الاحتجاجات تحاصر سلطات المخزن.. “كفى.. المساواة تبدأ الآن”!

منذ أزيد من 4 أشهر، يواصل مناضلو قطاع الصحة في المغرب خطواتهم التصعيدية، فقد نظموا أمس الاثنين مسيرة وطنية، انطلقت من إحدى الساحات – بالعاصمة الرباط – في اتجاه مبنى البرلمان الذي سيكون اليوم الثلاثاء مسرحا لوقفة احتجاجية وطنية يخوضها ذوو الاحتياجات الخاصة تحت شعار “كفى.. المساواة تبدأ الآن”، وقد جاءت هذه الصيحة متّسقة مع وقفات احتجاجية أخرى نظمتها حركة الأساتذة بالمملكة، يوم الجمعة الماضي، أمام الأكاديميات الجهوية، تزامنا مع عرض زملائهم الموقوفين لدى المجالس التأديبية.

أعلن قطاع الطب في المغرب عن خطوات نضالية تصعيدية جديدة تتجلى في تنظيم مسيرة وطنية، انطلقت أمس الاثنين بالعاصمة الرباط، من ساحة باب الأحد في اتجاه البرلمان المغربي، وهذا في ظل استمرار أزمة التكوين الطبي والصيدلي بالمغرب التي تتواصل الاحتجاجات بسببها منذ أزيد من 4 أشهر.

وكشف بيان للجنة المغربية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة عن خوض طلبة السنة السادسة والسابعة إضرابا وطنيا عن التدريبات الاستشفائية باستثناء المداومات الليلية والنهارية ومصالح المستعجلات يومي 6 و7 ماي الجاري، والمشاركة في “مسيرة الصمود الوطنية”، ويأتي استئناف طلبة الطب للاحتجاج ردا على إغلاق وزارتي الصحة والتعليم العالي لباب الحوار، في ظل استمرار أزمة التكوين الطبي والصيدلي بالمغرب التي تتواصل الاحتجاجات بسببها منذ أزيد من 4 أشهر.

وكانت اللجنة المغربية لطلبة الطب قد أعلنت قبل قرابة الأسبوعين، تأجيل المسيرة الوطنية “كبادرة حسن نية”، وذلك من أجل “إعادة بناء جسور الحوار والتواصل وفسح المجال للحوار من أجل إيجاد الحل للوضع المحتقن الذي تعيش على وقعه كليات الطب والصيدلة منذ أشهر”، لتتصادم مع تمسك الحكومة بموقفها الرافض للحوار، داعية الطلبة للعودة إلى مقاعد الدراسة تفاديا لسنة بيضاء.

من جهتها، دفعت الأوضاع المزرية بالمركز الاستشفائي الجهوي بمراكش بالمكتب الإقليمي للجامعة المغربية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، للإعلان عن خطوات نضالية تصعيدية تتجلى في القيام باعتصام بإدارة المركز الاستشفائي الجهوي مراكش بمستشفى ابن زهر وذلك ابتداء من اليوم الاثنين، بسبب الأوضاع الكارثية التي يعاني منها المركز الاستشفائي بمراكش وعدم تحرك الإدارة الصحية الإقليمية والجهوية والوطنية لتصحيح الأوضاع والاختلالات رغما تكلفتها الباهظة، حسب ما جاء في بيان للمكتب.

‎وأكد البيان أنه في إطار تنزيل الإصلاحات الهيكلية التي تعرفها المنظومة الصحية بالمغرب، إلا أن واقع المركز الاستشفائي الجهوي مراكش “يبقى بعيدا وبالأحرى غائبا بشكل تام عن هذه التطورات والمشاريع المرتقبة رغم التنبيهات المتكررة لمكتبنا النقابي من أجل تصحيح هذه الأوضاع الخطيرة”، مبرزا أن “تستر الإدارة على هذه الاختلالات يطرح مجموعة من التساؤلات حول المستفيد منها وسبب عدم تحرك وزارة الصحة والحماية الاجتماعية رغم التكلفة الباهظة لهذه الاختلالات.

