات الاكتتاب للمصنّعين، وأضاف لانغ – الخبير في القضايا المتعلّقة بأوكرانيا وروسيا داخل مؤتمر ميونيخ الأمني – “إنهم يفعلون ذلك الآن بعد عامين”.

بيد أنّ أوكرانيا ليست الدولة الوحيدة التي تحتاج – حسب الزعم الأوروبي – بشكل عاجل إلى إمدادات ومعدّات عسكرية، إذ بات العديد من دول الناتو تعاني من نقص مستودعات الذخيرة نظرا إلى استنفادها خلال عامين بسبب تسليح كييف، ويقول لانغ إنّه في أسوأ السيناريوهات، فإنّه أمام الناتو خمس سنوات فقط لتحديث أسلحته بهدف ضمان قدرته على صدّ أيّ هجوم روسي محتمل على أراضي دوله بنجاح.

واستشهد لانغ في ذلك بتحليل أجراه كريستيان مولينغ، رئيس مركز الأمن والدفاع التابع للمجلس الألماني للعلاقات الخارجية (DGAP)، نهاية العام الماضي، أفاد بأنّ الناتو في أسوأ السيناريوهات سوف يكون أمامه خمس سنوات لإعادة تسليحه، وإلا فإنّ ردع روسيا من خلال التفوّق العسكري لن يكون ممكنا.

الناتو يريد تولي تنسيق إمدادات الأسلحة إلى كييف

من جانبها، ذكرت صحيفة “هاندلسبلات” الألمانية، نقلا عن مصادر أنّ حلف “الناتو” يريد تولي تنسيق إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا خوفا من التغيير المحتمل للسلطة في واشنطن وتوقّف الدعم لكييف.

وأوردت الصحيفة، أنه “من الواضح أنّ قيادة الناتو تعتقد أنّه من المستحسن دمج صيغة رامشتاين، المعروفة أيضا باسم مجموعة الاتصال بشأن أوكرانيا، في هياكل الناتو بحجة حماية نفسها من التغيير المحتمل للسلطة في واشنطن، فيما تمّ هذا الأسبوع مناقشة هذا الاحتمال لأول مرة بين الدول الأعضاء في الناتو”.

وذكرت نقلا عن دبلوماسيين وممثلي الحكومات الغربية: “لقد بدأ تغيير جوهري في المسار داخل الناتو، حيث يقوم التحالف بإعداد خطط لتولي تنسيق إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا”.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ “هناك حالة من عدم اليقين المتزايد في حلف الناتو من عدم استمرار دعم واشنطن لكييف خاصة إذا فاز الرئيس السابق دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2024، لذلك تمّ تطوير خطة التكامل من قبل مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جيك ساليفان والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ”، ولفتت إلى أنّ “الحكومة الألمانية كانت مشكّكة بشأن المبادرة، لأنّ ذلك قد يعني أنّ الناتو يشنّ حربا ضد روسيا”.

هذا وقال زعيم حزب الاستقلال البريطاني “يوكيب” سابقا، نايجل فاراج، إنّ الدول الغربية ينبغي أن تكون أكثر انفتاحا على فكرة المفاوضات مع القيادة الروسية بشأن الأزمة الأوكرانية. فيما تنبأ خبير أمريكي بنهاية غير متوقعة للصراع في أوكرانيا.

كما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المقابلة مع الصحفي الأمريكي تاكر كارلسون، أنّ روسيا وأوكرانيا ستتوصلان إلى اتفاق عاجلا أم آجلا، وستتم استعادة العلاقات بين الشعوب، على الرغم من أنّ هذا سيستغرق الكثير من الوقت.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا