أبرز ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر، محمد الحمامي، أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال استخدامها حق النقض “الفيتو” لمنع حصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، أشهرت عداءها للحقوق الوطنية الفلسطينية وانحيازها المفضوح وشراكتها الكاملة لدولة الإرهاب التي تُمارس جرائم حرب مكتملة الأركان بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة وفي كامل ربوع فلسطين.
وفي هذا الصدد، أوضح الحمامي في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّها ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها أمريكا حق الفيتو ضد الحقوق المشروعة لأبناء الشعب الفلسطيني، فمنذ نشأة هذا الكيان المستعمر الاستيطاني الغاصب لأرض فلسطين، والولايات المتحدة الأمريكية تأخذُ دور الممّول والداعم والشريك لهذا الاحتلال الجائر ضد الفلسطينيين وضد حقوقهم الوطنية المشروعة، فعلى مدار أزيد من ثلاثين عاما والولايات المتحدة الأمريكية تُعطي وعودا زائفة للسلطة الفلسطينية وللقيادة السياسية للشعب الفلسطيني، حول حلّ الدولتين كما جاء على لسان بوش الابن وصولا إلى الرئيس جو بايدن.
هذا، وأشار محدثنا إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعصابته المجرمة لا يعترفون بالدولة الفلسطينية، عندما أشار إلى خريطة فلسطين، قائلاً “إنّ هذه هي “إسرائيل” كاملة ولا وجود لشيء اسمه فلسطين”، هذا دليلٌ واضح على أنّ هذا المجرم محمي من الولايات المتحدة الأمريكية، لافتاً في السياق ذاته، إلى أنّ تصويت 12 دولة لصالح مشروع قرار قبول العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، دليلٌ آخر على أنّ العالم اليوم أصبح منحازاً إلى الحق الفلسطيني بعد أزيد من 56 عاما من الاحتلال والاستيطان وتدنيس المسجد الأقصى والاعتقال والقتل والسحل وحرب الإبادة والتطهير العرقي على قطاع غزة وشن العشرات من الحروب والمجازر على القطاع واقتحام مخيمات ومدن الضفة الفلسطينية واعتقال الآلاف وغيرها من الانتهاكات الصهيونية التي يُندى له جبين الإنسانية بحق كل ما هو فلسطيني.
في سياق ذي صلة، أفاد ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بأنّ الولايات المتحدة الأمريكية الآن باتت معزولة عن العالم، وهذا بفعل الشجاعة والجرأة التي تحلّت بها الجزائر وسيف الحق الذي حملته في الأمم المتحدة بوجه الإدارة الأمريكية التي لم تتمكن بعد من قراءة الخارطة الجديدة للعالم، والتي تشكّلت بعد عملية “طوفان الأقصى” بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، فالشعب الفلسطيني اليوم كله مُجمع وملتف حول خيار المقاومة، وأصبح يعي جيّدا أنّ العدوّ الصهيوني المجرم لا يفقه إلا لغة المقاومة، وأن لغة الرهان على الوعود الكاذبة للولايات المتحدة الأمريكية ولغة الاستجداء والتذلل واستعطاف الإدارة الأمريكية لم تأت إلا بالويلات على أبناء الشعب الفلسطيني.
وفي هذا الشأن، أشار الحمامي إلى أنّ غلاة المستوطنين يتحدثون الآن عن احتلال قطاع غزة، ومن هنا نحن في الجبهة الديمقراطية نطالب القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية أن تقطع علاقاتها مباشرةً مع الإدارة الأمريكية وأن تسحب الاعتراف بدوله الاحتلال وأن تعلن بكل وضوح وقف العمل بإفرازات أوسلو القائم على شقيه الأمني والاقتصادي، وأن الحل الوحيد يكون فقط من خلال العصيان الوطني وبالالتفاف حول خيار الشعب الفلسطيني وبإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، خاصةً بعد أن وقف حتى حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية من العالم الغربي ومن الدول الأوروبية وباتوا يتحدثون عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية، حتى أنّ هناك بعض الدول في الاتحاد الاوروبي ومن دول أوروبا سوف تعترف بدولة فلسطين.
وأردف محدث “الأيام نيوز” قائلا: “إنّ هذا التضامن العالمي مع شعبنا الفلسطيني في وجه حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الاحتلال الصهيوني ضده، يتطلب من الرسميات العربية أن ترقى إلى مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقها ونتحدث هنا عن المسؤوليات القومية، الوطنية، الأخلاقية، الإنسانية والسياسية اتجاه الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال تحريك عناصر القوة لديها لنصرة الحق الفلسطيني ودعم أهل غزّة، وهي التي بإمكانها مخاطبة أمريكا بلغة المصالح واستخدام لغة السياسة ولغة المصالح ولغة الاقتصاد، وطرد سفراء الكيان الصهيوني لديها، وتوقف هذه الدول عن التلويح نحو مسار التطبيع مقابل وقف العدوان الصهيوني الجائر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة”.