كفى.. المساواة تبدأ الآن

من جانب آخر، يخوض الأشخاص -في وضعية إعاقة- بالمغرب وقفة احتجاجية وطنية أمام مبنى البرلمان بالرباط اليوم الثلاثاء تحت شعار “كفى.. المساواة تبدأ الآن”، في ظل عدم التزام الحكومة بمسؤولياتها، ما أدى إلى توسع الفجوة الاجتماعية، وتأتي هذه الوقفة احتجاجا على عدم تمتع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة بحقوقهم وللمطالبة بمكافحة مختلف أشكال التمييز ضدهم، طبقا لأحكام الدستور والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وباقي المواثيق الدولية.

ودعت العديد من هيئات الأشخاص في وضعية إعاقة إلى الانخراط الواسع والمشاركة المكثفة في هذه الوقفة، سواء من طرف المنتمين لهذه الفئة أو المناصرين والمناصرات لقضاياها. وأبرز الداعون إلى هذا الشكل الاحتجاجي الوطني أن وقفتهم تشكل فرصة للتنديد بضعف حصيلة المكتسبات الحقوقية لذوي الإعاقة وضعف المشاركة في كافة مناحي الحياة المجتمعية.

وأضافوا أن وقفة اليوم الثلاثاء أمام البرلمان هي مناسبة أيضا لجعل صوتهم معبرا ونافذا للمساهمة في إعمال حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والارتقاء بمشاركتها الكاملة والفعالة. ودعا ذات المصدر إلى العمل الجماعي من أجل بناء مجتمع دامج للاختلاف والتنوع يحترم الكرامة المتأصلة للأشخاص في وضعية إعاقة ويتسم بالتضامن والمساواة والإنصاف.

وشددوا على غياب الاحترام والحماية تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة عكس ما التزمت به سلطات المملكة، حيث أن هذه الفئة لا تزال ضمن الفئات الهشة والمهمشة وتواجه حواجز تعترض مشاركتها في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين، وتعاني من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.

وشددت هذه الفئة على أنه “بدون إرادة سياسية حقيقية للدولة، لن تتمكن هذه الفئة من الوصول إلى البيئة المادية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وخدمات الصحة والتعليم والإعلام والاتصال، الضامنة لتمتعها الكامل بكافة حقوقها التي تضمنها العهود والمواثيق الدولية”.

وقالوا أن الجهات المسؤولة ماضية في سياسة التقاعس والتجاهل، حيث لم تجسد وعودها على أرض الواقع ولم تسطر برامج تضمن القضاء على الصورة النمطية السلبية، وذلك عبر إشاعة الحقوق الإنسانية لذوي الإعاقة وحماية حقوقهم في التشريع والقوانين والسياسات والبرامج والميزانيات العمومية رافضة الانتهاكات المتواصلة التي تطال حقوق هذه الفئة.

وأضافوا أن تنظيم المظاهرة هو أيضا بهدف “المطالبة بحقوقنا العادلة والمشروعة في الانخراط الفاعل في النسيج الاجتماعي”، مؤكدين على أن هذه الوقفة ستكون انطلاقة لمسيرات ووقفات أخرى وللتصعيد مستقبلا. ودعوا إلى اعتماد تشريعات تحمي من كل أشكال التمييز بسبب الإعاقة في المجالين العام والخاص واعتماد أحكام قانونية لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة.

الشارع يصدح باحتجاجات الأساتذة

وكانت حركة الأساتذة في المغرب قد نظمت -يوم الجمعة- وقفات احتجاجية، أمام الأكاديميات الجهوية، تزامنا مع عرض زملائهم الموقوفين أمام المجالس التأديبية، استنكروا خلالها هذه الإجراءات وطالبوا بوقف كل أشكال التعسف،في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة المخزنية امتصاص الغليان الشعبي عبر تبريرات وهمية ووعود كاذبة.

