شمل الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهام.. استطلاع صهيوني: التطبيع الشعبي فشل!

هل حقق التطبيع أهدافه؟ سؤال يطرحه الكثير من السياسيين في الكيان الصهيوني مدفوعين بهاجس الخوف من المستقبل ومن فشل سياسة مد الجسور التي أطلقتها منذ عقود تل أبيب، مدعومة بالقوى العظمى استنادا إلى منطق العصا والجزرة.

هذا الهاجس تغذيه تجارب سابقة بينت لنظام الكيان الصهيوني أن ما يقوم به رجال السياسة العرب معهم، لا يقود بالضرورة إلى النتائج المرجوة، ولعل في مثال اتفاقيات السلام التي أبرمت مع مصر  في العام1979، ومع المملكة الأردنيّة الهاشميّة في العام 1994، خير مثال على هذه المقاربة.

وعلى الرغم من مرور عشرات السنوات، لم تساهم تلك الاتفاقيات في إقناع الشعبيْن العربييْن في كلٍّ من مصر والأردن بالانخراط في هذا المسعى، بلْ صعّدا من نضالهما ضدّ تلك الاتفاقيات، و لا يزالان يصران على رفض أيّ شكلٍ من أشكال التطبيع، بل لم يتوقفا عن محاربته.

مخاوف الكيان الصهيوني من فشل سياسة التطبيع تدفعه من حين إلى آخر، إلى القيام بعمليات سبر آراء، للوقوف على منسوب الكراهية ضده، ليس فقط لدى الدول العربية التي طبّعت معه، وإنما حتى لدى الدول الغربية التي تعتبر من أكبر داعميه في عدوانه على الشعب الفلسطيني.

ووفق أحدث سبر للآراء حول مؤشر التعاطف مع الكيان الصهيوني في الدول العربية خلال عام 2021 مقارنة بالعام الذي سبقه، أجرته وزارة الخارجية الصهيونية في تل أبيب، ومؤسسة “كونراد أديناور” الألمانية في نوفمبر المنصرم،  ونُشِرت نتائجه  في صحيفة “ماكور ريشون” الصهيونية اليمينيّة المتطرفة، وشمل  خمس دول عربية هي: الإمارات العربية المتحدة، قطر، المغرب، المملكة العربيّة السعودية والبحرين، فإن النتائج كانت صادمة ومفاجئة.

الاستطلاع تطرق إلى تأثير حملة “حارس الأسوار” على صورة الكيان الصهيوني في هذه الدول، و ”حارس الأسوار” هي التسميّة الصهيونية للعدوان الأخير الذي شنّه جيش الاحتلال ضدّ قطاع غزّة في شهر  ماي من العام الماضي، أيْ قبل سنةٍ، وكشف أن دولة مثل مملكة البحرين التي طبّعت مع “إسرائيل” في العام 2020، يعارض 83 بالمائة من شعبها اتفاقيات التطبيع، وذلك بالرغم من عمليات الترويج التي قامت بها سلطات المنامة، لاتفاقيات ابراهام التطبيعية.

المفاجأة كانت كبيرة بالنسبة لمن قاموا بالاستطلاع،  فقد سجلت زيادة في بعض البلدان على غرار دولة الإمارات العربيّة المُتحدّة التي ارتفعت فيها نسبة التعاطف مع الكيان الغاصب، بحيث قال 55 بالمائة من المستطلعة آراؤهم إنّهم  يحملون أفكارًا إيجابية عن “إسرائيل”، والمُفارقة في هذه النسبة أنّها تتجاوز تلك المسجلة بين الأمريكيين المشاركين في الاستطلاع، فهناك 53 بالمائة من المستطلعة آراؤهم قالوا: إنّهم يتعاطفون مع “إسرائيل”.

والمثير في هذا الاستطلاع، هو أن 38 بالمائة من القطريين يحملون أفكارا إيجابية عن الكيان الصهيوني، علما أن قطر تعتبر من الدول الداعمة لحركة حماس الفلسطينية بالأموال.

التقرير شدد على أنّه “كلّما كان هنالك تواصل ومعرفة بين الدول المشمولة في الاستطلاع وبين إسرائيل فإنّ نسبة التعاطف تزداد”، وهي القاعدة التي لم تؤكدها نتائج هذا الاستطلاع، إذ وعلى الرغم من التركيز الذي حصل على دولة مثل البحرين، فإن النتائج كانت عكسية، فيما قادت الممارسات التي قام بها نظام الإمارات العربية، إلى تحقيق تسجيل نظرة إيجابية لدى الشعب الاماراتي بخصوص الكيان الصهيوني.

واللافت في هذا الاستطلاع هو أنه أظهر النتائج التي تخدم الكيان الغاصب فقط، فيما تجاهل الأرقام والنسب الصادمة بالنسبة إليه، فقد تجاهل الإشارة إلى النسب المسجلة بخصوص الشعب المغربي، والمملكة العربية السعودية، التي يتوقع أنها كارثية بالنسبة إليه، فيما راح يركز على دول نسيجها السكاني خليط من أعراق وديانات مختلفة وقادمة من بعيد على غرار الهندوس مثلا، في الحالة الإماراتية خاصة.

ولعل أبرز مثال على توجيه نتائج هذا الاستطلاع وعلى فشل التطبيع الشعبي مع الكيان الصهيوني، هو ما جاء على لسان الباحثة الصهيونية سمدار بيري، التي كانت قد أقرّت في تحليلٍ نشرته بصحيفة يديعوت أحرونوت العبريّة، بأنّ السلام مع مصر ما زال باردًا جدًا وبحاجةٍ ماسّةٍ للإنعاش.

غسان ابراهيم

غسان ابراهيم

محرر في موقع الأيام نيوز

اقرأ أيضا