ولكن بالرغم من ذلك، نؤكد أنّ الشعب الفلسطيني سيبقى صامداً وستبقى المقاومة الفلسطينية الباسلة مستمرة في مواجهة الاحتلال الصهيوني السافر حتى انتزاع كامل حقوقنا الوطنية المشروعة، ومن هنا نقول للعرب إنّ العدو ليس إيران ولا من يقف مع الشعب الفلسطيني، العدو هو “إسرائيل” ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية، فعلى أمتنا العربية أن تعي جيّدا وتدرك يقينا أنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي التي كانت تريد من خلال مشاريع التطبيع السيطرة على مقدرات وخيرات الشعوب العربية، واليوم العالم يتغير ويوجد قوى عظمى في العالم على غرار الصين، روسيا، دول البريكس، دول أمريكا اللاتينية وحتى في داخل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية يوجد من يساند ويدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وهذه الفرصة لن نتنازل عنها، ونؤكد أنّ شعبنا الفلسطيني بنسائه وأطفاله وشيوخه متمسك بحقه وأرضه، وكما أسقط مشاريع التهجير سيسقط الاحتلال الصهيوني ومشاريعه ومخططاته المغرضة.
على صعيدٍ متصل، أوضح محدثنا، أنّ نتنياهو يريد أن يصعّد الحرب الشعواء التي يشنها ضد الآمنين في بيوتهم في قطاع غزّة، وذلك من أجل مصالحه الخاصة، وبقائه على سدة الحكم، إلاّ أنّ ما ينغس عليه ذلك هو حالة الغليان والتخبط التي يشهدها المجتمع الصهيوني ضف إلى ذلك انتفاضة أحرار العالم عبر مختلف العواصم والمدن نصرة للحق الفلسطيني، كل هذه المعطيات ينبغي علينا استغلالها والاستثمار فيها سياسيا، لأنّ هذه هي بداية نهاية المشروع الصهيوني.
وتابع قائلا: “علينا فلسطينيا أن نكون موحدين في إطار منظمة تحرير فلسطينية ائتلافية تشاركية يتشارك فيها الجميع تحت عنوان “شركاء في الدم شركاء في القرار” وألا تتفرد السلطة الفلسطينية بقرارات سياسية تعتبر هزيلة ومُدانة من كافة الشعب الفلسطيني ومن كل فصائله التي دفعت دماءً غالية من أبنائها في معركة بطولية وملحمة بطولية سيخلدها التاريخ، الآن في الميدان نحن من يتحكم بالمعادلة، فعلى مدار أزيد من ستة أشهر لم يتمكن هذا الاحتلال المجرم من تحقيق أهدافه المعلنة للحرب على غزة، بما فيها فشله الذريع في القضاء على حماس، وتحرير الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية”.
إلى جانب ذلك، أفاد الحمامي، أنّ نتنياهو هو من يعرقل المفاوضات ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية التي أعطته الضوء الاخضر من أجل اجتياح رفح المكتظة عن آخرها بالسكان والنازحين، وارتكاب مجازر بحق الشعب الفلسطيني، وكل ما تتحدث عنه أمريكا اليوم يتنافى ويتعارض مع الوقائع على الأرض، حيث تواصل إرسال الطائرات المحملة بالذخائر والأسلحة إلى الكيان الصهيوني، والعالم اليوم أصبح يدركُ جيّدا، أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تستعمل ازدواجية المعايير فعندما يتعلق الأمر بحقوق الشعب الفلسطيني تتحدث فقط عن قضايا إنسانية وعندما يتعلق الأمر بـ “إسرائيل” هي ترى بعين واحدة عين “إسرائيل” عين الإجرام عين السيطرة على منطقة الشرق الأوسط.
هذا، وأكّد الحمامي أنه لم يكن مُستغرباً أن تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية “الفيتو”، لمنع حصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، لأنها دأبت على ذلك من أجل إسقاط أي مشروع قرار ينصف حقوق الشعب الفلسطيني، لكن هذا لا يمنعنا من أن نتوجه بالتحية والتقدير إلى الجزائر وإلى الدبلوماسية الجزائرية التي لعبت دورا كبيرا من أجل حشد الأصوات الداعمة للحق الفلسطيني، فنحن نتحدث عن 12 صوتا لصالح فلسطين وصوتان امتناع هما بريطانيا وسويسرا، وهذا بحدّ ذاته حشد كبير باتجاه حقوق الشعب الفلسطيني علينا أن نستثمره فلسطينيا وعربيا ودوليا من أجل إحقاق حقوق شعبنا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعوده اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هُجروا منها عام 1948.
وتابع قائلاً: “إذا أرداها الاحتلال معركة طويلة فحن جاهزون ولن نكل ولن نمل، إما نحن أو هم، وكل تجارب حركات التحرر في العالم أثبتت وبالملموس أن الاستعمار والاستيطان إلى زوال، كما حدث مع الجزائر، فبعد 132 سنة من الاحتلال الفرنسي الفاشي المجرم الاستيطاني، انتفض الشعب الجزائري في ثورة عظيمة خرجت بعدها فرنسا من الجزائر ذليلةً مُهانة، وهذا ما تعلمناه من كل حركات التحرر وهذا ما يريده شعبنا الفلسطيني فبالوحدة الوطنية المبنية على أسس المقاومة وبكل أشكالها نستطيع أن نظفر بحقوقنا الوطنية المشروعة”.
خِتاماً، أكّد ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر، محمد الحمامي، أنه على يقينٍ تام بأن الجزائر ستتجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل إلغاء الفيتو الأمريكي الذي منع صدور قرار يفتح الباب أمام منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، خاصةً وأن معظم دول العالم تقف اليوم مع حقوق الشعب الفلسطيني، والجزائر لن تكل ولن تمل كما أكّد ذلك عمار بن جامع مندوب الجزائر في الأمم المتحدة، ونحن نراهن على الجزائر ونثمن جهودها التي تبذلها لنصرة الحق الفلسطيني بما فيها الجهود الإغاثية والجهود الدبلوماسية الداعمة لأبناء الشعب الفلسطيني الحرّ وقضيته العادلة.