وأمام عجز الحكومة الذريع في وضع السياسات العمومية المناسبة لمواجهة الأزمة التي يتخبط قطاع التعليم،عقدت اللجان متساوية الأعضاء مجالس تأديبية للبت في ملفات عشرات الأساتذة الموقوفين على خلفية الاحتجاجات والإضرابات التي خاضوها مطلع الموسم الدراسي الجاري، احتجاجا على النظام الأساسي الجديد وللمطالبة بالزيادة في الأجور وتسوية الملفات العالقة.

وفي الوقت الذي كانت تستمع فيه اللجان للأساتذة الموقوفين، رفع زملاؤهم المحتجون في الخارج شعارات تحذر من صدور أي قرار في حق الأساتذة، مع التنديد بتجريم الحق في الإضراب والاحتجاج، المكفولين بالقانون والمواثيق الدولية.

وإلى جانب الأساتذة، شاركت النقابات التعليمية في الوقفات الاحتجاجية، بعدما أصدرت بيانات تطالب فيها بإرجاع الأساتذة الموقوفين دون أي قيد أو شرط، وإلغاء كل العقوبات الصادرة في حق الأساتذة، ووقف كل أشكال التضييق، وهي المطالب التي تعدت النقابات والتنسيقيات التعليمية، إلى الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية وغيرها، وكل هذا في ظل ترقب القرارات التي ستصدر عن المجالس التأديبية.

وكانت عدة منظمات وهيئات مغربية قد أدانت توقيف وزارة التربية لمجموعة من الاساتذة ببعض المديريات بسبب ممارسة حقهم في الإضراب، منددين بالمقاربة القمعية للدولة المخزنية والتي يراد من خلالها “تكميم الأفواه”، محذرين من انفجار الوضع في ظل تمسك رجال التعليم بمطالبهم المشروعة.

من جهة أخرى، وفي ظل تفاقم الظروف المعيشية الصعبة في المغرب نتيجة للتقصير وعدم التزام الحكومة المخزنية بمسؤولياتها، انتقدت حركة “ضمير”، في رسالة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، استمرار الحكومة في إنكار الواقع، من خلال إنكار الإخفاقات المتعددة لسياستها والإصرار على تجاهل معاناة المواطنين، والصعوبات التي تواجهها المقاولات الصغيرة والمتوسطة.

وتأسفت الحركة لفشل المعارضة في تقديم ملتمس الرقابة، وقالت أن رسالتها تهدف إلى أداء هذا الدور ولو رمزيا، معتبرة أن السياسة الحكومية بقدر ما هي منعدمة الفعالية، بقدر ما هي جائرة. وتوقفت الرسالة عند تنصل الحكومة عن التزاماتها ولوعودها، مخاطبة أخنوش : “قائمة التزاماتكم الحكومية طويلة، أما قائمة إخفاقاتكم فهي أطول”.

وأمام تعنت النظام ورفضه التجاوب مع أدنى المطالب الشعبية في الوقت الذي يقدم فيه كل الدعم للبورجوازية، أكدت الحركة أن الحكومة تنفذ سياسة تأتي من مكان آخر، وهذه السياسة تخدم المصالح الخاصة المهيمنة وتسعى إلى إضفاء الشرعية على نفسها عبر إملاءات المؤسسات المالية الدولية، وتطبيق النظرية التي تزعم أن السياسة التي تشجع دخل الأغنياء، ولا سيما عن طريق خفض الضرائب المفروضة عليهم، تعود بالنفع على الاقتصاد بأكمله وعلى الفقراء، وطالبت بوضع حد لهذه الإملاءات والمساهمة في إعادة سيادة الشعب إلى الشعب.

ومن كل هذا، يبرز فشل الحكومة بشكل مروع في تلبية احتياجات المواطنين واحتواء الأزمات، وذلك بفعل تماهيها الواضح مع مصالحها الشخصية الضيقة، متجاهلة تماما حاجات ومعاناة الشعب، ما يعكس عدم اكتراث الحكومة بمأساة المواطنين ويعزّز من حجم الخيبة والغضب في نفوس الجماهير المتضررة.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا