أعرب الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي (الأرندي)، مصطفى ياحي، عن استعداد حزبه للتواصل مع التيارات والشخصيات السياسية والإعلامية الفرنسية المعتدلة لمواجهة تصاعد خطاب اليمين المتطرف، الذي يسعى إلى استهداف الجزائر وجاليتها في فرنسا.
جاء ذلك خلال مداخلته في ندوة نقاشية نظمها أمس الاثنين، مرصد التحليل والاستشراف التابع للحزب، تحت عنوان “قراءة في اتفاقيات إيفيان”.
وفي كلمته، شدد مصطفى ياحي على أهمية إعادة قراءة اتفاقيات إيفيان ضمن سياقها التاريخي والسياسي، بعيدًا عن التفسيرات الضيقة التي يحاول البعض فرضها، مُعتبرا أن هذه الاتفاقيات، الموقعة في 18 مارس 1962، لم تكن مجرد وثيقة قانونية لتنظيم العلاقات بين الجزائر وفرنسا، بل جاءت تتويجًا لمسار طويل من النضال البطولي، الذي قدم فيه الشعب الجزائري قوافل من الشهداء لاستعادة سيادته الوطنية.
وأشار الأمين العام للأرندي إلى أن هذه الاتفاقيات وضعت أسس العلاقات الثنائية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، رافضًا محاولات اليمين المتطرف اختزالها في قضايا الهجرة والتنقل البشري.
وقال في هذا السياق: “محاولات حصر اتفاقيات إيفيان في مسألة الهجرة تعكس رؤية سطحية وعدائية تتجاهل الحقائق التاريخية والسياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمضامينها”.
رفض الابتزاز السياسي وتعزيز الحوار المتزن
وانتقد ياحي بشدة سياسة الابتزاز التي ينتهجها اليمين المتطرف في فرنسا، لا سيما التهديد بمراجعة اتفاقية 1968 الخاصة بتنظيم تنقل الجزائريين، مؤكدًا أن هذه الاتفاقية لم تعد تمنح أي امتيازات استثنائية للجزائريين بعد أن أفرغت من محتواها تدريجيًا.
كما أشاد بالمواقف المتزنة للتيارات والشخصيات السياسية والإعلامية الفرنسية المعتدلة التي ترفض التصعيد العدائي ضد الجزائر، موضحًا أن “الأرندي مستعد للتواصل مع هذه الأطراف من أجل التصدي لمناورات ومخططات اليمين المتطرف، والعمل على بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة”.
دعم الدبلوماسية الجزائرية وحماية الجالية
وفيما يتعلق بالعلاقة الجزائرية-الفرنسية، أكد ياحي أن الاستفزازات الأخيرة الصادرة عن الحكومة الفرنسية تلحق ضررًا بمسار هذه العلاقة، مشيرًا إلى أن حملات اليمين المتطرف تستهدف الجالية الجزائرية في فرنسا بشكل مباشر.
وفي هذا الصدد، جدد الأرندي دعمه المطلق للدبلوماسية الجزائرية بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مثمنًا الجهود المبذولة لحماية الجالية الجزائرية من هذه الحملات العدائية.
قراءة عقلانية للماضي واستشراف المستقبل بثبات
وفي ختام مداخلته، شدد مصطفى ياحي على ضرورة تبني رؤية عقلانية للعلاقات الجزائرية-الفرنسية، قائمة على قراءة موضوعية للماضي واستشراف المستقبل بمنظور متوازن يخدم مصلحة البلدين.
كما أكد أن الجزائر، بتاريخها المجيد وشعبها الواعي، ستظل متمسكة بالدفاع عن سيادتها وحقوقها المشروعة، في مواجهة أي محاولات للنيل من استقلالها أو تشويه تاريخها الوطن.