شبح “صلاح عبد السلام” يعود إلى بروكسل.. رصاص في ملاعب كرة القدم وحولها

فجأة أوقف هيئة الإذاعة البلجيكية الناطقة بالفرنسية (آر تي بي إف) بث مباراة بلجيكا والسويد في تصفيات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم 2024 وسط إطلاق نار في العاصمة بروكسل، بينما صدرت تعليمات للجمهور بالبقاء داخل الملعب، ثم قيل بعد ذلك: “إن شخصين يحملان الجنسية السويدية لقيا حتفهما فيما فر القاتل من موقع الحادث”.

هذا ما وقع مساء الاثنين (16 أكتوبر 2023)، لتعود ذاكرة المتابعين إلى شهر سبتمبر الفارط عندما أعلن اتحاد بنما لكرة القدم في بيان له، وفاة المدافع جيلبرتو هرنانديز في حادث إطلاق نار بمدينة كولون، كما أُصيب 7 أشخاص آخرين، وقالت الشرطة ـ حينذاك ـ إنها “ألقت القبض على مشتبه به في جريمة قتل لاعب كرة قدم وقعت في مقاطعة كولون”.

وجاءت وفاة هيرنانديز بعد 6 سنوات من مقتل لاعب خط الوسط أميلكار هنريكيز بالرصاص في مقاطعة كولون التي توصف بأنها منطقة جذابة لمهربي المخدرات لأنها تقع بجوار البحر الكاريبي وعلى مقربة من مدخل المحيط الأطلسي لقناة بنما.

4 عيارات نارية

لقد أصبح مفهوما أن مقتل هيرنانديز له علاقة بعصابات المخدرات، لكن ما حدث في ملعب في بروكسل خلال مباراة بلجيكا والسويد، لا علاقة له بعالم المخدرات، فحسب تسجيل فيديو بثه موقع صحيفة “هيت لاتست نيوز”، فإن القاتل ـ الذي يرتدي سترة برتقالية وكان يتنقل بواسطة دراجة نارية ـ فرّ، بعدما استخدم بندقية رشاشة وأطلق منها 4 عيارات نارية على الأقل.

وفي جويلية الماضي شهدت المكسيك حادثة مقتل مدرب كرة القدم رمياً بالرصاص، في هجوم مروع شهدته مباراة في دوري الهواة هناك، وقد وقع هذا الحادث الرهيب في مدينة سيوداد أوبريغون بولاية سونورا المكسيكية، حيث واجه اتحاد غاميسا الذي كان يبث المباراة على الهواء مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نظيره يونيون كوكا كولا.

فبينما كان المدرب متكئاً على السياج المحيط بالملعب، أصيب برصاصة قاتلة، أطلقها أحد المهاجمين الذين فروا، وفي وقت قصير، هرع ضباط الشرطة والمسعفون إلى مكان الحادث، ليعلن بعدها مكتب المدعي العام للدولة، أنه بالإضافة إلى وفاة المدرب خورخي ألبرتو، فقد أصيب خلال الحادث شاب يبلغ من العمر 19 عاماً، يُدعى فرانسيسكو خافيير، وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.

ووفقًا لوسائل إعلام مكسيكية، فقد ارتفع عدد جرائم القتل العمد إلى 27 جريمة تم تسجيلها في شهر جويلية وحده (2023) بهذه المدينة، وفي عام 2022، تم إدراج مدينة سيوداد أوبريغون كثالث أكثر المدن عنفاً في العالم.

وفي 2015 أقدمت عناصر مسلحة في اليمن على اقتحام ملعب “بارادم” في مدينة المكلا، وقامت بإطلاق الرصاص الحي في الهواء، من أجل فض مباراة كانت تجمع فريقي شعب حضرموت والصقر، وذلك قبل ثماني دقائق من نهاية المباراة التي كانت نتيجتها تشير إلى تقدم حضرموت بهدفين لهدف.

غير أن هذه الأحداث المرتبطة بكرة القدم تبدو هيّنة أمام سلسلة هجمات حدثت ـ يوم الجمعة 13 نوفمبر 2015- في ستة مواقع بالعاصمة الفرنسية باريس، أسفرت عن مقتل 129 شخصا على الأقل، وإصابة قرابة 352، وكان من بين هذه المواقع ملعب فرنسا الدولي ـ شمال باريس ـ حيث وقع بالقرب منه، أول انفجار قرابة الساعة 8:20 ليلا (بتوقيت غرينتش) بينما كانت تجري مباراة في كرة القدم بين منتخبي فرنسا وألمانيا.

العدالة الانتقامية

وفي 3 من أكتوبر 2023، علقت بلجيكا ـ بناء على قرار قضائي ـ عملية إعادة صلاح عبد السلام (34 عاما) المتهم بارتكاب هجمات 2015 إلى فرنسا، واستند القرار القضائي البلجيكي إلى مواد من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تحظر العقوبة اللاإنسانية وتضمن احترام الحياة الخاصة للأفراد، إذ من المفترض أن يقضي عبد السلام في فرنسا عقوبة السجن المؤبد غير القابل للتخفيف، وهي أشد عقوبة يمكن فرضها بموجب القانون الفرنسي.

غير أن النيابة العامة البلجيكية، طلبت الحكم بالسجن مدى الحياة على الفرنسي صلاح عبد السلام، لدوره في اعتداءات بروكسل مارس 2016 التي أوقعت 35 قتيلاً، وقالت المدعية العامة الفيدرالية بول سومير متوجهة إلى المتهم: “بعدما أرهبت فرنسا، قررت مواصلة الحرب بنية قتل ضحايا أبرياء”.

من مرتكب جنح إلى عضو في تنظيم “داعش”

ودانت محكمة في العاصمة البلجيكية بروكسل، في جويلية 2023، ثمانية أشخاص بالقتل والشروع في القتل، لدورهم في تفجيرات 2016 في بروكسل، التي أسفرت عن مقتل 32 شخصاً، وإصابة أكثر من 300.

ومن بين المدانين يظهر عبد السلام، المشتبه به الرئيسي خلال المحاكمة المتعلقة بهجمات باريس عام 2015، والذي ألقي القبض عليه قبل أربعة أيام من هجمات بروكسل التي وقعت في 22 مارس 2016.

ولمّح وزير الخارجية البلجيكي ديديه رايندرز وقتها إلى أن عبد السلام “كان يخطط لهجمات جديدة في العاصمة البلجيكية قبل إلقاء القبض عليه”، وسبق أن حُكم على عبد السلام بالسجن مدى الحياة في فرنسا عام 2022، لمشاركته في هجمات 13 نوفمبر التي أوقعت 130 قتيلاً.

وكان عبد السلام مرتكب جنح صغيراً، يحب اللهو قبل أن ينضم إلى تنظيم “داعش” الإرهابيفي وقت متأخر، وهو العضو الوحيد الذي بقي على قيد الحياة من المجموعة المسلحة المسؤولة عن هجمات باريس.

انقلاب الصنيعة على الصانع

بلجيكا المسكونة بشبح صلاح عبد السلام رفعت درجة التهديد الإرهابي لديها إلى أعلى مستوى، وذلك بعد هجوم مساء الاثنين (16 أكتوبر 2023) الذي أودى بحياة شخصين سويديين، وفتحت النيابة الفيدرالية البلجيكية، تحقيقاً في “عمل إرهابي”، فقد قال المتحدث باسم النيابة “إريك فان دوسي” إن الملف الذي كانت تتولاه نيابة بروكسل اتخذ “طابعاً فدرالياً”.

وقال الادعاء العام في بلجيكا إن الهجوم أوقع ضحيتين بالرصاص، وأدى إلى إصابة ثالث، مشيراً إلى أنه “لا رابط حتى الآن بين الهجوم والأحداث في الشرق الأوسط”، في إشارة إلى حرب الاحتلال الصهيوني الوحشية على قطاع غزة بفلسطين.

وأعلنت السلطات البلجيكية اعتقال المتهم، وأكدت أنه “هو مرتكب الهجمات القاتلة”، بينما قالت وسائل إعلام بلجيكية، إن الشرطة أصابت بالرصاص ـ أمس الثلاثاء ـ رجلاً تونسياً يبلغ من العمر 45 عاماً يشتبه في أنه قتل اثنين من مشجعي كرة القدم السويديين في بروكسل، مضيفة أنه توفي في المستشفى متأثراً بجراحه.

انقلاب الصنيعة على الصانع

وكانت وكالة “فرانس برس” نقلت عن المتحدث باسم الادعاء العام الفدرالي إريك فان دويس، أن عناصر من الشرطة “أطلقوا النار” لدى اعتقال الرجل في حي شيربيك في بروكسل، وأوردت الوكالة أن توقيف المشتبه به تم بعد مطاردة مكثفة في العاصمة بحثًا عن المهاجم المسلح ببندقية رشاشة.

وفي وقت سابق، ذكر رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو أن المشتبه به من أصول تونسية، يقيم في بلجيكا بشكل غير قانوني، ومن ناحيته، قال وزير العدل فنسنت فان كويكنبورن، إن طالب اللجوء هذا، كان قد أُدين في تونس “بجرائم تتعلق بالقانون العام”، لكن لم يُبلّغ عنه بوصفه يمثل خطرًا إرهابيًا، وفي تسجيل فيديو بالعربية نشر على منصات التواصل الاجتماعي، أعلن رجل مسؤوليته عن الهجوم وقال إنه “استوحاه من (داعش)”، ذلك التنظيم الذي اخترعه الغرب واستغلّه في إشعال بسوريا واليمن وليبيا، ليصبح هذا التنظيم خطرا على صانعه.

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا